الأربعاء 04 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مـاذا يقرأ العالم الآن؟.. أسرار السياسة والجاسوسية في أحدث إصدارات الكتب

حرف

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات أيًا كان نوعها ومجالها ما دامت تصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.

فى هذا العدد، نتناول ملامح من كتاب «صانع الملوك: الأسرار والأكاذيب والحقيقة حول 5 رؤساء وزراء»، الذى يكشف فيه السير جراهام برادى، رئيس اللجنة المكلفة بتحديد رئيس حزب «المحافظين» البريطانى، أسرارًا تنشر لأول مرة عن 5 رؤساء وزراء بريطانيين.

أما الكتاب الثانى فهو ««خدمتها السرية: النساء المنسيات فى الاستخبارات البريطانية»، ويركز على أسرار نساء الـ«MI6»من بطلة «جيمس بوند» إلى «قاهرة الروس».

وأخيرًا رواية «Nightbitch» أو «كلبة الليل».للمؤلفة راشيل يودر.

Her Secret Service.. أسرار نساء الـ«MI6»من بطلة «جيمس بوند» إلى «قاهرة الروس»

صدر كتاب «Her Secret Service : The Forgotten Women of British Intelligence» أو «خدمتها السرية: النساء المنسيات فى الاستخبارات البريطانية»، أواخر أكتوبر الماضى، عن دار نشر «وايدنفيلد آند نيكلسون».

الكتاب من تأليف المؤرخة كلير هوبارد هول، المتخصصة فى الشأن الاستخباراتى، ويكشف كيف حُذفت من التاريخ مساهمات النساء فى أجهزة المخابرات البريطانية، منذ إنشائها فى عام 1909.

وتزيح «هول» النقاب عن القصص الحقيقية للعديد من النساء اللاتى عملن فى قلب الاستخبارات السرية البريطانية، فى كتابها المدعوم بالوثائق الخاصة، لتكشف كيف لعبن دورًا محوريًا فى كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية.

ووصفت المؤلفة هؤلاء النساء بأنهن «الحراس الحقيقيون للأسرار العسكرية البريطانية»، بداية من كاثلين بيتيجرو، المساعدة الشخصية لرئيس جهاز الاستخبارات البريطانى، ستيوارت مينزيس، إلى أجنيس بليك، أول ضابطة أنثى فى جهاز الاستخبارات البريطانى، ووينيفريد سبينك، أول ضابطة أنثى يتم إرسالها إلى روسيا عام ١٩١٦.

وأكد الكتاب- المكون من ٤٤٨ صفحة- أن كاثلين بيتيجرو، المساعدة الشخصية لرئيس جهاز الاستخبارات البريطانى، ستيوارت مينزيس، هى «مونى بينى» الحقيقية، التى ذكرها إيان فليمنج فى سلسلة روايته الشهيرة «جيمس بوند»، وظهرت فى الأفلام المقتبسة عنها. ولعبت الممثلة الكندية لويس ماكسويل دور «مونى بينى» فى ٦ أجزاء، خلال الفترة من ١٩٦٢ إلى ١٩٨٥، منها فيلم «بوند» الثانى «من روسيا مع حبى»، من بطولة شون كونرى، عام ١٩٦٣.

ولعقود من الزمان، ظلت العميلة البريطانية كاثلين بيتيجرو مخفية فى كتب تاريخ أجهزة المخابرات، رغم لعبها دورًا محوريًا فى عمليات تجسس مهمة لصالح بريطانيا. والتقاها إيان فليمنج أثناء فترة عمله كضابط استخبارات بحرية أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتمتعت «بيتيجرو» بسلطة أكبر من شخصية «مونى بينى» الخيالية فى سلسلة «جيمس بوند»، وكانت تحضر جلسات إحاطة سرية، وتراقب خطوط الاتصال المهمة، فى زمن الحرب.

وتأكدت مساهمة «بيتيجرو» فى جهاز الاستخبارات البريطانى «MI٦»، من خلال وثائق صدرت حديثًا تُظهر أنها كانت نشطة بشكل كبير فى عمليات الجهاز، طول مسيرتها المهنية الممتدة لـ٣٧ عامًا.

ووفقًا للكتاب، خدمت «بيتيجرو» تحت قيادة ٥ رؤساء لجهاز الاستخبارات البريطانى، كاشفًا عن أدلة سرية تشير إلى أنها كانت تعمل على نقل الرسائل، بما فى ذلك الرسائل التى فك تشفيرها آلان تورينج وفريقه، الذى استطاع فك شفرة الألمان فى الحرب العالمية الثانية.

