الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الكتابـة.. القصيدة المجهولة لعبد الرحمن الأبنودى

الابنودى
الابنودى

نفسى أكتب كتابة تجيب «طوبة» فـ«بابة»

تمسح ريش الغلابة وتنعنش الغلابة

تحاور البحورة وتنطق السحابة

«السن اللى اتقدم علمنى إزاى لا أزعل ولا أفرح ولا أندم»

وإحساسى بموتى أصبح أهون هبابة

خلانى قريب لنفسى وعطّل الكتابة
***

ليه أكرهم لذلك 

وأنا كنت فى يوم كذلك 

«أفتح الموانى وأطربق الممالك»

والأحلام ألف مرة رمتنى للمهالك

ولكن كبرتنى وكان فىّ استجابة 

وأول ما عرفت سنى

هربت منى الكتابة
***

قلبى بلبل بليد

فى دهشته رخامة 

مهما أحيى الليالى

يفضل، كما هو، خامة 

فى الآخر زى غيره

بيوصل للسلامة 

لا قسم مع النسورة

ولا عف عن الحمامة 

ووقف والشمس راحلة 

يتأمل الغمامة

والكون بحاله حالف 

ما يقومش للقيامة

راعى لوحده ما يسلم 

من تخويف الديابة

يتأمل المسافة

بين ده وبين الكتابة 
***

بين الاتنين وإحنا 

نادر نكون حبايب

إذا حد منا يحضر 

تلاقى التانى غايب

واحد عم الفوارس 

والتانى غر خايب

واحد صبى بصبابة 

والتانى كهل شايب

بين الاتنين ورحلة 

بأرد لها الكآبة

بأتجنبها وهى تتجنب الكتابة
***

لمسة صوتك يا صاحبى 

دفء ورفق ووديعة 

تدى للدنيا زهوة

وتحسس بالطبيعة 

شلال حنان بيدفق

فى لحظتنا الوسيعة 

انظر! أسخف ما فينا 

له إشراقات بديعة

جوه قلوبنا الكسيحة 

تحت صدورنا المنيعة

والضحكة لما نضحك

بتجينا ع الوجيعة

فين السؤال وآدى إحنا 

رسينا ع الإجابة

من غير ما أسأل سؤالى 

لا قول ولا كتابة 

***

وأمى والليل مليل

طعم الزاد القليل

بترفرف قبل مترحل

جناح بريشات حزانى

وسددت ديونها وشرت كفن الدفانة

تقف للموت يوماتى: مجاش ابن الجبانة

أشد فى توبها يمّى

تنهر كأنى عيل

القلب اللى تحجر 

قوال بطل يمول

لا الحزن عاد يبكى 

ولا الأحلام تنول

أمى ست البلابل 

بتقول العمر طول

يا زمن كفاية حول

يا زمن برده يقرنص وما حسبناش حسابه

لو زارت أمى همى

بتطرد الكتابة

***

حبيبى القطر واقف 

وقفة دمع اليتامى

متحجر فى المحاجر

وأنت أطرف الطرايف

فجر برىء الشفايف وأبيض الصحايف

ونادر فى النوادر

حبيبى القطر واقف يتسلى بانتظاره

لا بيكمل سكوته ولا بيكمل حواره

لا ظاهر فى استقامته ولا واضح فى انكساره

وعلى الشفة اللى قاست

عجلات القطر داست

وخلفت رتابة 

اتسربت وعرفت طريقها للكتابة

***

ومساء الخير يا مغرب 

عند رحيلنا الثنائى

واقف وقفة مغادر 

عازم على التنائى

كفين م البرد كمشوا 

زى الورد الشتائى

الناس فاكرينها سهلة 

ع الشمس وهى رايحة 

تجمع حصاد الرحلة 

ما تلاقى باقى، باقى

«وجوه تلمع وتبهت 

بتبدأ ولا أنهت»

تنسى خيوط من خيوطها

بتدوسها ع التراب ألغاز خماسينية

اللحظة بُق مية 

شربناه فى تلاقى

الدنيا فيها مذابة

يا خوف المغربية

يا مهرب الكتابة 

***

راحل وأصحابى فروا منى والقلب دامس

ولا غيرى فى أمر قلبى عارف لأنى لامس

لحظة يعوف طعامه ويزهد الملابس

راحل شايل أسامى

نسيتنى من زمن 

ناموا كارهين كلامى

واسمى بيتلعن 

مين فيكوا يكون ضمينى؟

هجوا ولو هرايب

الفتفوتة فى يقينى ليها فى شعرى اللى شايب

طعم الرحيل ممرر

يا مصوراتى صور

تانى وتالت وخامس

صورة لجرحى اللى حير سره عموم الطبابا

واللى لو قال لى سره أواجه الكتابة

***

خضرت الحرت بإيدى وقلت ده يوم مبارك

حس الزمن بيا كأنى خلاص هفرح، تدارك

رمانى ع البلية وقالى: لم عارك

حتى الزمان تغابى

وغب ابن الغبية

وغر قلبى الصحابة

وغيرهم سوية

ردوا التهمة عليا

ردوها وصدقوها 

قالوا وتعبوا يقولوها

فى الصبح والعشية

بصيت فى الشمس لإيدى

حبيت ريحة نشيدى

صدقت خطوتينى يمى اللى قدرت أشوفه

يمكن بعدت قطوفه

يمكن مسيت طروفه

أو مس هو حاجة

وسبح يمى فى وريدى

نبى؟ ولا ديب مبشر؟

بجنة وغابة

وفى أنهى واحدة فيهم

أصدق الكتابة

***

شهيد صاحبى نسيته بعد ما زال الخطر

وكان غربنى موته يوم ما الجيش انكسر

لا غرسوا بندقيته ولا شاهد حجر

فى الرمل ع الرميم

«زهور الموت دميمة على الموت الدميم» 

وفى النشيد، شهيد

عاف الحب العظيم 

دلوقت الاسم فايت

كإنه خبز بايت

طرف البسمة اللئيمة على وش الزعيم

ما بين طلوع الروح وأول الطموح

الإحباط والخيانة 

وتار كل الغلابة

الرغبة فى المواجهة 

والعجز عن الكتابة

***

هى السفن وترحل 

والبحر حكايته هوجة

مين عاز الرحلة تسهل 

ما يعدش كل موجة

ما يتوهش عن ابتسامته ساعة سكنى الأنين

والمينا المغربية وتلم المجروحين

لو صدقت السفن 

قبل نزول الضبابة

يمكن كنت أتزن

وأتهيأ للكتابة