الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

درويش الأسيوطى يكتب: البيوت كأصحابها.. لا تموت

البيوت كأصحابها
البيوت كأصحابها

أنتَ أنتَ ، كَمَا أنْتَ.. 

تمضى كَمَا جِئْتَ،

وهمًا عَلَى ظَهْرِ طائِرِكَ «الرخِّ»، 

تُنْسَى، 

فَلا صخرةٌ فى «الجليلِ»

تَدُلُّ عَلَيكَ..

ولا جذعُ زيتونةٍ بالجوَار.. 

فلا الأرضُ ضمَّتْ جذورَك فَجْرًا، 

ولا أمطرتْكَ السماءُ ضُحىً، 

ولا شهدتْ بوجودِكَ 

نافذةٌ أو جدارُ...

وأنا.. مثلمَا كُنتُ 

أبقَى كَمَا الأرضِ..

جذرًا يعانقُ جذرَ التواريخِ،

تَشهدُ كلُّ البِنَايَاتْ، 

كل المنارات..

أنى بنيتُ بكفَّيْ هاتَينِ..

تِلْكَ الدِّيَارْ... 

فـ«إيلْياءُ» تعرفُ مَنْ سَاكِنِيهَا.. 

ومَنْ عَبرُوا دَرْبَهَا خِلسَةً 

ومَنْ جَلَبُوا للبيوت القديمةِ 

أحجارَها الطاهرة.

الدماءُ البريئةُ 

لا تكتبُ المجدَ للمجرمين..

أتُعطيكَ هذى الدماءِ المُراقةِ 

نافذةً للخلاصِ أو المغفرة؟

الجنازير لا تعرفُ البَيْتَ 

لا تعرف الحضنَ، 

دفءَ الرَّضَاعِ،

ولا يعرف الفاقدون لماء الحضارات..

معنى البيوت القديمة والصَّابِرَة.

البيوتُ كأصحابها لا تموتُ 

تدوسُ الجنازيرُ ظلَّ البيوتِ 

وتدهسُ هدأتَها 

والبيوتُ تصيرُ حُقولاً

وأرضًا لبيتٍ جديدٍ.. 

و«بيَّارة» عامرة 

وتمضى الجنودُ بأشواكِها 

والمتاريس ،

والراجماتُ.. 

ويَبْقَى بذاكرةِ الطفلِ بيتُ الجدودِ 

وتبقى الخوابى وذاكرةُ الخبز 

تبقى السواقى و ذاكرةُ الماء،

يبقى بسمعِ المحبينَ 

نايُ المحبِّ بأنغامِهِ الساحرة. 

أى شيءٍ تريدُ لتكتبَ تاريخَكَ الكذْبةَ العاهرة؟

تستطيعُ الأساطيلُ والراجماتُ الغبيةُ 

أنْ تًهْدِمَ البيتَ 

فوقى وفوقَ الصِّغَارْ..

ولكنَّها لا تزيلُ عِنَ الرَّملِ رائحةَ الناسِ

ماءََ التَّوَاريخِ،

بعضَ عبيرِ الصَّبَايَا 

وضحكَ الصغارِ 

ولا عطرَ زَيتُونَةٍ مُزْهِرَة. 

أيها المتشدقُ بالفخرِ والتُّرَّهاتِ 

رويدكَ 

لا الموتُ يقتلُ فينَا البلادَ 

ولا النارُ تمحو عن الأرض أسماءها القاهرة. 

ربما ينحنى تحت قصفِ القنابلِ 

ظلُّ البيوت، 

وتَحْنُو على أهلِهَا

السقُفُ الخائرةُ

لكِنْ سَتَبقى بذاكرةِ البَحرِ أطيافُنَا 

ويَسْتجْمعُ الشَّجرُ المُتَفَحِّمُ 

جلستَنا فى الظلالِ.. 

وفى هدأةِ الهَاجِرَة.