الأربعاء 22 يناير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

المظلوم فتحى قورة.. بهلوان الوزن والقافية

فتحى قورة
فتحى قورة

- لم يحضر جنازته أحد وجمعية المؤلفين والملحنين لا تعترف به

- همت قورة: أبويا كتب لحسين السيد أغانى من الباطن

لا تحتاج أغانيه إلى تعريف، بل هو الذى يحتاج إلى تعريف، نعرف كلنا أغانيه، بل نردد كلماته التى كتبها كل يوم، ونسمعها فى كل مكان وزمان حتى هذه اللحظة، لكن للأسف أغلبنا لا يعرف مَن الذى صاغ هذه الجمل بجمالها ورشاقتها وحكمتها البليغة، فإذا قلت لك: «وحياة قلبى وأفراحه»، ستكمل أنت بكل تلقائية وتقول: «وهناه فى مساه وصباحه»، ولا شك لدى إذا قلتُ لك: «أمانة عليك يا ليل طوّل».. أنك ستردد معى: «وهات العمر من الأول»، ومؤكد أننى لو سألت أى إنسان من أى زمان وأى جيل عن مدينة الأقصر.. ففى الأغلب لن يعرف عنها سوى هذا المقطع الشهير من الأغنية الشهيرة: «الأقصر بلدنا بلد سواح فيها الأجانب تتفسح»، حتى الأطفال الرُضع يعرفون أغنيته الخالدة للأبد: «ماما زمانها جاية.. جاية بعد شوية».

ولا داعى فى الحقيقة أن أسهب فى أغنيات الشاعر الكبير فتحى قورة، لسببين، السبب الأول أنه يحتاج إلى مجلد كامل، فهو صاحب خمسة آلاف أغنية، وليس لدينا مساحة لذلك، والسبب الثانى هو أنه حتى الذين عاشوا فى زمانه وعرفوا أشعاره التى كتبها، وساهم فى نجاح بعضهم حتى وصلوا لعنان السماء، لم يمنحوه قدره الكافى، بل استخفوا به وتهاونوا معه ولم يسألوا عنه فى أواخر أيامه، عندما أظلمت الحياة من حوله وفقد بصره.. فهل سيجود أحد عليه بتكريم أو يمنحه قدره الذى يستحق.. عندما يعرف الآن؟

الشاعر فتحي قورة

والحقيقة أكتب عن فتحى قورة بعد كل هذه السنوات، لا لأمنحه قدره الذى يستحق، فمن أنا أساسًا؟!.. ولا لأذكّر أحدًا به؛ لينعم عليه بتكريم، فلا يمكن لألف تكريم أو احتفاء أن يعيد شيئًا لهذا الرجل المظلوم حيًا وميتًا كما قال الكتاب، لكن أكتب هذا الموضوع لتكون هذه المادة مؤرشفة يستطيع أى إنسان أن يصل إليها عندما يبحث عن اسم فتحى قورة أو أغنية من أغنياته، لأنه حتى محرك البحث الشهير جوجل، ظلمه أيضًا، ولا توجد مادة مكتملة فى موضوع واحد عنه، بل معلومات مبعثرة ومتفرقة فى كل مكان.. بخلاف أنها مكررة أصلًا، فهل أنا سأقدر على ذلك؟.. أشك.. لكن أرجو والله ذلك.

ثورة فى كتابة الأغنية

فتحى قورة مواطن شرقاوى من قرية العلاقمة التابعة لمركز ههيا، وهى نفس المحافظة التى ولدت بها الفنانة شادية التى كتب لها أشهر أغانيها، مثل: «ألو ألو إحنا هنا»، و«سيد الحبايب» و«القلب يحب مرة ميحبش مرتين». ولم يكن لـ«قورة» أى حلم سوى الفن والشعر منذ الصِغر، بينما كان حلم الوالد أن يصبح الابن مثله.. مجرد «فلاح» يزرع الأرض ويأكل منها، والحمد لله أن الابن خذل والده.. ونزح إلى القاهرة حيث الأضواء والشهرة.. وفن السينما الجديد وقتها، الذى كان مدخله إلى عالم الكتابة ونِطاح أكابر الشغلانة وكتابة الأغنية مثل بديع خيرى وبيرم التونسى وأبو السعود الإبيارى.

