الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

Severance.. مسلسل يثير تساؤلات عن المخاطر التى تخبئها التكنولوجيا للعالم

Severance
Severance

هل رغبت فى يوم أن تهرب من بعض ذكرياتك؟ أن تنسى ماضيك؟ أن تعيش حياة أخرى خالية من الهموم؟ هذا ما يناقشه المسلسل التليفزيونى «Severance» الذى عُرض لأول مرة على منصة Apple TV+ فى 18 فبراير 2022، ويعرض الجزء الثانى منه على المنصة فى الربع الأخير من العام الجارى.

المسلسل الذى ألّفه Dan Erickson وأخرجه Ben Stiller وAoife McArdle، يصنف ضمن فئة الإثارة الذهنية ويتناول قضايا فلسفية تحث على التفكير والتأمل فى إطار من الخيال العلمى. 

وتدور أحداث المسلسل فى بيئة مؤسسية صارمة وملبدة بالقواعد، وتتمحور القصة حول موظفى شركة «Lumon Industries» الذين خضعوا لإجراء طبى غريب يُعرف باسم «الفصل». 

الصفحة الثالثة والعشرون من العدد الثالث والعشرين لحرف

تأثير هذا الإجراء الطبى على حياة الموظفين تمثل فى تقسيم ذكرياتهم جراحيًا بين عملهم وحياتهم الشخصية، بما يؤدى إلى فصل ذكرياتهم فى العمل عن ذكرياتهم خارجه، وبالتالى إذا كانوا فى مكان العمل لا يتذكرون شيئًا عن حياتهم الشخصية والعكس صحيح.

الفكرة الرئيسية التى يقوم عليها العمل هى أنه تم تصميم هذا الإجراء الجراحى للتأكد من أن عمل الموظفين وحياتهم الشخصية سيكونان منفصلين تمامًا، بحيث تكون للمرء شخصية داخلية وشخصية خارجية.

فشخصية العمل تنشط فقط أثناء ساعات العمل وضمن حدود مكانه الجغرافية، وليس لديها أى معرفة أو ذكريات عن حياتها فى الخارج.

كذلك لا يكون لدى الشخصية التى تنشط خارج ساعات العمل، أى ذكريات متعلقة بمهنتها، وإن قابلت أحد الزملاء فى الشارع لن يتعرف أحدهما على الآخر.

Severance

هذا التصور الغريب طرحه المسلسل فى شكل شركة لومان متعددة الجنسيات وشديدة السرية والتى تعمل وفق أجندات خفية، والتى تدور فيها الأحداث، وتتبع قواعد صارمة يطلق عليها «بروفشناليزم» وهى توظف فقط الأفراد الذين خضعوا لإجراءات الفصل الجراحى.

الشخصية الرئيسية فى العمل، هو مارك سكاوت الذى يلعب دوره آدم سكوت، وهو موظف جيد يعانى من الوحدة بعد فقد زوجته- أو هكذا ظن- ما جعله يقدم على هذا الإجراء الجراحى للهروب من آلامه لـ٨ ساعات يوميًا، وبينما يتنقل فى وجوده المزدوج، يبدأ فى الكشف عن حقائق مزعجة حول طبيعة عمله ونوايا الشركة.

وخلال الأحداث يسعى مارك سكاوت وزملاؤه للكشف عن الحقائق المظلمة وراء الشركة وكيف تتم إجراءات الفصل، كما يبحثون عن إجابات وروابط بين حياتهم المنقسمة، ويغوصون داخل شبكة معقدة من المؤامرات والغموض والمخالفات التى تحدث فى المكان.

ويتناول المسلسل القصير «Severance» موضوعات مثل الهوية والذاكرة ومراقبة الشركات لموظفيها وتحقيق التوازن بين العمل والحياة. 

وأشاد نقاد ومشاهدون بأجواء المسلسل المظلمة والسريالية وطبيعة السرد المثير للتفكير فيه وفكرة المؤامرة المعقدة التى يتناولها، إلى جانب الأداء القوى لكل صنّاعه وخاصة من قبل آدم سكوت وباتريشيا أركيت وجون تورتورو، فضلًا عن الأسلوب البصرى الفريد للعمل.

Severance

وتلقى المسلسل تقييمات إيجابية، وتمت الإشادة بطريقة كتابته وعمق تحليله الاجتماعى، كما أثار مناقشات حول الآثار الأخلاقية لمثل هذه التكنولوجيا إذا كانت موجودة فى الواقع، وحول فكرة السيطرة على الواقع الرقمى.

وتوقع الجمهور الذى أشاد بـ«Severance» بأن يكون الجزء الثانى من العمل أكثر إثارة وإتقانًا وامتلاءً بالألغاز والتعقيدات.

فكرة العمل دفعت متابعين كثيرين للتساؤل حول هل يمكن أن تتحقق أفكار العمل فى الحياة الواقعية فى المستقبل، حيث يخضع الموظف لإجراء طبى يتم من خلاله زرع شريحة إلكترونية فى دماغه، مما يؤدى إلى حدوث انقسام فى وعيه؟، وسط تساؤلات أخرى عن المخاطر التى تخبئها التكنولوجيا للعالم.

وعمل مخرج المسلسل على تحليل هوية الشخص عندما يتم تقسيم ذكرياته وتجاربه بشكل جراحى، وكيف تسيطر الشركات وتستغل الموظفين وتنتهك حدود الخصوصية والاستقلالية لديهم.