هيئة الكتاب.. أحمد بهى الدين: طفرة فى النشر والمعارض.. والصعيد ينتظر
قرابة عامين مرا على تكليف الدكتور أحمد بهى الدين برئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب، بقرار من الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة السابقة، خلفًا للدكتور هيثم الحاج على، وبالتحديد فى منتصف أكتوبر ٢٠٢٢.
قبل توليه رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب، شغل «بهى الدين» منصب نائب رئيسها لمدة اقتربت من 4 أعوام، ضرب خلالها مثالًا للتفانى والإخلاص فى العمل داخل المكان، على ضوء رؤية إدارية واعية.
كان أول تحدٍ أمام «بهى الدين» فى منصبه الجديد هو الدورة الـ٥٤ لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، فى العام الماضى ٢٠٢٣، التى تمكن من إخراجها فى صورة تليق باسم ومكانة مصر الثقافية، ما لقى صدى كبيرًا وقتها، بعدما استقبل المعرض أكثر من ٣ ملايين زائر، مع مبيعات غير مسبوقة للناشرين.
وفى الدورة الماضية التى حملت رقم ٥٥، نجح رئيس هيئة الكتاب فى تطوير المعرض على مستوى الفعاليات والأنشطة الثقافية المقدمة، التى استضافت مجموعة من الأدباء والمفكرين من كل دول العالم، وهو ما أشاد به المهتمون بالثقافة محليًا وعالميًا، بالتزامن مع وصول عدد الزوار إلى ٤ ملايين زائر، فى رقم تاريخى لم يتحقق من قبل.
وعلى مستوى مشاركات الهيئة فى المعارض الدولية، مثلت هيئة الكتاب مصر فى العديد من هذه المعارض، منها معرض فرانكفورت الدولى للكتاب، ومعرضى الشارقة والجزائر، إضافة إلى معرض أبوظبى للكتاب فى دورته الماضية، التى حلت فيها مصر ضيف شرف، وقدمت الهيئة خلالها برنامجًا ثقافيًا وفنيًا معبرًا عن الحضارة المصرية وتاريخها الثقافى.
وبالنسبة للمعارض المحلية، نظمت هيئة الكتاب مجموعة من معارض الكتب فى مختلف محافظات الجمهورية، من بينها معارض بورسعيد ودمنهور ورأس البر وشرم الشيخ، إلى جانب معرض السويس الذى أُقيم لأول مرة فى العام الماضى وحقق نجاحًا كبيرًا، فضلًا عن المشاركة فى معارض مع جهات مختلفة مثل معرضى مكتبة الإسكندرية والشيخ زايد.
وعلى مستوى النشر، عمل «بهى الدين» على استعادة دور الهيئة باعتبارها الناشر الأكبر فى مصر، من خلال تطوير مشروع النشر، والارتقاء بجودة الكتاب على مستوى الأغلفة والإخراج والتصميم، بهدف إصدار مؤلفات وأعمال إبداعية وفكرية تضيف إلى القارئ المصرى والعربى.
وأجرى «بهى الدين» تعديلات فى مناصب بعض رؤساء تحرير السلاسل والمجلات الصادرة عن هيئة الكتاب، إلى جانب إصدار مجموعة كبيرة من مؤلفات عميد الأدب العربى طه حسين وصلت إلى ١٧ عنوانًا.
كما أصدرت الهيئة فى عهد الدكتور أحمد بهى الدين بعض أعمال أحمد لطفى السيد ونعمان عاشور ويوسف جوهر وحافظ إبراهيم، ضمن سلسلة «أدباء القرن العشرين»، التى نجح فى إعادتها من بعد توقف.