واستطاع فتحى قورة فى وقت قصير أن يجد لنفسه مكانًا بين هؤلاء، لأن موهبته خارقة، وأظن كل الظن، أنه تسبب فى مشكلات ومتاعب لمنافسيه، لأنه كان الأمهر والأسرع فى كتابة الأغنية، لدرجة أنه كان يكتب سبع أغانى فى يوم واحد، بحسب ما قالت ابنته «همت». 

والغريب أن فتحى قورة لم يكمل تعليمه، حصل فقط على الشهادة الإعدادية، ومع ذلك كان قادرًا على نظم الكلمات ببراعة حتى أصبح بهلوانا يلعب بالوزن والقافية كما يحلو له، ويأتى بالكلمة من فم العوام ثم يضعها على لسان أشهر المطربين، ويلحنها له أكبر الملحنين، بسهولة مستفزة تجعل البعض يظن أنه بإمكانه أن يكتب مثل «قورة» ويفعل بالكلمة ما يفعله «قورة»، ولكنه يصطدم بموهبة خارقة عندما يحاول تقليده، وهذا ببساطة، لأن فتحى قورة نفسه لم يكن يعرف كيف كان يأتى بالكلمة بهذه السرعة وهذه السهولة.. لأنها الفطرة.. لأنها الموهبة.. لأنها عطايا الله.. أو سليقة المبدع كما يقول المثقفون.

بدأ فتحى قورة مشواره فعليًا بكتابه أغانى فيلم «نور الدين والبحارة الثلاثة» عام ١٩٤٢، وكان من أشهر ما كتب فى هذا الفيلم، مونولوج «البسبوسة» لإسماعيل ياسين، وأطلب منكم أن تتأملوا هذه البداية التى قدم بها نفسه لأهل الفن والمغنى فى هذه الكلمات: «البسبوسة المبسوسة.. وفطاير طازة من العال.. دوق يا عريس دوقى يا عروسة.. ادعولى ولصاحب المال.. كُل واتهنى وانفخ بطنك.. وادفع على حسب التساهيل.. مش هنطالبك ونقول قرشك.. إن كلت كتير ولا قليل.. كله بلاش ببلاش ببلاش.. زى ما قال صاحب الدكان.. واوعوا تقولوا إن أنا بكاش.. ولا عقلى حصله جنان.. كُلوا مجانا زى ما قال.. ادعولى ولصاحب المال».

من هنا بدأ «قورة» وأصبح هو الشاعر الأول الذى يختاره المنتجون لكتابة أغانى الأفلام، وكان له نصيب الأسد فى فترة الأربعينيات مع كبار الممثلين وقتها، مثل شكوكو وإسماعيل ياسين فى كتابة المونولوجات، وكتب فى هذه الفترة أغانى أفلام «عودة الغائب» لمارى كوينى، و«أوعى المحفظة» لشكوكو، و«عفريتة هانم»، ثم بعد ذلك أغانى فيلم «نشالة هانم»، والتى لحنها له الملحن الشاب وقتها كمال الطويل، وعدد كبير من الأفلام.

والحقيقة لا نستطيع أن نستطرد فى أغانى الأفلام التى كتبها، لأنه بحسب الموسوعة السينمائية التى أرشفت أعمال فتحى قورة فهو كتب أغانى لـ١٨١ فيلمًا، وبالتأكيد هذا الرقم أقل بكثير مما قدمه؛ لأن أفلامًا كثيرة قد ضاعت وأصبحت فى طى النسيان، وهناك أفلام أخرى لم تجرِدها الموسوعة، إما لأنه صعب توثيق أعمال هذا الرجل بشكل كامل، أو لأن هناك أعمالًا بالفعل كتبها ونُسبت لغيره، مثل أغانى فيلم «ياسمين» لأنور وجدى، وأشهر أغنيات الفيلم هى أغنية «معانا ريال»، والتى نسبت لأبوالسعود الإبيارى.

