الجمعة 10 يناير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

من أسرار النجمات إلى دهاليز السياسة.. ماذا يقرأ العالم الآن؟

حرف

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات.

وتأخذ «حرف»، من خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتعريفهم على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الأعمال الجديدة الصادرة مؤخرًا، فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.

فى هذا العدد، نلقى الضوء على 3 كُتب تصدر فى يناير الجارى، الذى سيطرت فيه النساء بصورة واضحة على معظم الإصدارات غير الخيالية، سواء بالتأليف أو بمضمون الموضوعات التى تناولتها.

Dare I Say It.. كتالوج نعومى واتس للتعامل مع «سن اليأس»

نعومى واتس

يأتى على رأس هذه الكتب: «أجرؤ على قول ذلك» للنجمة البريطانية نعومى واتس، التى تتحدث فيه عن تجربتها مع «انقطاع الطمث وسن اليأس المبكر»، إلى جانب كتاب «حيث يكمن الجنون: الحياة المزدوجة لفيفيان لى»، الذى يكشف عن أسرار تُنشر لأول مرة عن النجمة الهوليوودية فيفيان لى، وصولًا إلى كتاب «المرأة التى عرفت الجميع»، الذى يتناول قصة أشهر سيدة مجتمع ومضيفة سياسية فى الولايات المتحدة، التى اقتربت من 3 رؤساء أمريكيين، وسيطرت على النخبة من خلال الحفلات الصاخبة.

يصدر كتاب «أجرؤ على قول ذلك: كل ما كنت أتمنى معرفته عن سن اليأس»، أو «Dare I Say It: Everything I Wish I’d Known About Menopause»، للنجمة البريطانية المحبوبة نعومى واتس، فى ٢١ يناير الجارى، عن دار نشر «كراون».

نعومى واتس ممثلة بريطانية، وُلدت فى ٢٨ سبتمبر ١٩٦٨، وحازت على شهرة واسعة من خلال الأدوار المميزة التى قدمتها على الشاشة، خاصة فى أفلام «طريق مولهولاند» و«الحلقة» و«كينج كونج» و«لعبة عادلة»، فضلًا عن ترشيحها لنيل جائزة «الأوسكار»، عن دورها اللافت فى فيلم «٢١ جرام»، بالتزامن مع المساهمات المجتمعية العديدة التى تقدمها إلى جانب عملها الفنى.

وتروى الممثلة العالمية الشهيرة، فى هذا الكتاب المكون من ٢٥٦ صفحة، القصة الكاملة عن وصولها إلى «سن اليأس»، وانقطاع الطمث المبكر، فى السادسة والثلاثين من عمرها، فى محاولة لتثقيف النساء بهذا الموضوع، وإزالة أى «وصمة عار» تتعلق به.

وتوضح أنه فى الوقت الذى أكملت فيه للتو تصوير فيلم «كينج كونج»، فى السادسة والثلاثين من عمرها، وكانت فى أوج شبابها ونجاحها، وتخطط لتكوين أسرة وإنجاب أطفال، قال لها الأطباء فجاة إنها على وشك التعرض لـ«انقطاع الطمث»، لتجد نفسها فى حيرة من أمرها، وهى فى الثلاثينيات، بسبب الأعراض المصاحبة لهذا الانقطاع، التى تبدأ عادةً بين سن ٤٥ و٥٥ عامًا، وفقًا لخبراء الصحة.

وتطرح البالغة من العمر ٥٦ عامًا تجربتها الشخصية، جنبًا إلى الشق الطبى الذى أشرفت عليه وكتبت مقدمته الدكتورة مارى كلير هافر، الحاصلة على دكتوراة فى الطب، ومؤلفة كتاب «سن اليأس الجديد»، الأكثر مبيعًا فى «نيويورك تايمز».

ووفقًا للكتاب، تشير التقديرات إلى أن ٧٥ مليون امرأة فى الولايات المتحدة يعانين حاليًا من أعراض «انقطاع الطمث» فى سن مبكرة، وأن ما تسمى بـ«سن اليأس» مرتبطة بالوصمة والارتباك بسبب قلة المعلومات عنها، وشعور العديد من النساء بعدم الاستعداد لها، وبالخجل والوحدة الشديدة، خاصة عندما تكون المرأة فى الثلاثينات من عمرها.

