اعترافات أنجيلا ميركل.. مذكرات «أقوى امرأة فى العالم».. تخاف الكلاب!
- بوتين قال لقادة مجموعة الثمانى بعد انتظارهم إياه 45 دقيقة: «كنت أشرب بيرة»
- أخطأت عندما تعاملت مع ترامب على أنه «شخص طبيعى»
- خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى كان أمرًا حرجًا
وصلت إلى أرفف المكتبات، فى 26 نوفمبر الماضى، المذكرات الشخصية للمستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، التى تحمل عنوان «Freedom: Memories 1954-2021» أو «الحرية: ذكريات 1954 - 2021».
وتكشف «ميركل»، فى الكتاب الجديد، عن الكثير من حياتها الشخصية والمهنية، وتفاصيل علاقاتها بقادة العالم، وعلى رأسهم الرئيس الروسى، فيلاديمير بوتين، إلى جانب الرئيسين الأمريكيين السابقين: جورج بوش وباراك أوباما، والمنتخب حديثًا دونالد ترامب، مرورًا برئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو.
وحظيت مذكرات المستشارة الألمانية السابقة بردود فعل دولية مختلفة، وتجاوب واسع وقوى من القراء فى أكثر من دولة، خاصة مع ترجمتها إلى أكثر من 30 لغة. وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع ما كتبته، من المؤكد أن هذه المذكرات تبرز الجانب الآخر من إرث «ميركل»، التى لُقبت فى وقت من الأوقات بـ«أقوى امرأة فى العالم».
ويرى كثيرون أن نهج «ميركل» الرصين والعملى والحذر فى الحياة والسياسة مطلوب بشدة فى هذه الأيام، التى ازدادت فيها الصراعات وخيبات الأمل المروعة فى العالم كله تقريبًا... فماذا قالت فى مذكراتها؟
بوتين أخافنى بـ«كلبة سوداء» و«بدا مستمتعًا بذلك»
على نحو ٧٠٠ صفحة من صفحات المذكرات، سواء فى طبعتها الألمانية الأصلية، التى نشرتها دار نشر «كيبنهيور آند فيتش»، أو فى النسخة الإنجليزية الصادرة فى نفس الوقت عن دار «سانت مارتن»، تطرقت «ميركل» إلى الكثير من تفاصيل لقاءاتها وعلاقاتها مع الرؤساء والسياسيين من جميع أنحاء العالم.
لكن لا يظهر أى اسم آخر أكثر من اسم الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى هذه المذكرات، من خلال استعراض تفاصيل لقاءاتها العديدة معه، لكن بشكل أظهر جوانب سلبية عديدة فى شخصيته.
وأكدت «ميركل» أن «بوتين» أبقاها منتظرة إياه لمدة ٤٥ دقيقة، فى قمة «مجموعة الثمانى» عام ٢٠١٥، وهو ما أغضبها بشدة، خاصة أنها تكره عدم الالتزام بالمواعيد ولا تتحمله نهائيًا.
وقالت المستشارة الألمانية السابقة: «بوتين جعلنى وزعماء مجموعة الثمانى الآخرين، الذين كان من المفترض أن ينضم إلينا لتناول مشروب قبل العشاء، ننتظر لمدة ٤٥ دقيقة. انتظرنا وانتظرنا. وإذا كان هناك شىء واحد لا أستطيع تحمله، فهو التأخير وعدم الالتزام بالمواعيد».
وأضافت: «لماذا كان يفعل هذا؟ هل كان يحاول أن يثبت شيئًا؟ أم أنه كان يعانى من مشكلة حقيقية؟ فى الخارج كنت أتحدث بشكل مريح مع الآخرين. لكن من داخلى كنت أغلى».
وواصلت: «عندما ظهر بوتين فى النهاية، لم يعتذر، وقال إنه كان يشرب راديبرجر، بعد تزويده بصندوق من البيرة بناءً على طلبه، من قبل مضيفيه الألمان، قبل قمة مجموعة الثمانى».