ورافقت «بيتيجرو» ستيوارت مينزيس، رئيس «MI٦»، فى اجتماعات سرية للغاية فى زمن الحرب، مع ونستون تشرشل. وفى عام ١٩٤٦، مُنحت وسام الإمبراطورية البريطانية. وكتبت «بيتيجرو» الأحرف الأولى من اسمها، فى الزاوية اليسرى العليا من الوثائق السرية للجهاز، المعروضة حاليًا داخل مركز الأرشيف الوطنى فى إنجلترا.

وتكشف هذه الوثائق أن «بيتيجرو» بدأت حياتها المهنية فى المخابرات البريطانية أثناء الحرب العالمية الأولى، عندما حضرت استجوابات الشرطة للجواسيس الألمان المتخفين، بمن فى ذلك ماتا هارى، وهى امرأة فاتنة كانت تضاجع المسئولين البريطانيين لمعرفة أسرارهم لصالح الألمان، قبل القبض عليها وإعدامها رميًا بالرصاص فى النهاية.

وولدت كاثرين بيتيجرو فى جنوب شرق لندن عام ١٨٩٨، وكانت ابنة تاجر، ولم تكن متزوجة، ولم يكن لديها أطفال، وفق مؤلفة الكتاب، مشيرة إلى أنها تواصلت مع أحد أقاربها فأخبرها أنه بعد تقاعد «بيتيجرو»، سألها مازحًا عما إذا كانت مثل «الآنسة مونى بينى»، التى ذكرها إيان فليمنج فى أعماله، فأجابت دون تردد: «كنت الآنسة مونى بينى بنفوذ وسلطة أكبر».

من بين النساء الأخريات اللاتى وردت مساهمتهن التاريخية فى الاستخبارات البريطانية، ضمن دفتى كتاب «خدمتها السرية»، وينيفريد «وينى» سبينك، أول عميلة تُرسل إلى روسيا، خلال فترة الثورة البلشفية عام ١٩١٧.

وتطرق الكتاب كذلك لسيرة أجنيس بليك، أول عميلة فى جهاز الاستخبارات البريطانى، والتى عرّضت حياتها للخطر بالتجسس على الضباط الألمان، وكانت مهمتها تقديم معلومات عن أى غزو ألمانى محتمل أو إعلان حرب. وبصفتها أرملة ٥٠ عامًا وترتبط عائلتها بألمانيا، تمكنت من زيارة وجمع المعلومات الاستخباراتية من ألمانيا دون إثارة شكوك.

وجُندت «بليك» فى عام ١٩٠٩، عندما تأسس مكتب الخدمة السرية، الذى نشأ عنه «MI٥» و»MI٦ «، وكانت مهمتها إبلاغ مانسفيلد كومينج، أول رئيس لجهاز الاستخبارات السرية البريطانى، بتحركات الضباط الألمان العاملين والمتقاعدين.

وتنحدر «أجنيس» من عائلة ثرية، ففى عشرينيات القرن التاسع عشر، جمع جدها، فريدريك جارواى، ثروته فى دومينيكا، حيث كان يمتلك مزرعة لقصب السكر. أما هى فقد أسست نفسها كمترجمة، من خلال ترجمة العديد من المسرحيات والأعمال الأدبية الألمانية إلى اللغة الإنجليزية.

ووفقًا للكتاب، من خلال دائرة أصدقاء «أجنيس»، تمت التوصية بها إلى السير تشارلز هاردينج، وزير الدولة الدائم الذى ينسق العلاقات بين الحكومة وجهاز الاستخبارات، فأدرك على الفور أنها يمكن أن تقدم معلومات مبكرة عن غزو ألمانى محتمل، من خلال علاقات عائلتها.

فحسب ما هو معروف، تزوجت الشقيقة الكبرى لـ«أجنيس» من عائلة ألمانية أرستقراطية عام ١٨٦٩، كما أن العلاقات العسكرية لشقيق زوجها الألمانى، كمساعد لولى العهد والقيصر المستقبلى، فيلهلم الثانى، جعلها عميلة مثالية للمخابرات البريطانية.

