أين مؤتمر الرواية يا وزير الثقافة؟.. رسائل 50 كاتبًا وأديبًا عربيًا إلى الدكتور «هنو» (3)
منذ عقد دورته الأولى عام 1998، بفكرة من الدكتور جابر عصفور، بمناسبة مرور 10 سنوات على فوز الأديب الكبير نجيب محفوظ بجائزة «نوبل»، أصبح ملتقى القاهرة للإبداع العربى قبلة الروائيين العرب، وصك اعتماد تجربة أى مبدع.
تجلى ذلك بوضوح فى الدورات التالية المتعاقبة للملتقى، الذى أصبح يعرف فى الأوساط الثقافية باسم «مؤتمر الرواية»، وكان هذا اعترافًا بأنه المؤتمر الذى يمنح شرعية أدبية لمن يشاركون فيه، ولتصبح الجائزة التى يمنحها لأديب عربى كبير بمثابة «جائزة نوبل عربية».
وعُقدت الدورات من الثانية إلى السادسة للملتقى، فى 2003 و2004 و2008 و2010 و2015، وصولًا إلى الدورة السابعة والأخيرة، فى أبريل 2019، والتى من حينها ينتظر الأدباء العرب والمصريون الدورة الثامنة.
ورغم إعلان المجلس الأعلى للثقافة، فى سبتمبر 2022، عن إقامة الدورة الثامنة، فى الفترة من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر من هذا العام، وتحديد موضوعها بعنوان «الرواية العربية.. ظواهر جديدة» ، وإطلاق اسم الراحل الكبير جابر عصفور عليها، لم تُعقد، قبل أن يخرج الأمين العام للمجلس ويقول إن الموعد الجديد سيكون الثلث الأول من عام ٢٠٢٣، لكن جاء هذا الموعد الآخر وكأن شيئًا لم يحدث.
فى عددها السابق، فتحت «حرف» هذه القضية المهمة، من خلال افتتاحية كتبها الدكتور محمد الباز، الإعلامى والكاتب الصحفى والروائى أيضًا، وهو ما تستكمله فى هذا العدد، من خلال استكتاب عدد من الروائيين، لنعرف كيف ينظرون إلى أهمية ملتقى أو مؤتمر الرواية فى القاهرة، ورأيهم فى تأجيله منذ 5 سنوات كاملة.
هيثم الحاج على: أُخطرنا بتأجيله فجأة ونأمل فى إعادة تقدير الموقف
كان حلم الدكتور جابر عصفور كبيرًا بقدر معرفته بأهمية الدور المركزى الذى تؤديه مصر على الدوام فى المشهد الثقافى العربى، ولذلك فقد عمل منذ توليه أمانة المجلس الأعلى للثقافة على دعم هذا الدور وكانت خططه متعددة ومتشعبة بدءا بالمشروع القومى للترجمة الذى تحول فيما بعد إلى المركز القومى للترجمة، ثم أنشطة المجلس الأعلى للثقافة التى اتسعت شيئا فشيئا لتصبح هى الواجهة المصرية على المشهد الثقافى العربى ومن ثم العالمى.
من هنا سيبدو الدور المهم الذى خطط له جابر عصفور وبدأ فى تنفيذه بالفعل فانتظمت ملتقيات الرواية أولًا ثم الشعر ثم القصة القصيرة ثم النقد، وهى الفعاليات التى كان يحضرها أكبر المهتمين بهذه المجالات ليس فى الوطن العربى فقط، بل إن هناك من الأسماء الكبرى فى العالم التى أتت إلى القاهرة وحضرت وحاضرت فى المجلس الأعلى للثقافة مثل جاك دريدا وروجر آلان وغيرهما.
لكن هذه الطموحات قد توقفت فى الآونة الأخيرة عند حد التخطيط فقط، مثل كثير من الأحداث المهمة التى تميزت بها مصر، وتم العمل على إيقافها أو إجهاضها، مثل مهرجان القاهرة السينمائى ومهرجان الموسيقى العربية وغيرهما من المشروعات المهمة التى كانت تضمن الوجود المصرى على خارطة المشهد العالمى، فتوقفت فى غفلة من الزمن، ولا نعلم لصالح من.
