سمير سعدى يكتب: اللحظة دى
اللحظة دى
اللحظة دى
يمكن تكون اللحظة دى،
لحظة ميلاد القصيدة،
يمكن تكون،
لحظه بتشبه الحياة بمودة وحميمية،
لضوء خافت بيتسرسب جواك؛
إنت هنا... ولا هناك؟!
إنت على العتبة، ولا ضهرك للبحر،
وبيدخلك إزاى رذاذ.. الندى،
وإنت شباكك على الصحرا!
وإنت روحك بتختفى براك،
زى موجة ريح موسمى للحضور،
مين اللى شال سور الجنينة؟!
لاجل مايكونش عائق للعصافير،
اللى بتبنى عشها فى قلبك،
ساعة ما تبتدى تخلق حياة جايه،
مين اللى عبّا طبق ميه؟
ورش الحب يتلقط،
بالغنا العفوى.
جايز تكون اللحظة دى تشبهلك،
أو تكون منك،
وإنت بتندغ وقتها بشويش،
وعلى مهلها، بترقص فراشة،
لعبير الورد المخضر، فى شقوق روحك. اغسل بريحة البحر واليود؛
اللى فاح سره آخر جروحك،
المعلنة فى تلفاز.. البلاد!!
وابنى خيمتك على طرف الحدود
واكتب للمستحيل اللجوء؛
وامتحن كل انحيازك،
لكون... أكثر عدالة،
وانتصار للضى، ضد عتمة المسافات.
إنت هنا... ولا هنااااااك؟!
ماعادتش تفرق كتير،
الموت شبيه الموت... والصمت،
هو الغاية مش نهايات.
مترجمة بنايات،
لنفس مقطوع فى آخر نوتة!!
تعزف اللحن الشجن، والبكا مرغوب،
فى القهر والمحنة،
يا بحر فوت على الجرح وسامحنا،
تاهت من كتر الهموم فينا، ملامحنا!
بياع الورد
بياع الورد
قاطف م البستان وردة،
ونازل بيه السوق بينادى:
مين يشترى الود منى؟
ألوان مزهرة، وعبير.. متندى،
مين يشترى، قلبى اللى فوق يدى؟
ندهت صبية، فستانها مشجر:
ياعم فلان، ياعم فلان!!
إنت يا شايل.. سبت م الورد؟
عندك بنفسج، ولا نرجس، ولا ياسمين،
ولا جورى، ولا فل، ولا أوركيد، ولا بسنت،
ولا جلنار، ولا لافندر، ولا ريحان، ولا زنبق،
ولا حنة، ولا كاميليا، ولا عطر الليل،
ولا إيه قولى عليه؟.
ومن الشباك، طلت بنات الحى،
ضحك الصبايا عطر المشهد،
بياع الورد طار م الفرح،
وهو بيوزع.. وردة،
على كفوف بتعشق ورد!
غنا بحنين مين يشترى الود منى؟
رقصت عصافير الجناين،
وعزف راجل عجوز فوق الكمان،
لحن كان مخبيه، جوه منه من زمان،
الورد.. الورد.. لصبايا الورد،
والقلب إن ود، بيحب الورد،
فرحت قطة، وبص كلب لولو،
من بيت الجيران،
لما سمعوا صوت موسيقى،
وابتدت الدنيا ترقص والحياة،
صبحت مودة، والحلم عدى،
لعيون بتعشق، كلام الود،
لما يتغنى، بصوت،
«الورد، الورد... يا جماله»
تأملات.. نجمة
تأملات.. نجمة
بتخطف من القمر ضيّه وتخطف من السكون صوته،
وتتألم.. وتتأمل، برااااااااح الكون.
تشد اللوحة ع البرواز،
وتبدأ تكتب الوجدان،
خليط ألوان من التباريح،
وعصف الريح والذكرى،
وحنين أبعد هناك ف الروح، وأنّات مكتومة جوه جروح.
بلاد بتمر فى الخاطر،
طبيعة تشكل اللحظة،
محطات عمر ولى وراح،
يموت اللون فى خوف صارخ ويحيا اللون فى ريشة ناعمة،
كما نسمة وطايرة ف سما زرقاء،
وجوانا الصور مرسومة، من زمن أبعد..
نفرغها على لوحة،
نصير أقرب إلى الإنسان،
إلى روحنا... وسر كبير،
هنا... بير الغنا المدفون،
هنا... بوح اليمام للشجر،
والحيطان والشارع الواسع
هنا... طعم الحياة لمسة،
ورقة خريف... همسة،
جدار من حجر جيرى،
حطبة زيتون جذوة نار،
مين فينا رايح جاى؟
على بُكرة،
على إمبارح،
ومين سارح فى ضى الفكرة،
ومين فينا ماسك وقته؟!