توفيت «أجنيس» عام ١٩٥٠، عن عمر يناهز ٩١ عامًا، ولم تنجب أى أطفال. وعندما تعقبت المؤرخة هوبارد هول أقاربها الأحياء، اندهشوا عندما عرفوا بدورها كجاسوسة بريطانية، ولم يكن لديهم أى فكرة على الإطلاق، ولم يتمكنوا من تصديق ذلك، وعلى الرغم من أنه لا يزال لديهم خاتمها الأرستقراطى الألمانى، لم يكن لديهم أى فكرة عما كانت تفعله من أعمال تجسس. 

Kingmaker.. جراهام برادى: جميع رؤساء وزراء بريطانيا مصابون بالجنون

صدر كتاب «Kingmaker: Secrets, Lies, and the Truth about Five Prime Ministers» أو «صانع الملوك: الأسرار والأكاذيب والحقيقة حول ٥ رؤساء وزراء»، فى أواخر سبتمبر الماضى، عن دار نشر «إيثاكا»، وهو من تأليف السير جراهام برادى، رئيس لجنة نواب حزب «المحافظين» البريطانى، المكلفة بتحديد رئيس الحزب.

ويزيح الكتاب الستار عن كواليس المعارك السياسية التى رسمت ملامح السياسة البريطانية لعقد ونصف، وهى الفترة التى شهدت تعاقب آخر ٥ رؤساء وزراء وهم: ديفيد كاميرون وتيريزا ماى وبوريس جونسون وليز تراس وريشى سوناك. 

ويكشف الكتاب النقاب عن تفاصيل مثيرة شهدتها السنوات الـ١٤ الماضية من قلب السياسة البريطانية، بدءًا من حكومة الائتلاف، مرورًا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وجائحة «كورونا»، ثم الانتخابات الأخيرة.

ودخل السير جراهام برادى إلى البرلمان عام ١٩٩٧ كأصغر نائب محافظ، وأصوله من الطبقة المتوسطة، وانطلقت مسيرته السياسية فى الـ١٦ من عمره، عندما شارك فى حملة لدعم مدرسته الثانوية.

ويحكى الكتاب عن مسيرة «برادى»، من طفل فى «سالفورد» إلى مُطلع واسع على خبايا حزب «المحافظين». فعلى مدار ١٤ عامًا، كان «برادى» بمنزلة المنبّه الذى يبلّغ رؤساء الوزراء بفقدان ثقة نوابهم، مع رئاسته اللجنة المسؤولة عن اختيار زعماء الحزب من النواب، وتلقيه، سرًا، رسائل حجب الثقة إذا رغب الأعضاء فى تغيير القيادة.

ويعد هذا الكتاب أول إفصاح لرئيس سابق للجنة عن أسرار فترته الصعبة، ويعكس عدم الاستقرار المتجذر فى حزب «المحافظين»، الذى تمنح لائحته الداخلية نوابه الحق فى كتابة رسائل تطالب بتصويت على الثقة.

وبفضل قدرة «برادى» على الوصول إلى صناع القرار على مدار السنوات الماضية، يعرض الكتاب رؤى دقيقة حول شخصيات رؤساء الوزراء المتعاقبين وقراراتهم، ليكشف عن أسباب الإخفاقات القيادية الأخيرة، ويطرح أسئلة جريئة حول من سيكون مؤهلًا للقيادة فى المستقبل.

وفى نحو ٣٢٠ صفحة، يكشف «برادى» عن وقائع إقصاء ٥ رؤساء وزراء، ويسرد محادثاته الخاصة مع كل منهم حينما أُرغموا على مغادرة السلطة، ودوره فى ملفات حساسة، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وجائحة «كورونا»، إضافة إلى أزمات القيادة التى أدت إلى هزيمة انتخابية كارثية للمحافظين.

ويصف «برادى» كيف كان ديفيد كاميرون واثقًا بشكل مفرط فى نفسه، لكنه يفتقر إلى مهارة الإنصات، بينما كانت تيريزا ماى متصلبة الرأى، وبوريس جونسون مهووسًا بذاته، وتلقى رسائل قاسية تدعوه للتنحى. أما ليز تروس فقد وجدها ذات طابع غريب، لكنه أشاد بريشى سوناك، معتبرًا أنه اجتهد لإعادة الاستقرار بعد فترة «تروس» القصيرة و«المدمرة».

