هل خان كمال داود أسرار مريضة زوجته فى «حور العين»؟
ما زالت أصداء فوز الروائى الجزائرى الفرنسى كمال داود بجائزة «غونكور» الأدبية، تتصاعد ما بين اتهامه بالتطبيع مع الكيان الصهيونى، واتهامه بخيانة أسرار مريضة كانت تُعالَج لدى زوجته من آثار «العشرية السوداء» التى مرت بها الجزائر، من خلال استغلال هذه الأسرار فى بناء قصة روايته «حور العين».
ودفع ما تضمنته الرواية صاحبة القصة الحقيقية، سعادة عربان، إلى مقاضاة الروائى الجزائرى، بدعم كبير من قبل المنظمات الحقوقية والنسائية الجزائرية، التى اعتبرت أن ما فعله «داود» هو انتهاك خطير لخصوصية المرضى.
وأعلنت المحامية الجزائرية، فاطمة بن براهم، رفع دعوى قضائية ضد «داود»، فى واقعتين، الأولى أنه أفشى سرًا طبيًا يخص سعادة عربان، الشخصية الحقيقية لرواية «حور العين»، من دون ذكرها بالاسم، والثانية تخص «التعدى على قانون السلم والمصالحة الوطنية»، الذى صدر فى ٢٠٠٦، بهدف وضع حد للاقتتال الدامى مع الإرهابيين.
وفيما يخص حق موكلتها «سعادة»، قالت المحامية الجزائرية إن كمال داود «سرق قصة حياتها واستخدمها فى عمله الأدبى، دون إذن منها»، مؤكدة وجود «قرائن» تدل على ذلك، منها وشم فى ظهرها، ذكره «داود» فى رواية «حور العين».
ويبنى «داود» الرواية على شخصية خيالية سماها «فجر»، وهى فتاة نجت من محاولة ذبح على أيدى إرهابيين، فى مطلع تسعينيات القرن الماضى، غرب الجزائر. وهذه فى الحقيقة قصة «سعادة» عندما كانت طفلة، والتى ترك العمل الإرهابى آثارًا بليغة على حبالها الصوتية.
وظهرت سعادة عربان فى مقابلة تليفزيونية مع قناة جزائرية، اتهمت فيها كمال داود بـ«استغلال قصتها وحالتها النفسية الصعبة»، فى روايته «حور العين»، مؤكدة أن ذلك تم من دون موافقتها، ومشيرة فى الوقت ذاته إلى أن «داود» استشارها بشأن سرد قصتها فى عمل أدبى، لكنها رفضت.
وقالت محامية سعادة عربان إن زوجة كمال داود، وهى طبيبة نفسية، شريكة معه فى إفشاء السر الطبى الخاص بموكلتها، لأنها كانت تُعالَج لديها من تبعات الحادثة، وذلك بين ٢٠١٥ و٢٠٢١، فى عيادتها بمدينة وهران.
من جانبه، رفض الكاتب الجزائرى الرد على تلك الاتهامات. وذكر الصحفى ومخرج الوثائقيات الجزائرى، محمد زاوى، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعى، تفاصيل جدال دار بينه وبين «داود»، فى معهد العالم العربى بالعاصمة الفرنسية باريس.
وشارك «داود» كضيف فى ندوة حول روايته، حضرها «زاوى»، الذى سأله عن موقفه من التهمة التى تثير جدلًا حادًا منذ أيام، فكانت إجابة الروائى الجزائرى الفرنسى: «كنت أنتظرك!».
وعبر «زاوى»، المقيم فى فرنسا منذ سنوات طويلة، عن دهشته من رد فعل «داود»، قائلًا: «نحن لا نعرف بعضنا البعض، حتى يقول لى كنت أنتظرك.. لماذا قال لى إنه كان ينتظرنى؟!.. لم أفهم رده».
وأضاف الصحفى الجزائرى: «بعدها بقى جالسًا ولم يجب، لكن المسئول عن الندوة قال لى بطريقة أبوية، إنه ليس الإطار للحديث عن هذا الموضوع. تركته ينهى حديثه، ثم توجهت إلى كمال داود وقلت له: أنت تقول إنك الوحيد الذى كتبت رواية عن العشرية السوداء، وإن كل وسائل الإعلام تقول إنك الوحيد الذى فعل هذا، وإنه ليس باستطاعة الكتاب الجزائريين النشر عن هذه الحقبة، بينما الحقيقة أن عشرات الروايات صدرت عن هذه التراجيديا، ولا يوجد كاتب واحد منع فى الجزائر من التأليف حول هذه الحقبة، حتى وإن صدرت قوانين فى فترة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة».
ووفق الصحفى ومخرج الوثائقيات، لم يحرك المؤلف ساكنًا، وكان «غير مبال بما أقول»، مضيفًا: «فى نهاية الجلسة انتظرته وسألته: السيد داود، هناك اتهامات ضدك، ماذا ترد عليها حتى تقول الحقيقة للرأى العام؟». لكن «داود» لم يعر أى اهتمام لسؤاله، واستمر فى التوقيع على روايته، لقراء كانوا يتهافتون على توقيعه.
وأضاف الصحفى الجزائرى أنه تمسك بطرح سؤاله، موضحًا: «قلت له ربما يمكن أن نحدد موعدًا وتجيب عن أسئلتى فى راحة، فرد علىّ: لا أستطيع، أجندتى شديدة الازدحام.. ثم قال لى: «العدالة هى التى ستفصل».