الثلاثاء 07 يناير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

إسماعيل الحبروك.. أكاذيب الجماعة الإرهابية حول مؤلف «يا أغلى اسم فى الوجود»

إسماعيل الحبروك
إسماعيل الحبروك

- ابن إسماعيل الحبروك أكد أن علاقة والده بصلاح سالم كانت جيدة

- محمد الجوادى شارك بحملة التضليل فى مقال تحت عنوان «إسماعيل الحبروك.. ثالث شاعر تقتله الثورة»

- لم تكن له اهتمامات سياسية إلا فى حدود الفكرة الوطنية بما يجعله بعيدًا عن الخصومات السياسية

شاعت شهرة الشاعر والقاص والكاتب الصحفى والأديب إسماعيل الحبروك، وتم اختصاره فى حكايتين قصيرتين، ومحدودتين للغاية، رغم أنهما حكايتان لافتتان جدًا، لأن الأولى تتعلق بأغنية شهيرة، ومازالت وستظل فاعلة فى الوجدان المصرى بشكل عظيم، وتم إبداعها فى لحظة تاريخية فارقة، أى أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وكان ذلك العدوان يمثل نوعًا من الغدر ببلادنا فى لحظة تاريخية استثنائية، وكان عدوانًا انتقاميًا كذلك، لتحطيم الإرادة المصرية، وتركيعها للرضوخ أمام مطالب الاستعمار البريطانى والفرنسى المتحالف مع إسرائيل، وجاءت الأغنية لتلهب مشاعر الناس فى مصر والعالم العربى أثناء تلك المرحلة، لأن الفنانة التى أدت الأغنية، كانت لبنانية عربية، ولكنها تعشق مصر، وهى الفنانة الشابة نجاح سلام، وكانت الأغنية هى «يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر»، والتى كتب كلماتها الشاعر والأديب والصحفى إسماعيل الحبروك، ولحنها الموسيقار الفنان محمد الموجى، وقد منحها الرئيس جمال عبدالناصر الجنسية المصرية بعد أن سمع الأغنية وأعجبته، وأمر بتكريم فريق الأغنية، تلك الأغنية التى كانت أيقونة الأغانى فى ذلك الزمان وحتى الآن، صارت الأغنية تميمة فنية يرددها الجميع فى كل المناسبات الوطنية الكبرى.

الحبروك مع أسرته

ولا تعود شهرة تلك الأغنية لأنها تنتمى إلى الأغانى الوطنية فحسب، ولكن تعود تلك الشهرة لتلك الكلمات القوية الرائعة التى حفظها المصريون والعرب، ووجدت صوتًا قويًا، ومفعمًا بكل الرقة والعذوبة والأمل، كما أبدع الموسيقار الفنان الشاب محمد الموجى الذى رقصت موسيقاه مع الصوت والكلمات التى تبدأ بـ:

(يا أغلى اسم فى الوجود 

يا مصر

يا اسم مخلوق للخلود

يا مصر

نعيش لمصر

ونموت لمصر

تحيا مصر

تفوت عليكى المحن

ويمر بيكى الزمان

وإنتى أغلى وطن

وإنتى أعلى مكان

ومهما كان إنتى مصر

وكل خطوة بنصر

نعيش لمصر

ونموت لمصر

تحيا مصر

تحيا مصر...)