وتذكرت «ميركل» أن الرئيس الروسى أهدى لها ٣ هدايا، على هامش محادثات أوكرانيا بصيغة «نورماندى»، فى فبراير ٢٠١٥، هى: قاموس عسكرى أثرى روسى ألمانى، ومثله روسى فرنسى، وثالث روسى إنجليزى، جميعها نُشرت فى نهاية القرن التاسع عشر.
وأضافت: «طلب منى بوتين تقديم القاموس الروسى الإنجليزى باسمه إلى باراك أوباما، أثناء زيارتى لواشنطن، الإثنين المقبل»، معتبرة أن هذا «تلميح متحفظ وساخر، يقصد به أنه رغم أنه كان يتحدث إلينا (هى والرئيس الفرنسى آنذاك فرانسوا هولاند)، كان فى الواقع يرى الولايات المتحدة كطرف تفاوضى على قدم المساواة».
ومن أكثر المواقف إثارة بين «ميركل» و«بوتين» ما روته عن زيارتها إلى منتجع «سوتشى» الروسى على البحر الأسود، عام ٢٠٠٧، والتى أقدم «بوتين» خلالها على إدخال كلبته السوداء «كونى»، من فصيلة «لابرادور»، خلال اجتماعهما معًا، على الرغم من علمه بخوفها من الكلاب، بعد أن هاجمها أحد الكلاب عام ١٩٩٥.
وزعمت المستشارة الألمانية السابقة أن الرئيس الروسى بدا مستمتعًا بهذا الموقف. لكنها لم تبد غضبها من الأمر، كما تفعل غالبًا، تطبيقًا لشعار: «لا تشرح أبدًا، لا تشكو أبدًا»، وفق قولها.
وأضافت «ميركل»: «بينما جلست أنا وبوتين أمام المصورين، فى بداية اجتماعنا، حتى يتمكنوا من التقاط الصور لنا، حاولت تجاهل كلبته، على الرغم من أنها كانت تتحرك بجوارى تقريبًا».
وواصلت: «فسرت تعبيرات وجه بوتين على أنه كان يستمتع بالموقف. هل كان يريد فقط أن يرى كيف يتفاعل شخص فى محنة؟ هل كان مجرد استعراض صغير للقوة؟ فكرت فقط: حافظى على هدوئك، وركزى على المصورين، وسوف يمر الأمر».
وذكرت «ميركل» أيضًا أن معرفة «بوتين» بخوفها من الكلاب، لم يمنعه سابقًا من إعطائها «كلبًا محشوًا كبيرًا» كـ«هدية خاصة»، فى عام ٢٠٠٦.
ومع ذلك، خلصت إلى أن «بوتين شخص لا يريد أن يُهان، وكان دائمًا على أهبة الاستعداد لتجنب المعاملة السيئة، ومستعدًا لشن هجماته، بما فى ذلك ألعاب القوة بالكلاب، أو جعل الآخرين ينتظرونه»، متابعة: «قد تجد كل هذا طفوليًا ومستهجنًا. يمكنك أن تهز رأسك عند سماعه. لكن ذلك لم يزل روسيا يومًا من الخريطة».
وكشفت المستشارة الألمانية السابقة عن تفاصيل لقاء آخر مع الرئيس الروسى، أشار فيه إلى منازل خشبية فى سيبيريا، ثم قال لها: «الفقراء يعيشون هناك، ويمكن إغواؤهم بسهولة»، مشيرًا إلى أن مجموعات مماثلة تم تشجيعها بأموال من الحكومة الأمريكية للمشاركة فى «الثورة البرتقالية» بأوكرانيا عام ٢٠٠٤، قبل أن يضيف: «لن أسمح أبدًا بشىء من هذا القبيل فى روسيا».
وأكدت أنها شعرت بالانزعاج من «مباشرة بوتين»، خلال الخطاب الذى ألقاه فى ميونيخ عام ٢٠٠٧، وابتعد فيه عن المحاولات السابقة لتطوير علاقات أوثق مع الولايات المتحدة، معلقة عليه بقولها: «هذا الخطاب أظهر بوتين كما أعرفه، شخصًا يحذر دائمًا من التعرض لمعاملة سيئة».