وتقدم «واتس» دليلها الشخصى النابع عن تجربتها الملهمة، ونصائحها للنساء بشأن ذلك، مع تأكيد أن الوصول لهذه المرحلة ليست نهاية الحياة، بل العكس، مع تضمن الكتاب الكثير من المعلومات عن الأعراض المصاحبة لـ«انقطاع الطمث»، ومنها جفاف الجلد والحكة، والهرمونات غير المستقرة، والصداع النصفى، والتعرق الليلى والهبات الساخنة.

ووصفت «واتس» كتابها، الذى عكفت على كتابته لمدة ١٤ شهرًا، سواء فى العنوان أو خلال فقرات كثيرة به، بأنه الكتاب الذى كانت تتمنى الحصول عليه، عندما بدأت تعانى من أعراض «انقطاع الطمث» لأول مرة، والاستفادة من نصائح الآخرين كما تفعل هى الآن، مثل الجلوس لتناول القهوة، والدردشة مع صديقة مقربة، ومناقشة ما يجب فعله.

وتؤكد نعومى واتس أنها تريد إخراج مرحلة منتصف العمر و«انقطاع الطمث» من الظل، والبدء فى فتح محادثات لجلب تجربة المرأة مع «سن اليأس» إلى الصدارة، فى كتابها الذى تكشف فيه عن التحديات التى واجهتها خلال المرور بـ«انقطاع الطمث المبكر».

وتقول «واتس»: «بينما كنت أكافح من أجل التغلب على العار والسرية، تمنيت أن تكون هناك محادثة مفتوحة، أو دليل يمكننى أن أقلب صفحاته سرًا. لكن للأسف لم تكن هناك موارد حقيقية، ولا حتى أطباء على دراية جيدة بانقطاع الطمث المبكر، ما جعلنى أشعر بالعزلة والخوف على مهنتى وخصوبتى كامرأة».

ويتضمن الكتاب مجموعة من القصص المضحكة والمؤثرة، سواء من تجربتها الشخصية، أو من صديقاتها، إلى جانب نصائح من الأطباء وخبراء الهرمونات والتغذية، مع السعى لرفع السرية والخجل من «انقطاع الطمث» والشيخوخة المبكرة.

ويجيب الكتاب عن أسئلة كثيرة مثل: ما العلاج الهرمونى؟ وهل يجب أن أتناوله؟ هل أستطيع ممارسة الجنس؟ هل سأستعيد نفسى؟ ماذا حدث لرغبتى الجنسية؟ هل أحتاج إلى ١٨ مصلًا لبشرتى المتقدمة فى السن؟ من صاحب هذا الجسم على أى حال؟ من أنا الآن؟ هذا فضلًا عن إرفاق أحدث الأبحاث حول كيفية إدارة أعراض «انقطاع الطمث»، ومعالجة التحديات الجسدية والعاطفية التى نواجهها مع تقدمنا فى السن.

الكتاب الذى يحمل عنوان «أجرؤ على قول ذلك» يتسم بالجرأة الشديدة والصراحة والضعف الأنثوى، وفى نفس الوقت بالطمأنينة وحس الفكاهة والكتابة الممتعة، كما لو كان رفيقًا تحتاج إليه كل امرأة لاحتضان أفضل نسخة من نفسها، والاعتزاز بها وهى تنتقل إلى ما يمكن أن يوصف بـ«الفترة الأكثر قوة وإرضاءً فى حياتها».

وتضفى نعومى واتس فى الكتاب طابعًا شخصيًا على هذه التجربة النسائية العالمية التى تسمى «انقطاع الطمث المبكر» أو «الطبيعى» أيضًا، وتوفر نهجًا متوازنًا للتنقل بين تحديات «انقطاع الطمث»، من خلال مشاركة قصتها، وإظهارها للنساء كيفية تقليل المعاناة، وتعظيم صحتهن وسعادتهن مع تقدمهن فى السن، مع الاستعانة بأبحاث متطورة وآراء الخبراء فى هذا المجال، حتى يمكن القول إنه يجب على كل امرأة فوق الثلاثين قراءة هذا الكتاب.