أما السبب الآخر، هو ما تداوله بعض الكتّاب الذين حاولوا تضليل الرأى العام ببضعة اختراعات وأكاذيب، وتأويل مشوه ومغرض لحديث كاتب كبير، وناقد محترم، هو المفكر أحمد عباس صالح، الذى كتب ونشر سيرته الذاتية فى جريدة القاهرة مسلسلة، ثم نشرها فى مجلد كبير وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ٢٠٠٨، وتحدث صالح عن زميله وصديقه الشاعر الرقيق إسماعيل الحبروك ورفيقه فى جريدة الجمهورية، وكان الحبروك ضمن فريق رؤساء تحرير الجريدة، وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة هو صلاح سالم، عضو مجلس قيادة الثورة، وكان سالم دائم التغيير فى مواقع الكتّاب والصحفيين فى المؤسسة وفقًا لوجهة نظره الحادة والحاسمة، وخلافاته المتعددة والمعقدة معهم، ومن المعروف أن صلاح سالم كان من صقور مجلس قيادة الثورة، وحكى عباس صالح كثيرًا من تلك المواقف التى تدل على أن صلاح سالم كان عنيفًا، لكن الأمر لا يصل إلى الفجاجة التى كتبها الدكتور محمد الجوادى، رحمه الله عنوانًا مثيرًا وضالًا فى مدونته، ونقل موقع الجزيرة التدوينة فى ٢٠١٨: «إسماعيل الحبروك.. ثالث شاعر تقتله الثورة»، وكل ما اعتمده الجوادى فى هذه التدوينة كان على ما كتبه عباس صالح فى مذكراته، وقد اقتطعها من سياق الكتاب، لأن عباس صالح كان قد سرد وقائع كثيرة تسرد علاقات صلاح سالم بالكتاب والصحفيين، ولكى لا أطيل فى تلك النقطة، سأورد كل الفقرة التى أوردها عباس صالح بالنص، حيث يقول ص١٠٥: «..فقد كان للجمهورية عدد من رؤساء التحريرمنهم إسماعيل الحبروك، الذى كان شاعرًا غنائيًا وكاتبًا لقصص رومانسية، وكانت تربطه بصلاح سالم علاقة ما، وكان إسماعيل شابًا مرحًا بسيطًا فيه كل سمات شاعر الأغانى من رقة وسماحة، ودون أن نعرف السبب وجدنا اسم إسماعيل الحبروك قد اختفى من قائمة رؤساء التحرير، كان إسماعيل صديقًا لى من أيام روزاليوسف، وعندما رفع اسمه من الجريدة، ورأيت أن علىّ أن أذهب إليه وأن أجعله يتقبل هذا الوضع بصدر رحب، وكان مكتبه جوار مكتبى، عندما دخلت عليه كان متوترًا جدًا، حدثته بالطبع عن أنه كاتب، والكاتب أكبر من أى منصب، وأنه شاعر مرموق وكاتب جيد، ولعل هذه فرصة ليتفرغ لإصدار الكتب، وبدأ يصغى لى وهو سارح، وفجأة انتصب واقفًا وخلع قميصه وقال: انظر، هل هناك شىء فى ظهرى؟، كان ظهره ممتلئًا ببقع حمراء، ونصحته بأن يخرج من هنا ويذهب إلى الطبيب، وعندما عدت إلى بيتى رحت أتأمل تلك الظروف التى نعيشها، فهذا هو إسماعيل الحبروك الذى كنت أظنه فى وضع آمن، إذ لم تكن له اهتمامات سياسية إلا فى حدود الفكرة الوطنية بما يجعله بعيدًا عن الخصومات السياسية أو التدخل فى المجالات الصعبة، ولكن ها هو ذا تطوله اليد العصبية التى تتلاعب بالكتاب وبكل شىء فى حياتنا الاجتماعية الجديدة. كنت فى المساء أذهب إلى مقهى أنديانا، التى انتقلت مجموعة الأدباء وأساتذة جامعة القاهرة، التى ترتاد مقهى عبدالله بالجيزة إليها، وكان يوسف إدريس قد تزوج أخت زوجة إسماعيل الحبروك، وإذا بشخص يأتى للمقهى ليسرّ بشىء ما فى أذن يوسف، فنهض مضطربًا ولما سألته عما حدث، قال لى إن إسماعيل الحبروك نقل إلى المستشفى مصابًا بنزيف فى الدماغ، ذهبت معه إلى المستشفى، ولكن الإصابة كانت خطيرة، ولم يستغرق الأمر إلا ثلاثة أيام حتى فارق الحبروك الحياة».

