عظّم جدودك.. نفرتيتى.. سيدة الأرضين
لم تحصل الملكة «نفرتيتى» على لقب «الجميلة أتت» من فراغ؛ فهى الأجمل بين الملكات المصريات على مر العصور، وفق ما صوره الفنان المصرى عندما حاول تجسيد وجهها فى تماثيله وجداريته. وفى ألمانيا، حيث يتواجد رأسها المسروق، هناك مقولة شائعة بأن أغلى ما فى برلين هو رأس نفرتيتى.
وإذا أردنا الحديث عن هذه الملكة الجميلة يجب أن نذكر الغموض الذى اكتنف كل فصول حياتها، بداية من أصولها، وأبويها اللذين اختلف المؤرخون فى تحديدهما، مرورًا بفترة حكمها وسر اختفائها المفاجئ، وانتهاء بمكان المومياء الخاصة بها، التى لم يتم العثور عليها حتى الآن.
«سيدة النعمة- عذبة الحب- عظيمة المدح- سيدة الأرضين- زوجة الملك الرئيسية- زوجة الملك العظيم- سيدة كل النساء- عشيقة مصر العليا والسفلى».. كلها ألقاب ارتبطت بالملكة التى عاشت وحكمت مصر مع زوجها الملك إخناتون- رائد الوحدانية فى مصر القديمة- فى عصر الأسرة الثامنة عشرة، وتحديدًا فى الفترة بين ١٣٥٠ حتى ١٣٣٤ق.م، أى من حوالى ٣٣٠٠ عام.
ولا تشتهر نفرتيتى بالجمال وحده، بل بالقوة والشجاعة والإخلاص بعد أن وقفت بجوار زوجها فى ثورته الدينية والاجتماعية، وحكمت مصر فى الفترة الأكثر اضطرابًا فى الأسرة الثامنة عشرة والتاريخ بشكل عام، لذا فهى من الملكات اللاتى لعبن دورًا مهمًا فى تاريخ مصر القديمة.
وقد بدأت نفرتيتى حياتها كملكة بعد أن تزوجها الملك إخناتون عقب جلوسه على العرش مباشرة، وبدأ حكمهما من طيبة كملك وملكة، وفى العام السادس للحكم انتقلا للمدينة الدينية الجديدة «أخت آتون»- تل العمارنة بالمنيا حاليًا- وأنجبت له ٦ بنات، واللواتى ظهرن على جدران مقبرة مريرع الثانى، وتظهر نفرتيتى إلى جوار إخناتون وتتبعهما بناتهما الست.
وطوال فترة زواجهما تشارك الملك والملكة فى الحكم، وهو ما أوضحته النقوش والمراسلات، فقد كانت نفرتيتى شريكة لإخناتون، ولم تكن لها مكانة خاصة فى الحكم والسياسة فحسب، بل تمتعت بمركز دينى مميز أيضًا، حتى إنه تم تقديمها كإله فى بعض المناظر بمقابر وتوابيت تل العمارنة. ويعتقد بعض المؤرخين أن نفرتيتى حكمت بعد وفاة زوجها مباشرة، فى فترة شديدة الاضطراب بعد التغيير الدينى الذى أحدثه زوجها، ودعوته للوحدانية وترك الإله «آمون»، الذى يعتبر الإله الرئيسى فى مصر القديمة، والدعوة لعبادة الإله الواحد «آتون».
وعلى الرغم من ظهور العديد من النظريات حول العثور على مومياء الملكة نفرتيتى، حيث ظن بعض العلماء أنها المومياء الموجودة فى المقبرة رقم ٦٣ بوادى الملوك، كما ظن البعض الآخر أنها المومياء الشابة فى المقبرة ٣٥، لكن بعد إجراء الدراسات والأشعات الدقيقة تم دحض هذه النظريات، وما زال البحث جاريًا عن «نفرتيتى» الملكة المصرية الأكثر غموضًا فى التاريخ.