نافذة
وقف الطفل على أطراف أصابعه، رفع يده عاليًا حتى جاوز كف يده عارضة النافذة.. بعد لحظات سار فرحًا وكف يده يَقبض على كيس صغير مزركش الألوان.
بعد أقل من دقيقة، وقفتْ فى نفس المكان، طفلة أطول منه قليلًا
ونادت بصوتٍ مرتفع:
ـ طنط... طنط ثم مدت يدها، عادت اليد تحمل كيس بلاستيك أسود.
اقترب رجلٌ وتوقف بمسافة خطوة عن الجدار، ثم عاد لمواصلة سيره وبيده علبة سجائر.
حين ابتعد الرجل، تقدمت امرأة وأسندت ذراعها على العارضة، وبدا أن هناك حديثا دائرًا عبر النافذة.
تملكَنى الفضول؛ مشيت بخطوات متلكئة فوق الرصيف المقابل وأنا أرمق تلك النافذة.
عبرت بخطوات حذرة إلى الرصيف الآخر...
رفة من شقة، بداخلها امرأة تتبادل الحديث مع المرأة المستندة على العارضة...
ابتعدت المرأة بمسافة خطوتين حين اقترَبتُ من النافذة...
انجذب إلى الداخل وجهى المتطلع، وقفت مدهوشًا يجول بصرى فى الغرفة (حديثة الطِلاء) لم تكن الغُرفة سوى دُكان بقالة صغير!...
أطلت بوجه باش، حافل بالترحيب، وسألتنى بصوت رقيق:
ـ أى خدمة، تؤمرنى بشىء؟...
قلت بصوت متلعثم وأنا ألملم ارتباكى:
باكو بسكويت، وناولتها على عجالة ورقة نقدية كبيرة.
امرأة فى منتصف العمر، متوسطة الطول، ممتلئة قليلًا، لا يظهر منها سوى كفى يديها، ووجه أبيض مستدير لا تفارقه الابتسامة، ترتدى جلبابًا داكن اللون، فضفاضًا، طويلًا، بداخل الغرفة، كَنبة أنتريه، قماشها باهت اللون، عليها قطعة قماش حريرية وإبرة تطريز بداخلها خيط وردى.
فى أركان الغرفة، تتراصْ عدة كراتين من التى توجد فى محلات البقالة.
على الحائط مرآة، وصورة بالأبيض والأسود لرجلٌ مبتسم، على الباب المؤدى لداخل الشقة، ينسدل ستار زاهى الألوان.
ناولتنى البسكويت وما تبقى لى من مال..
قلت وأنا أومئ برأسى:
شكرًا...
ودَعتنى بإماءة مُبتسمة وقالت بصوتٍ خافت حنون:
ـ مع السلامة...
عُدت إلى مكانى، ومن حين لآخر أرنو ببصرى إلى تلك النافذة
المُشرعة، وأنا أقف فى طابور ممتد من الراغبين فى السفر