ومن هذه الأحداث كانت الدورة الأخيرة لملتقى القاهرة للرواية الذى سعدت بكونى عضوا فى لجنته العليا برئاسة أستاذى الدكتور أحمد درويش الذى حرص على انتظام الاجتماعات التحضيرية محملا بأحلام عظيمة لعودة انتظام هذا الحدث، وبعد تمام الخطة الزمنية ومخاطبة الضيوف- الذين سارعوا بالموافقة- والذين تم تقليص أعدادهم أو اقتراح مشاركتهم عبر الإنترنت نظرًا لما أملى علينا من ضعف الميزانية، أقول على الرغم من ذلك ومن تحديد جدول الفعاليات كاملًا بالخريطة الزمنية فوجئ أعضاء اللجنة، من دون إخطار مسبق، بتأجيل الملتقى من ديسمبر ٢٠٢٢ حتى الثلث الأول من العام التالى، وهو التاريخ الذى مر دون إقامة الملتقى أو الإعلان عن تاريخه التالى أو حتى إخبار اللجنة بالموعد الجديد أو حتى أسباب التأجيل لتظل تلك اللجنة فى حالة بين الانعقاد الدائم أو إنهاء الأعمال.
حالة غريبة جدًا من الإرجاء أو الإلغاء سيطرت على معظم المشروعات الثقافية المهمة خلال العامين الماضيين والحالة الأغرب تكمن فى عدم الإعلان عن أى شىء وكأن الأمر سر لا يجوز إفشاؤه، وليظل المشهد الثقافى المصرى محاطًا بغموض مريب.
هذه الأحداث ليست مجرد هامش على الخريطة المصرية لكنها كانت فى أوقات كثيرة ضامنًا أساسيًا للفعالية الثقافية المصرية فى دوائرها العربية والعالمية، والحق أن إهدار هذا التاريخ من العمل الثقافى لهو إهدار لمستقبل قريب من الفعل الثقافى- بل السياسى- المصرى، وهذه السلسلة من الإهدارات المتعاقبة تدعو للتساؤل عن صاحب المصلحة فى ذلك، لكن يظل الأمل قائمًا فى إعادة تقدير الموقف وعودة المشهد الثقافى المصرى إلى الحياة مرة أخرى.
أحمد أبوخنيجر: ضرورى لوقف سحب البساط من الثقافة المصرية
عدم انعقاد «مؤتمر الرواية» بشكل منتظم خسارة كبيرة، خاصة أنه يشكل نوعًا من الاحتفاء الخاص بقيمة الرواية، ويعد أول المؤتمرات التى جاءت نتيجة لما عُرف بـ«زمن الرواية» فى أوائل تسعينيات القرن الماضى، لتُعقد نسخته الأول فى نهاية التسعينيات، بجهد وفكرة من الدكتور جابر عصفور، صاحب مقولة «زمن الرواية» فى مجلة «فصول».
ملف «زمن الرواية» فى مجلة «فصول» كان عظيمًا، وناقش وضع الرواية العربية بشىء من التفصيل، قبل أن يتوج بعقد مؤتمر الرواية العربية، الذى تبناه المجلس الأعلى للثقافة، وفاز بدورته الأولى عبدالرحمن منيف، وكان له صدى واسع فى جميع الأقطار العربية، وتحول بعدها إلى «عرس للرواية العربية» من المحيط إلى الخليج.
بغض النظر عن بعض الأمور فى المؤتمر خلال مسيرته الطويلة، أصبح من علامات الثقافة المصرية، وأهميته هذه الأيام تزداد أكثر من الماضى، فى ظل الجوائز والمهرجانات العربية، التى تسحب وبشكل منظم رصيد ودور الثقافة المصرية.
المؤتمر تثبيت للقيمة الثقافية المصرية وضرورى لدعم الرواية العربية، ويجب أن ينعقد فى أقرب فرصة ممكنة، بعد تأجيله أكثر من مرة، منذ دورته الأخيرة فى ٢٠١٩، وبعد أن كان من المقرر انعقاده فى ٢٠٢٢، حتى إن الأبحاث والضيوف وغيرها من التجهيزات كانت قد انتهت آنذاك.
