إبداعات أدباء المنيا.. أرض النبوة الأولى وخارطة أودية الشياطين
المنيا مدينة زاخرة بالإبداع منذ زمن بعيد، منذ زمن النبوة الأولى، منذ زمن التفكير فى الكون والخلق والإبداع المحيط، منذ النظرة الأولى لشاعرية الكون، وموسيقى مفرداته، ومنطقة مكوناته، إن من يفكر فى هذا التكوين لابد أن يوصف بالشاعرية، والشاعرية مرتبة من مراتب الطريق إلى النبوة، حظيت المنيا طوال فترات زمنية عديدة بتدفق الإبداع الأدبى والفنى، ذلك حين نشاهد عددًا كبيرًا من أئمة هذا الإبداع ينتمون فى الميلاد والنشأة إلى هذه البقعة من أرض المحروسة ونماذج الريادة فى عديد المجالات أكثر من أن تحصى.
تعد حقبة الخمسينيات من القرن الماضى بداية لحركة أدبية جديدة فى المنيا، وقد تفتحت عيون هذا الجيل على منجز رواد قصيدة الشعر الحر، لكنها بدأت على استحياء مع البعض، فقد كان هذا الجيل على درجة كبيرة من الإخلاص للقصيدة العمودية ومن هنا ظل البعض يكتبها دون أن يستبدلها بغيرها لفترات طويلة والبعض جمع بين الشكلين وكان من شعرائها، الأساتذة عبدالعزيز مصلوح، ممتاز الهوارى، محمود طه عبدالحليم، عمر عبدالحافظ، حمدى أبوزيد، حسن الشريف، سعد مصلوح، مصطفى محمود جلال، فتحى همام، على السيد، ويضاف إليهم من كتاب القصة والرواية القاص فوزى وهبة الذى انتقل بعد ذلك للحياة فى القاهرة. وقد جمع أغلب هذا الجيل بين الكتابة بالفصحى والكتابة بالعامية.
ومن أهم خصائص هذا الجيل تعدد التجارب السياسية والإنسانية، لأن الفترة من أهم فترات الصراع السياسى التى مر بها الوطن، نحن نحكى عن جيل بدأ ينشر شعره منذ أواخر الخمسينات، ومنذ هذا التاريخ والأديب فى هذه الحقبة يمر بمحطات عديدة كما هى فى تاريخ الوطن الذى كان التوجه الأساسى وراء العديد من الكتابات.
يتلو هذا الجيل، الجيل الذى تفتح وعيه على نكسة ١٩٦٧، وعايش لحظة العبور، ومنهم نوال مهنى أبوزيد، نصر الله لبيب، عبدالهادى محسب، غالب مهنى أبوزيد، فاروق عبدالحكيم دربالة، محمد حشمت الشريف، على سيد شحاتة، أحمد محمود طرشان، محمد الناجى، محمود الطحاوى، رجب عبد الفتاح طلب، يحى محمود عبد القادر، خلف محمد كمال، مصطفى بيومى، مصطفى درديرى. كما كتب هذا الجيل بجوار قصيدة الفصحى قصيدة العامية على نطاق واسع، بل وكتب بعضهم الرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبى؛ كما عند مصطفى بيومى. وفى المسرح والقصة والرواية وبشكل مكثف جاء طنطاوى عبدالحميد طنطاوى الذى يأتى فى مقدمة كتاب القصة والرواية والمسرح الذين لم يفارقوا مكانهم الأول.
وهذا الجيل متنوع التجارب أيضًا فكل شاعر له توجهه الذى يمر من الرومانسية إلى القضايا الوطنية والدينية، وخصوصية المرأة عند نوال مهنى، إلى قضايا العروبة والمجد الإسلامى الضائع فى الأندلس؛ كما عند فاروق دربالة، والبكاء على واقع الأمة ومشاكلها السياسية والاجتماعية كما عند رجب عبدالفتاح طلب، والبحث عن هوية الإنسان المصرى وتاريخه كما عند مصطفى درديرى، والصراع بين الحلم والواقع كما عند مصطفى بيومى. كما يمتاز هذا الجيل بالإحكام لقصيدته، سواء كان فى شكلها العمودى، كما عند نوال مهنى، ورجب طلب، ويحى عبدالقادر، وفاروق دربالة، وعبدالهادى محسب أو فى شكلها التفعيلى كما عند مصطفى درديرى ومصطفى بيومى وأحمد طرشان وفاروق دربالة فى قصيدته التفعيلية.
يتلو هذا الجيل جيل بدأ ينشر مع بداية الثمانينات من القرن الماضى ومنهم الشعراء أحمد عارف حجازى، وأحمد قنديل، ورجب لقى شحات، وحافظ المغربى، ومنير فوزى، ووائل على السيد، وفتحى عبدالجيد، ويوسف إدوارد وهيب، وشادى صلاح الدين، وشحاتة إبراهيم، وإبراهيم محمد على، وأحمد صابر الفيومى.