هذا كل ما حكاه وسرده أحمد عباس صالح فى كتابه عن إسماعيل الحبروك، وحاول الجوادى وجماعة الشر تأويل ما كتبه إلى خزعبلات لا تنطوى على قتل ولا اضطهاد ولا يحزنون، وكان أحرى بالجوادى أن يكتب عن قيمة الرجل كشاعر وصحفى وكاتب وأديب، بدلًا من تلك التأويلات الانتقامية الفاسدة، هناك أبعاد عديدة يستطيع أن يتحدث عنها الكاتب، بعيدًا عن ذلك التفسير الأعوج لما قاله عباس صالح، حيث إن هناك مئات الوقائع التى حدثت وتحدث لكتّاب وصحفيين مثلما حدث لإسماعيل الحبروك، وهو نفسه تعرض لكثير من أحداث أخطر، ولكن لم يحدث له ما حدث، بالطبع أنا أورد ذلك الأمر وأثيره لسببين، السبب الأول، وهى الواقعة التى تم تأويلها وتداولها بشكل انتقامى مؤسف، أما السبب الثانى، فهو ما أثاره الصديق الشاعر جمال بخيت فى برنامجه «غواص فى بحر الكلام» مؤخرًا، وكان قد استضاف ابن الشاعر الذى نفى واستنكر ذلك الكلام، وقال بالعكس، فإن العلاقة التى كانت تربط والده بصلاح سالم، علاقة عظيمة، وبعد رحيل والده أمر صلاح سالم بأن يتم صرف معاش وزير لإسماعيل الحبروك، إذن أين الترصد هنا والقتل المزعوم، لكن ابن الشاعر قال كلامًا أكثر إثارة، وهو أن الكاتب موسى صبرى هو الذى قتل والده، وهذا الكلام حكاه الحبروك لزوجته، وقال لها بأن حوارًا عنيفًا جرى بين صبرى والحبروك أدى لذلك النزيف، وهذا الكلام أيضًا لا يؤدى إلى اتهام أحد بالقتل، وهى حكاية حدثت منذ أكثر من ستين عامًا، يراد بها صناعة قصة تشبه قصة رحيل صلاح عبدالصبور بأثر رجعى، دون الرجوع لأسباب طبية، ومن الطبيعى ألا يكون لها أى أصل سوى الإثارة الانتقامية، ومن الممكن أن تكون هنا بعض الأحداث المؤسفة التى حدثت فى ذلك العهد، ولكنها ليست تلك الحكاية، فضلًا عن أن جماعة الشر لا يهمهم أى طرف من أطراف الحكاية سوى الخصوم التاريخيين، فلا هم يحبون إسماعيل الحبروك، ولا يهتمون بما يكتبه عباس صالح، ولكنها ثقافة الانتقام وتزوير التاريخ التى يتقنونها.

هذان السببان هما الشائعان فى مسيرة الشاعر الرقيق والأديب والقاص والصحفى إسماعيل الحبروك، ما عدا ذلك، فلا أحد حاول أن يبرز قيمته الأدبية والفنية والصحفية، حتى الموقع الشهير «جوجل» يدرج فى مسيرته معلومات خاطئة، مثل أنه كتب فى الفقه، ولا أعلم من أين جاءت تلك المعلومة، وها هى مئويته تحل علينا فى ٥ يناير المقبل، ولا أعتقد أن أحدًا سيحاول البحث عن تحقيق سيرته الغنية، فقط تلك المعلومات التى تتعلق بتاريخ ميلاده فى ٥ يناير عام ١٩٢٥، وتاريخ رحيله المفاجئ ١٦ مارس ١٩٦١، رغم أن حياته مفعمة بالعمل والكتابة والفن السردى والشعرى والصحفى، بدأ كاتبًا للقصة القصيرة، والتمثيليات الإذاعية، ثم عرّج على قرض الشعر العمودى، وبرع فى الأغانى، فضلًا عن مئات المقالات التى دأب على كتابتها منذ أن كان طالبًا فى المدارس الإعدادية والثانوية، ثم الجامعة، ولكنه لم يعمل ولم يسع لكى يعمل فى المهنة التى تؤهله دراسته لها، وهى مهنة المحامى، ولكنه راح يكتب فى صحف ومجلات مرموقة، جنبًا إلى جنب مع كتاب كبار من طراز زكى طليمات، وإحسان عبدالقدوس، وعلى الراعى وغيرهم، وتنم كتابته القصصية المنشورة فى ذلك الوقت عن وعى فنى بما يكتبه، كما أنه كان ينطوى على ثقافة اجتماعية واضحة ولها أبعاد فكرية واضحة، وهذا ما تبدى فيما بعد فى مجموعاته القصصية، ومعالجاته الاجتماعية فى باب «جراح قلب» الذى كان يكتبه أسبوعيًا فى مجلة روزاليوسف، وكل تلك الإبداعات لم يجمع منها سوى مواد قليلة، نشرها فى كتب مثل مجموعته القصصية «هاربة من الليل»، و«الخيانة الزوجية»، وغيرهما من كتابات أخرى.