«التقشف» الذى تريده وزارة الثقافة لا ينبغى أن يكون على حساب «مؤتمر الرواية»، فهناك أمور أخرى تُصرف عليها أموال طائلة دون أى مردود، بينما هذا مؤتمر دولى جرى اعتماده، ويجب أن يكون موجودًا بصفة مستمرة.
على وزير الثقافة أن يأخذ خطوات فعلية لعقد المؤتمر فى أقرب وقت، من دون أى تأجيل جديد، لأن التأجيل أسبابه غير مبررة، خاصة مع توفير الاعتمادات المالية حسب علمى، فما المانع إذن فى أن ينعقد خلال شهر أكتوبر المقبل على الأقل.
مؤتمر الرواية العربية من العلامات المهمة فى الثقافة المصرية، ومهما كانت قيمة الجوائز العربية، تظل الجائزة المصرية الأعلى والأكثر قيمة، ويسعى إليها جميع المبدعين العرب، خاصة مع وجود نية لتخصيص جائزة عربية وأخرى مصرية.
جلال برجس: يقوى جبهتنا الثقافية أمام التقلبات العالمية
يعد مؤتمر الرواية العربية واحدًا من أهم المنابر الثقافية المهمة فى العالم العربى، وأنا واحد ممن يتابعون مخرجاته الفكرية، خاصة أننا فى مرحلة تشهد نشاطًا لافتًا على صعيدى الكتابة الروائية وقراءتها وتداولها نقديًا. وعلى حد علمى فإن الراحل الكبير جابر عصفور كان وراء هذا المؤتمر من حيث تأسيسه، وانطلاقته فى مصر، وأن ثمة دورة ستقام تكريمًا لذكراه وجهوده الثقافية.
وبرأيى أن هذا الشكل من المؤتمرات يؤثر فى المشهد الثقافى العربى تأثيرًا كبيرًا، وله القدرة على أن يعلو بالصورة الحقيقية للرواية العربية، وبالتالى يؤسس جنبًا إلى جنب مع عدد من المؤسسات الثقافية العربية إلى مستقبل ثقافى مهم، فى ظل ما يشهده العالم من تقلبات وتحولات، لا بد أمامها أن تبقى الجبهة الثقافية قوية، تنظر للواقع، وفى الوقت نفسه تحاول استشراف الغد.
وأتمنى أن يعود المؤتمر إلى حيز الوجود، ونشهد انطلاقة جديدة له.
زين عبدالهادى:عوائده وفوائده تفوق أى تكلفة
أعد مؤتمر الرواية أمرًا مقدسًا، لما له من تأثير كبير على إبداعات الرواية العربية من جانب، وكونه جاذبًا لكل صوت عربى فى الرواية من جانب آخر، فضلًا عما يضيفه للسياحة الثقافية، مع تأكيد عدم تخلى الدولة عن الثقافة، وسعيها إلى إعادة دور مصر الريادى. من جانب العلم ، يتطور عالم الرواية عامًا بعد آخر، إلى الدرجة التى تدفع جائزة «نوبل» للتخلى عن الرواية بمفهومها الكلاسيكى، وهو ماقد لا يدركه الكثيرون ممن يكتبون الرواية الآن فى المحيط العربى.
من هنا يصبح مؤتمر الرواية داعمًا لثقافة المعرفة وعلاقتها بالرواية. وأتمنى أيضًا أن يُعقد باستضافة كتاب غربيين وأفارقة، خاصة من جنوب إفريقيا والكونغو وغانا ونيجيريا، لوجود ظواهر أدبية رفيعة وجديدة فى هذه الدول.
مهما كانت تكلفة المؤتمر فإن العوائد والفوائد غير المنظورة وحتى المنظورة تفوق أى تصورات، فـ«مؤتمر الرواية» ليس نوعًا من الرفاهية، بل هو احتياج حقيقى لكل المثقفين المصريين والعرب... دعوهم يأتون مصر لكى يكتبوا عنها.
