الكاتب والمهندس فادى زويل: حاولت إلقاء الضوء على الجانب المظلم للتكنولوجيا
دخلت إلى عالم الكتابة بصفة عامة عن طريق الصدفة، فأنا أعمل مهندسًا للبرمجيات خارج مصر منذ ما يقرب من ٢٤ عامًا، وخلال تلك الفترة كنت قد بدأت فى دراسة إدارة الأعمال، ووجهنى أحد الأساتذة إلى كتابة مذكراتى ويومياتى خلال فترة التعلم، فبدأت الكتابة عن موضوعات عامة تخص يومياتى، ومن هذه اليوميات ظهر أول أعمالى «رحلاتى مع أوبر»، ثم فى عملى التالى «ميديوكر» ربطت بين عملى وواقعة خاصة مررت بها فى تعامل أثناء عملى مع جماعة من الإسرائيليين، والتى ظهر من مناقشاتى معهم محاولاتهم المستميتة لسرقة العادات والثقافة وليس فقط الأرض، فكتبت الرواية عن عالم مصرى تريد المخابرات المصرية التعاون معه لفك شفرة تستخدمها شبكات التجسس لنقل معلومات عن مصر، ونشرت الرواية فى عام ٢٠٢٠.
بعد ذلك، صار عملى أكثر ارتباطًا بالذكاء الاصطناعى، وأتيحت لى معرفة حجم التطور الذى يشهده والذى سيقود فعليًا إلى اختفاء وظائف فى المستقبل ليحل محلها الذكاء الاصطناعى، فلاحظت التطور الرهيب الذى يشهده، لدرجة أن النماذج صارت تتعلم السلوكيات البشرية لتُعامل البشر كما يحبون، ومن هنا جاءت فكرة روايتى الأحدث «٢٠٧٠.. حرب الزانون»، إذ شغلنى التفكير فى مستقبل البشر بعد أن صار الإنسان الآلى أقرب إلى امتلاك القدرة على التعلم ومعرفة ما نحب وما نكره، ومن ثم يمكنه أن يكون صديقًا ويتاح للإنسان تجنب العلاقات البشرية وكل ما تحمله معها من حقد وحسد وكراهية، وهنا السؤال: هل سيقود ذلك الإنسان إلى الشعور الدائم بالسعادة؟ هل سيحل ذلك أزمة التفكك الأسرى لا سيما بالعالم الغربى، وكذلك ارتفاع معدلات الطلاق بسبب الصعوبات التى تواجهها الحياة الاجتماعية بالمجتمعات العربية؟ شغلنى السؤال عن تأثير التقدم التكنولوجى على الناحية الاجتماعية، وما إذا كان وجود صديق آلى سيجعل الإنسان يفضّل الارتباط بالروبوت بدلًا من الإنسان.
فى هذه الرواية أردت ألا أتجاوز جدًا فى الخيال، وأن أظل ممسكًا بخط يربط المستقبل بالحاضر، فبينما تصور الرواية مستقبلًا يشهد استقطابًا وانقسامًا جينيًا متخيلًا، فإننا نجد أن ذلك ليس بغريب تمامًا عن الواقع، ومن ثم حاولت من خلال هذا التصور عكس الاستقطاب الأيديولوجى بالوقت الحالى، الذى من الوارد أن يتعاظم إلى حد يجعل العالم منقسمًا على أسس التقدم التكنولوجى أو غيرها، ومن ثم تزيد حدة الحروب والصراعات.
أردت التأكيد من خلال روايتى «حرب الزانون» على أنه لا وجود لمجتمع مثالى، فليس ثمة جنة على الأرض، ولكل مجتمع مميزاته وعيوبه، علاوة على أن الحياة الاجتماعية تتطور للأسوأ وبشكل مزعج لدرجة أن الإنسان قد لا يحتاج للإنسان بعد ذلك، وهذا هو الجانب المظلم للتكنولوجيا الذى حاولت إلقاء الضوء عليه، والذى تنبه له الكثيرون محذرين من مستقبل قد يمثل فيه الآليون تهديدًا لواقع الإنسان.
إننا نعيش اليوم فى عالم يحكمه التطور التكنولوجى المتسارع والذى يسبق الخيال، فنحن نشهد بالفعل إطلاق روبوتات قادرة على التعلم مثل الأطفال، وتستطيع التعرف على ما يحبه الإنسان ويكرهه فتتواءم معه، كما نشهد الصواريخ التى يطلقها المدير التنفيذى لتسلا لاستكشاف الفضاء وحلمه بغزو المريخ، وكذلك كبسولة الفضاء التى صنعها جيف بيزوس محاولًا محاكاة الأرض، وغير ذلك الكثير من الأمثلة التى تجعل من الضرورى التفكير فى مستقبلنا البشرى.