وأكد عدم اتفاقه مع النهج الذى اتبعه بوريس جونسون فى مواجهة وباء «كورونا»، بعدما اعتمد قيودًا شديدة للغاية عكست تعامل الحكومة مع الناس، وكأنهم «غير موثوقين بما يكفى لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم». ومع ذلك، أقرّ بأن الجائحة كانت مرحلة بالغة الصعوبة، تطلبت من «جونسون» اتخاذ بعض «القرارات الشاقة».

ومن أغرب ما ورد فى الكتاب، اعتراف «برادى» بأنه يؤمن دائمًا بأن رؤساء الوزراء البريطانيين جميعًا يصابون بدرجة من الجنون، وأن أفضلهم هو من يتأخر فى ذلك قدر المستطاع، مشيرًا إلى أن رؤساء الوزراء الخمسة الذين تناولهم فى كتابه، بالإضافة إلى اثنين سابقين، يمتازون بمزيج غريب من الصفات، وجميعًا تحركهم طموحات عارمة وثقة لا مبرر لها بأنفسهم فى كثير من الأحيان.

كما كشف عن تساؤلات يطرحها عليه الناس، بعد تجربته فى خضم سلسلة الأحداث السياسية التى شهدت ٥ زعماء خلال ٨ سنوات، عما إذا كان حزب «المحافظين» قد أصبح «عصيًا على القيادة»، وإذا ما كان أعضاء البرلمان يترددون مرارًا قبل الدعوة للتصويت على الثقة.

وأوضح أن ذلك كان يحدث غالبًا تحت ضغوط هائلة واستفزازات شديدة، وأدى إلى تعاقب ٥ رؤساء وزراء بريطانيين خلال ١٤ عامًا، منذ تولى ديفيد كاميرون رئاسة الحكومة عام ٢٠١٠، وحتى مغادرته فى ٢٠١٦.

وفى حديثه عن كل زعيم، قال «برادى» إن ديفيد كاميرون اختار الانسحاب بنفسه، فيما غادرت تيريزا ماى بعد أن فقدت أغلبيتها فى انتخابات لم تكن ضرورية، ثم واجهت مأزقًا فى إدارة ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.

أما بوريس جونسون فقد خسر ثقة زملائه على خلفية فضيحة «بارتيجيت»، وتعامله السيئ مع فضيحة سوء السلوك الجنسى. وليز تراس أدركت أن موقفها لم يعد قابلًا للدفاع عنه قبل أن يُتاح وقت لتنظيم تصويت على الثقة. وأخيرًا، رحل ريشى سوناك بعدما فشل فى إقناع الناخبين بأنه التغيير المنشود.

Nightbitch.. إيمى آدامز «تتحول إلى كلبة» فى فيلم رعب عن الأمومة

يصل فيلم الرعب الكوميدى «Nightbitch» أو «كلبة الليل» إلى دور العرض السينمائية أوائل ديسمبر المقبل، وهو مقتبس عن رواية شهيرة للمؤلفة راشيل يودر نشرتها عام ٢٠٢١، ومن بطولة النجمة إيمى آدامز، التى رُشحت لجوائز «الأوسكار» عدة مرات.

وقبل أسبوعين من عرض الفيلم، رشحت عدة منصات إعلامية عالمية الرواية للقراءة، خاصة أنها تتحدث عن تأثير الأمومة على النساء، وتستكشف ما يحدث للمرأة عند مواجهتها حدثًا ما، مثل إنجاب طفل أو عمل زوجها الذى يتطلب منه السفر طوال الأسبوع.

وتعتبر الرواية نوعًا من التأمل فى معنى أن تكون أمًا وامرأة ناجحة فى الوقت الحاضر، فالبطلة تكافح مع واجبات الأمومة، والإحباطات بشأن العالم الذى تركته وراءها، ومهنتها التى ضحت بها من أجل تربية طفلها، حتى تبدأ تدريجيًا فى التحول إلى كلب.

وتحظى إيمى آدامز فى هذا الفيلم بقدر أكبر من المتعة عن أدوارها السابقة، من خلال تجسيد شخصية فنانة تنسحب من الحياة المهنية لرعاية ابنها، وتنتقل من المدينة إلى الضواحى، حيث تترك العمل فى تصميم المنحوتات وعرضها فى متحف الفن الحديث لحساب قلى البطاطس المجمدة على الإفطار!

ورغم أن البطلة تحب ابنها بشدة، تستاء من الدور الذى تلعبه الآن، وتكافح مع فقدان الهوية والشعور بضياع الذات، خاصة مع فشلها فى الارتباط بالأمهات الأخريات من حولها.

