الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

جلال برجس: «نشيج الدودوك» الرواية التى كنت أحلم بكتابتها

جلال برجس
جلال برجس

وصل كتابه «نشيج الدودوك» القائمة القصيرة لـ«جائزة الشيخ زايد للكتاب»، والذى يتحدث فيه عن نفسه، وعن قراءته 3 أعمال أدبية رافقته إلى 3 دول سافر إليها، ونشأته فى مدينة «مادبا» الأردنية، وكيف كان كل هذا ملهمًا له فيما بعد، ليكون الكاتب جلال برجس، الذى حصد جائزتى «البوكر» و«كتارا»، عن روايتيه «دفاتر الوراق» و«سيدات الحواس الخمس»، ووصل إلى القائمة القصيرة لـ«جائزة الشيخ زايد»، بهذا الكتاب الذى يمكن تصنيفه بأنه سيرة روائية للكاتب الكبير. ولو صنفنا الكتاب، الذى صدرت طبعته المصرية عن دار «الشروق» للنشر والتوزيع، بعيدًا عن تصنيف «السيرة الروائية»، لوجدنا أننا أمام رواية كبيرة تدور حول استبطان الذات، وسؤال العالم عن ماهية كل شىء، أمام عمل لا يمكن أن تجزم بأنه كُتب فى الأردن، فالمفردات التى تناولها جلال برجس، يمكن أن تكون شائعة فى ريف مصر أو السودان. 

«حرف» التقت جلال برجس للحديث عن هذه السيرة.

■ كيف ترى وصولك القائمة القصيرة لـ«جائزة الشيخ زايد للكتاب»؟

- يسعدنى وصول رواية «نشيج الدودوك» القائمة القصيرة لـ«جائزة الشيخ زايد للكتاب»، لأنها جائزة على قدر كبير من الأهمية، وتحمل اسم زعيم عربى له محبة فى قلوب كل العرب.

من جهة أخرى، أى جائزة فى المحصلة هى تكريم للكتاب، ولفعل القراءة، وتوسيع لرقعة المعرفة، التى نحتاجها جدًا فى هذه المرحلة، فالجوائز غيرت فى منسوب القراءة، وجعلت الكاتب العربى يجد مكانته التى كان يتمناها، وساهمت إسهامًا كبيرًا فى التنمية الثقافية. 

■ «نشيج الدودوك» بها مفردات تجدها فى معظم الدول العربية، ولو لم يُكتب أنها سيرة لكانت رواية تناسب كل الأماكن هل قصدت ذلك؟

- حيواتنا رواية، ونحن شخوصها، والروايات فى المقابل حيوات نعيشها، ومن هنا يمكننى القول إنى أشعر بالرضى أمام التصنيفين اللذين رأى القراء عبرهما «نشيج الدودوك»، فمنهم من قال إنها رواية، ومنهم من رأى أنها سيرة روائية.

هذان رأيان فى غاية الأهمية، ينطلقان من رؤية القارئ فى التعاطى مع النص، بأدواته القرائية الخاصة. إن كانت «نشيج الدودوك» رواية، فهى روايتى التى كنت أحلم بكتابتها، وإن كانت سيرة فهى سيرتى التى تتقاطع بسيرة القراء.

والحياة فى العالم العربى واحدة رغم الاختلافات، واحدة بلغتها وظروفها وأحداثها، ومن هنا سيجد القارئ مشتركات كثيرة، ومساحات يمكن عبرها أن يكوّن سيرته الخاصة، وروايته التى عاشها، وهذا ما وجدته لدى القراء الذى قرأوا «نشيج الدودوك»، إذ إن الملاحظة الأبرز أنهم وجدوا، بشكل أو بآخر، سيرتهم التى تعنيهم.

■ بعد فوزك بـ«البوكر» قلت فى حوار سابق مع «الدستور» إن «العمل المقبل مغامرة». بعد وصول «نشيج الدودوك» إلى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد، كيف تقيم هذه المغامرة؟

- المغامرة فى شكل هذا الكتاب، حيث تتقاطع الرواية بالسيرة بأدب المكان، فهى توليفة تستهدف مقاربة عناصرنا الحياتية، حيث يتحرك الإنسان، ويعيش من دون الانفصال عن ذاكرته ومكانه وأحلامه وتساؤلاته الوجودية.

لقد كانت مغامرة وجدت قبولًا كبيرًا لدى القارئ، وأفضى تقاطع عناصرها تلك إلى إحداث حركة دائرية سردية، جعلت القارئ يعيشها، وبالتالى يسقط عليها مفهومه للزمن. 

■ فى «نشيج الدودوك» استخدمت لغة لم تكتبها فى «دفاتر الوراق» ولا «سيدات الحواس الخمس».. كيف كان العمل على هذه الرواية؟ 

- لكل كتاب لغته الخاصة، ولـ«نشيج الدودوك» لغة كان لى عبرها أن أجد الطريق سالكة نحو مكونى الجوانى، وبالتالى يحدث لى هذا الاستنطاق، وجر الذات إلى كرسى الاعتراف، سعيًا إلى الخلاص.

هذه اللغة انعكست على باقى الخطوط السردية، إذ إن التعاطى مع الأمكنة التى زرتها كان تعاطيًا ذاتيًا، أى بمعنى أنى كنت أرصد نفسى فى فضاء تلك الأمكنة.

وحتى الكتب التى تطرقت لها أتت عبر ذلك المنظار اللغوى، فاللغة ليست مجرد أداة تحمل الفكرة، بل إنها الفكرة بعينها، وهى البطولة الأولى لأى كتاب، لأنها الفضاء الشامل الذى كنت أفكر فى مساحاته، وأحلم بمفرداته، وأعيش تساؤلاتى بمنطقه، وأقف أمام حيرتى أمام هذا الكون بوعيه. إنها كل شىء. 

■ أنت شاعر وقاص قبل أن تكون روائيًا.. بعد تحقيقك هذه النجاحات فى الرواية، هل تعكف عليها بعيدًا عن باقى الأجناس الأخرى؟

- لا انفصال عندى عن باقى الأجناس الأدبية، وهذا لا يعنى فقط جر تلك الأجناس نحو الرواية، بل إنى أكتب ما بين الحين والآخر قصصًا قصيرة، ستنشر ذات يوم، وأكتب الشعر، وحتى المسرح، ولا يمكننى أن أعيش بعيدًا عن الأدب الذى يفرض نفسه عبر أبواب عديدة.

■ ما تفاصيل العمل الذى تعكف عليه الآن؟

- أعكف على كتابة رواية، تستهدف الجذور فى كل شىء يخص الإنسان، وبالتالى الذهاب إلى أزماته وأحلامه ورؤاه، بمنطق روائى لم أطرقه من قبل. باختصار إنها رواية كل آدمى يقف أمام أشكال حيرته، ليس فى هذه المرحلة، بل أمام كل المراحل الإنسانية. 

■ بمناسبة حلول رمضان ما طقوس جلال برجس فى الكتابة والزيارات والإفطار فى الشهر المعظم؟

- فى رمضان، أمضى نهارى مثل أى صائم يقرأ القرآن ويتعبد، ويعيش الطقس المنزلى الرمضانى، هذا النهار جزء منه فى العمل، والجزء الآخر فى البيت. أما المساء فإنى أمضيه فى الكتابة. هذا بطبيعة الحال لا ينفى أنى أقوم بزيارات عائلية، واستقبل ضيوفًا فى منزلى. وفى هذا الشهر الفضيل أجد صفاء روحيًا عاليًا، ينعكس على كتابتى وقراءتى.