لقطة من فيلم دهب

أغنية «معانا ريال»

كانت العلاقة بين فتحى قورة وأنور وجدى علاقة شديدة الخصوصية، وكان من أقرب المقربين له، كتب له معظم أغانى أفلامه، مثل فيلم «خطف مراتى» و«أربع بنات وظابط»، وفيلم «ياسمين»، وكتب لزوجته ليلى مراد ١٥٠ أغنية حسب ما نشرت جريدة أخبار اليوم سنة ١٩٧٧. 

لكن فى فيلم «ياسمين» تعاقد معه أنور وجدى على كتابة أغانى الفيلم، وكان من أشهرها أغنية «معانا ريال» للطفلة فيروز، ولكن فوجئ قورة عندما ذهب لمشاهدة الفيلم بكتابة اسم أبوالسعود الإبيارى على أغنيات الفيلم، فغضب وعنّف أنور وجدى، وكان معروفًا عن فتحى قورة صراحته الشديدة، وأقسم أنه لن يعمل مع «وجدى» مرة أخرى. 

وتحكى «همت» ابنة الشاعر الكبير هذه القصة فى حوار لها مع مجلة «صباح الخير»، وتقول: «أنور وجدى قرر يصالح والدى، وطلب من السفرجى بتاعه إنه يتصل بوالدى يقول تعالى إلحق أستاذ أنور؛ لأنه عيان جدًا وعاوز يشوفك لأمر ضرورى ومهم، وفعلًا بابا راح له بسرعة ودخل على أنور لقاه عادى وعادت المياه لمجاريها بينهم وأكدله أنه خطأ مش مقصود». 

ولا يعرف كثيرون أن الذى اكتشف الطفلة فيروز هو فتحى قورة، وقد ذهب بها إلى المنتجة آسيا ورفضت الإنتاج لها، وكانت «فيروز» هى السبب الأبرز للصداقة العميقة بينه وبين أنور وجدى. 

والمثير للدهشة أن ابنته اعترفت بأنه فى بداياته كتب بعض الأغانى التى نسبت لغيره فى البداية، ولم تذكر أى أسماء، ثم قال الناقد الفنى طارق الشناوى نفس الكلام بأن «قورة» كتب لشاعر كبير من الباطن، ولم يذكر أيضًا أى اسم، إلا أن الصدفة قادتنا لنعرف من هو هذا الشاعر!.

حكاية حسين السيد وفورة

قادتنى الصدفة للقاء إذاعى قديم للشاعر الراحل عبدالرحيم منصور، كان يرد فيه على سخرية الشاعر فتحى قورة منه ومن الجيل الجديد للشعراء الذين لا يجيدون الالتزام بالوزن والقافية، ثم ضرب مثالًا بأغنية لا تعجبه، هى أغنية «جابلك إيه يا صبية» لعايدة الشاعر، التى كتبها عبدالرحيم منصور، وكان رد منصور: «أنا مش زعلان من رأى الأستاذ فتحى قورة هو أًصلا اللى بيكتبه لا هو شعر ولا هو حتى زجل.. يعنى هو معترض على جملة قلتها وهى غنوة تتغنى فى كل البلاد.. وهو قايل فى أغنية خمسة فى ستة بتلاتين يوم»، لكن المذيع استدرك هذا الخطأ وقال لعبدالرحيم منصور، إن هذه الأغنية لم يكتبها فتحى قورة بل حسين السيد. 

حسين السيد

وأغنية «خمسة فى ستة» غنتها شادية، وهى من كلمات حسين السيد، وألحان منير مراد، ومنير مراد هو الملحن الذى لحن معظم أغانى فتحى قورة، وأصر «منصور» فى اللقاء أنها من كتابة فتحى قورة رغم تصحيح المذيع له، ما جعلنى أتساءل: هل كان هذا الخطأ مقصودًا من عبدالرحيم منصور أم كان عفويًا؟

والحقيقة أنه بتأمل كلمات هذه الأغنية ستلمس فيها روح فتحى قورة وأسلوبه المتفرد فى كل أغانيه، تقول الأغنية: «خمسة فى ستة بتلاتين يوم.. غايب عنى وغاب النوم.. ولما يجينى وأشوفه بعينى.. أحلف إنه ما غاب ولا يوم، ياما احتار القلب فى أمره، ساعة بساعة وليل بنهار، يا هل ترى أنا جيت على فكره، زى ما فكرى عليه احتار». 

