إبداعات من البحر الأحمر (2).. ثنائية البحر والصحراء
«البحر الأحمر» محافظة محصورة بين ساحل البحر شرقًا وبين كتلة جبلية مُطلة على وادى النيل من ناحية الغرب؛ وقد وصفها المفكر جمال حمدان فى «شخصية مصر» بأنها أرض عبور وليست أرض إقامة، فشمسها مشرقة وصحراءها محرقة ومياه سواحلها صافية، تلك الطبيعة لا شك أثرت تباعا فى ناس المكان ممن ولدوا على أرضها، ثم هجروها لأسباب متعددة؛ ربما منها ما لا يتعلق بطبيعتها الجغرافية، فمعظم أبنائها ظلوا بها، وفى مفارقة لافتة لمقولة جمال حمدان استقر بها كثيرون ممن جاءوا للعمل فيها، وكما شكلت «البحر الأحمر» ساكنيها أسهموا هم فى تشكيلها؛ وجعلوا من «الغردقة» عاصمة المحافظة مقصدًا ووجهةً سياحية عالمية، وفى ذلك السياق كان للأدب الشفاهى والمدون دور كبير فى إذكاء مكانتها كمحافظة ثرية وفريدة؛ وهو ما تكشفه مدونات الكتاب والمبدعين، حيث التفاعل مع أساطير وتجليات البحر والجبل وما كان لذلك أن يتم لولا المهتمون بالآداب والفنون؛ فما اجتمعت جماعة فى أى مكان إلا وابتكرت فنونًا أدبية متنوعة، وكان الأدب فى البحر الأحمر هو نتاج لحركة الحياة فى المكان.
وكنا قد وقفنا فى الحلقة السابقة على جانب من المشهد الأدبى فى المحافظة بشكل بانورامى يشير إلى البعث الأدبى على أرضها طوال نصف قرن، وقدمنا تحت عنوان «ثنائية البحر والصحراء» نماذج لإبداعات عدد من أدباء البحر الأحمر، وفى هذه الحلقة نواصل عبر جريدة «حرف- الدستور الثقافى» نشر نماذج أخرى لمبدعين تفاعلوا شعرًا وسردًا ورؤية مع البحر وأسراره والصحراء ودروبها.