صفاء النجار: ضمور العقل المركزى للثقافة المصرية
تميزت مصر دائمًا بمركزية الرؤية واستراتيجية التخطيط، مع إعطاء هامش للتحرك بعيدًا عن المركزية عند التنفيذ بما يضمن الفاعلية والواقعية، وهو ما حفظ لمصر دومًا ثقلها الثقافى.
ويحتل المجلس الأعلى للثقافة فى مصر مكان العقل المركزى لجسم الثقافة المصرية، ولكن ما هو حادث الآن ومنذ خمس سنوات هو حالة من السيولة والتشتيت والتقزيم وعدم الفهم لدور ومهام المجلس الأعلى للثقافة، فلا يمكن لأى متابع أن يدعى أن المجلس لا يقوم بنشاط، لكنه نشاط الأطراف وليس العقل المركزى، فليس دور المجلس مجرد عقد ندوات أو أمسيات أو ملتقيات لمناقشة أدب الطفل أو الذكاء الاصطناعى أو حقوق الملكية االفكرية أو غيره، فهذا دور تقوم به أصغر مؤسسة ثقافية أهلية أو رسمية فى القاهرة وغيرها من المحافظات.
هذه النشاطات الفرعية الصغيرة تقزيم لدور المجلس الأعلى للثقافة وإهدار لميزانيته التى يجب ألا يتم تفتيتها فيما تستطيع أن تقوم به مؤسسات أهلية يقوم عليها فرد أو عدد صغير من الأفراد المتطوعين.
إن فشل المجلس الأعلى للثقافة فى إقامة الدورة الثامنة لملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى وتأجيله عدة مرات من ٢٠٢٢ حتى اليوم إنما هو انعكاس لهذا التقزم المرفوض، ففى الوقت الذى تظهر فيه المؤتمرات الدولية العربية فى العديد من العواصم العربية فى جميع نواحى الإبداع، نتراجع نحن ونهدر سنوات من الجهد وتراكم الخبرات فى إقامة أنشطة تربط المثقفين العرب والدوليين بمصر، فى الوقت الذى نعلم فيه يقينًا أن نجاح معظم الملتقيات العربية تنظيمًا ومشاركة لا يكون إلا بتواجد المثقفين المصريين.
على قدر أهل العزم تأتى العزائم. المسألة ليست فى ضعف الإمكانيات المالية، لكنها إصابة العقل المركزى الثقافى المصرى بالوهن، وعدم وجود خريطة مركزية للثقافة المركزية توضح ما هو المطلوب كى نحافظ على هويتنا الثقافية، وليس مجرد تسديد الخانات وتضبيط الأوراق دون مناقشة أو حساب المسئولين عن خططهم وما تم منها ومراجعة مردود أى نشاط ثقافى.
إن النقاش لا يجب أن يقتصر على تغييب ملتقى الرواية، ولكن فلنفتح القوس على امتداده ولنسأل بصراحة: ماذا يفعل المجلس الأعلى الثقافة فى مصر الآن؟ ماذا يقدم للثقافة المصرية؟
إننى أطالب وزير الثقافة الجديد الدكتور أحمد هنو بوصفه رئيس المجلس، بمراجعة ما قام به المجلس الأعلى للثقافة فى السنوات الأخيرة، وهل يتسق هذا النشاط مع الأهداف العظيمة للهيئة المستقلة التى تأسست عام ١٩٥٦ لتنسيق الجهود الحكومية والأهلية فى ميادين الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، والذى كان الأول من نوعه على المستوى العربى؛ ما دفع العديد من الأقطار العربية أن تحذو حذو مصر وتشكل مجالس مشابهة؟.
هل فعلًا ما زال المجلس هو العقل المخطط للسياسة الثقافية فى مصر؟ وأين هذه السياسة الثقافية على الأرض؟ أين الخطط والمقترحات التى تقدمها لجانه الثمانى والعشرون؟ هل تحول المجلس إلى هيئة بيروقراطية حكومية تعانى من التضخم الإدارى؟
إذا استطعنا معرفة موطن الداء وعرفنا الدواء فسيقام ملتقى الرواية والشعر والقصة و.. و..
