الأديب وليد علاء الدين يتحدث عن معرضه التشكيلى الأول «دوائر الهامش»: أنتمى إلى «مدرسة اللعب»
قبل أيام، افتتح الأديب وليد علاء الدين معرضه التشكيلى الأول: «دوائر الهامش»، فى «بيت السنارى» بالقاهرة، وسط حضور لافت من مختلف المهتمين بالفن التشكيلى والثقافة بصفة عامة.
«حرف» كانت هناك، حيث التقت «علاء الدين» للحديث معه عن هذا المعرض، وبعض القضايا الأخرى التى تخص الفن والثقافة الآن.
■ «دوائر الهامش» هو المعرض التشكيلى الأول لك.. متى بدأت علاقتك مع الفن التشكيلى؟
- هذا المعرض هو الأول لى بالفعل، وتجربتى مع الرسم ممتدة عبر سنوات طويلة من التجريب، وتشكيل علاقات مختلفة مع تقنيات وأنواع الألوان، سواء المائية أو الزيتية أو الأكليريك، إلى جانب فكرة اللعب بالأحجار، ومزج الألوان ببعضها البعض، والوصول إلى شكل ودرجة مختلفة من اللون، سواء على الورق أو على القماش، إلى أن تخيلت وجود مفهوم موحد عن مجموعة من اللوحات لدىّ، وصل عددها إلى حوالى ٥٠ لوحة، شجعنى عدد من الأصدقاء على إبرازها فى معرض.
■ لماذا «دوائر الهامش» على وجه التحديد؟
- اختيار الدائرة كشكل ومفهوم هو من أنواع مساحة التواصل المطلوب أن يراها المتلقى فى العمل، وأقصد باختيارها اسمًا للمعرض تلك الحركة المستمرة والدائبة، والاستعداد للتوقف فى أى لحظة، مع إمكانية التحرك مرة أخرى بعد التوقف، فالدائرة هى اتصال واستمرار، وخط متصل يلتف.
وفكرة الدائرة تفتح الباب للتأمل والتساؤل، ولها علاقة بحياة الإنسان، وبرغبته فى اختبار الموجودات المحيطة به، كما أن لها علاقة بفكرة الهامش، لأن كل مكان ترسم فيه دائرة تنظر إلى نقطة معينة، وبالتالى تصنع مركزًا جديدًا، حتى لو فى «اللا وعى».
أقصد من وجود الدوائر القول إن هناك الكثير من المراكز، وأيضًا الكثير من الهوامش، ومن حق كل هامش أن ينظر لنفسه على اعتباره مركزًا، وأن يحترم أن الآخرين يرونه هامشًا، ويرون أنفسهم مركزًا. هذا ينتج عنه حالة من التلاقى، فلا يشعر أحد بأنه مركز والباقى هامش، ولا يشعر غيره بأنه هامش والمركز يتجاهله، وبالتالى يصبح للحياة قدر أكبر من الإنسانية.
■ أغلب المعارض الفنية تقام فى أماكن مخصصة لذلك، فى منطقة الزمالك مثلًا.. لماذا اخترت لمعرضك «بيت السنارى»، وهل لهذا طبيعة إسلامية وتراثية؟
- هذا صحيح، أنا مغترب عن مصر لفترة تجاوزت ٣٠ سنة، ولما قررت إقامة معرضى الأول، وكذلك نشر روايتى الأولى، اخترت أن يكون هذا فى وطنى الأول مصر. فكرت أن أقيم المعرض فى بيت له علاقة بهذا الوطن، وليس فى مكان كباقى الأماكن التى تتعامل مع الفن من منظور تجارى، ليس رفضًا لذلك، بل لإعلان الحضور بشكل فردى من كل زائر، والانتماء لمصر قبل كل شىء.
■ من خلال مشاهدتى للمعرض أرى أن هناك تأثرًا بأكثر من مدرسة.. هل قصدت هذا؟
- فكرتك فى محلها. عندما أُسأل عن المدرسة التى أنتمى إليها، أقول إننى أنتمى إلى «مدرسة اللعب»، وحين أستخدم «اللعب» فإننى أدافع عن الكلمة التى أسىء إليها فى ثقافتنا العربية، فقد نظر الناس إلى «اللعب» باعتباره العمل غير الجاد أو غير المثمر، رغم أنه عكس ذلك.
«اللعب» هو أن تعمل بشكل جاد جدًا، لكن بحرية مطلقة، أن تعمل بشكل منتظم جدًا ودءوب للغاية وهادف، لكن برغبة شديدة فى التحرر من كل المعوقات، وإضافة الجديد، حتى لو هذا الجديد مجرد لون أو بصمة جديدة.
لذلك أنا أسمى المدارس التى أنتمى إليها بـ«مدرسة اللعب»، وقد يصنفها الناقد بأنها «تجريدية» أو «تأثيرية» أو «تعبيرية» أو «انطباعية»، لكنى أنظر إليها بمنطق «اللعب»، الذى أتشبث به كلما مضى بى العمر إلى الأمام، باعتباره الطاقة الوحيدة التى تجعل الإنسان قادرًا على التعبير عن ذاته بشكل جيد.
■ هل رسمت أغلفة لأعمالك الأدبية؟ وكيف ترى هذه الصناعة بصفة عامة؟
- لم أرسم أغلفة لأعمالى الأدبية، لكن رسمت أغلفة لبعض الأصدقاء، أغلفة كتب ودواوين شعرية خاصة بهم، ولم أجرب من قبل أن أرسم غلافًا لديوان أو رواية لى، وأترك لخيال الآخرين استكمال خيالى.
ومنذ فترة طويلة، تحول فن النشر أو صناعة الكتاب إلى فن لا يقل فى حيويته وأهميته عن الفن التشكيلى بشكل عام، فصناعة غلاف الكتاب، نوع الخط، وأين يوضع اسم الكاتب، والعنوان، كل هذا أصبح يتشارك مع الفن التشكيلى، إلى حد كبير.
وأعجبتنى الأغلفة التى قدمت لأعمال نجيب محفوظ مؤخرًا، وأثارت بعض الجدل. وحتى ولو لم يعجبنى كل غلاف على حدة، لكن فكرة الخروج عن النمط ومحاولة التعبير عن فهم هذا الجيل لأعمال «أديب نوبل»، هو أمر مهم، حتى لو كان هذا الفهم مختلفًا عن فهمنا، باعتبارنا جيلًا أقدم.
أنا مع محاولات التجريب وكسر النمط، وأرى أنه من غير المعقول أن تظل روايات نجيب محفوظ تصدر بنفس النمط والشكل، وأعتقد أن نشرها بنفس فهم وتأويل الفنان التشكيلى الذى أصدر غلافها من ٧٠ سنة، هو «إهانة» لتلك الروايات.