وتتذكر نعومى واتس فى كتابها الوضع الذى وصفته بـ«الخروج عن السيطرة»، بعد تجربة أعراض «انقطاع الطمث» فى سن الـ٣٦، مؤكدة أنه لم يكن بالأمر السهل. وتذكرت أن والدتها أيضًا عانت من «انقطاع الطمث المبكر». لكنها لم تخبرها بالكثير حول تجربتها.

وتؤكد أنها لم تقف فى مكانها عندما علمت بالأمر من الأطباء. بل عكفت على القراءة والبحث ومناقشة الخبراء للحصول على المعرفة، بالتزامن مع الانتقال الصحى خلال هذه الفترة، فى ظل شعورها بالارتباك والوحدة وعدم الدعم آنذاك. لكنها كانت مصممة على أن تكون أفضل لنفسها وللنساء الأخريات، وبدأت فى استخدام منصتها بجرأة لتطبيع المحادثات حول هذه العملية الطبيعية، وفى النهاية أنجبت طفلين، وبعد الحمل الثانى وصلت أعراض «انقطاع الطمث» لديها إلى مرحلتها الأخيرة.

تقول «واتس» عن هذه الفترة: «كنت أركز على الحمل فى ذلك الوقت، الذى كشفت فيه تحاليل دمى أننى قريبة من سن اليأس، وهكذا اكتشفت سن اليأس المبكرة. لم أسمع هذه الكلمة من قبل قط. كنت أعانى من التعرق الليلى، والصداع النصفى، وعدم انتظام الدورة الشهرية. لكننى لم أكن أعلم أن هذا له أى علاقة بسن اليأس المبكر. فكرت ربما يكون بسبب الإجهاد، أو متلازمة ما قبل الحيض، أو ربما كان ينبغى لى ألا أتناول ذلك الكأس الإضافى من النبيذ على العشاء. ثم كان اكتشافى أننى أعانى بالفعل من سن اليأس المبكر بمثابة صدمة كبيرة».

وتضيف: «كان هذا منذ ٢٠ عامًا، ولم يكن الإنترنت مفيدًا للغاية وقتها. لكننى تذكرت أن والدتى دخلت سن اليأس مبكرًا، فى سن ٤٥ عامًا، فاتصلت بها على الفور وسألتها لماذا لم تخبرنى بالمزيد؟. لقد أوضحت لى أنها لم تجرِ مثل هذه المحادثات معى لأنها لم تجرِها مع والدتها من قبل. أتذكر أننى فكرت فى مدى سخافة أن يمر كل جيل من النساء بانقطاع الطمث، ولا يشاركن تجاربهن أو يحصلن على العلاج المناسب. نعانى من ذلك فى صمت. هذا لا معنى له».

وتواصل: «لفترة طويلة، شعرت بالوحدة والخوف الشديدين. كان تغيير الطريقة التى نتحدث بها عن انقطاع الطمث بمثابة طريقة لحماية نفسى، من خلال الاعتماد على ضعفى. هذه أنا. آمل ألا يخيفك هذا، وسيكون من المزعج إذا حدث ذلك. أعلم مدى شعورى بالوحدة عندما تم تشخيصى، واعتقدت أنه من المحتمل أن يشعر الآخرون بهذه الطريقة أيضًا».

وتُكمل: «اعتقدت أنه ربما يمكننى المساعدة فى خلق بعض الشعور بالشفاء. إنه يشبه ما أفعله فى وظيفتى كراوية قصص، عندما أحاول جمع الناس معًا، ومنحهم الإذن بالشعور أو التعبير عن أشياء قد لا يشعرون بالراحة فى القيام بها بمفردهم. عندما تذهب إلى السينما وتتعاطف مع الأشخاص على الشاشة، فإن هذا يساعدك على معالجة ما يحدث فى حياتك الخاصة».