وبمقارنة هذه الأغنية بكلمات حسين السيد الأخرى، لن تجد هذه الطريقة فى الكتابة إلا فى عدد معين من الأغانى، فى الأغلب كتبها الشاعر فتحى قورة له من الباطن، خصوصًا أن هذه الأغنيات كانت من تلحين منير مراد، الذى لحن لفتحى قورة أغلب أشعاره. 

والحقيقة تواصلت مع الأستاذة همت قورة، عن طريق الكاتبة الصحفية أمنية الغنام الصحفية بمجلة «صباح الخير»، التى أعطتنى رقم هاتفها، وسألت ابنة الشاعر الكبير عن هذا الأمر، فأكدت أن هناك أغنيات كتبها والدها نسبت لغيره، وعندما واجهتها باسم حسين السيد، فجرت مفاجأة وقالت: نعم.

ولم تقل «همت» ما هى الأغنيات، واستنكرت ما كتبه الناقد طارق الشناوى على لسانها قائلة: «معرفش طارق كتب وقال ٤٠ أغنية كتبها والدها إزاى من الباطن لشاعر آخر.. لا هما كام أغنية بس.. وبلاش نذكر اسم حسين السيد عشان أولاده ميزعلوش مننا.. اللى حصل حصل وخلاص». والمعروف عن حسين السيد أنه كان ميسور الحال، وكانت له طموحات فى بداياته أن يكون ممثلًا ونجمًا سينمائيًا بفلوسه وفشل فى ذلك، ونصحه الموسيقار محمد عبدالوهاب خلال كواليس أحد الأفلام المبكرة التى قدمها بأن ينسى التمثيل، وأن يكتب الأغانى ووجد فى هذا المجال ضالته. 

وحسين السيد كشاعر ليس لديه أسلوب، هناك اختلاف فى كل أغنياته وطريقة الكتابة، وهناك أغنيات عديدة منسوبة له تتشابه كثيرًا مع طريقة فتحى قورة، مثل الأغنية الشهيرة لمحمد فوزى: «ذهب الليل طلع الفجر والعصفور صوصو.. شاف القطة قالها بسبس قالت له نو نو»، أو أغنية شادية الشهيرة من ألحان محمد عبدالوهاب: «بسبوسة بسبوسة بت يا نوسة يا نوسة شايلة البسبوسة.. والله احلويتى وكبرتى وبقيتى عروسة».

والغريب أن محمد عبدالوهاب لم يلحن أى كلمات بشكل رسمى لفتحى قورة، وكان معظم ألحانه من كلمات صديقه المقرب حسين السيد، ما جعلنى أتأمل هذا التفاوت فى كتابات «السيد» ومقارنتها بأسلوب فتحى قورة، لأجد أن أغنية «ست الحبايب» التى غنتها فايزة احمد، فيها بشكل صريح من أسلوب «قورة»، خصوصًا فى هذا المقطع: «أنام وتسهرى وتباتى تفكرى وتصحى من الأذان وتيجى تشقرى». 

وحققت هذه الأغنية نجاحًا ساحقًا، فهى أهم أغنية عن الأم فى تاريخ الأغنية المصرية، الأمر الذى جعل قورة يشعر بالحزن الشديد، فحاول تعويض هذا النجاح الذى نسب لغيره بكتابة أغنية عليها اسمه لشادية بعنوان «سيد الحبايب»،وهى أم تغنى لابنها، وقد حققت أيضًا هذه الأغنية نجاحًا كبيرًا أيضًا، لكن ليس نفس النجاح الذى حققته أغنية «ست الحبايب» التى تخلدت باسم شاعر آخر!. 