كما تذكرت أيضًا كيف أصيبت بالصدمة عندما «كذب» عليها «بوتين» بشأن ضم شبه جزيرة القرم فى عام ٢٠١٤، مشيرة إلى أنه نفى أن الذين غزوا شبه الجزيرة واستولوا على المبانى الحكومية بها كانوا جنودًا روسًا.
وقالت المستشارة الألمانية السابقة: «عندما واجهت بوتين فى مكالمة هاتفية، فى اليوم التالى لهذا الحدث، نفى الأمر. كانت هذه المرة الأولى التى أخبرنى فيها بوتين بكذبة. مع ذلك، لم أقطع الاتصال به، لم يكن خيارًا بالنسبة لى حقًا».
وأضافت: «لكن منذ ذلك الحين، لم تعد تحدث المشاورات الحكومية الألمانية الروسية، والزيارات إلى مدن مختلفة، بخلاف الاجتماعات المخصصة فى العواصم، والاجتماعات بينى وبين بوتين فى حوار بطرسبرج».
وتطرقت إلى سياستها تجاه روسيا، التى تبنتها خلال حكمها الذى امتد إلى ١٦ عامًا، مدافعة عن اتفاق السلام فى شرق أوكرانيا ٢٠١٥، الذى توسطت فيه، وعن قرارات حكومتها بشراء كميات كبيرة من الغاز الطبيعى من روسيا، معتبرة أنه «كان من الصواب الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع موسكو».
ولم تبدِ «ميركل» أى ندم بشأن سياستها تجاه روسيا. وفى مواضع كثيرة، تكرر وتسوق العديد من الحجج حول هذه السياسة، تحديدًا قبل غزو روسيا لأوكرانيا فى عام ٢٠٢٢، مع ترسيخ الفكرة القديمة للسياسة الشرقية، القائلة على «التغيير من خلال التجارة»، أو أن «الاعتماد المتبادل يمكن أن يمنع السلوك العدوانى من روسيا».
وقالت «ميركل» عن ذلك: «على الرغم من كل شىء، لا أزال أعتقد أننى كنت على حق فى الحفاظ على اتصالنا بروسيا وروابطنا معها من خلال العلاقات التجارية، التى كانت تتعلق بأكثر من مجرد ميزة اقتصادية متبادلة».
وتفاعل الرئيس الروسى، فيلاديمير بوتين، مع ما ذكرته المستشارة الألمانية السابقة، خاصة إدخال كلبته «كونى» خلال اجتماعهما سالف الذكر، قائلًا: «أنجيلا، سامحينى»، مؤكدًا أنه لم يقصد تخويفها.
وأضاف «بوتين»، فى مؤتمر صحفى بالعاصمة الكازاخستانية أستانا: «لم أكن أعلم أنها تخاف الكلاب. أتوجه إليها مرة أخرى عبر وسائل الإعلام، وأقول: أنجيلا، أرجوك سامحينى. لم أكن أريد أن أسبب لك أى حزن. بل على العكس، أردت أن أخلق جوًا ملائمًا لمحادثتنا. إذا أتيت مرة أخرى، وأُدرك أن هذا أمر غير مرجح، لن أفعل ذلك تحت أى ظرف».
وأظهرت صور من اجتماع «بوتين» و«ميركل»، فى مدينة «سوتشى» الروسية، عام ٢٠٠٧، كلبة «لابرادور ريتريفر» سوداء اللون تتجول فى المكان، بينما كانت الزعيمة الألمانية تجلس على كرسيها مبتسمة بتوتر.
نتنياهو قوّض حل الدولتين.. وخلافاتى معه بلا حل
إلى جانب حديثها عن السياسة الخارجية لألمانيا، خاصة علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة، خصصت أنجيلا ميركل فصلًا عن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وزياراتها المتعلقة بهذا الملف من ١٩٩١ إلى ٢٠٢١، وتفاعلاتها مع قادة إسرائيليين مثل شيمون بيريز وإيهود أولمرت ونفتالى بينيت، وبنيامين نتنياهو.
وانتقدت «ميركل» رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى، بنيامين نتنياهو، الذى صدرت ضده مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية مؤخرًا، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مؤكدة أن خلافاتهما أصبحت «غير قابلة للحل»، خلال فترة ولايتها التى استمرت ١٦ عامًا، خاصة بعد عام ٢٠٠٩.