محمد عطية محمود: حلقة وصل لمناقشة الظواهر والقضايا الفكرية
يمثل ملتقى الرواية العربية فى القاهرة حلقة وصل وترابط مهمة، لمناقشة ودراسة الظواهر والقضايا الفكرية والأدبية والإنسانية والثقافية بشكل عام، والتى تهتم بها الرواية بشكل خاص، كوعاء تختمر فيه الأفكار والتطلعات والرؤى والتقنيات المختلفة، وتحتشد عناصر تجمع الحياة وتربط الحاضر بالماضى وبالمستقبل، وتحتبل به الواقع الثقافى والإبداع من أسماء عديدة قادرة على الإبداع ومتمرسة عليه، وثقافات إقليمية تصب فى ثقافة قومية أكثر شمولية واتساعًا.
ولا شك أن اجتماع الروائيين العرب من كل تلك الأقطار ومن كل المشارب فى ملتقاهم أو عرسهم الثقافى المهم فى القاهرة «عاصمة أم الدنيا»، والمركز الثقافى والفكرى المشع الذى انطلقت منه الثقافة إلى كل أرجاء الوطن الكبير، لما لها من زخم ومد حضارى وثقافى وقدرة على احتواء كل التيارات الفكرية والإبداعية، ومنابرها التعليمية والثقافية والإعلامية، يمثل أثرًا قويًا لهذا التلاقح الفكرى والإبداعى والنقدى.
مر ما يقارب خمس سنوات عجاف لم تعقد فيها أى دورة من دورات الملتقى المتميز بالإبداع وبالحراك الثقافى، وبمد أواصر العلاقات الوطيدة بين الروائيين العرب وممثلى شعوبهم العربية الشقيقة، وأيضًا المهاجرين منهم الذين يمثل الملتقى لهم فرصة بالغة الأثر فى التواصل والتفاعل، والعودة من جديد لممارسة دورهم الإبداعى والنقدى مع مواطنيهم وإخوانهم العرب من كل الأقطار.
وربما كان هذا مما يؤسف له أن ينقطع تواصل يراد به دائمًا الاستفادة من كل اللقاءات وامتزاجات الفكر وتلاقحاته، وطروحات الرؤى مع النظرة المستقبلية لفن الرواية تحديدًا، الذى أصبح بشموليته واتساع مفاهيمه وتقنياته، مفتوحًا على كل التيارات الفنية والتشكيلية والفكرية والفلسفية، بمعنى الانفتاح الثقافى للرواية والإبداع.
يعطى هذا فرصة ذهبية لالتقاء تلك العقول والقرائح، وضخ الدماء الجديدة فى شرايين الإبداع والنقد معًا، من الأسماء التى تطرح نفسها بقوة على المشهد الروائى العربى، مع ترسيخ منجز أصيل حازه فن الرواية من خلال رموزه البارزة من كل الأقطار العربية، ما يدفعنا دائما للمناداة بضرورة عودة الملتقى لممارسة دوره الحيوى والمهم، وكدور أصيل لإبراز أهمية فن الرواية، ودور القاهرة الرائد فى هذا المضمار.
فكرى داود: معًا لاستعادة «الجمعية العمومية للساردين العرب»
أرى ككثيرين ضرورة عودة مؤتمر الرواية العربية، وذلك لأسباب عدة، منها ثبوت نجاح دوراته السابقة، وباعتباره اجتماعًا لما يشبه «الجمعية العمومية للساردين العرب»، لمناقشة القضايا العربية الثقافية والمصيرية، واتخاذ مواقف متقاربة أو موحدة، وطرح أفكار جديدة أو مقترحات للحلول، إلى جانب اتساع التعارف الشخصى والإبداعى بين الكُتاب، وخلق توافقات ومشروعات فكرية مبتكرة، وتواصل أجيال المبدعين والمفكرين العرب.
ويتيح المؤتمر كذلك التعرف على إصدارات المشاركين وغير المشاركين، من خلال الكتابة عن أعمالهم، كما حدث معى شخصيًا فى دورتين، فرغم عدم مشاركتى الرسمية، طرح فى إحداها الكاتب محمد عبدالله الهادى دراسة عن روايتى «عام جبلى جديد». كما شارك فى الثانية الكاتب سمير الفيل بدراسة عن مجموعتى «العزومة».
