يوسف شاهين يشارك فى إنقاذ السينما من قبره..
كيف حافظ المخرج العالمى على فيلمى «الأرض» و«شباب امرأة» من الاختفاء نهائيًا؟
- «جو» فى حوار قديم مع سامى السلامونى: سرقت نيجاتيف «الأرض» من المعمل وصلّحته على حسابى
في ظل حديثنا عن أزمات السينما المصرية، كان لزامًا علينا أن نسمع واحدًا من أهم صُناعها ومبدعيها، المخرج الكبير يوسف شاهين، والذى كشف، فى حوار نادر مع الناقد السينمائى سامى السلامونى، عن تفاصيل حفاظه على أفلام سينمائية خالدة من الاختفاء نهائيًا، مثل «الأرض» و«شباب امرأة»... فماذا قال؟
■ أستاذ يوسف شاهين السينما زمان كانت أحسن ولا النهارده؟
- النهارده فيه تكنيك جديد، وفيه فكر جديد، وفيه نوعية من الحرية جديدة المفروض، فبعد ما اخترعت الموتور مش هترجع الحمار! سينما إمبارح كانت خاضعة للى كانوا بيعملوها، كان فيه طبقة برجوازية هى اللى بتعملها، وقالت على نفسها إنها حلوة ومعرفش إيه، النهارده، وابتداءً من كمال سليم، حصل تطور جميل جدًا جدًا.
■ العزيمة؟ «فى إشارة إلى الفيلم الذى أخرجه كمال سليم عام ١٩٣٩».
- «العزيمة» وحاجات كتير حصلت، وبعدين كلنا عاصرنا كذا حاجة وبنتكلم عنها بشىء من الحرية، لكن التركيبة الاقتصادية للسينما كانت أحسن بكثير جدًا.
لما قالوا إحنا هنأمم السينما شالوا ناس كانت فاهمة من الناحية الاقتصادية والفنية، وبالتالى شالوا التركيبة الاقتصادية اللى كانت موجودة، وبتحمى شوية السينما المصرية، المصنع نفسه يعنى، خدوه وابتدوا يدوه لأى حد بشكل عجيب جدًا.
■ المصنع اللى هو الاستديو؟
- أيوه الاستديوهات، وبعدين حتى التكوينة المتعلقة بالبيع والتوزيع، واللى بتحصل لحد النهارده، عملوا حاجات عجيبة جدًا، والناس مش فاهمة، وبقى عندك كمان كذا فيلم قتلوه، لما النيجاتيف بتاعه باظ.
تقوله على موضوع النيجاتيف ده يقولك استنانى هجيب الماكينة وإن شاء الله وهأحاول والحاجات اللى بنسمعها دى، عشان تقتل فيلم زى «شباب امراة» لصلاح أبوسيف، اللى النهارده مالهوش نيجاتيف، طب مين كان السبب فى ده؟ لازم بقى أحقق، أروح شوية لورا.
■ مفيش نيجاتيف لـ«شباب امرأة»؟
- لا مفيش، يمكن مات، و«الأرض» كان هيموت وراه، لدرجة أنى اضطريت أنى أسرقه من المعمل أصلحه على حسابى وأرجعه تانى للمعمل، ده كان من ٣ لـ٤ سنين، رُحت شارى الحقوق بعد كده بقى، لقيتهم برضه هيبهدلوه.
يعنى «الأرض» هيموت، فيلم «الأرض» يموت، تصوروا بقى تيجى على حق حد عمل حاجة مهمة زى الفيلم ده، ده حق محمود المليجى والمئات من الفنانين اللى اشتغلوا فيه، فيلم «الأرض» ده بتاع الناس، بتاع الدولة، الدولة بمعنى الناس، الناس اللى بتكوّن الدولة دى.
أنا هتابع نيجاتيف فيلم صلاح أبوسيف، عشان صلاح أبوسيف ده حاجة كلاسيك، ودى حاجة ولا بتاعته ولا بتاعتى، بتاعتكم إنتوا، فلما تقول لى: السينما النهاردة ولا زمان؟ أنهى حتة من السينما، الاقتصاد ولا الفن؟
■ الاقتصاد والفن؟
- الاقتصاد أنت شوفته متهان.
■ الفن بقى؟
- الفن لا، قُلت أنا قبل كده إن فى جيل أكاديمى محدش بيشتغل من غير ما يكون خرج من معهد السينما، وإذا فهم حاجة يبقى إحنا علمناهم غلط، إذا وقع حد منهم فى الإغراء، وعمل أى فيلم وضرب، وابتدى يعمل شوية تجارة أكثر من اللزوم، يبقى إحنا لم ننبه كفاية.
إيه خطورة الفكر اللى مفروض يقدمه للشعب كله؟ السينما مهنة خطيرة جدًا، فيه آلاف بتشوفها، ولو ما كانش فى السينما بيبقى فى التليفزيون، فيه مسئولية، لأنك بالعمل الواحد بتكلم ٢٠ مليون، فلو هما استعجلوا شوية، ده معناه إحنا ما علمناهمش كفاية، أو ماخلنهمش يقدروا المسئولية دى خطيرة إلى أى حد.
■ اللى هما خريجى معهد السينما؟
- فى منهم كويسين جدًا، من أحسن الناس، وفعلًا بيمثلونا النهاردة برّاش فى مهرجانات كبيرة ومهمة، وتحس أن الواحد فيهم عنده إحساس بالمسئولية، عندك مثلًا عاطف الطيب عمل لك «سواق الأتوبيس»، عندك على بدرخان، ناس كتير النهاردة كويسين.
بس السوق اتهلك، من إيه؟ لا فيه ضوابط فيديو ولا ضوابط توزيع.. جالى موزع من برّا بيلهف فى الفيلم ٧ مليون جنيه فى السنة ما بيخشوش مصر، ومن خلال السينما ممكن تقول إن الفكر المصرى اللى واصل للناس ابتدى يبقى خطير جدًا.
السينما كمان مفيش أى نوع من الدفاع عنها، بس ده خطر، إحنا كنا بنعمل من ٥٠ لـ٦٠ فيلم فى السنة، بس كان انتشار الفكرة المصرى بشكل جيد جد، النهارده لأ، حتى اللى بيشترى منك بيتصرف فى الفيلم برّا على كيفه ويقصقصه، ويقولك أنا محتاج وقت عشان أعمل دعاية.. طب مين يدافع عنى؟.. الجرائد ولا تجيبلى ناقد- معلش سيادتك ناقد منهم- يقولك أصل الفيلم المصرى، طيب هيشتغل من غير أى دفاع؟ وأنا هدافع عن نفسى إزاى؟
أمريكا خدت كام فيلم من برّا؟ ما بتاخدش وبالعافية، على الرغم أن الشعب الأمريكانى هرجع أقول من حقه أنه هو يشوف الناس برّا بتعمل إيه، وهنا يجيلك الأمريكانى مش فاهم أى حاجة، فاكر إن إحنا جمل وبير بترول، ده فى حضارة مصرية، وفى وفى وفى.
يعنى أنا شوفت عاطف الطيب بيجرى إزاى فى المهرجانات، وشوفت خيرى بشارة برضه شايل الفيلم على دماغه وواخد طيارة بالعافية، يعنى الأولاد بتعمل مجهود خطير جدًا عشان نبقى موجودين، لكن دلوقتى إحنا بنرجو الدولة أنها تفكر فينا.