السبت 23 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

Filterworld.. كتاب يكشف كيف تعمل خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعى

Filterworld
Filterworld

أصبحت الخوارزميات هى المحرك السرى لـ«جوجل»، و«إنستجرام»، و«تيك توك»، وجميع المنصات الرقمية الأخرى، ولها تأثير كبير على طريقة تفكيرنا واستهلاكنا، وإنتاجنا. هذا الموضوع هو ما يرصده كايل تشايكا، الكاتب فى مجلة «نيويوركر»، فى كتاب جديد بعنوان «Filterworld».

تعمد الخوارزميات إلى جمع البيانات باستمرار، وتغذية خياراتنا وتفضيلات الأشخاص الآخرين. هذه العملية تجعل التصفح الذى لا نهاية له أمرًا سهلًا، ولكنها تحبسنا فى «غرفة صدى»، مما يؤدى ببطء إلى إضعاف قدرتنا على التفكير الإبداعى. 

يقدم «تشايكا» شرحًا مثيرًا للاهتمام للكيفية التى أصبح بها العالم مفلتَرًا ومُدارًا آليًا، عبر إيضاح تجربته الشخصية التى تظهر من خلالها سيطرة مواقع التواصل الاجتماعى على حياته لفترة من الوقت إلى حد كان يعانى معه من «الخوف من تفويت الفرصة»، اكتشف المؤلف أنه بالإمكان رفض خوارزميات العصر الرقمى واستعادة إنسانيتنا.

توجيه الخوارزميات

قبل عقد من الزمن تقريبًا، كنت إذا فتحت «فيسبوك» أو «تويتر» أو «إنستجرام» ترى منشورات من الأصدقاء والعائلة، بترتيب زمنى. فى الوقت الحاضر، يتعرض المستخدمون لوابل من المحتوى المنسق بواسطة خوارزمية، فإذا كنت شغوفًا بالنباتات أو رياضات أو القطط أو السياسة، فهذا ما سوف تراه.

فى مراجعة موقع NPR جاء: ثمة معادلات تقيس ما تفعله، وتراقب بيانات جميع المستخدمين على هذه المنصات، ثم تحاول التنبؤ بما من المرجح أن يتفاعل معه كل شخص. لذلك، بدلًا من الحصول على المنشورات المرتبة والمنظمة، لديك قائمة من المنشورات التى تحاول باستمرار تخمين ما ستنقر عليه، وما ستقرأه، وما ستشاهده أو تستمع إليه.

الخوارزميات والاستهلاك

فى كتاب Filterworld، يدرس «تشايكا» التوصيات الخوارزمية التى تملى كل شىء بدءًا من الموسيقى والأخبار والأفلام التى نستهلكها، إلى الأطعمة التى نأكلها والأماكن التى نذهب إليها. وهو يجادل بأن كل هذا التنظيم الموجه آليًا جعلنا مستهلكين مطيعين، عبر التوصية المستمرة بأشياء من غير المرجح أن نبتعد عنها. 

والأكثر من ذلك، كما يقول «تشايكا»، إن الخوارزميات تضغط على الفنانين وغيرهم من منشئى المحتوى لتشكيل أعمالهم بطرق تناسب المنشورات المطلوبة. وعلى الرغم من أن الخوارزميات يبدو لا مفر منها، يرى «تشايكا» أن زيادة تنظيم شركات وسائل التواصل الاجتماعى يمكن أن تخفف من تأثيرها. يقول: «أعتقد أنه إذا اضطرت شركة Meta، الشركة الأم لـ(فيسبوك)، إلى فصل بعض المنصات التابعة لها مثل Instagram أو WhatsApp، وتم دفع هذه المنصات للتنافس ضد بعضها البعض، فربما يكون لدى المستخدمين المزيد من الخيارات». 

حراس البوابة والخوارزميات

يعقد المؤلف مقارنة بين الماضى والراهن فيقول: هناك قوة هائلة للإنترنت تسمح لأى شخص بنشر الأعمال الفنية التى يصنعها أو الأغانى التى يكتبها، وأعتقد أن هذا قوى حقًا وفريد من نوعه. فى النظام البيئى الثقافى الذى كان لدينا من قبل، كان هناك حراس البوابة، مثل محررى المجلات أو مديرى التسجيلات أو حتى منسقى الأغانى فى محطات الراديو، الذين كان عليك العمل من خلالهم لسماع فنك أو مشاهدته أو شرائه. ولذلك كان هؤلاء بشرًا لديهم تحيزاتهم وتفضيلاتهم وشبكاتهم الاجتماعية، وكانوا يميلون إلى منع الأشخاص الذين لا يتناسبون مع رؤيتهم الخاصة.

يتابع: الآن، فى عصر الخوارزميات، دعنا نقول بدلًا من السعى لإرضاء حراس البوابات البشرية أو معرفة أذواقهم، فإن المقياس هو مقدار التفاعل الذى يمكنك الحصول عليه على هذه المنصات الرقمية. إذن مقياس نجاحك هو عدد الإعجابات التى حصلت عليها، أو عدد عمليات الحفظ التى حصلت عليها على «تيك توك». 

ويوضح: لذلك أعتقد أن هناك مزايا وعيوبًا لكلا النوعين من الأنظمة. على سبيل المثال، على الإنترنت، يمكن لأى شخص أن يعرض أعماله ويمكن سماع صوت أى شخص. ولكن هذا يعنى أنه لكى تنجح، يجب عليك أيضًا استرضاء النظم البيئية الخوارزمية التى أعتقد أنها لا تسمح دائمًا بسماع أو رؤية الأعمال الأكثر إثارة للاهتمام.

الافتقار إلي الشفافية

هذه المنصات والمنشورات الرقمية تعد نوعًا ما بتجربة مجتمعية رائعة، مثل أننا نتواصل مع جميع مستخدمى «تيك توك» الآخرين أو جميع مستخدمى «إنستجرام» الآخرين، لكن الكاتب يعتقد أنهم فى الواقع يقسمون تجاربنا إلى حد ما، لأننا ليس لدينا أى فكرة عن عدد الأشخاص الآخرين المعجبين بنفس الشىء الذى نحن معجبون به، لذا يعتقد أن هناك هذا النقص فى الاتصال... هذا الشعور بأننا وحدنا فى عاداتنا الاستهلاكية ولا يمكننا أن نجتمع معًا حول الفن بنفس الطريقة، وهو قد يكون نوعًا من قتل تجربة الفن وأن يكون من الصعب وجود نوع من الحماس الجماعى لأشياء محددة.

إن الشىء الجذاب والمحبط فى الخوارزميات هو افتقارها إلى الشفافية. فى أفضل حالاتها، يبدو أنها تقدم شيئًا نريده بأعجوبة، سواء كان مقطع فيديو لطيفًا عن كلب أو قطعة من الأجهزة الإلكترونية الشخصية. لكنها فى أسوأ حالاتها توجهنا إلى أشياء لا نريدها أو نشمئز منها، ويكاد يكون من المستحيل معرفة السبب.