السبت 23 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

من «مدونات تجريد الواقع» بيت وشجيرة

لوحة لهشام فوزي
لوحة لهشام فوزي

سحابة ممزقة 
تمرّ فوق ما كان بيتى
والسماء الخضراء 
أقمارها تشع أضواءً معتمة 
فى السماء مدّ وجزر
يتلاطمان كبيت قصيدة من زبد الماعز
فى الحلم الأقل اتفاقا معى..
تحدثنى الأقمار السوداء بلغة غير متزنة 
سأستمع لها غدا.. أو بالأمس!

متى يمكننا أن نجد قيمة للصورة؟
قد نجدها عندما ترجع جذور أشجار المانجو من رحلتها
فى الشوارع الحلزونية الرائحة
جميعها تدل على صفات سلبية 
جميعها تصر إصرارًا غريبًا على أن الصورة المتحركة 
لا يقابلها شىء يتقدم إلى.. الخلف!

نسيج رمادى للشمس يسعل بشدة
النسيج مثل ثلج يلتف حول الليل
الذى يجلس القرفصاء فوق العشب المحترق
فى تعرجات الشوارع الزرقاء المتباعدة الأعمدة
حلم يتقوس كظهر قط يخيف خصمه
ينفش شعره.. يزمجر فى موائه
الشارع ينام فى الحلم
ينام مثل الثلج غير الرمادى.

فى سماء..
كأنها زبرجدية اللون 
صبى يجلس القرفصاء يصيد النجوم
النجوم التى كانت تحكى للناس
حكايات تعرفها ولا تعرفها
فجاة.. تعلق فى سنارة تعبيرات قوس قزح
السيدة التى ترضع صغارها من العزف المنفرد لمواء القطط
علقت فى سنارة الصبى المستهتر!

سفن تتحدث مع البحر بلغة النحاس والأشواك
تهجع فوق شاطئ غير عابئة بالنوارس ممزقة الثياب
رغم إن النوارس هى الحارس القديم 
للفكرة الايجابية للرمال الناعمة
قد تستخدم النوارس الأساليب المختلفة للسباحة
كالآلآت الموسيقية التى تعزف نهجًا دقيقًا مثقلا بالهموم
سأجمعها بالصياغات الأخيرة
السفن تموت كما مات البحر سابقًا.

المدينة المبنية من نحاس وموسيقى
تعيش الآن فى صمت أزرق
العالم الغريب الذى يحيط بأسوارها 
يقبضُ على دوامات النهر الزمردى
ملابس السور البيضاء
تفيض فجأة بالدوامات
فى المدينة المزعومة
كان النحاس يدوّنُ جموحًا نادرًا
لدوامة غير قادرة على الكلام!

قابلت رجلًا ما
منسوخا من الخطوط والحركات المباغتة
كان ينشد قصائد عمياء كأصداف البحر
ثم يلقيها فى التعرجات المتكررة للنهر
القصيدة الواحدة 
كفازة ذات لغز محير 
النهر يصب كل مهاتراته فى البحر 
الرجل يلغى كل محاولاته المستميتة 
لقتل العشب الجالس فوق جلد البحر
لم نسمع من قبل عن زهور تنمو فوق الموج
وتهدد حرية النمل الأبيض!

رجل ما
كان يغنى فوق نهر يلهث
أغان كمصاصة أعواد القصب
مات الرجل اليوم.. أو غدًا
قال قبل أن يموت: إن الظلام البارد 
هو الملجأ الأخير للتخلص من الأشياء التى تدير ظهرها لك
لتنجو من محاولاتك العبثية للبقاء حيا
الرجلُ مدّ يده وهو فى لحده المنمق
فأمسك بقصيدة ثارت على الواقع المغضن
كجلد فرس النهر
القصيدة فى ملامح النزوع إلى الأسرار
عود من القصب كان يخلو من الخواطر المتناثرة 
لم يسترع انتباه الموت
عاد الرجل من الموت متخمًا بنهر يلهث!

الأقمار السوداء التى تشع بموسيقى معتمة
تنظر إلىّ ببلاهة متناهية
السماء الأرجوانية الألوان.. تضحك
البحر الذى يقارن مسوداته ذات الخطوط اللولبية بموسيقى العتمة
يحدثنى بلهجة مبتكرة الغرابة عن هذه الأقمار
الناى ذو المثالية المتباعدة
أصبح ملكًا على الحد الأخير للسماء العصية عن الضحك
عند حدود الصمت
أنت نهر واقف.. أو نائم
أو نص أدبى يحمل صيغة أخيرة للعتمة!

كلما جاء الليلُ أو ذهب
العمارة التى تسكن بجوارنا
تموء مواءً غريبًا
القطط تكره الحداثة فى الأدب
البيانات النادرة للعمارة العدم
تفصح عن أن شعاعًا أزرق اللون
سينسكب من الأرض إلى السماء
الظلام الغامض فى صوت القطط
يتحرك بانفعال غريب
السماء تسأل نفسها:
متى بنيت تلك العمارات الأخرى التى لا تموء؟!