إبداعات الجنوب.. أشعار وقصص أدباء أسوان
تتميز أسوان بحالة متفردة ثقافيًا وإبداعيًا، اكتسبتها من حال الطبيعة؛ حيث مزيج من القسوة والرقة، وحيث الجبال والصخور، النيل والنخيل والأشجار، وتنوع التراث والموروث، والعادات والتقاليد، وتأثير ذلك على الحراك الثقافى والإبداعى؛ إذ تنوعت روافد كتابات الأدباء، من الشعراء والروائيين وكتاب القصة القصيرة وشعراء فن النميم والواو، وكل رافد تمثله مجموعة متميزة من المبدعين. ويمكننا سريعًا الإشارة إلى أن الحركة الأدبية فى أسوان تكونت فى ستينيات القرن الماضى، ونمت وتطورت عبر أجيال متعاقبة، وقد وضع جيلا الستينيات والسبعينيات معًا البنية الأساسية للمشهد الجديد على خلفية أدبية وثقافية عميقة؛ حيث أسهمت قلة من المبدعين والمثقفين فى دعم تلك البنية، وكان على رأسهم الشاعر حجاج الباى «عاشق الكلمة والغناء»، وقد أسهم بشكل كبير فى إثراء الحركة الثقافية هناك، وفى جانب موازٍ كان القاص سيد جاد من أبرز الأسماء التى شكلت بواكير المشهد السردى هناك.
وإذا كان حجاج الباى قد حفر اسمه كرائد من رواد شعر العامية، واتسمت قصائده بالبساطة والعمق، فقد لحق به رفقاء فى درب الشعر، منهم الشاعر محمد هاشم زقالى، وهو يكتب العامية والفصحى، إلا أنه أكثر إنتاجًا فى العامية، وأهم ما يميز شعره تصوير الواقع من حوله وظهور المكان ورصد تفاصيل حياتية دقيقة، وكذلك الشاعر فنجرى التايه الذى تميز شعره بالجرأة الشديدة والتحم بالبسطاء للتعبير عن همومهم وآلامهم، وتطرق أيضًا للقضايا القومية فى كثير من قصائده، بينما تميز شعر محمد شاهين بتوظيف التاريخ بصورة جيدة، والاعتماد على الجملة السريعة واللعب بالألفاظ للتعبير عن الموقف، وتنوعت أشكال الكتابة الشعرية فتميز الشاعر محمد حسن العمدة بكتابة القصيدة العمودية بروح العصر الجديد، كما أبدع فى قصيدة التفعيلة؛ إذ نرى فى قصائده المزج بين الشعر والفلسفة، وهناك أيضًا الشاعر عمر صابون الذى يكتب العامية والفصحى والشعر الحلمنتيشى.
ثم جاء جيل ضم كوكبة من الشعراء الذين أثروا المشهد وأثّروا فى مسيرة الحركة وكانت لهم بصمة واضحة فيها، وقد تباينوا ما بين الفصحى والعامية، وكان لهم دور مهم فى وضع الشعر الأسوانى على خارطة الحركة الشعرية والمحافل الأدبية فى عقدى الثمانينيات والتسعينيات، ومن بينهم الشعراء حسن عبدالمعطى، حسين صالح خلف الله، محمد كرار، محمود عباس، عبدالرءوف مصطفى، الروبى جمعة، محمد الطاهر برعى، إبراهيم الفيراوى، محمد الكاتب، النخيلى رفاعى، أحمد الخلفابى، فضلًا عن الشاعر الأقصرى أسامة البنا «الزائر المقيم» الذى أضفى حيوية فى المشهد، ومع هؤلاء جيل ثالث حظى بقدر أكبر من الاهتمام بإبراز إبداعه بشكل جيد، وساعدهم فى ذلك تعدد وسائل النشر سواء الورقية أو الإلكترونية، ولا شك كان هذا الجيل امتدادًا طبيعيًّا للسابقين، وقد استفاد شعراؤه من تجارب الآخرين وعملوا على تطويرها، فكانت لهم ملامحهم المتميزة، ومن هؤلاء مصطفى عباس مدنى، عبدالناصر أبوبكر، ياسر عبدالجليل، سيد عيسى، محمد الطاهر السايح، محمود السانوسى، جمال عدوى، عباس حمزة، حسنى الإتلاتى، عبده الشنهورى، علية طلحة، نجوى عبدالعال، دلال يحيى، أميرة محمود، عادل بهنسى، عماد النعيمى، محمد يوسف حامد، كمال عبيد، الشاذلى عباس، محمد الريفى، عبدالله عبدالشافى، وخلال السنوات القليلة الماضية ظهرت أسماء مبشرة ولديها الموهبة الحقيقية أمثال أحمد الجميلى، أحمد فخرى، عبدالله عبدالصبور، حامد عامر، أحمد جمال مدنى وغيرهم.
