الثلاثاء 01 أبريل 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أشعر بالأسى لغياب الأعمال الوطنية

حرف

مع متابعتى الدقيقة لكثير من الأعمال المصرية التى تُعرض على الشاشات والمنصات، وللمشاعر المتناقضة التى تحيط بهذا الموسم الرمضانى، أرى أنه اتسع لنوعيات وقضايا مختلفة، عبّرت عنها العديد من المسلسلات، التى ترضى وتجذب جمهورًا عريضًا من المتابعين.

نعم، تنوعت دراما رمضان هذا الموسم، وتنوعت عوالمها الدرامية. عالم الثراء الأنيق القاسى والفيلات والقصور و«الكمبوندات» والمدارس «الإنترناشيونال» وفيلات الساحل وأهلها، عالم الريف والصعيد وعاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم وطريقة حياتهم، الأحياء الشعبية بتنوع تفاصيلها وبمن فيها من مستورين وأثرياء، الأسوياء منهم والمنحرفون، الناس الحلوة والمجرمون.

وهذا يشير لما هو معروف من أن مصر وطن كبير متنوع المجتمعات والبيئات والتفاصيل، ومتعدد القضايا والأزمات، وهى حقيقة لا يمكن إنكارها، فلا يتصور أى متفرج أن حياته الشخصية وعالمه الخاص هو مصر الذى لا يجب أن تعبر الدراما إلا عنها، وإلا صب غضبه على صُناعها.

هذا الاختلاف والتنوع يحمى المتفرجين جميعًا من محاولة فرض وجهات نظر عليهم، سواء بالمنع أو الإجبار. لا يملك أحد أن يجبر الآخرين: «حبوا ده ومتحبوش ده» «شوفوا ده ومتشوفوش ده»، فكل واحد من الجمهور الكبير الواسع المختلف فى بيئته وثقافته يختار ما يعجبه ويستهويه من الوجبة الدرامية الواسعة المعروضة.

طبيعى جدًا أن يرى كل فرد من الجمهور نفسه أو كيفه أو مزاجه مع أحد الأعمال الفنية، ويرفض العمل الثانى، كل واحد حر فيما يعجبه، لكنه ليس حرًا فى فرض رأيه على الآخرين أو إجبارهم على رأى معين. وسط ٧٠ مسلسلًا كل سنة فى موسم دراما رمضان، من الطبيعى ألا يعجبك عمل أو عملان أو عشرة.

فى نفس الوقت، أتفق مع كثير من الجمهور، الذين يرون فى مواسم رمضانية سابقة أن بعض الأعمال الدرامية والمسلسلات يشوب حوارات أبطالها فجاجة غير مقبولة، وتجاوزات لفظية وإيحاءات غير مستحبة، ولغة جسد منفلتة. ولا يُقبل هنا ما يُقال ردًا على هذا الرأى، بأن «هذا القبح والفجاجة جزء من الواقع تنقله الدراما»، لأنه إذا كان من حق المبدع أن يخلق عالمه ويعرضه حسب رؤيته، بما فى ذلك الإشارة إلى القبح والفجاجة كجزء من تفاصيل ذلك العالم، عليه الانتباه إلى مأزق التحول- ولو بدون قصد وبحسن نية- إلى مُروّج ومُسوّق لهذا القبح والفجاجة.

ولا يفوتنى أن أعبّر عن الأسى الذى أشعر به بسبب غياب الدراما الوطنية، بعد ٣ مواسم من «الاختيار»، إلى جانب مسلسلات مثل «حرب» و«هجمة مرتدة». كنت أتمنى، بل أنتظر «هجمة مرتدة ٢» و«الزيبق ٢».

وفى الأخير، أؤكد أن القوة الناعمة المصرية، وفى مواسم دراما رمضان المتلاحقة عبر سنوات كثيرة، أثبتت وجودها ونجاحها وفاعليتها، فبقيت وستبقى فى الذاكرة المصرية والعربية لأجيال خلف أجيال، بداية من «جمعة الشوان» فى «دموع فى عيون وقحة»، و«ديفيد شارل سمحون» و«محسن بيه» فى «رأفت الهجان»، والدكتور «مفيد أبوالغار» فى «الراية البيضا»، و«زينهم السماحى» و«سليم البدرى» فى «ليالى الحلمية»، وغيرهم الكثير، حتى «عم حسن» فى «القاهرة كابول»، و«زكريا يونس» فى «الاختيار».