فى قصته «توارد خواطر» التى نشرها فى مجلة الكواكب مايو ١٩٤٩، يبدو أنه كان يهاجم كثيرًا من كتّاب المسرح والسينما والدراما فى تلك القصة الرمزية، وينتقد فى القصة الإفراط فى اقتباس كل المادة الدرامية، حيث يتخيل أن هناك ممثلين ذهبا إلى الجحيم، وكان أحدهما يجلس فى مكان منخفض اسمه موهوب، وكان زميله «راجح» يجلس بجواره، وقال موهوب لراجح مشيرًا إلى مكان أعلى مثل ربوة، وذكره بأنه يشبه المسرح، وما عليهما سوى أن يستدعيا ما كانا يمثلانه فى الدنيا، وكانا يختلفان ويتفقان على المسرحية التى سيعملان على استدعائها، حتى التقيا بأحد كتّاب المسرح وهو يتجول فى أروقة ذلك الجحيم، وعندما نادى عليه موهوب، وقال له، بأنهما فكرا فى تمثيل إحدى مسرحياته التى كان يكتبها فى الدنيا، فرد عليه الكاتب الذى يدعى «عبدالسلام» بأنه غير مطمئن لذلك، فسألاه: هل ذلك حرام؟، فقال لهما: لا، فقالا له: إذن علينا أن نعمل فى المسرحية، طالما أن الفن ليس حرامًا، فقال لهما: ماذا اخترتما؟، فقالا له: «الجنة الموعودة»، فقال لهما: لالالالا، هذه المسرحية ستؤدى بنا إلى إطالة المدة بالحكم علينا فى الجحيم، فقالا له: هل فيها ما يتنافى مع الدين والأعراف والتقاليد، قال لهما: لا، فقالا: إذن لماذا سيحكم علينا بالجحيم؟، فقال لهما: انظرا إلى ذلك الرجل الذى يجلس فى هدوء؟ إنه هو المؤلف الحقيقى للمسرحية، وما أنا إلا الناقل والمترجم لها فقط، وليس لى أى فضل فى تأليفها، وهذا فى حد ذاته خطأ جسيم نستحق أن نحاكم عليه، وبعد حوار ذكى وطويل بين الكاتب والممثلين، اتضح أن كل ما كان يكتبه إما مقتبسًا، أو معربًا، أو مسروقًا بشكل كامل، وهذا ما يفعله معظم الكتاب، إن لم يكن كلهم.