وفى القصة والرواية نرى القاصة ابتسام الدمشاوى كنموذج للمرأة المبدعة فى المنيا مع اسمين لامعين على خارطة الكتابة المصرية، هما شطبى يوسف ميخائيل، الذى كتب عددًا مهما من الروايات والمجموعات القصصية، أما جمال التلاوى فبجوار ما كتب من قصة قصيرة ورواية فهو ناقد ومترجم وناشط ثقافى بما شغله من مناصب أدبية وثقافية كان لها دور مهم فى تنشيط الحركة الثقافية على مستوى الجمهورية، وكتب يوسف إدوارد عددًا من التجارب الروائية مؤخرًا، وقد استقر وشادى صلاح بالقاهرة والعمل فى الصحافة بجوار استمرار الحالة الإبداعية. كما استقر شحاتة إبراهيم فى الفيوم مشاركًا فى حراكها الثقافى. وبرز فى قصيدة العامية والإبداع المسرحى الشاعر أشرف عتريس، الذى كتب قصيدة نثر العامية وكتب عددًا مهمًا من المسرحيات التى تحققت بالفعل على مسرح الثقافة الجماهيرية، كما كتب الشاعر مختار عبدالفتاح عددًا من الدواوين المهمة فى مسيرة العامية المصرية، وكذلك عاطف المنشاوى وعبدالمنعم البنا، ومحمد عبدالحكم حجازى، وكان من شباب العامية المتحققين صابر محبوب الذى وافته المنية فى ريعان شبابه، كما جايلهم شاعران انتقلا إلى القاهرة أيضًا هما فضل الراوى وخالد العبادى اللذان كتبا الأغنية بجوار قصيدة العامية.
يتلو الجيل السابق جيل يحاول بعض شعرائه الخروج على النمط وذلك من خلال الاستفادة التامة من منجز القصيدة العربية ومحاولات التجريب التى مرت بها، وذلك من خلال البحث الدائم عن خصوصية يتميز بها كل جيل عن غيره، هذا الجيل يضم من الأسماء إسماعيل حلمى إسماعيل، جمال العربى، رضا عبدالبصير، عادل متولى، أحمد قشيرى، ابتسام حنا مرقص «ابتسام الساهر»، شعيب خلف، عبدالوهاب الشيخ، سهير حسانين، سمية عسقلانى، أحمد شوقى عبدالهادى، محمد تونى، عفيفى الطحاوى، ميلاد زكريا، حمدى عابدين، أسامة محمد أبوالنجا، سامح صلاح الدين، محيى عبدالعزيز، أبوالحسن فريد، أحمد حسين إبراهيم، أحمد عبدالعزيز شحاته، أحمد عبدالمحسن عبد الرحمن، أحمد محمد أحمد الليثى، رأفت السنوسى، سفيان صلاح الدين، هانى العباسى، حسن العمرانى، حسنى الإتلاتى، حسن الحضرى، عشم مكادى عبدالعليم، ياسر الباشا، أحمد عبدالغفور، وغيرهم..
وفى شعر العامية تأتى أسماء الشعراء: محمد عبدالقوى حسن، فتحى الطريوى جمال أبوسمرة، أحمد أبوبكر، إبراهيم البرديسى، منال الصناديقى، جابر الزهيرى والذى كتب الرواية مؤخرًا، كما يصاحبهم القاص والمسرحى والشاعر أيضًا المغفور له محمد عبدالمنعم زهران، وعصام السنوسى، وموسى نجيب موسى، ومحسن خيرى، ومحمد البدراوى، وسيد عبدالعال، وصلاح منصور، وشوقى السباعى، وشريف الحسينى والذى يكتب الرواية بجوار العامية، وشوقية كامل التى تكتب العامية وكتبت الرواية مؤخرًا. ولا نغفل الإشارة إلى بنت ديرمواس القاصة والروائية والناقدة هويدا صالح صاحبة الدور النشط فى الحركة الثقافية المصرية وإبداع المرأة بصفة خاصة.
كما يتلو هذا الجيل جيل متنوع التجارب متعدد الرؤى منهم أكاديميون حافظوا على تقاليد القصيدة العربية فى شكلها العروضى الخليلى؛ كما هو الحال مع جعفر أحمد حمدى وأيمن الجملى، كما استفاد ذلك الجيل كثيرًا من تحولات القصيدة العربية من الشكل العمودى إلى التفعيلى انتهاء بقصيدة النثر التى مشى فى دربها عدد كبير من الشعراء، سواء فى العامية أو الفصحى، ومن مبدعى هذه المرحلة: مينا ناصف الذى يكتب العامية والمسرح، ومروة فاروق، وباهر زاهر، ومحمد عزام، ويوسف العقيلى، وبدور محمود مصطفى، وفى القصة مصطفى أبوالعلا، وإبراهيم على أحمد وغيرهم كثير.