نافذة مُشرعة على قلبى المتعب
ربما لم أركِ هناك
لكننى رأيتُ النافذةَ التى كنتِ تقفين خلفها
رأيتُ وردةً كنتِ تسقينها كل صباح
بنظرتين صافيتين، وابتسامةٍ رقيقةٍ
كما كنت تسقين قلبىَ الذى يتجرعُ الآن مرارةَ الانتظار
ربما لم أركِ هناك
كانت الستائرُ منسدلةً على آخرها
مخلفةً مسحةً من الظلام الشفيف
الستائرُ التى كانت تنفرجُ قليلًا
ليطلَّ من خلالها قمرٌ، بلغ الليلةَ
منتصفَ شهرِهِ الهجرى؛ فيهبطَ الضوءُ
كما يهبطُ طبقٌ طائرٌ نزل توهُ من فضاءٍ بعيد
لم أُحْصِ كم مرةً أدورُ حولَك
غيرُ عابئٍ بتعاقبِ الليلِ والنهار
أو توالى الفصول،
وغيرُ مهتمٍ بنوع الملابس التى أرتديها
أنا لا أعرفُ المدارات
فقط، أحفظُ الشارع
الذى يؤدى إلى شرفتكِ جيدًا
لا أفهمُ قوانينَ الطبيعةِ والجاذبية
جاذبيةُ عينيكِ هى التى تسوقنى مرغمًا إلى هنا
هذا الفَلَكُ لى وحدى
فلا كواكبُ أخرى تدور معى
ولا نجومُ ولا أجرامٌ سماوية
أنا منتسبٌ بطبعى إلى الكواكب المشعّةِ
حينَ كنتُ أقفُ ممسكًا بسور الحديقةِ المعدنى
لم أكنِ الوحيد هناك
كانت العصافيرُ منتظرةً لتبدأَ الغناء
والنجومُ لتأخذ حصتها من الضوء
والموسيقى، لترتبَ إيقاعَ قلبين عاشقين
يجلسانِ على طاولةٍ منفردين
يطلبانِ كوبَ ماءٍ باردٍ يرطبُ جوفَهُما
وبعضَ العصيرِ ليحلّ بديلًا لفقرة الصمت
حينما يخيمُ بينهما
بجوارى
وعلى غصن ِشجرةٍ مائلٍ،
أعربت فراشةٌ عن حزنها العميق:
أكثر من ورقةٍ سقطتْ ظهرَ اليومِ من نباتٍ ما
بعد تعرضها لموجةٍ من الجفاف
لم يعدِ الطقسُ مستقرًا
غادر الجميع
أقفُ الآن بطولى
أنتظرُ مَنْ؟ وإلى متى؟
سؤالانِ لم أطرحهما علىّ
أثبّت عينىّ صوبَ وردةِ ذابلةِ انحنتْ تِجاهى
وألقت برأسها على كتفى
اقتربتْ من قلبى المتعب
شربتْ ما تبقىَ من جدولِ مائه الصغير
وتركتنى تحت قدميها كقطعةِ من الطين المبلل
بينما يداعب النسيم أوراقها
أترقب أنا نظرتين صافيتين
وابتسامةً رقيقةً
ريثما يشرقُ من خلفِ النافذةِ
ذلك الصباح.