ومن الواضح أن فكرة الاقتباس والتمصير والسرقة، كانت تراود إسماعيل الحبروك كثيرًا، حيث إنه نشر قصة رمزية عنوانها «السوق السوداء» فى العدد الصادر من مجلة الكواكب، فى فبراير ١٩٥٠، وكتب فى مقدمة القصة: «ترددت طويلًا قبل كتابة هذه التمثيلية القاسية، ولكنى أخيرًا، وبعد كل ما رأيت، تغلبت على نفسى وكتبتها!، وليكن ما يكون»، والقصة عبارة عن حوار بين مؤلف قصصى، والوحى، وتبدأ القصة بأن المؤلف يسب الوحى الذى يهرب منه فى وقت احتياجه له، ويقول له: لعنة الله عليك، ويرد الوحى قائلًا: لعنة الله عليك أنت الذى تعرف متى تكتب، ومتى لا تكتب، ويدور حوار رمزى بين المؤلف والوحى، ويعمل المؤلف على أن يعنّف الوحى الذى لا يلبى طلبات المؤلف، فيقول له الوحى بأنه ليس تحت أمره، فيرد المؤلف بأنه ليس فى حاجة إليه، لأنه يطلب منه ما يزيد عن عشرين فكرة فى الأسبوع، وهو لن يقدر على ذلك التقاعس من الوحى، فيقول له الوحى بأنه لن يستطيع أن يلبى طلباته، فيتركه المؤلف ويقول له بأنه لن يحتاجه بعد الآن، لأنه يذهب يوميًا إلى السوق السوداء التى تباع فيها الأفكار والقصص ولا حاجة له منه، ويذهب الوحى مختالًا ومزهوًا بنفسه معتقدًا أن المؤلف سيشقى من أجل استعادته مرة أخرى، ولكنه عاد بعد شهر شبه شبح وهزيل، وعندما سأله المؤلف: ماذا حدث لك أيها الوحى، فقال له الوحى، بأنه بعد أن غادره، اعتقد أن مؤلفين كثيرين فى مجال الكتابة والأفكار سيقدرونه جيدًا، ولكنه وجدهم كلهم ينزلون تلك السوق اللعينة من أجل أن يشتروا أفكارًا طازجة لتحويلها إلى مسرح أو سينما أو تمثيليات، وهنا ينعدم ضمير كثير من المؤلفين الذين يرمز إليهم إسماعيل الحبروك، لذا جاءت كل قصصه وكتاباته فيما بعد معجونة بالمصرية، وبالأحوال الاجتماعية التى كانت تمر بها بلادنا فى تلك الفترة التى كانت مصر تتمزق فيها بين القصر من ناحية، وكبار الملاك من ناحية ثانية، ومن الاحتلال الأجنبى من ناحية ثالثة، ولذلك نعرّج على قصة ثالثة من ذلك التراث المهدور للحبروك، وهى قصة اجتماعية سياسية عنوانها «نائب القرية»، وهى قصة تحكى عن دائرة انتخابية شهيرة، كانت محجوزة دائمًا لأحد الأثرياء الأعيان، ولكن أهل القرية اجتمعوا لكى يقرروا أن الوقت حان لكى يرشح أحد أبناء الدائرة الفقراء نفسه لكى يكون نائب الدائرة، كان ذلك النائب الذى يريده أهل الدائرة نائبًا، يحب ابنة الباشا، وعندما شعر الباشا بخطورة ذلك النائب المزعوم، قالت له ابنته، بأنه يترك لها ذلك الأمر، فهى قادرة على أن يتخلى ذلك الشاب عن ترشيح نفسه فى البرلمان، وبعد سلسلة أحداث درامية وحادة، تضع ابن الدائرة مرشح أبناء القرية، أمام قلبه وضميره، يختار ضميره الذى يركل به ابنة الباشا ويرشح نفسه فى الانتخابات.

وقبل أن نترك تلك المرحلة الأولى عند إسماعيل الحبروك، لا بد أن ننوّه إلى قصة بديعة كتبها بالاشتراك مع القاص والمترجم محمد بدرالدين خليل، وهو أحد أعلام الترجمة فى ذلك الزمان الأربعينى، وترجم كثيرًا من روايات عالمية نشرت فى سلسلة «مسامرات الجيب»، القصة عنوانها «كوكب من كوم الحنش»، ولها أبعاد اجتماعية وفنية كانت جديدة على فن القصة فى ذلك الوقت، ونشرت فى عدد مجلة الكواكب الصادر فى نوفمبر ١٩٤٩، وأظن أنها أول قصة مشتركة فى ذلك الوقت، وجدير بالذكر أن نجيب محفوظ وصالح جودت وعبدالحميد جودة السحار، كتبوا قصة مشتركة، ونشرت فى مجلة نداء القصة عام ١٩٥٠، وكانت الريادة فى ذلك المجال لإسماعيل الحبروك، الذى لم يكف عن الإبداع والكتابة، مما سنتعرض له لاحقًا إن شاء الله.