وأضافت المستشارة الألمانية السابقة: «لم نتفق أنا ونتنياهو سوى على صيغة واحدة، هى (الاتفاق على أن نختلف)»، متهمة إياه بتقويض حل الدولتين تمامًا، قائلة: «على الرغم من أن نتنياهو ذكر أحيانًا حل الدولتين، فإن أفعاله قوضت هذا الحل تمامًا، خاصة ما يتعلق بالتوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية».
وعلى عكس «نتنياهو»، وصفت إيهود أولمرت بأنه «كان مباشرًا وملتزمًا بصدق بحل الدولتين»، على حد قولها، مضيفة: «أولمرت هو الذى أقنعنى بدعم مشاركة الجيش الألمانى فى مهمة حفظ السلام التابعة ليونيفيل فى جنوب لبنان عام ٢٠٠٦».
ورغم انتقادها لـ«نتنياهو»، فى المذكرات، أعادت «ميركل» تأكيد موقفها المؤيد لإسرائيل، والتزام ألمانيا الثابت بـ«حق إسرائيل فى الوجود»، وهو الموقف الذى التزم به خلفاؤها، خاصة أثناء الصراع الدائر حاليًا فى غزة.
واعترفت «ميركل» بشرعية الدعوات إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وانتقدت سياسات ألمانية وإسرائيلية بشأن ذلك. لكنها فى نفس الوقت، ادعت أن «بعض المظاهرات يساء استخدامها للتعبير عن الكراهية لدولة إسرائيل واليهود».
وأصبحت ألمانيا نقطة محورية لحملة واسعة النطاق للتضامن مع الفلسطينيين، لكن السلطات فى برلين واجهت هذه الاحتجاجات، وألغت الكثير من الأحداث الثقافية المتعلقة بها. وأثارت هذه التدابير انتقادات من جانب النشطاء، لأنها تنتهك حرية التعبير، وتستهدف بشكل غير متناسب المجتمعات الفلسطينية والعربية.
تركت السلطة فى الوقت المناسب
تناولت أنجيلا ميركل، فى مذكراتها، قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، كاشفة عن أنها بذلت جهودًا لدعم رئيس الوزراء البريطانى آنذاك، ديفيد كاميرون، أثناء تعامله مع الضغوط التى كان يواجهها من الرافضين لوجود بلاده داخل الاتحاد، قبل أن تشير إلى أن هناك حدودًا لما يمكنها فعله، فى ظل أن القرارات النهائية كانت تعتمد على الإرادة البريطانية نفسها.
وتطرقت إلى جهود «كاميرون» لتهدئة معارضى وجود بلاده فى الاتحاد الأوروبى، معتبرة أن الطريق إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «مثال نموذجى لما يمكن أن ينشأ عن سوء التقدير».
ووصفت نتيجة الاستفتاء البريطانى بالخروج من الاتحاد الأوروبى، فى عام ٢٠١٦، بأنها إذلال وإهانة وعار لبقية الدول الأعضاء فى الاتحاد، مضيفة: «السؤال عما إذا كان ينبغى لى تقديم المزيد من التنازلات للمملكة المتحدة أرقنى لفترة طويلة، لكننى توصلت إلى قناعة بأن التطورات السياسية داخل بريطانيا حينها، جعلت من المستحيل منع خروجها من الاتحاد بأى طريقة مقبولة».
وخلصت إلى أن «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى كان أمرًا حرجًا، لم يكن بوسع الجيران أن يفعلوا الكثير لمنعه»، معتبرة أن «ديفيد كاميرون، من خلال الوعد بإجراء استفتاء لاسترضاء المتشددين فى حزبه، وضع نفسه فى شباك رافضى الاتحاد الأوروبى. ولم يكن قادرًا على الإفلات من ذلك».