مأساة الجنازة

سخريته الحادة ورأيه الصريح سببا له المتاعب وقالت ابنته «همت» إن والدها أنجب خمس بنات غيرها، أسماؤهن هند، هدى، هويدا، هالة، وهيام، وكلهن بحرف الهاء لسبب ظريف، هو أن الأم تعثرت فى ولاد الابنة الكبرى «هند»، فكانت الممرضة تخرج لوالدها تطمئنه وتقول «هانت.. هانت»، فاستشعر حلاوة وجمال حرف الهاء، فقرر تسمية جميع بناته بهذا الحرف. 

وكانت آراؤه فى الشعراء الجدد جريئة وحادة، ففى أحد اللقاءات الإذاعية سخر من أغنية «زى الهوا» لعبدالحليم حافظ، والتى كتبها الشاعر الشاب وقتها محمد حمزة، وعندما عرف عبدالحليم ما قاله فتحى قورة، قال فى لقاء إذاعى: «يمكن الأستاذ فتحى قورة بيقول كده.. عشان أنا بطلت أشتغل معاه وبشتغل مع مؤلفين تانيين». 

وأكدت ابنة الشاعر الكبير أن والدها غضب من كلام عبدالحليم، وشعر بحسرة كبيرة ونكران الجميل، لأنه أول من كتب له عندما كان مطربًا مغمورًا، إذ غنى له أولى أغنياته «وليه تحسب الأيام»، ثم أشهر أغنياته التى قدمته للناس بشكل مختلف، مثل أغنية «وحياة قلبى وأفراحه»، «بكرا وبعده» و«يا سيدى أمرك». 

كذلك اختلف فتحى قورة مع شادية، عندما طلبت منه تغيير سطر فى بعض الأغنيات؛ فاحتد عليها وقال: «إنتى ممكن تغيرى مخرج الفيلم، لكن لا يمكن تغيرى كلمة أنا كاتبها». 

وتقول ابنته همت، إنه مرض فى أواخر حياته وفقد البصر وكان مريضًا بتصلب الشرايين ومات ولم يكمل سن الستين، ولم يحضر جنازته أى فنان إلا لبلبة.

فتحي قورة مع شكوكو

التجاهل الكبير

ليست المأساة فى قصة فتحى قورة أن ذكرى ميلاده ووفاته تمر مرور الكرام الآن، لكن المدهش أنه عندما توفى فى أغسطس ١٩٧٧، لم تنتبه الصحف وقتها لوفاة واحد من أساطير كتابة الأغنية، لدرجة أن الكاتب الكبير نجيب محفوظ اتصل بمنزل فتحى قورة ليسأل عنه بعد وفاته بعام.. فلم يكن يعرف أنه مات!. 

وتقول همت قورة: «حتى الآن نفسى أعرف الأستاذ نجيب محفوظ كان عاوز إيه لما اتكلم، والغريب إنه مكانش يعرف إنه مات». 

وهذا التجاهل لهذا الاسم الكبير المظلوم حيًا وميتًا، لا يزال حتى الآن، فجمعية المؤلفين والملحنين تضع فى مبناها صور العشرات من المؤلفين والملحنين إلا صورته، وهنا سؤال: هل هناك شاعر من هؤلاء على الحائط كتب أكثر من فتحى قورة؟.. هل أغانيهم أشهر من أغانيه؟.. لماذا هذا الرجل مظلوم؟.. هل لأنه لم يكن ضمن شلة سياسية؟.. هل لأنه مات مبكرًا؟.. هل لأنه لم يجد من ينظّر له؟.. هل هذا التجاهل متعمد؟.. هذه أسئلة نتمنى أن يجيب عنها المتخصصون وأهل الفن والإبداع ونقاده ومنظروه. 

يكفى أن أقول فى النهاية إن هذا الرجل عاش للفن ومات من أجله حتى آخر لحظة فى حياته، فرغم أنه فقد بصره فى آخر عامين، وكان مصابًا بأمراض القلب وتصلب الشرايين، طُلب منه أن يحضر أغانى لـ٣٠ حلقة للإذاعة بشكل فكاهى، وفى كل حلقة سيغنيها ممثل لا علاقة له بالغناء مثل فريد شوقى وعبدالمنعم مدبولى، ومع كتابة الحلقة ٣٠، دخلت ابنته وزوجها عليه لتجد رأسه للأمام على المكتب وهو جالس وفاضت روحه لخالقها.