وتجد البطلة نفسها أيضًا تحت رحمة غضبها بشكل متزايد، والذى رغم قدرتها على إدارته وإخضاعه، مثل العديد من النساء، لكن مع كل تعليق طائش من زوجها الذى يلعب دوره الممثل سكوت ماكنيرى، وكل مهمة غير مجزية تُوضع فيها، يبدأ شيء ما فيها بالتحول.

الفيلم الذى أخرجته وكتبت السيناريو الخاص به مارييل هيلر، يصور الغضب الأنثوى واحباطات المرأة العصرية بسبب استيائها من فخ الحياة المنزلية، وكأن الأمومة وحش حقيقى، تستجيب فيه تلك الأنثى للعزلة والاغتراب والتضحية بالنفس من أجل طفلها، من خلال التحول إلى كلب!

ومع هذا التحول الغريب، تستسلم البطلة للغرائز البدائية كوسيلة لاستعادة جزء من نفسها التى فقدتها. ورغم مقدار الغضب الأنثوى القوى الذى تطلقه، يظل حبها لطفلها شيئًا لا يمكن التشكيك فيه أبدًا.

ويرى النقاد أن إيمى آدامز تعد سببًا كافيًا لمشاهدة الفيلم، فى ظل أدائها المتفرد الذى يمنح المتفرج وصولًا حميميًا إلى مخاوف وقلق الشخصية، خاصة مع امتلاك هذه الشخصية طريقة ماكرة لجذب المشاهدين للاقتناع بتفكيرها، ليس فقط من خلال تطبيع التغييرات الجسدية الغريبة والدوافع غير الطبيعية التى تمر بها، لكن أيضًا بتقبلها التدريجى لهذه الحالة، بشىء أقرب إلى التسلية من الذعر.

وتعبر «آدامز» عن استياء الأم المتزايد بالتزامن مع نفاد صبر النساء الأخريات، اللاتى شعرن وكأنهن خادمات بلا أجر على مدار الساعة، مع أزواج غافلين بتعمد عن متطلباتهن. وبدون التقليل من الإرهاق العميق، فإن لمستها الخفيفة تجعل المشاهد مضحكة فى نفس الوقت.

أداء إيمى آدامز جلب لها عدة تكريمات، خلال العروض الأولى للفيلم، بدءًا من مهرجان «تورنتو» السينمائى الدولى، فى سبتمبر الماضى. كما فازت بجائزة التمثيل، عن نفس الدور أيضًا، من مهرجان «ميل فالى» السينمائى، فى ١٦ أكتوبر المنقضى. وعند عرض الفيلم فى مهرجان «سافانا» السينمائى، أوائل نوفمبر الجارى، حصلت الممثلة المتألقة على جائزة «الإنجاز المتميز فى السينما».

وربما يرجع أداء إيمى آدامز المتميز فى الدور إلى ظروف كتابة الرواية من قبل الكاتبة الأمريكية راشيل يودر، فقد كتبتها بعد عامين من التوقف عن الكتابة، وبسبب الغضب الذى شعرت به بعد أن أصبحت أمًا، والتغييرات الناتجة فى حياتها الشخصية والمهنية.

والمثير للدهشة أن «يودر» قد كتبت الرواية دون خوف أو هواجس بشأن غرابتها، لأنها كتبتها «لنفسها»، رغم مخاوفها من أن فرضية الكتاب لن توفر مادة كافية لتشكل رواية فى النهاية.

وتحمست دار نشر «دوبلداى» لنشر الرواية، المكونة من ٢٥٦ صفحة. ورغم أن راشيل يودر لم تتوقع ذلك، تلقت مراجعات إيجابية حول الرواية، التى وضعتها كبريات المنصات الإعلامية فى قائمة أفضل كتاب لعام ٢٠٢١، وتُرجمت إلى ١٣ لغة.

وتعتبر الواقعية السحرية فى رواية «يودر» هى ما جعلها متميزة ومصنوعة ببراعة، لأنها ببساطة تطرح وتجيب على سؤال فى غاية الأهمية هو: ماذا سيحدث إذا أطلقت أم طموحة العنان للغضب الكامن بداخلها، بعد أن وضعت حياتها المهنية فى الفن جانبًا للبقاء فى المنزل مع ابنها حديث الولادة؟