وتتابع: «أتمنى لو كنت شعرت بحرية أكبر للحديث عنه فى وقت أقرب. أشعر بالأسف لأن العديد من أجيال النساء عانين بمفردهن، ولم يكن هناك تعاطف معهن. أنا سعيدة للغاية لأن الحوار حول انقطاع الطمث أصبح مفتوحًا الآن، وأن العديد من النساء يشعرن بالارتياح لخوض هذه التجربة. وأشعر بأن جيلى هو الأخير الذى سيتحمل قدرًا كبيرًا من المعاناة بمفرده، وأن النساء أصبحن الآن مهيئات بشكل جيد لسن اليأس. أشعر بالارتياح لذلك».

تحاول نعومى واتس هدم المُحرَمات المحيطة بمرحلة معينة من حياة المرأة، وصرحت لوسائل إعلام عالمية، خلال فعاليات الترويج للكتاب، بأنها تأمل أن يلعب دورًا فى جعل النساء يشعرن بأنهن أقل وحدة، ويحظين بدعم أكبر، وأكثر حماسًا بشأن التغييرات الطبيعية التى تخبئها لهن الحياة، بعدما اضطرت النساء إلى المعاناة فى صمت وخجل لفترة طويلة جدًا بشأن التغييرات التى يتعرضن لها أثناء «انقطاع الطمث»، مع قلة الوصول إلى المعلومات أو الدعم والكثير من المحادثات والمناقشات المفتوحة.

وإلى جانب هذا الكتاب، تعد نعومى واتس أحد الأصوات الرائدة فى مجال التوعية بـ«انقطاع الطمث» و«سن اليأس» المبكرين، من خلال منصبها كمؤسسة ومديرة الإبداع فى شركة «Stripes» المُخَصصة لرفع مستوى الوعى بـ«انقطاع الطمث»، وتزويد النساء والمجتمع بالمعلومات والحلول من أجل نهج شامل له.

Where Madness Lies .. مؤرخة: فيفيان لى أصيبت بهوس جنسى من جلسات علاج بالكهرباء

تصدر دارا النشر الأمريكيتان «سيمون آند شوستر» و«بيجاسوس بوكس»، فى ٧ يناير الجارى، كتاب «حيث يكمن الجنون: الحياة المزدوجة لفيفيان لى»، أو«Where Madness Lies: The Double Life of Vivien Leigh»، داخل الولايات المتحدة.

الكتاب صدر فى المملكة المتحدة مؤخرًا، عن دار النشر البريطانية «هيستورى برس»، وهو من تأليف المؤرخة ليندسى سبنس، ويُعد أول أعمالها التى تُنشر فى الولايات المتحدة.

ويكشف الكتاب عن معاناة النجمة الشهيرة فيفيان لى، الحائزة على جائزتى «أوسكار» عن أدوارها فى فيلمى «ذهب مع الريح» و«عربة اسمها الرغبة»، مع مرض الاكتئاب الذى ظل دون تشخيص، منذ عام ١٩٥٣ وحتى وفاتها فى ١٩٦٧ عن عمر ٥٣ عامًا.

ليندسى سبنس

ويركز الكتاب على القصة المؤثرة والحزينة لفيفيان لى، التى تُعتبر واحدة من أعظم نجوم السينما والمسرح فى القرن العشرين، من خلال استعراض تفاصيل خيانة زوجها السير لورانس أوليفييه لها، بعدما استحوذت علاقتهما الرومانسية وشراكتهما الفنية على خيال الجماهير فى جميع أنحاء العالم.

ويكشف الكتاب عن المعاناة التى واجهتها «لى» بسبب سوء فهم حالتها من قِبل الأطباء، وتعرضها لمعاملة قاسية على أيديهم، لتصبح ضحية مأساوية للممارسات الطبية القاسية فى تلك الحقبة.

ذكرت المؤرخة ليندسى سبنس أن فيفيان لى، التى تزوجت من السير لورانس أوليفييه بين عامى ١٩٤٠ و١٩٦٠، كانت تُعتبر مع زوجها، الزوجين الملكيين للمسرح البريطانى. لكن خلف الكواليس، كانت حياتها الشخصية مليئة بالمعاناة، حيث عانت من الاكتئاب الهوسى الذى لم يُشخّص حتى عام ١٩٥٣، ما أدى إلى سوء فهم حالتها من قبل الأطباء، وتعرضها لمعاملة قاسية.