فى طرف الخيط.
برسم عشان:
أفرد جناحى وأطير أبعد،
من اللحظة من المواعيد،
أرسم عشان:
أعيد ترتيب الوقت،
على مهلى لما بيندهلى رحيل سابق،
برسم عشان:
الشمس لما تميل،
بترسم ضل ميت وحيد ف النور،
برسم عشان صمت البيوت،
وورقة توت دبلت ووقعت تحت سور،
صبحت فى ريح.. تبعد.. تطير،
زى مركب ورق،
بعيد عن شط،
كانت بعيدة،
كنت أقرب ليها من روحى
هى دى اللحظة السعيدة،
لما تتبلور الفكرة!
على قماش أبيض،
وبلته م الألوان اختلطوا،
أحمر، وأزرق، وأحضر،
ولون رابع محايد... بس ما لهوش لون.
اللوحة.. صوت البحر،
اللوحة.. جرى الخيول،
اللوحة.. بوح الوقت،
اللوحة.. نوح الصمت
اللوحه.. طعم السكوت
اللوحة.. همس البيوت،
اللوحة.. صرخة موت،
اللوحة.. لمس وأمس.. وشمس.
وأنا نجمة خاطفة من القمر ضيّه،
وخاطفة من السكون صوته.
بوح محتمل
بوح محتمل
عم عطالله.. اسمه مريح
وجميلة الكلمة.. لما يصيح
- بووووستة!
ويملا الشارع،
والبيت، والحى،
والناحية بالتفاريح،
لما يهل، راكب، أو ماشى،
أو راكن تحت الحيط ف الضل.
وكأنه جندى وراجع م الحرب جريح!
أيوه صحيح ما أهو لبسه
لون لبس الحرب
وملامحه، والشنطة ع الكتف
سلاحه، والقلم الكوباية!
بس كان اسمه مريح، وفصيح
لما ينادى علينا كلنا.. بالاسم!
كان طيب يعرفنا واحد واحد،
من المكتوب
كان دايمًا يدهشنا إزاى
الراجل ده حافظ اسم كل
أصحاب بيوت الشارع،
أو اسم ابن اسم الواحد،
كنت بشوف فيه فرح الغايب، وطيبة قلب الأم،
ودموع الراجل ع الخال، والعم،
لما بيفتح شنطته الجلد القديمة،
ويطلع منها المظروف،
الأبيض بالخطين حمر،
ويمد يسلم،
ويعلم ع الاسم،
عمى «عطالله»
أقدم ساعى بريد فى بلاد الجنوب،
الصعيد الجميل، وواخد من اسمه، عطا المحبة،
والضحكة، من بعد الشوق والحزن،
عم عطالله، صاحب الخمسين عام،
أبوشعر أبيض كاسى الراس،
تحت الكاب الأصفر،
وعيونه اللى بيسكن فيهم،
جوز عصافير خضر م الجنة!
يقعد ع الكنبة خشم البيت الواسع،
آخر الحارة الضيقة،
ويطلب «بوخ» من «سطل»
الميه الباردة!
يروى قليبه طراوة، من بعد إجهاد،
طول اليوم،
ويبشر قلبك بالخير، جاى مكتوب،
م الموعود/ الطير،
وتطير من عينيه ضحكته لعيون،
مكسية بخوف، وشوق ومسحة حزن،
يتبدل حال عن حال! وتشوف فى الفرح عيال،
ف حجور أماتهم، زغاليل،
نبت ليها الريش،
وصوت الصوصوة والدرويش،
الحارة الليله ف عيد،
عم عطالله قرب كل المواعيد،
وجات ريحة الأحباب من الغربة،
لحد الباب، ف جواب بخط الإيد،
ابن وأب وأخ وعم وجد،
هل هلاك والقمر الغايب عاد،
والضى، قرب من بعد بعاد،
واطمن قلبنا ع الأحباب،
ويقوم عم عطالله،
بعد ما فرح كل الناس،
وطمن محتاس،
وغير إحساس، بميت إحساس،
وطرح البهجة، مكان البؤس،
ونور شمعة، ف درب الضلمة،
ورسم الضحكة مكان العبسة،
عم عطالله، خلاص
ماعادش زى زمان،
اتغير حال الدنيا،
ولا عاد جوال،
ولا عاد بصوته.. يفرح قلب موجوع،
عن حال، أو مال،
وصبحت كلمة «بوووووستة»
ضنين ضنين، نسمعها
ولا نلمح.. عجلة وشايلة عم عطالله،
ساعى بريد، أقدم ساعى بريد،
فى بلاد الجنوب الصعيد،
المزروع قصب وتار، وحزن!