خيال الروح
البارحة نزلت دموعى ملح يود تعبئ كل زواياى فلا أرى أثرًا لحياة، نسيت أين وضعت مفتاح الشقة رغم أنى أعلقها تحت صورة أبى، شغلت نفسى بأنى لبست البلوزة على وجهها الداخلى كأن بى عُته لا أعرف سببه، ماذا يقول عنى الناس الآن؟ خرجت وأحلامى مجهدة من ذلك العرق الذى يتقاطر من ذراعى كأننى قطة محمومة.
الآن.. أبتسم لأننى أمسكت بريشة ورسمت بيتًا ونخلًا، وقفت أمامه لأعطى العفاريت الذين يملأون شارع المدرسة الابتدائية كل واحد منهم جنيهًا، مرايلهم أجنحة تحلق بى نحو ابتسامتى التى أعرفها.
البارحة قلت.. لازم أسيب البيت، لم أدرك السبب، ربما شح المصروف، عدم اهتمامه بذهابى كل أسبوع لأمى وأخوتى، وربما لأنى رأيته بمرآة مقعرة أو محدبة، لا يهم، نظرت إلى ذيلى أشده خائفة أن يتعلق بى أطفال لا أعرف أين ولا متى ولا كيف أنجبتهم.. لكننى سأرحل.
والآن.. قلت لوسادتى.. هذا سر بينى وبينك، كأن صوت أم كلثوم الحب كله يرن فى أذن روحى ليغمرها، بينما كنت أطير كالفراشات وراء معطر الجو الذى بخخته، قام الأولاد يتلمسون طريقهم للصبح، بينما أفتح كراسة لأدبر فيها كيف سيمر اليوم.
فتحت باب الشقة.. لممت دفاترى بعد أن بدا الزمان يدًا أصافحها، قلت لنفسى.. المفتاح تحت يد أبيكى، العطر نفاذ، أم كلثوم تطعم الفراشات، وأنا أنا....