يصدر قريبًا عن «دار الشروق».. هى دى الحياة كما حكى خيري بشارة
ذات يوم، جاءنى الممثل أحمد حجازى، وهو شخص طيب وصديق لـ«أحمد زكى» الذى عاش لفترة فى منزل حجازى، ينام ويأكل ويشرب. حجازى كان مضيافًا وكريمًا وإنسانيًا جدًا وعطوفًا.. وأحمق فى نفس الوقت. المهم جاءنى مرة فى بيتى بشبرا ومعه أحمد زكى. وحجازى لديه طريقة فى الكلام تظهر حتى فى الأفلام، حيث يتحدث بتعال طوال الوقت، قال لـ«أحمد زكى»: يلا يا أحمد ورى الأستاذ إزاى بتقلد الممثلين، فبدأ أحمد يقلد بعض الممثلين، فأنا ذهلت واستمتعت وأصابتنى كريزة ضحك وأحببت أحمد زكى جدًا، لكن الأهم من كل ذلك أننى تأملته، بسمرة بشرته وملامحه وجسده النحيل، وأنا شخص لا أحب الذكورة الزائدة ولا الأنوثة الزائدة، وجدت عمقًا وراء هذا التهريج وأنا دائمًا أتمكن من اكتشاف ذلك العمق، والذى وجدته فيما بعد عند شريهان وأنا أشاهدها فى الفوازير. عندما تأملت أحمد زكى قلت: أخيرًا وجدته، هذا هو بطلى القومى. لقد وجدت شخصًا من طين الأرض وأريده أن يكون بطل كل أفلامى.. زيارة شبرا هذه حدثت فى بداية السبعينيات. وفى يوم ما وكنت أقود سيارتى، عربية تعبانة كده ١٢٤ فيات، اشتريتها من زوج أختى، كانت ثانى سيارة أمتلكها بعد سيارة مرسيدس اشتريتها من برلين الغربية بـ٢٠٠ دولار، وعند عودتى إلى مصر بعتها لأننى لم أمتلك نقود جمركها فبعتها بـ١١٠٠ جنيه، وسددت منها دينى لسائق السفير المصرى فى بولندا، والذى كنت قد اقترضت منه ثمنها أثناء البعثة، أما ثالث سيارة فكانت ميتسوبيشى مستعملة أيضًا، وأول مرة أمتلك بها سيارة ع الزيرو كانت بنقود جاءتنى من فيلم تسجيلى صنعته من إنتاج اليونيسف. المهم كنت أسير فى شارع رمسيس بالسيارة الفيات، ورأيت أحمد زكى يسير على قدميه، يبدو مهمومًا ومهزومًا ويحمل حقيبة بلاستيكية يبدو وكأن بها أدوية، توقفت وناديت عليه: يا أحمد، إزيك.
- رد بصوت ضعيف: أهلًا
- رايح فين؟
- مفيش
- اركب
- رايح فين؟
- تعال، رايح عند أختى، هتنبسط أوى، فيه رقص وأكل وهيصة.
جاء معى، ولأن الزحام كان يوتره فقد جلس فى غرفة وحده، أحضرت له طعامًا وكنت أذهب للضيوف ثم أعود وأجلس معه.. مرة ثانية التقيته فى مبنى التليفزيون، وكلما التقيته أقول له: أنت بطل أفلامى، حتى قبل أن أصنع أفلامًا.
من كتاب «هى دى الحياة كما حكى خيرى بشارة» لـ«شيماء سليم»