كان من المقرر عقد دورة جديدة فى ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، وجرى طرح المحاور المقترحة لراغبى المشاركة، وكتبت عن أحدها، وأرسلت خلاصته مع تعريف قصير إلى القائمين على استقبال المشاركات، مع طرحها على لجنة لاختيار المناسب منها، ثم وصلتنى رسالة إلكترونية بقبول ما كتبته، واعتبارى من المشاركين فى المؤتمر، قبل أن أُفاجأ برسالة اعتذار محترمة عن تأجيله، مع وعد بإخطارى بالموعد الجديد لاحقًا، حال تحديده. وهذا ما لم يحدث حتى اليوم.
شاركت أكثر من مرة بشكل شخصى وعلى نفقتى الخاصة، لسبب بسيط، هو عدم رؤية الإعلان الذى يسبق المؤتمر ببضعة شهور، محددًا المحاور التى يجب على راغبى المشاركة الكتابة عن أحدها، وإرساله فى وقت محدد، ومن ثم العرض على لجنة تحدد إمكانية المشاركة من عدمها، إلا أننى ككثيرين كنا نفاجأ بانتهاء المدة دون مشاهدة الإعلان، الذى ينزل بشكل محدود ولوقت قصير. هذا ما تنبهت له أخيرًا، قبل تأجيل المؤتمر لأجل غير مسمى، الذى أرى عودته ضرورية، بصرف النظر عن أسماء المشاركين أو اتجاهاتهم الفكرية والثقافية.
سلوى بكر: يجب إعادته لتدعيم قوتنا الناعمة
من الأفضل أن نسأل وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، والمختصين عن أسباب تراجع هذا المؤتمر، لأن الحدث كان ينتظره الروائيون والمثقفون والأدباء من جميع أنحاء العالم العربى وكان يقصده مبدعون ونقاد وأكاديميون من كل أنحاء العالم أيضًا، وكان يشكل ثقلًا ثقافيًا لمصر وجانبًا من جوانب قوتها الناعمة.
كان الكثير من الضيوف غير المدعوين من الوزارة، يشاركون فى الدورات السابقة للمؤتمر على نفقتهم الخاصة، ويكفى أن الأديب الطيب صالح عندما فاز بجائزة المؤتمر فى دورة من دوراته قال إن هذه الجائزة لها مذاق خاص وقيمة خاصة لأنها جاءت من مصر.
والطيب صالح الذى عاش فى أوروبا ومعروف ككاتب كبير على مستوى العالم كله، عندما يقول ذلك فهو يعكس مدى قوة هذا المؤتمر وأهميته.
ومن العيب أننا نتراجع عن هذا المؤتمر المهم، ويجب إعادته فى أسرع وقت ممكن؛ لأننى أعتبر هذا المؤتمر واحدًا من أشكال القوة الناعمة لمصر التى يجب استعادتها.
محمد حيّاوى: حان الوقت لعودة القاهرة لتصدر الساحة الإبداعية
لا يخفى على أحد الدور الذى لعبه مؤتمر الرواية العربية فى القاهرة منذ انطلاقته الأولى حتى توقفه المؤقت للأسف منذ سنوات قليلة، لجهة تأصيل الفن الروائى العربى وترسيخ مرتكزاته الفنية، خاصة أنّه انطلق من القاهرة، عاصمة الثقافة والأدب العربى الكبرى. وإذا كان من مكان يجب أن ينطلق منه مثل هذا الجهد الفنى فيجب أن يكون القاهرة لاعتبارات كثيرة يعرفها الجميع، بالنظر للتأسيس الأدبى الرصين وعمق التجارب الإبداعية فى مصر، وقدمها وإصالتها، منذ بواكير عصر النهضة، حتى أديب نوبل الكبير نجيب محفوظ. وأعتقد جازمًا أنه حان الوقت لعودة القاهرة للمارسة دورها الحيوى والمحورى فى العالم العربى على الصعيد الإبداعى، بواسطة مؤتمر الرواية العربية والجائزة الدبية الكبرى التى كان مقدرًا لها أن تنبثق منه، لتسدّ نقصًا واضحًا فى هذا الجانب.