إلى جانب ذلك، عانت «لى» من خيبة أمل عاطفية بسبب خيانة «أوليفييه»، وهو ما ألقى بظلاله على حياتها، ثم وفاتها عن عمر ٥٣ عامًا وحيدة عام ١٩٦٧، بعد ٧ سنوات من طلاقهما، لترسّخ صورتها كبطلة مأساوية فى ذاكرة الجمهور.

وعلى عكس السير الذاتية السابقة، تبدأ قصة «حيث يكمن الجنون» عام ١٩٥٣، عندما عانت فيفيان لى، تلك «الوردة الإنجليزية المثالية»، من انهيار عصبى، وتم إيداعها بمؤسسة صحية فى لندن. لكنها تلقت علاجًا بالصدمات الكهربائية الوحشية لأول مرة، وظلت فى غيبوبة لمدة أسبوعين، فى محاولة لعلاج اضطرابها ثنائى القطب، بينما كانت تحاول إعادة بناء حياتها، وإنقاذ حياتها المهنية، وإنقاذ زواجها.

وضمنت المؤرخة، فى كتابها الذى يقع فى ٢٥٦ صفحة، العديد من المواد غير المنشورة عن فيفيان لى، بما فى ذلك المراسلات الخاصة، والأوراق الشخصية، والتى تكشف كيف أن مشاكل الصحة العقلية التى عانت منها نجمة هوليوود، فى السنوات الـ١٤ التى سبقت وفاتها، والطرق المروعة التى عولجت بها فى عصرها، حددت جانبًا من حياتها لم يتماش مع بريق وجاذبية شخصيتها العامة.

وتوضح المؤرخة ليندسى سبنس الأسباب التى دفعت فيفيان لى إلى الغرق فى رحلة الجنون المظلمة، مشيرة إلى أنها كانت تعيش فى عالم الأحلام، وعدم القدرة على الفصل بين واقعها والشخصيات الكلاسيكية التى جسدتها، لتصبح أسيرة أدوار مثل «سكارليت أوهارا» فى «ذهب مع الريح»، بشعرها الداكن وعينيها المتألقتين، و«بلانش دوبوا» فى «عربة اسمها الرغبة».

جعلها هذا فريسة لدورات متكررة من الهوس الاكتئابى، وتراوحت هذه الدورات بين لحظات من الروح المعنوية العالية، والانغماس فى الكآبة الساحقة، لتضيف أبعادًا مأساوية إلى حياتها الشخصية ومسيرتها الفنية.

ومن خلال سرد تجربة فيفيان لى مع المرض العقلى، الذى لا يزال من الوصمات التى تعانى منها النساء، تحاول المؤرخة تسليط الضوء على صحة المرأة النفسية، وتعقيدات العقل الأنثوى بشكل عام.

وتعترف المؤرخة بأن فيفيان لى كانت معقدة، وذات جمال يمكن أن يصبح شيطانيًا ويتحول إلى حطام كامل، فقد كانت الممثلة الحائزة على جائزة «الأوسكار» مرتين تزداد مطالبها الجنسية عندما تكون فى حالة هوس، وكانت تتوقع ممارسة الجنس ٤ مرات فى اليوم، كما كان يصفها الممثل بيتر فينش، قائلًا: «بعد أن تذهب إلى الفراش مع فيفيان، لا شىء آخر يهم».

ووفقًا للمؤرخة، كان السير لورانس أوليفييه مفتونًا بـ«فيفيان لى» فى بداية علاقتهما، ولم يتطلب الأمر كثيرًا لترك زوجته الأولى، الممثلة جيل إسموند، من أجل «فيفيان»، ليتزوجا بالفعل عام ١٩٤٠. لكن الزواج لم يخلُ من الصعوبات، فقد اشتكى «أوليفييه» لاحقًا من أنه أصبح «نصف ميت»، مرهقًا من مطالب «فيفيان» العاطفية والجسدية، ومن حياتهما الاجتماعية الصاخبة والشجارات المستمرة.

وأوضح أن «لى»، بعد أداء أدوار مثل «فيولا» أو «ليدى ماكبث» أو «كليوباترا»، كانت تتحول إلى شخصية قوية الإرادة وغير قابلة للانحناء، أشبه بحيوان يتحرر من قفصه، وكانت نوبات الغضب الأعمى وجنون العظمة تسيطر عليها أحيانًا، ما جعل التعايش معها أمرًا بالغ الصعوبة، رغم جاذبيتها التى لا تُقاوَم.

