السبت 23 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مهرجان للسينما بلا سينما

حرف

 

تستضيف محافظة الأقصر مهرجان السينما الإفريقية تحت شعار «إفريقيا بكل الألوان»، وهى الدورة الـ13 التى أُطلق عليها اسم المخرج الكبير خيرى بشارة، وتأتى فعالياتها فى الفترة من 9 إلى 15 فبراير الجارى.

والغريب فى مهرجان السينما الإفريقية أنه يدور فى محافظة لا توجد بها سينما واحدة، وتقام بها العديد من الفعاليات فى الفنادق التى لا يحتوى أى منها على سينما، بالرغم من أن الأقصر قديمًا كان بها العديد من السينمات.

الأرشيفجى الشهير مكرم سلامة قال فى حوار سابق، لـ«الدستور»، إن الأقصر كان بها ٤ سينمات.

وأظهر مكرم سلامة بعض الأوراق التى تؤكد وجود هذه السينمات من خلال تعاملاتها مع الموزعين، مشيرًا إلى أن السينمات فى خمسينيات القرن الماضى بلغت ١٠٠٠ سينما فى مصر.

ويؤكد سلامة أن هناك أوراقًا تثبت هذا الكم من خلال التعاملات ما بين السينمات وموزعى الأفلام التى لديه الكثير منها، حيث إن هناك سينمات تظهر فى الأوراق ولا أحد يعرف عنها شيئًا الآن سوى أنه كانت هنا سينما قديمًا.

تأكيدًا لكلام مكرم سلامة فالأقصر بالفعل كان بها ٤ سينمات قديمًا، منها واحدة فى شارع المحطة، وفى أشهرهم التى أغلقت مؤخرًا، وكانت تستقبل العديد من الرواد فى مواسم أبوالحجاج الأقصرى فى النصف من شعبان من كل عام، وثانيهم كانت سينما مصنع السكر، وهى التى كانت تخدم منطقة أرمنت، وثالثهم كانت فى مدينة إسنا، وكانت تخدم أبناء المدينة، ورابعهم كانت فى شارع يوسف حسن بالأقصر، وهى السينمات التى أغلقت كلها ولم تعد هناك سوى أطلال لبقايا قديمة كانت تؤكد أنه كان هنا أناس يشاهدون الأفلام أولًا بأول، ولم تعد هناك سينما مكتملة إلا سينما المحطة التى أغلقت منذ بضع سنوات ولم تعد للعمل من حينها.

وحول هذا الأمر استطلعت «الدستور» رأى اثنين من أهم الكتاب فى الأقصر.. يقول الشاعر والمترجم الأقصرى الحسين خضيرى: «صدق أو لا تُصدق، أقصرُنا التى تسطع فى سماواتها الآن أنجمٌ تحتفى بالدورة الثالثة عشرة لمهرجان السينما الإفريقية.. هذه الأقصر بلا سينما!».

ويضيف: «أقبل نجوم السينما من قاهرة المعز، ومن مختلف البقاع من قارتنا السمراء إفريقيا، لإقامة مهرجان للسينما فى دورته الـ١٣، وحضر من حضر، غير أن الغائب الوحيد.. هو السينما!».

ويكمل: «جميل أن يُقام مهرجان للسينما فى الأقصر، جميل أن يُدعى النجوم ويُحتفى بمن يُحتفى، ويُكَرَّم من يُكَرَّم، لسنا ضد هذا، ولا ضد ذاك، لكن أين هى السينما؟».

ويتابع: «أليس من حق المواطن الأقصرى البسيط أن نقيم له دارًا للسينما، يتأبط ذراعَ صديق أو زوجة أو حبيبة أو يتأبط مَن يتأبط، أو يأوى إليها وحيدًا لينسى مشاق يومه العصى، ويشاهد ويشهد الأفلام العربية والإفريقية والعالمية، شأنه شأن أى مواطن بسيط فى كل بقاع المعمورة؟، أيُعقل أن تظل الأقصر دون دارٍ للسينما ونحن فى الألفية الثالثة؟».

ويواصل: «سمعنا كثيرًا عن مشاريع لإقامة دور سينما بل وأوبرا تليق بالأقصر ومكانتها الثقافية والفنية فى العالم، سمعنا فحسب، غير أننا لم نلمس على أرض الواقع شيئًا من هذا!».

ويختتم: «سؤال نرجو أن نجد مَن يجيب عنه، هل تظل الأقصر بكل ما لها من زخمٍ وثراءٍ تاريخى وثقافى وأدبى وفنى.. بلا سينما، فى الوقت الذى يُقام فيها سنويًا مهرجان للسينما الإفريقى؟ إلى متى؟ سؤال نطرحه فهل من مجيب؟».

بدوره يقول الشاعر والكاتب المسرحى بكرى عبدالحميد: «منذ أول عرض سينمائى عام ١٨٩٥ للأخوين لوميير فى فرنسا وكذلك تجارب الإنجليزى وليم فريز فى نفس العام تقريبًا، وأصبحت السينما جزءًا أصيلًا من ثقافة الشعوب، وواكبت السينما العربية (المصرية خاصة) التطور السريع لصناعة فن السينما وقدمت العديد من الأفلام وصناعها لجمهور متعطش للفن وحريص على المتعة التى تقدمها له السينما على مدار مائة عام تقريبًا ولم يكن الجنوب بحال من الأحوال بعيدًا عن هذا الفن».

ويضيف: «الغريب والمريب أيضًا أن مدينة مثل الأقصر وهى عاصمة السياحة والآثار وأهم متحف أثرى مفتوح فى العالم وأبرز حاضنة لثقافات الشعوب كانت منذ الستينيات حتى نهاية التسعينيات تقريبًا تتمتع بوجود أربع دور عرض سينمائى بها، إحداها فى شارع المحطة الحيوى، وأخرى فى شارع يوسف حسن، وثالثة فى مصنع السكر بأرمنت، ورابعة بمركز إسنا، وكانت السينما وقتها وجهتنا الأهم، حيث ننتظر الأفلام التى تعرض بها لنجومنا المفضلين من المصريين والأجانب، ومن المفترض أن الزمن يتقدم والحدث يتطور بحيث تزيد دور العرض فى المدينة زيادة طردية مع زيادة السكان، لكن ما نراه هو العجب العجاب مدينة الأقصر صاحبة التاريخ الثقافى العظيم لا يوجد بها أى دار عرض سينمائى ولكن يوجد بها مهرجان للسينما الإفريقية لا نكاد نسمع عنه ولا نعرف متى بدأ وكيف انتهى».

ويختتم: «ليس غريبًا إطلاقًا أن تحتضن الأقصر مهرجانًا للسينما دون أن يكون بها دار عرض سينمائى واحدة، وليس غريبًا ألا يسمع جمهور الأقصر عن المهرجان، وليس غريبًا أن يحرم الجمهور من حضور عروضه وندواته لأنه لم توجه له دعوة رسمية من إدارة المهرجان، كل هذا ليس غريبًا فى إطار المهزلة الكونية التى نحياها».