الثلاثاء 01 أبريل 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

«النص».. خلطة إبداع أحمد أمين

أحمد أمين
أحمد أمين

- نحن أمام جيل مختلف من كتاب الدراما قادر على استعادة أمجاد الدراما المصرية

- الشركة المتحدة تسعى لتلبية أذواق الجمهور بمختلف شرائحه وانتقاء نصوص ذات دلالة

كعادة كل عام نتابع بشغف مسلسلات رمضان، وتتبارى الشركات المنتجة فى عرض منتجها بجذب كل النجوم واختيار النصوص التى تشد انتباه الجمهور، والاستعانة بالعلامات البارزة متكررة النجاحات فى هذه الصناعة التى صارت صناعة فى غاية الأهمية، فنيًا ومجتمعيًا، بل وسياسيًا أيضًا. لقد فطن صناع الدراما لما لهذه الآلية من قدرة على النفاذ للجمهور بمختلف طبقاته ومرجعياته ومستوياته الثقافية.

وكعهدنا بالشركة المتحدة فإنها تسعى لتلبية أذواق الجمهور بمختلف شرائحه وانتقاء نصوص ذات دلالة وتحمل رسائل وتقدم محتوى فنيًا بعيدًا عن المباشرة أو شبهة التوجيه، وهو ما نجحت فيه المتحدة إلى حد كبير. لكننا لسنا بصدد تقديم تقييم موضوعى اليوم، إذ لم يتسع الوقت بعد لمشاهدة كل الأعمال ولا استيعاب كل رسائلها، ومن ثم الحكم بموضوعية على مدى نجاح أو فشل صناع العمل فى الوصول برسالتهم إلى الجمهور.

لكننى ومن باب الإنصاف وجدت من واجبى أن أبادر بالوقوف عند واحد من الأعمال التى أراها متفردة، إذ استطاعت أن تجذب الأنظار مبكرًا وتلفت الانتباه. ليس فقط لكونه عملًا يضم نجومًا معتبرين فى منطقة التشخيص الدرامى، ولكن لرؤية فنية ثاقبة تحملها الأحداث. والفكرة لمن لم يشاهد الحلقات بعد تحكى قصة اللص عبدالعزيز النُص، والذى يتحول من مجرد نشّال إلى بطل شعبى يؤسس حركة وطنية تقاوم المحتل البريطانى، وتضم عددًا من الفدائيين يمثلون أطيافًا مجتمعية متعددة.

أول ما يجذب انتباهى فى العمل هو اسم مؤلفه، وقد اعتدنا هذا منذ عهد الأساتذة الكبار عكاشة، عبدالقوى، ومحفوظ عبدالرحمن. هذا العمل تحمل تتراته ثلاثة أسماء كمؤلفين- للأسف لم أتابع لأى منهم عملًا من قبل- فيكون لدىّ مرجعية أحكم بها على «النص» مقارنة بسوابق مؤلفه. العمل من تأليف ورشة مكونة من عبدالعزيز جاويش، سارة هجرس، ووجيه صبرى. ثلاثتهم لم يشتركوا إلا فى أعمال قليلة سابقًا وكأعضاء فى ورش كتابة. لكن النص- بفتح الصاد ويجوز ضمها- يؤكد أننا أمام جيل مختلف من كتاب الدراما قادر على استعادة أمجاد الدراما المصرية بقليل من الدأب والبعد عن تقليدية الأفكار والموضوعات المطروحة.

أما الإخراج فهو ينتهج ذات النهج، إذ يمنح فرصة ذهبية لمخرج شاب، عمل من قبل مساعدًا لمخرجين تحققوا بالفعل، ولكنه اليوم يمنح الفرصة ليواصل نجاحات حققها من قبل فى أعمال كاستيفا وبنات سوبرمان، ثم هو اليوم يعطى الفرصة لإثبات وجوده كاسم مهم فى عالم الإخراج الدرامى بعمل يأخذ صبغة الدراما الشعبية الجاذبة لجمهور انصرف كثيرًا عن المتابعة لأسباب كثيرة، لسنا بصدد تشريحها الآن، تبدو لمسات المخرج الشاب حسام على من خلال نظرته الكلية للعمل، والصورة التى تبرزها لنا الحلقات كل ليلة، مرورًا بتفاصيل العمل وأبرزها أغنية التتر لحنًا وغناءً وكلمات.

بالطبع، تبدو روح أحمد أمين واضحة فى هذا العمل منذ أولى حلقاته، وليس هذا بأمر يعيب المسلسل على الإطلاق، فكم من أعمال نجحت حتى صارت من كلاسيكيات الدراما العربية بسبب دأب نجمها الأول ومتابعته لكل صغيرة وكبيرة بداية من التفكير فى المسلسل كمشروع، ثم تتبع مراحل كتابته وتنفيذه. فضلًا عن اختيار كاست العمل بنفسه، وتلك مسألة قد نتفق أو نختلف فيها من حيث كونها حقًا أصيلًا للمخرج بترشيح من المؤلف، أم أنها واحدة من مكتسبات نجم العمل الذى يصنع الوجبة ويقدمها للمتلقى.

المهم أن أحمد أمين الذى تعرفنا عليه بصورة مباشرة ككوميديان من خلال برنامج البلاتوه، ولفت انتباهنا إليه ككاتب من خلال أعمال القبطان عزوز وبسنت ودياسطى وغيرها. ثم بدأ مرحلة حصاد ثمار النجاح التدريجى المتقدم بثبات إلى أن وصل للبطولة المشتركة فى الوصية، واستمر فى الوصول لقلوب الجماهير خطوة خطوة وبتؤدة شديدة تحسب له وترسخ لنجومية تمتد وتطول بإذن الله. إلى أن بلغ أمين أوج تألقه بعد ذلك من خلال مسلسل جزيرة غمام قبل ثلاثة أعوام، حيث استطاع جذب الانتباه بالنص العبقرى للكاتب عبدالرحيم كمال وجرأة المخرج حسين المنباوى حين اختاره للدور.

وبالفعل صدق أمين حين صرح للصحفية دعاء عبدالمقصود فى «الدستور» أن مسلسل النص يجعله يواجه صعوبة فى المرحلة المقبلة. وإن كنت أوصيه بعدم التفكير فى تقديم جزء ثان من المسلسل، فتلك مصيدة وقع فيها نجوم كثر سبقوه، بعضهم تجاوزها بنجاح وغيرهم وقع ولم يستطع الاستمرار فى طريق النجومية والتألق. ظنى أن أمين إذا فكر فى أعمال أخرى فإنه وبذات المعايير التى ينتقى بها أعماله سيواصل النجاح ويضيف لقائمة أعماله أسماء أخرى من المسلسلات والأفلام، بل ومن النجوم الذين يصنعهم بذكاء أو أولئك الذين يعزز نجاحات سابقة لهم، كما يفعل اليوم مع أسماء أبواليزيد وحمزة العيلى مثلًا.