عطيات أبوالعينين: الخيال العلمى ليس بوابة لأنصاف الكتّاب
المشكلة فى بعض الكتابات التى تظهر اليوم وتدّعى أنها تنتمى إلى الخيال العلمى أنها تخلط الأوراق، فهناك التباس بين أدب الخيال العلمى والخوارق والفانتازيا، ونحن نحاول جاهدين من خلال ندواتنا أن نوضح هذه الفروق، ولكن العلم كل يوم فى تقدم ويظهر لنا بوادر وأقلام تنبئ عن الخير.
وقد قدمت بعض الأعمال التى تندرج تحت فئة الخيال العلمى، فمثلًا روايتى «مهسورى»، الفائزة بجائزة قصور الثقافة، هى رواية من أدب الخيال العلمى تتناول ظاهرة من الظواهر التى تدور عن الاحتراق الذاتى، وهى ظاهرة نادرة ولكن حدثت فى العالم، وقد نالت من أكثر من مائتى شخصية، ويتم معالجة ذلك فى قالب روائى من خلال صحفى يعيش مغامرة صحفية علاوة على تصنيع القنابل من رماد الوفيات والتنبؤ بأحداث تقع فى العالم، حيث تقضى على التكنولوجيا الحديثة ويعود العالم إلى البدائية من جديد.
ورواية «سيدة العقارب» تدور أحداثها حول قصة حب بين اثنين فى كلية واحدة، ويعترض الوالد والوالدة على زواج ابنتهما الوحيدة من زميلها بالجامعة، ولكن يتدخل أستاذها للوساطة بينها وبين الوالد حتى يتم الموافقة على الزيجة، ولكن يفاجأ ليلة العرس بظهور عقرب على فستان الزفاف، وتدور الأحداث بملاحقة العقارب لها، ومع تصعيد الأحداث نكتشف كيف تجتذب البطلة العقارب، خصوصًا مع قيامها بعمل دراسات لرسالة علمية على العقارب الصفراء والسوداء وتوصلها لعقار من الأعشاب الطاردة للعقارب، أما زوجها فيقوم بعمل عقار جاذب للعقارب، ونرى كيف تتم المواجهة بينهما، وكيف يستفيد من دراسته فى جذب العقارب للزوجة واكتشاف فورمونات جاذبة للعقارب. أما رواية «داروما» فتدور أحداثها بين مصر واليابان، وتجمع بين الفولكلور المصرى ونظيره اليابانى، كما تنطلق من تخصص الخلايا الجذعية.
مع الأسف، تراجعت حركة النقد بشكل كبير، فأين نحن من الستينيات والنقاد العظام سواء د. عبدالقادر القط ود. نبيل راغب ود. عبدالعزيز شرف، الذين أثروا حياتنا الثقافية، فما من كتاب يصدر إلا وتقرأ عنه رؤية نقدية تشجعك وتحثك على القراءة، فالنقد إبداع لأنه رؤية أخرى للعمل تنيره وتسبر أغواره. لقد عانينا حتى فى أن نكتب على أعمالنا أنها تنتمى لأدب الخيال العلمى، فالبعض قال عنه إنه بوابة خلفية لأنصاف الكتّاب بالرغم من أنه على العكس من ذلك، فالكاتب الذى يكتب فى هذا المجال لا بد أن يقرأ فى العلم والأدب، ويتميز بأسلوب بديع يستطيع أن يعبّر به عن تلك المعادلة الصعبة، وإلا ما هو الفرق بين الكتاب العلمى والرواية التى تنتمى إلى الخيال العلمى؟
لا يمكننا إنكار الفجوة بين أدب الخيال العلمى الغربى والعربى، والأسباب جليّة، فأدب الخيال العلمى بدأ مبكرًا ووجد من يرعاه بالنقد والتحليل وتحويله إلى السينما فى الغرب. هنا نحن نكافح حتى نقول إننا نكتب الخيال العلمى، ونشرح للجميع حتى الآن الفروق بين الأنواع التى تحدث غموضًا أو لبسًا.
نحن شعوب طحنها الاستعمار سنوات طويلة وحرمها التعليم والبعثات، ناهيك عن التفرقة العنصرية التى يدّعون أنهم ضدها، ولكن الحقيقة غير ذلك. أدب الخيال العلمى يذكرنى بالمرأة التى حُرمت من التعليم والعمل لسنوات وحقب كثيرة يضنون عليها بحقها وكلما نالت أى مكتسب يضيقون عليها الخناق وكأنهم يثبطون من عزيمتها حتى لا ترفع هامتها. هل هى مقارنة عادلة بين الغرب والعرب؟