وعلى مستوى فن النميم؛ وهو واحد من فنون القول الذى تتفرد به أسوان، فمن أبرز شعرائه «سعيد الطونابى، يس عبدالكريم، محمد أبوحجير، أبونصار، عوض الله الزعواط، حسن أبوالرجال، عبده أبوحديدة، أحمد أبوالأمين، الليثى محمود». ومن الشعراء المعاصرين «جمال حداد، حسن عبدالرحمن، عبدالباسط عبدالحميد، محمد سنارى».
أما المشهد القصصى والروائى فقد تميز بخصوصية المكان كبطل مركزى على التعيين من خلال ذكر حدوده ورسم شخوصه وإبراز الطقوس والمعتقدات واستخدام اللغة الخاصة به، وكان القاص الراحل سيد جاد- كما ذكرت سابقًا- من أبرز الأسماء التى شكلت المشهد السردى فى أسوان، وكان هناك بدر عبدالعظيم ومدثر سليم وأحمد ربيع الأسوانى، وبرز اسم يوسف فاخورى بمشروعه السردى الخاص، كذلك أحمد أبوخنيجر بمشروعه السردى المتنوع فى القصة والرواية والمسرح والتراث الشعبى، وعصام راسم بإنتاجه القصصى والروائى المتميز والمؤثر، وهيام عبدالهادى برواياتها المتعددة.
كل هؤلاء منحوا الحالة الإبداعية روحًا متوثبة، وأسهموا فى خلق حالة حراك أدبى وثقافى، تحفل الآن بأسماء تقوم على استمرار الحركة الإبداعية عبر الأنشطة المتعددة، ومنها الصالونات الثقافية، والمنتديات، وأندية الأدب، ومثال ذلك ما يقوم به القاص ياسر سليمان باشرى والقاصة صابرين خضر عبر جهد متميز فى إنشاء «ورشة المصطبة» بمدينة دراو وهى ورشة تهتم بالسرد، وداخل المشهد أيضًا عدد من المبدعين المميزين من الشعراء وكتاب القصة، ومنهم «يوسف أحمد حامد، عبدالرحمن أبوالمجد، عماد عزت، جمال فتحى، قسمة كاتول، أسماء عجلان، تيسير النجار، عمرو عاطف» وغيرهم. وإذا كان كل هؤلاء المبدعين هم من شكلوا الحالة الثقافية فى أسوان ووضعوها على خارطة الثقافة فى مصر، ويواصلون مسيرتهم من مواقعهم، فإن آخرين من أبنائها المبدعين أسهموا فى هذا المسار- بشكل أو بآخر- رغم استقرارهم بعيدًا عنها، ونشير هنا إلى أسماء «عبدالوهاب الأسوانى، إدريس على، يحيى مختار، حجاج أدول، حسن نور»، وكذلك أسماء هاشم، هدرا جرجس. وكذا الشعراء أشرف عويس، أحمد المريخى، محمد عبدالمنعم، فيصل الموصلى.
وما زال نهر الإبداع يتدفق مع تدفق النيل حابى من أسوان ليشكل حالة متميزة ذات خصوصية فريدة.