إحياء دار المعارف.. إيهاب الملاح: إعادة إصدار روائع «اقرأ».. قريبًا
تستعد دار المعارف لمرحلة جديدة من التميز والإبداع، بعد تعيين الكاتب الصحفى والباحث إيهاب الملاح مشرفًا عامًا على النشر والمحتوى بالمؤسسة العريقة.
وقال «الملاح»، الذى ألف كتابًا عن تاريخ دار المعارف، فى ديسمبر ٢٠١٥، بمناسبة مرور ١٢٥ عامًا على تأسيسها، إن الدار شأنها شأن كل المؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة، لكنها تتمتع بخصوصية فريدة، فهى الأطول عمرًا بين كل هذه المؤسسات بـ١٣٤ عامًا.
وأضاف لـ«حرف»: «أنا الذى أحدثك عن دار المعارف ظللت لسنوات أستقصى تاريخها، وكان أول ثمرة هذا الاستقصاء كتابًا صدر لى فى ديسمبر ٢٠١٥، تحت عنوان: (دار المعارف.. ١٢٥ عامًا من الثقافة)».
وواصل: «فى الحقيقة أنا اجتهدت فى هذا الكتاب بشكل كبير جدًا، حتى وصفه البعض بأنه يكاد يكون أطروحة أكاديمية فى التأريخ لمؤسسة ثقافية كبرى بقيمة وبحجم دار المعارف».
وأكمل: «دار المعارف كانت فى وقت ما واحدة من كبريات دور النشر فى العالم بلا جدال، بحجمها وإنتاجها وحجم الأسماء التى تنشر فيها، وبالدور الذى لعبته من ١٨٩٠ إلى ١٩٦٣، لاعتبارات كثيرة جدًا، ليس هذا وقت ذكرها، وتحولات سياسية مرت بها مصر، وتحولت فيها الدار من خاصة إلى حكومية».
وتابع: «ظلت دار المعارف تُثرى الساحة الثقافية لأعوام طويلة، وقدمت ما يزيد على ٢٥ ألف عنوان فى الأدب والفكر والترجمة وأدب الأطفال، فى ٥٠ عامًا، لكنها من عام ١٩٦٣ حتى نهاية القرن العشرين، بدأ دورها يتراجع وينحسر لأسباب كثيرة جدًا».
وشدد على «أننا نملك من دار المعارف الاسم والتاريخ والعراقة والإرث الذى لا تملكه أى دار نشر أخرى، والدار لديها قائمة مطبوعات تضم الآلاف من العناوين، التى صدرت عنها منذ عام ١٨٩٠، وإذا استثنينا الإنتاج الذى لا يستحق سنجد ثروة مهولة من الكتب والإصدارات».
وأضاف: «وكما تعيد مصر النظر فى أصولها، نحن لدينا أصول ثقافية، إذا أحسنت إخراجها ثم نشرها سينظر لك المهتمون بالثقافة فى العالم والعالم العربى مرة أخرى»، مشيرًا إلى أن شهرة دار المعارف جاءت من خلال ما أطلقت عليه «سلاسلها الذهبية»، التى تعتبر بمثابة «براندات أصيلة».
وأوضح أن الدار لديها مثلًا سلسلة «اقرأ»، الصادرة عام ١٩٤٣، فيها كتب عمرها يقترب من ١٠٠ عام، بداية من كتابها الأول وهو «أحلام شهرزاد» للأديب والمفكر الكبير طه حسين، إلى جانب العديد من الكتاب الكبار الذين نشروا فيها، مثل العقاد وتوفيق الحكيم ويحيى حقى.
وواصل: «لكن بعد هذه الفترة، وتحديدًا خلال الـ٣٠ عامًا المنصرمة، وصل الأمر بـ«اقرأ» إلى نشر كتب متواضعة وعناوين بعيدة عن اهتمام القارئ المعاصر، أو معالجات لا ترقى إلى الغاية التثقيفية والمعرفية التى أنشئت من أجلها هذه السلسلة».