وتطرقت «ميركل»، التى تبلغ من ٧٠ عامًا، إلى بداياتها، من خلال بدء مذكراتها بسرد السنوات الـ٣٥ الأولى من حياتها فى ألمانيا الشرقية، حيث كانت ابنة قس، وتنتقد عائلتها جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
وتعلمت فى وقت مبكر أن تكون حذرة بشأن التعبير عن رأيها، خشية أن يستمع إليها جهاز الأمن فى ألمانيا الشرقية، أو أى شخص آخر. كما تحدثت عن دراستها الفيزياء فى لايبزيج، وذهابها إلى برلين الشرقية للعمل على أطروحتها، حيث عززت شبكة علاقاتها فى الغرب، خاصة فى تشيكوسلوفاكيا وبولندا، مع طرح وجهة نظرها النقدية للنظام الشيوعى.
وأعجبت بمقاومة البولنديين للنظام حينها، ورغم أنها لم تكن ناشطة معارضة قط، وشاركت فى تجمعات منتقدى النظام فى برلين، وعلى النقيض من بعض أصدقائها، كانت متفائلة فى إعادة توحيد بلادها بسرعة. ولم تؤمن أبدًا بـ«طريق ثالث» لجمهورية ألمانيا الديمقراطية.
وقالت «ميركل» إنها كانت عازمة على الانخراط فى السياسة. وبعد فترة وجيزة من دخولها حزب «الصحوة الديمقراطية»، أصبحت عضوًا فى البرلمان، ثم ارتقت بسرعة فى صفوف حزب «الاتحاد الديمقراطى المسيحى» المحافظ، تحت قيادة المستشار هلموت كول، كوزيرة اتحادية للمرأة والشباب ثم للبيئة. ولم يتوقع أحد، خلال مسيرتها السياسية المبكرة، أن تقود تلك المرأة البلاد فى نهاية المطاف.
وخلال السنوات الـ١٦ التى قضتها كمستشارة، نادرًا ما تحدثت «ميركل» عن هويتها الألمانية الشرقية، ما أثار استياء الألمان الشرقيين الذين ما زالوا يشعرون بالاضطهاد.
وكشفت «أنجيلا» عن الألم الذى شعرت به بسبب ما وصفته بـ«الشكوك المستمرة» التى طاردتها خلال مسيرتها السياسية، مشيرة إلى أنه فى الأوقات التى واجهت فيها مشكلات كبرى، كانت شعبيتها فى جمهورية ألمانيا الديمقراطية تُستغل ضدها بشكل متكرر. كما تتذكر أيضًا الشكوك التى أحاطت بها كونها أول امرأة تتولى قيادة ألمانيا، وهو تحد زاد من صعوبة إثبات نفسها فى الساحة السياسية.
وكانت «ميركل» أول مستشارة ألمانية تترك السلطة فى الوقت الذى تحدده هى، بعدما أعلنت أنها لن تسعى إلى ولاية خامسة. وعن ذلك قالت: «تركت السلطة فى الوقت المناسب»، مرجعة قرارها هذا إلى عدة أسباب، منها حالتها الصحية.
وأشارت فى هذا السياق إلى ٣ حوادث تعرضت لها فى عام ٢٠١٩، وارتجاف جسدها أثناء المشاركات العامة، مضيفة: «فحصت نفسى بدقة، ولم تكن هناك أى نتائج عصبية أو غيرها، وقال لى طبيب العظام إن جسدى يتخلص من التوتر الذى تراكم على مر السنين».
بوش لم يتحرش بى.. وترامب رفض مصافحتى
رأت أنجيلا ميركل أن قادة الولايات المتحدة والغرب الكبار، مثل وينستون تشرشل، والملكة إليزابيث، ورؤساء الولايات المتحدة السابقين، كانوا خلال توليهم مناصبهم يحظون باحترام أكبر من الناس عند ظهورهم فى الأماكن العامة، على عكس المستشارين الألمان.
وكشفت عن أنها أعجبت للغاية بمبدأ الملكة إليزابيث القائل «لا تشرح أبدًا، لا تشكو أبدًا»، وقررت أن تتبع هذا المبدأ فى حياتها السياسية.