وتمكن «بهى الدين» من إضافة مجموعة من السلاسل الجديدة لمشروع النشر فى هيئة الكتاب، منها «عقول» و«حكايات النصر»، إلى جانب «ديوان الشعر المصرى»، وهى السلسلة التى صدر منها ٤ أعمال هى: «ابن سناء الملك.. يا شقيق الروح من جسدى»، و«ابن النبيه.. أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا»، و«ابن نباته المصرى.. قامت قيامة قلبى»، و«البهاء زهير.. يا من لعبت به شمول».
ومن أبرز العناوين التى أصدرتها الهيئة فى بعض السلاسل الأخرى: «أبوالهول» و«فجر الضمير» لعالم المصريات سليم حسن، بجانب إعادة طباعة موسوعات «مصر القديمة» و«الأغانى» و«وصف مصر»، فضلًا عن العشرات من كتب الأطفال وإصدارات النشر العام.
وأعادت هيئة الكتاب إصدار عدة مجلات تعد جسرًا مهمًا بين القارئ العربى والثقافات الأخرى، وتسهم فى إثراء المعرفة العامة، وتعزز من قدرة القراء على مواكبة التطورات العالمية، وتتيح للقراء الإطلاع على أحدث ما توصلت إليه العقول العالمية فى مختلف المجالات، على رأسها مجلة «فصول» بعد توقف قرابة العامين.
وحققت الهيئة نجاحات كبيرة على مستوى الإيرادات، من مبيعات الكتب فى معرض القاهرة الدولى والمعارض المحلية الأخرى، ومنافذ البيع التابعة فى القاهرة وغيرها، إلى جانب المعارض الدولية.
وتعاقدت الهيئة على إصدار الأعمال الكاملة لمجموعة من الكتاب الكبار، من بينهم الناقد الأدبى الدكتور مصطفى ناصف، والمترجم والكاتب سليمان العطار، أستاذ الأدب الأندلسى.
ورغم نجاحاته الكبيرة سالفة الذكر، لم تخل مسيرة أحمد بهى الدين من بعض الإخفاقات، ومنها عدم تنظيم معارض للكتب فى محافظات الصعيد على غرار معارض المدن الساحلية، باستثناء معرض بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين فى محافظة سوهاج، الأمر الذى يحتاج إلى نظرة منه لمعالجته، خاصة أن محافظات الوجه القبلى ينقصها الكثير من الاهتمام الثقافى والرعاية لمبدعيها، وتحتاج إلى فتح نوافذ ثقافية متعددة لهم.
كما عانت بعض الإصدارات من التأخير فى النشر، ليستغرق بعضها مدة تصل فى بعض الأحيان إلى أكثر من عام، وهو الأمر الذى يزعج الكثير من المؤلفين، وإن كانت هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، بل هى معروفة فى هيئة الكتاب على مدار عشرات السنوات، وربما يكون السبب فى ذلك أن الهيئة أكبر وأهم دار نشر فى منطقة الشرق الأوسط، وتتلقى آلاف الأعمال سنويًا من مصر والوطن العربى لإصدارها.
كما عانت الهيئة فى عهد «بهى الدين» أزمة تتعلق بالتوزيع، وتتمثل فى أن إصداراتها لا تتوفر فى كل محافظات الجمهورية، بسبب عدم توفير منافذ بيع فى جميع الأقاليم، لكن مؤخرًا تم توقيع بروتوكول لفتح منافذ بيع للهيئة فى مكتبات مصر العامة بـ١٧ محافظة.
والدكتور أحمد بهى الدين فى الأساس هو أستاذ مساعد للدراسات الأدبية والنقدية بقسم اللغة العربية فى كلية الآداب جامعة حلوان، حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الفنون عام ٢٠١٥، وله العديد من المؤلفات، منها الغناء الدينى، وفنون الأدب الشعبى شرح وتبسيط، والسيرة الهلالية رواية من دلتا مصر، وصوت الراوى وميراث السرد، وغرس المعرفة ونبت الإبداع، وبناء القدرات الوطنية فى صون التراث الثقافى غير المادى، فضلًا عن كونه عضوًا فى لجان تحكيم بعض الجوائز الدولية.