وتؤكد مؤلفة الكتاب أن لحظات الاستقرار العقلى فى حياة الممثلة فيفيان لى كانت قليلة جدًا، إن لم تكن معدومة، مشيرة إلى تفاصيل صادمة حول تصرفاتها خلال نوبات الهوس التى كانت تعانى منها.

فى إحدى الرحلات الجوية مثلًا، صرخت بأن جناح الطائرة يحترق وهددت بإلقاء نفسها منها، ما أثار حالة من الذعر بين الركاب. وفى عام ١٩٣٩، أثناء تصوير فيلم «ذهب مع الريح»، عُثر عليها فى حالة حرجة، بعد تناول جرعة زائدة من الحبوب المنومة، بعدما كانت تتجول عارية داخل منزلها، مترنحة وتنهار فوق الأثاث، مهلوسة بأن الأشجار نساء يرتدين فساتين سهرة.

كما أشارت المؤرخة إلى حوادث أخرى مثل تمزيق ملابسها فى الحديقة، والقفز بشكل متهور على متن القطارات والنزول منها.

كما أنها فى إحدى حفلات الاستقبال، ألقت خطابًا مثيرًا للجدل وصفت فيه الأمسية بأنها «الأكثر مللًا فى حياتها»، ليصفق الجمهور بأدب فى محاولة لتخفيف التوتر. وهذه الوقائع، حسب المؤرخة، تكشف عن التناقض العميق بين تصرفات «لى» غير المتزنة وصورتها العامة كممثلة بارعة وأيقونة سينمائية.

وبسبب سلوكها المضطرب خلال تصوير فيلم «مشية الفيل» عام ١٩٥٣، اضطرت شركة «باراماونت» إلى استبدال فيفيان لى، وإسناد الدور إلى إليزابيث تايلور، وسط مخاوف متزايدة بشأن حالتها آنذاك.

The Woman Who Knew Everyone.. بيرل ميستا.. امرأة هزت عرش أمريكا 

بيرل ميستا

تصدر دار النشر «جراند سنترال»، فى ٧ يناير الجارى، كتابًا جديدًا بعنوان «المرأة التى عرفت الجميع: قوة بيرل ميستا أشهر سيدة مجتمع فى واشنطن»، أو «The Woman Who Knew Everyone: The Power of Perle Mesta, Washington’s Most Famous Hostess»، للمؤلفة ميريل جوردون، صاحبة الكتب الأكثر مبيعًا فى قائمة «نيويورك تايمز».

الكتاب الجديد يقدم سيرة ذاتية متعمقة عن بيرل ميستا، سيدة المجتمع والناشطة وسفيرة الولايات المتحدة فى لوكسمبورج، إذ تكشف فيه مؤلفته ميريل جوردون كيف كانت هذه السيدة شخصية نافذة وقوة لا يستهان بها فى واشنطن، وكيف تحولت هذه الأرملة الثرية إلى واحدة من أشهر النساء فى أمريكا.

حظيت بيرل ميستا باهتمام إعلامى واسع النطاق، واشتهرت باستضافتها حفلات فاخرة فى منزلها جمعت بين السياسيين والمشاهير. كما كانت مقربة من ٣ رؤساء أمريكيين هم هارى ترومان ودوايت أيزنهاور وليندون جونسون، ولعبت دورًا حاسمًا كواحدة من أكبر جامعى التبرعات للحزب الديمقراطى، لتسهم فى إنقاذ الحملة المالية المتعثرة لهارى ترومان عام ١٩٤٨.

ووفقًا للكتاب، كانت بيرل ميستا ذات نفوذ كبير جدًا، لدرجة أن هارى ترومان جعلها أول مبعوثة أنثى إلى لوكسمبورج، وهو ما ألهم المسرحية الموسيقية الناجحة «Call «Me Madam، التى عُرضت على مسرح «برودواى» الشهير لمدة عامين، ثم تحولت إلى فيلم سينمائى مستند إلى حياة «بيرل»، من بطولة الممثلة إيثيل ميرمان. وتناول العملان الفنيان قصة تعيين أرملة ثرية محدودة التفكير تُدعى «سالى آدامز» فى منصب سفيرة الولايات المتحدة فى إحدى الدول الصغيرة، إلا أنها تنسى واجباتها السياسية، وتندفع فى قصة حب مع وزيرة خارجية تلك الدولة.

