عازف الروك وألحان التوكتوك
-الألحان والتوكتوك كلاهما يعبر عن الحياة
فى زقاق ضيق تختلط فيه أصوات الحياة اليومية، جاء الصوت الغريب ليقلب الموازين، كان صوت الجيتار الكهربائى يمزج بين صرخات النغمات العالية وضجيج محركات التوكتوك، وكأنه صراع أبدى بين الفوضى والتناغم.
عازف الروك، شاب نحيل بملابس تمزج بين الجلد الأسود والجينز الممزق، جلس على كرسى خشبى مهترئ فى زاوية الشارع، يحيط به جمهور غير مألوف؛ أطفال يرقصون بحركات عشوائية، رجال يلتفون حول عربات شاى، وسائقو التوكتوك الذين أطفأوا محركاتهم لحظة السماع، كان المشهد مزيجًا سيرياليًا، كأنما سرق هذا الزقاق لحظة من عالم آخر.
بدأ العزف، أنامل العازف تمرّ بخفة على الأوتار، تُخرج ألحانًا متمردة تحمل روح الحرية والثورة، إلا أن أصوات التوكتوك المزعجة لم تتوقف تمامًا، بل أصبحت جزءًا من الموسيقى، وكأن العازف يتحدى صخب الحياة اليومية، يحول الضوضاء إلى جزء من سيمفونيته الخاصة.
لم تكن هذه مجرد موسيقى، بل كانت رسالة، كأنما أراد أن يقول:
الجمال يمكن أن يوجد فى أحلك الأماكن وأكثرها صخبًا.
كان عازف الروك يغنى بصوته الأجش كلمات عن الحب والحلم والمقاومة، بينما التوكتوك يرد عليه بزئيره المميز.
مع مرور الوقت، تحول المشهد إلى لوحة نابضة بالحياة، الألحان تشتبك مع أصوات الشارع، تشكل مزيجًا فريدًا لم يكن من الممكن تخيله، الناس من حوله، الذين اعتادوا الصخب، وجدوا أنفسهم فى حالة من الإنصات والانجذاب، حتى أن سائقى التوكتوك، الذين لطالما اعتبروا الضجيج جزءًا من يومهم، شعروا بشىء من السكينة وهم يستمعون.
انتهت الموسيقى، وتفرق الجمع، عازف الروك حمل جيتاره ومضى بخطوات واثقة، تاركًا خلفه زقاقًا لم يعد كما كان، تغير شىء فى المكان، ربما كان تغيرًا صغيرًا وغير مرئى، لكنه حقيقى، فقد أضاف العازف لمسة من الجمال إلى فوضى الحياة اليومية، وأثبت أن الموسيقى قادرة على اختراق الضجيج وإعادة تشكيل العالم ولو للحظات.
فى نهاية المطاف، كانت الألحان والتوكتوك وجهين لعملة واحدة، كلاهما يعبر عن الحياة، بصخبها وجمالها، وفوضويتها التى تخفى بداخلها إيقاعًا ينتظر من يكتشفه.