الأربعاء 02 أبريل 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أسامة الحداد يكتب: الطريقة المثلى لإنتاج المشاعر

حرف

أخطو خفيفًا مثل غائب

لم أقتنص نجمة

ولم تنبت حقول من فمى

وقدماى لا تملكان الطريق

فى الحقيقة إن أحدنا لا يمتلكه 

ونتبادل الظلال نحن الغرباء 

بلا فائدة 

فلم نوثق أحلامنا على شاشة الحاسوب 

أو نمنح الهواء مِيزةً لم تعد لنا؟

وصرخة لا أعرف صاحبتها 

تخرج من لوحة المفاتيح 

تحمل صورة قلب أحمر.

أحدثكم كشيخ وأغنى كطفل 

تسكن الدموع مقلتيه

وساقى لا تطاوعنى دائمًا 

ومفاصلى يابسةٌ كأنها لبوابةٍ قديمةٍ. 

أريدكم أن تعرفوا 

كيف سألت عن غيمةٍ

وانتظرت صديقًا مات فى حادثٍ؟ 

وحين أتى كان شخصًا آخَر

يتأبط ذراع قاتليه.

كان مشهدًا مثيرًا

وصوت ارتطامٍ حادٍّ 

يوشك أن ينطلقَ 

وهو يعبر خفيفًا 

دون أن يقول أىّ شىءٍ

والانحرافات الحادة بدت عادية 

وأحدهم يدوس قدمى 

والمنحدر يقترب 

وأنا أقطع الطريق 

واضعًا صورى القديمة على شاشة الهاتف 

وأترقب خطوات أصحابها

وأمشى خفيفًا كأننى غائب.

متى كنت بخيرٍ

متى كنت بخيرٍ؟

متى اقتنصت حلمًا

أو ربحت أغنيةً؟ 

هذه الأشجار ظلالها غير صالحةٍ للمضغ

والزهور دموع لا عيون لها.

صدقينى 

لست متشائمًا

والواقعية تجاوز الجنون بدرجةٍ واحدةٍ 

وفق مقياس ريختر 

وقبلتى فوق شفتيك 

تذوب تحت شمسٍ حارقةٍ 

والليل لا يخفى أى شىء 

كما تصورنا.

متى كنت بخيرٍ؟

والحرب مشتعلة فى الجوار 

والشوارع تحمل جثثًا طازجةً 

طالما توقعت أن تفتح الأبواب الضائعة. 

إشارات المرور لا تعنى الكثير 

والبيوت لا تملك أسرارها 

الحافلات تعود من حيث أتت

والهواء يحرك يديه لحظة الوداع. 

متى كنت بخيرٍ؟ 

وصورتى هاربةٌ من إطارٍ على الحائط

وأنت تحاولين الغناء 

بعد أن علقت الملابس فوق حبالك الصوتية 

ومنحت الصحون حنجرتك

وخطواتك بطيئةٌ أكثر مما يجب 

ورغبتك فى التلصص أقل.

يمكننى الحديث عن انتصارٍ وهمىٍ 

فى لعبة النرد 

أو فوز زائف لفريق كرةٍ لا أشجعه

أو انتظار فتاة حلمت بها 

هناك الكثير مما يصلح لنسيان كل ما حدث

ويمكننى أن أمر بهدوء من عتبة البيت

اعتراف متأخر

كيف أهتم بخروج شجرةٍ من حديقةٍ وأتغافل عن حديقة تهرب من شجرةٍ؟ وأساعد تمثالًا على الصراع مع ناحت وأترك نحاتين تقتلهم التماثيل

لقد عشت هذه اللحظات ومددت يدى إلى حسناء فى لوحةٍ واصطحبتها إلى المرقص بعد أن تركت طفلها يسير وحده على الماء وخلفها شجرة زيتون توزع صورها على المارة وهم يسخرون من رقصتنا الفاسدة

أكتب

ما قالته شحاذةٌ فى الحافلة

سباب سائقى الميكروباصات

الكلمات المراوغة لموظفٍ يتهرب من عمله

والعتاب الجارح من زوجة جارى لصديقى العائد فجرًا وكتلميذٍ خائبٍ فى حصة الإملاء أحاول تدوين أوردة الدراويش فى حلقة الذكر- تارةً- وصياح الصبية فى الحارات وهم يعيدون ألعابنا القديمة..

كل هذا أحاول كتابته وبعدها أبدأ خطابًا غراميًا ﻻ أعرف لمن سأرسله وبخطواتٍ متعثرةٍ أعود إلى البيت

خطوةٌ فى الطريق إلى الموت

لماذا كل هذه القسوة؟

أيتها المرايا 

أعرف أن الساعات أرسلت عقاربها 

تتعقب خطوتى

وتاريخ صلاحيتى كقاتلٍ أوشك على النفاذ

بما يستوجب التدريب على مهنٍ تناسب السعالَ المتكررَ والعظامَ الواهنةَ 

وأفكر فى شراء ذاكرةٍ

تصلح لاكتسابِ تعاطفِ الأرصفةِ 

وصداقة المُشرّدين

وزراعة رئتين لمواجهة العواصف 

استعارة ساقين 

وقراءة ما تيسر من طلاسم 

وقد أرافق شجرةً تتجه بعيدًا 

أو سحابةً تتطوح فى غيبوبةٍ 

وأحكى للصغار عن رحلة مُشرّدٍ 

فى مساحةٍ من الفوضى 

أحاول بعثرتها

بحيث يمكن لوردةٍ أن تنبت فى الهواء

لغيمةٍ الجلوس على أول الشارع

لموسيقى هادئةٍ التسلل عبر الأبواب المغلقة

وللهواء أن ينعش رجلًا حزينًا يفتش عن ظِلّه.