محمد عبدالرحمن
فيه ناس لما بـ تيجى سيرتهم أو يمر اسمهم، الواحد بـ يشعر إنهم نماذج ملهمة، حتى لو ما كانوش مطروحين فى الإطار دا، ومن هؤلاء الكوادر محمد عبدالرحمن.
خلينا الأول نتكلم عن مفهوم «الإلهام»، اللى هو الصلاحية إنك تتقدم كـ نموذج ينفع الناس تشتغل علشان تبقى زيه، وزيه بـ طبيعة الحال لا تعنى نسخة منه، لكن زيه فى ملمح أساسى له، ولو اتكلمنا عن الملمح الأساسى لـ محمد عبدالرحمن، فـ هو قدرته على فهم الواقع، والإجابة عن السؤال: أنا ممكن أبقى فين من الواقع دا وقد إيه؟
بدأت الملامح دى من فترة كبيرة، يمكن أكتر من ٢٠ سنة، لما كانت الصحافة الورقية فى قمة عنفوانها، وتقف عند بياع الجرايد تلاقى أكتر من ٥٠٠ جرنان على الفرشة، وكان عبدالرحمن من أوائل الناس اللى انتبهوا إلى إنه دا وضع مؤقت، والإعلام مستقبله رقمى، وصحوة الجرايد الورقية دى صحوة الموت، وقريبًا محدش هـ يتداولها.
تقريبًا من ٢٠٠٣، ومحمد ناشط وسابق فى مجال الإعلام الرقمى، وأظن إن تجربته فى المجال خلته واحد من المعدودين سواء فى الصناعة أو الفهم أو التدريب، التجربة اللى توجها بـ موقع إعلام دوت أورج المؤثرة، واللى مش ممكن تتعامل معاها غير بـ اعتبارها رقم مهم فى الفضاء السيبرانى.
تفصيليًا، التجربة مش بس تتحسب كونها رائدة فى الإعلام الرقمى، اتعملت بـ إمكانيات بسيطة، وحققت مردود كبير، إنما كمان فى فهم الصيغة المناسبة اللى تخليها تحافظ على مكانة فى طوفان النشر الإلكترونى، فـ مش من السهل إنك تقول عليها نخبوية، لكن كمان ما غرقتش فى الشعبوية، لـ إن الشعبوية زى ما بـ تعد بـ سهولة الانتشار بـ تتوعد بـ سهولة الاندثار والتوارى حسب الموجة والترند.
غير الإعلام، محمد عبدالرحمن من الناس اللى رسمت علاقتها بـ الفن والوسط الفنى على نحو دقيق ومتمكن، دايمًا بـ يبقى الأسهل لـ شباب الصحفيين من البداية إنهم يروحوا ناحية الكتابة النقدية ويسعوا ليها، أو إنهم يتجهوا لـ دور المخبر الصحفى ناقل المعلومة وكاشف الكواليس، وكلاهما طريق ممكن النجاح فيه، لكنهما مزدحمان، والتميز فيهما لا يعتمد بس على الكفاءة.
عبدالرحمن تقدر تقول إنه اخترع دور، وهذا الدور عصى على التصنيف، يعنى هو مش بى آر أو علاقات عامة وقدرات تنظيمية وخلاص، ولا هو مستشار يرسم خطط ويقدم استراتيجيات ومعرفة وخلاص، ولا هو مجرد شخص «ومؤسسة» عارف الكواليس ويدلك عليها ويساعد على نشر ما تريد انتشاره، لكنه صيغة بين كل هذا خلته مهم وفاعل فى أحداث وفعاليات بارزة من اللى بـ يتحسب لهم حساب.
دا لا يعنى إنه عبدالرحمن تخلى تمامًا عن موقع الكاتب، لكنه تحكم فى تلك الشهوة اللى بـ تصاحب أى حد اشتغل فى المجال، فـ يبقى عايز يكون كاتب مقال، ومن ثم مؤلف كتب، وكل شوية عنده إصدار جديد، خصوصًا لما يكون عنده المعرفة الكافية لـ إخراج الكتاب وصياغة طريقة نشره وانتشاره، وبعد سنين طويلة صدر له الكتاب الأول اللى سماه «الكتاب صفر».
فى الكتاب صفر قدم محمد ما يمثل إضافة لـ المكتبة الإعلامية والفنية، ومعرفة الإنتاج اللى يقدم الإضافة دى حاجة مش سهلة، وكتير مننا بـ يقع فى فخ سهولة إصدار معين مش بـ يقدم حاجة، ويتنسى كـ إنه لم يكن بعد شهور أو أسابيع قليلة.
لـ ذلك، لـ كل ذلك، بـ أشوف إنه محمد عبدالرحمن نموذج ملهم، عرف يكون رقم صعب بـ معرفة إمكانياته وواقعه، عاش.