وأنّبت المستشارة الألمانية السابقة نفسها لأنها أخطأت فى اعتبار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب شخصًا طبيعيًا تمامًا، عندما التقيا فى عام ٢٠١٦. بينما عبرت عن سعادتها بالوقت الذى قضته فى مزرعة جورج دبليو بوش، فى تكساس، عام ٢٠٠٧، قائلة: «بقيت ذكرى الجداول والجسور والطبيعة فى مخيلتى حتى النهاية. كانت لحظات ريفية مريحة وجميلة وبسيطة».
وعلقت على مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع، فى السنوات الأولى من ولايتها، أثناء حضور قمة «مجموعة الثمانى» فى سان بطرسبرج عام ٢٠٠٨، حينما ظهر الرئيس الأمريكى آنذاك، جورج دبليو بوش، وهو يدلك رقبتها بشكل مفاجئ، وأوحت ردة فعلها المحرجة بأنها لم تكن مسرورة على الإطلاق.
وقالت «ميركل» عن ذلك: «لم أشعر أن ما حدث انتهاك جنسى، بل كانت مزحة، لم يكن المقصود منها ترهيبى أو التقليل من شأنى. لقد أحببت أنا وبوش بعضنا البعض، واحترمنا بعضنا البعض كذلك».
وتحدثت عن أوجه التشابه بين الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، والرئيس الروسى فيلاديمير بوتين، قائلة: «ترامب مفتون بوضوح بالرئيس الروسى، وتلقيت انطباعًا واضحًا بأنه مفتون بالسياسيين ذوى السمات الاستبدادية والديكتاتورية، مضيفة: «كلاهما طفولى وحاول إحراجى أمام الصحافة».
وكشفت المستشارة الألمانية السابقة عن أنها اختارت عدم الانجرار وراء الاستفزازات التى واجهتها من الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، مركزة بدلًا من ذلك على تحقيق المصالح المشتركة، التى كانت غالبًا ترتكز على قضايا التجارة.
واستشهدت بنصيحة حصلت عليها من البابا فرانسيس عندما طلبت منه الإرشاد حول كيفية التعامل مع «ترامب»، بعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة لأول مرة، حيث قال لها البابا: «انحنى، انحنى، ثم انحنى أكثر، ولكن لا تدعى نفسك تنكسر»، مشيرة إلى أنها كانت تتمنى إيجاد طريقة لإقناع «ترامب»، الذى وصفته بأنه صاحب «عقلية تاجر»، بعدم الانسحاب من «اتفاقية باريس للمناخ».
أما عن علاقاتها بالرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، فقد خلصت «ميركل»، بعد لقائها الأول به، إلى أنهما يمكن أن يعملا معًا بشكل جيد. وبعد أكثر من ٨ سنوات، وخلال زيارته الأخيرة كرئيس إلى ألمانيا، فى نوفمبر ٢٠١٦، كان «أوباما» واحدًا من الأشخاص الذين ناقشت معهم ما إذا كانت ستسعى لولاية رابعة.
وقارنت بين «أوباما» و«ترامب»، قائلة: «لم يكن هناك نفس الدفء مع ترامب، الذى انتقدنى وألمانيا خلال حملته الانتخابية عام ٢٠١٦»، مؤكدة أنها اضطرت للسعى نحو «علاقة عملية» معه، وتجنب الرد على استفزازاته المتكررة.
واستشهدت بموقف محرج وقع فى مارس ٢٠١٧، أثناء زيارتها البيت الأبيض، عندما طلب المصورون أن يتصافحا، وتوجهت إليه بهدوء قائلة: «هل تريد مصافحة؟». لكنها لم تتلق أى رد، إذ بقى ينظر للأمام ويداه متشابكتان.
ولامت نفسها على رد فعلها العادى على ذلك الموقف المحرج، قائلة: «كان ترامب يسعى لاستفزازى بسلوكه، بينما كان خطئى أننى تصرفت وكأننى أتعامل مع شخص يتصرف بشكل طبيعى».
ولم تخف دعمها للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، منافسة «ترامب» فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وكشفت أيضًا عن أنها أبلغت رئيس الوزراء الهندى، ناريندرا مودى، بأن عددًا متزايدًا من المسلمين والمسيحيين تعرضوا للهجوم من قبل القوميين الهندوس بعد توليه منصبه.