وأكمل: «ليس هذا هو دور اقرأ، وليس هذا هو الغرض منها، فاقرأ سلسلة ثقافية الغرض منها تلبية حاجة القارئ المصرى والعربى لثقافة رفيعة حقيقية، وبشكل أنيق وبسعر معقول ومحتوى أصيل، إما باستئناف التقليد مع الأسماء التى ذكرتها مسبقًا، أو اختيار أنبه وأهم العقول التى تقدر على تقديم محتوى أصيل وقيّم يستحق أن ينشر فى هذه السلسلة، وهذا من الأمور التى نحاول أن نعمل عليها كى نعيد إلى اقرأ بريقها».
وتساءل: «إذا كانت هكذا (اقرأ)، لماذا لا نستفيد من هذا الشعار التاريخى وهذه القيمة ونشتق منه فروعًا أخرى؟»، مضيفًا: «هذا ما فعلناه من خلال إطلاق (اقرأ العلمى) كسلسلة شهرية تعتنى بنشر الثقافة العلمية، مع الدعوة إليها فى أوساط الشباب، وملاحقة التطور العلمى المذهل فى كل المجالات».
وأضاف: «هذه السلسلة الجديدة ستكون بخطاب عصرى ولغة بسيطة وسهلة، من أجل تجديد دماء هذا الفرع بالغ الأهمية فى المعرفة الإنسانية، مع توجيه التحية للأعلام الكبار الذين رسخوا بأقلامهم وجهودهم العظيمة هذا اللون من المعرفة العلمية فى الثقافة العربية».
وأفاد بأن من يتولى تحرير هذه السلسلة والإشراف عليها هو الدكتور أحمد سمير سعد، المتخصص فى الثقافة العلمية، والذى يعتبر واحدًا من أهم شباب هذا الجيل، ولديه ٤٠ كتابًا، إلى جانب ترجمته العديد من الأعمال العلمية، مثل «الفلسفة الخالدة» و«التطور والإيثار والحمض النووى»، لذا جرى اختياره من قبل الدار، بمنطق «ادى العيش لخبازه».
وكشف عن فكرة أخرى تتمثل فيما أطلق عليه «روائع اقرأ»، والتى شرحها بقوله: «نحن نتحدث عن ٦٠٠ عنوان أو يزيد مثل سبائك الذهب، سننتقى منها ونعيد إصدار الأعمال ذات القيمة، سواء فى النقد أو الفلسفة، وكذلك الأعمال التى قدمها أصحابها فى السلسلة».
وواصل: «فى المعارف والعلوم الإنسانية هناك حاجة ملحة ودائمة لإعادة تقديم المعارف، لأن التطور فى العلوم الطبيعية يقضى بأن الجديد ينسخ القديم، لكن يظل هذا القديم تاريخًا. بينما فى العلوم الإنسانية ليس هناك جديد ينسخ القديم، لأنها بطبيعتها متشابكة ومتجاورة، وبالتالى تظل هناك حاجة لأرسطو وأفلاطون وسقراط وطه حسين».
وأكمل: «العلوم الإنسانية متضامة وتشتبك رأسيًا وأفقيًا، وبالتالى نحن نجد على سبيل المثال ٣ أو ٤ كتب قُدمت عن عمالقة الأدب الروسى مثل تشيخوف ودوستويفسكى وتولستوى، ونعيد نشرها كما قدمها أصحابها العظام، فربما هناك من الأجيال من لم يعد يعرف من هو محمد أمين حسونة أو عبدالرحمن صدقى أو على أدهم أو محمد كرد على.. إلخ».
ورأى أنه من المهم إعادة تقديم الأعمال التى تتحدث عن الأدب الروسى، والذى لا يزال محل اهتمام من شرائح مختلفة فى مصر، بدليل تقديم دستويفسكى وتولستوى فى معظم دور النشر الآن، وهو الذى وصفه نجيب محفوظ ذات يوم بأنه «أدب طِعم».
وكشف عن الاتفاق مع مجموعة من «صفوة العقول المصرية والعربية»، لتقديم عنوان أو أكثر من أعمالهم العظيمة للنشر فى دار المعارف، من أجل استئناف سلاسلها القديمة، مثل «مكتبة الدراسات الأدبية» و«مكتبة الدراسات الفلسفية والتاريخية»، أو حتى ضمن الإصدار العام.
واختتم بقوله: «انتظروا الكثير من الأعمال المهمة، وكل ما نريده هو الدعم والمساندة وتكثيف الإضاءة على هذه الأعمال، لكى يعرف الجميع أن هناك إنتاجًا مهمًا فى دار المعارف».الموضوعات والأخبار