أحمد المريخي يكتب: ابنُ اللحظة

1
أنا ابنُ اللحظةِ
أدميتُ قميصى بين أرضى والسماء
فى كلِّ جولةٍ
أقفُ أمامى
أبحثُ عن سؤالى
يُحيلُنى كتابى إلى كتابٍ
وفى كل جولةٍ
يقولُ رجلُ الطريقِ: أنت جوابٌ؛ وكلُّ جواب.
2
من يصفُ حالى
الكلماتُ سائلةٌ فى الطريق
الظاهرُ منها يُخفى جوهرَ التفاصيلِ والباطنُ كشفٌ؛
لو أبتسم لا يعنى أننى سعيدٌ
إنْ أبتئس لا يعنى أنى تعيس
تكفينى الزهورُ تتفتَّحُ فى وجهى
الدموعُ تتقيَّحُ فى أحضانى
وحيث أتأمَّلُ الشجرَ المُتَغَضِّنَ أرى
كيف صنعَ مساره فى تلك المسافةِ بين أراضينَ سبعٍ وسماء؛
لقد كان بذرةً فى أولِ الطريقِ
والآن أثمَرَ آيةً جوهرُها تجاعيدٌ × تجاعيدٍ × تجاعيد.
3
على الأخدودِ يسيرُ رجُل الطريق
يُبدِّلُ قدميه دونَ اكتراثٍ لِما يسقطُ من أحجارٍ صغيرةٍ
من يتلقَّفُ هذه الأحجار؟
ليس سوى الأرض
وهذا مصيرى حيثُ أسيرُ دونَ اكتراثٍ لأن أتفتَّتَ
ودونَ اكتراثٍ لإقدامٍ تسيرُ إلى حيث تهوى
أنجو كحبيباتِ رملٍ فرَّتْ من ضلع الجبل
أرسو حثيثًا عبرَ الفصولِ
وأهفو إلى هطول المطر
مثلَ ثديٍ جائعٍ لفمِ طفلٍ مُنتظر
أنتظرُ طويلًا
كزرافةٍ تمُدُّ عنقَها للسماءِ فيصيرُ غُصنًا
يُثمرُ بفضلِ الرياح الرحيمةِ أوراقًا تنْتَحُ فيخُرُّ نَداها على عُشبةٍ مزمومةٍ تُجاهدُ مثلى منذ الأزل أنْ تبتسمَ برفقٍ فى وجه الطبيعةِ
والابتسامةُ كما تعلمون مثل الجبل؛ الجبلُ الذى أقفُ على حافته الآن وأسيرُ إلى نداهةِ الفراغ.
4
الفراغُ أصلُ اللوحةِ
الظلُّ فجوةٌ فيه
وقد جهَّزتُ كلَّ شىءٍ
حيثُ تستطيعُ فى أى وقتٍ أن تلتقينى
أنا الشوارعُ والحوارى والدروبُ
أعلو وأهبطُ وأعدو
كظلٍّ يتشكَّلُ الضوءُ به
لكنى سقطتُ فى طريق العودةِ؛
تُحيطُنى العتمةُ من كلِّ جانبٍ..
فى الغرفةِ ظلامٌ وفى البيتِ ظلامٌ وظلامٌ جسمى
وليس سوى نقطةِ نورٍ وحيدةٍ
توجد هنا.. فى القلب تمامًا
احذرْ أن تتبَعَها
فقد عشتَ ما مضى من جولاتٍ عبدَ النور
وآن لك تحلُمُ أن تكونَ إلهًا
فالأحلامُ لا تشِعُّ إلا فى الظلام.
القاهرة - مارس 2025