وتروى المؤلفة ميريل جوردون قصة حياة بيرل ميستا الفاخرة، ومغامراتها الاجتماعية فى نيويورك ومانهاتن وواشنطن، وكيف تحولت من أرملة ثرية بأوكلاهوما، إلى صديقة للرؤساء وواحدة من أكثر النساء نفوذًا فى واشنطن.

ويُسلّط الكتاب الضوء على المساهمات المهمة لتلك السيدة فى السياسة الأمريكية والحركة النسوية، وكيف استخدمت نفوذها الاجتماعى كقوة سياسية، وأسهمت فى تشكيل الحياة العامة فى المجتمع الأمريكى، من خلال كرم الضيافة والصداقات والعلاقات الإنسانية الحقيقية.

يكشف الكتاب، المؤلف من ٤٩٦ صفحة، كيف كانت الحفلات الصاخبة التى تُقام طوال الليل تُستخدم فى إدارة السياسة الأمريكية، بهدف حشد الأصوات من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى.

ويُبيّن الكتاب أيضًا أن صناعة التاريخ الأمريكى لم تقتصر على القادة السياسيين وحدهم، بل أسهمت فيها أيضًا شخصيات مثل بيرل ميستا، سيدة المجتمع القوية التى تركت بصمة لا تُنسى فى الحياة الاجتماعية فى منتصف القرن العشرين، فى فترة كان فيها عدم الحضور فى الحفلات والمناسبات الاجتماعية يُعتبر إهانة وتهميشًا.

وتوضح ميريل جوردون أن حياة بيرل ميستا كانت أكثر تعقيدًا من الصورة النمطية الشائعة عنها، مشيرة إلى أنها وُلِدت فى عائلة ثرية بأوكلاهوما، ثم تزوجت من جورج ميستا، قطب صناعة الصلب الذى يكبرها بـ٢٠ عامًا، وانتقلت معه إلى واشنطن العاصمة عام ١٩١٧، عندما دُعى للتشاور مع لجنة الصلب الحكومية، مع دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى.

وورثت «ميستا» ثروة زوجها بعد وفاته المفاجئة فى عام ١٩٢٥، وأصبحت شخصية بارزة فى صفحات المجتمع، خلال ثلاثينيات القرن العشرين، وكان أسلوب حياتها يؤكد أنها سيدة جريئة وماكرة سياسيًا، ومتحمسة لحقوق المرأة، حتى مع استمتاعها بدورها كـ«مضيفة» حفلات مجتمعية، وهو ما ظهر فى انخراطها بالنشاط السياسى، فى أواخر ذلك العقد، عن طريق صديقة تنتمى إلى منظمة نسوية. واستخدمت بيرل ميستا علاقاتها لدعم جهود تمرير تعديل الحقوق المتساوية بين الرجل والمرأة، وإن لم يُكلل ذلك بالنجاح.

وخلال هذه الفترة، نشأت صداقة وثيقة بينها وبين السيناتور هارى ترومان، وأصبحت من أوائل الداعمين له، ولعبت دورًا مهمًا فى حملاته الانتخابية، خاصة فى عامى ١٩٤٤ و١٩٤٨، عندما انضمت إلى اللجنة المالية لحملة الحزب الديمقراطى.

بعد ذلك، رفعها صعود «ترومان» إلى الرئاسة لمكانة مضيفة حزبية للنخبة فى واشنطن، وباستغلال نفوذها استضافت حفلات جمع تبرعات باهظة للحزب الديمقراطى، وكانت متحدثة لبقة أمام الصحفيين عن مبادرات «ترومان»، وعملت خلال فترة توليه الرئاسة كسفيرة للولايات المتحدة فى لوكسمبورج، فى الفترة بين عامى ١٩٤٩ و١٩٥٣.ش