الأربعاء 13 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

فضح الجرائم وتوثيق الدمار وأسرار المخابرات.. ماذا يقرأ العالم الآن؟

حرف

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، طالما يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.

وخلال مساحة «ماذا يقرأ العالم الآن؟» التى تخصصها الجريدة لتعريف قرائها على المنتج الإبداعى الغربى، أخذنا جولات فى أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، وتعرفنا خلالها على عدد من الأعمال الجديدة التى صدرت مؤخرًا فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.

وفى هذا العدد، نُلقى الضوء على كتاب فرنسى يفضح «مشروع الإبادة الإسرائيلى» فى غزة، وكيف تحول القطاع إلى مسرح لكارثة إنسانية وحرب أكثر تدميرًا على الإطلاق، إلى جانب مجموعة شعرية لشاعر فلسطينى يوثق فيها مشاهد الدمار التى واجهها بنفسه بعد السابع من أكتوبر.

كما نقدم ملخصًا للكتاب الجديد للمفكر والكاتب والأكاديمى والسياسى الأمريكى نعوم تشومسكى، إلى جانب تفاصيل الرواية التى جسدها الفنان المصرى ذى الأصول المصرية رامى مالك على الشاشة، وتدور حول أسرار وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

كتاب غزة الأسود.. باحثة فرنسية تفضح «مشروع الإبادة الإسرائيلى» فى غزة

أصدرت دار النشر الفرنسية «ditions du Seuil»، ومقرها باريس، فى الرابع من أكتوبر الجارى، كتاب «Le Livre noir de Gaza» أو «كتاب غزة الأسود»، من تأليف الباحثة أنييس ليفالوا، نائبة رئيس معهد الأبحاث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.

ويوثق الكتاب الجديد، الذى كتب مقدمته الدكتور رونى برومان، رئيس منظمة «أطباء بلا حدود» من ١٩٨٢ إلى ١٩٩٤، تفاصيل عام كامل من المجازر الإسرائيلية فى غزة، فى الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى أكتوبر ٢٠٢٤.

ووصفت «ليفالوا»، فى «كتاب غزة الأسود»، الحرب التى تشنها إسرائيل فى غزة، منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، بأنها الحرب الأكثر تدميرًا على الإطلاق التى يشنها الكيان الإسرائيلى فى فلسطين المحتلة. لكن «الحصار المطلق المفروض على الإعلام، والعاملين فى المجال الإنسانى، والمراقبين الدوليين، يجعلها حربًا غير مرئية، ما يؤدى إلى انتشار الكثير من المعلومات المضللة».

ويتضمن الكتاب مجموعة من التقارير الرئيسية الصادرة عن المنظمات غير الحكومية الدولية، بالإضافة إلى استطلاعات الخبراء، والمقالات الصحفية، فضلًا عن مساهمات لم تُنشر من قبل لمستشارين مستقلين وقادة منظمات غير حكومية، لتوثيق كل الحقائق حول غزة ووضعها فى نصابها الصحيح.

وكشفت الباحثة الفرنسية، من خلال هذه الوثائق والتقارير، عن مصير الضحايا المدنيين فى غزة، وحجم الدمار الذى لحق بالقطاع ككل، إلى جانب توثيق الهجمات ضد الصحفيين، والعاملين فى المجال الإنسانى والصحة، فضلًا عن استعراض ترسانة الأسلحة المستخدمة فى عمليات الإبادة المرتكبة من قبل القوات الإسرائيلية هناك.

الكتاب الذى يضم بين دفتيه ٢٧٢ صفحة يفك رموز مشروع الإبادة وجرائم الحرب التى تشنها إسرائيل فى فلسطين، ويكشف نهج إسرائيل الذى يهدف إلى «إخفاء» سكان غزة ومعاناتهم، وفق تقرير نشرته صحيفة «لو موند» الفرنسية عن الكتاب.

وقالت أنييس ليفالوا إنه «فى عام واحد من قصف غزة، دمر الجيش الإسرائيلى كل ما سمح لسكان هذا القطاع الساحلى بتكوين مجتمع: المنازل والإدارات والمدارس والجامعات، ودور العبادة والمراكز الثقافية، والملاعب الرياضية، والمصانع والمستودعات والحقول والطرق، كل شىء».

ودعمت «ليفالوا» توثيقها لمشروع الإبادة الإسرائيلى، الذى تسبب فى مقتل أكثر من ٤١ ألف فلسطينى حتى الآن، معظمهم من المدنيين، بحوالى ٦٠ من تقارير المنظمات غير الحكومية والتحقيقات الصحفية، مع تقسيمها تحت عدة عناوين رئيسية مثل: الحصار الإنسانى، والهجمات على النظام الصحى، واستهداف المدنيين، وغيرها.

وتلقى هذه الوثائق الموجودة فى الكتاب الضوء على المبانى المدمرة فى غزة، والمدنيين الذين أُجبروا على الفرار إلى مكان آخر، دون أى ضمان لسلامتهم، فضلًا عن الأسلحة المحرمة التى يستخدمها الجيش الإسرائيلى، وقتله الآلاف من الأطفال، فيما يرقى إلى إبادة جماعية مستمرة.

وكشف الكتاب عن العديد من الإجراءات التى اتخذتها السلطات الإسرائيلية للتعتيم على جرائمها، من بينها منع وسائل الإعلام الأجنبية من دخول غزة، وإغلاق مكاتب قنوات عربية فى إسرائيل والضفة الغربية، واستهداف الصحفيين، بالتزامن مع إجراءات «أكثر خبثًا» للسيطرة على الخطاب العام فى الدول الغربية، خاصة التركيز على ترهيب أى معارض لتصرفات الاحتلال ووصمه بـ«معاداة السامية»، وهو ما ذكره رونى برومان، الرئيس السابق لمنظمة أطباء بلا حدود، فى مقدمة الكتاب.

وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى غزة بسبب الحصار المفروض من إسرائيل، تمكنت «ليفالوا» والمساهمون فى الكتاب من توثيق ما حدث على مدار عام كامل، من دمار بشرى ومادى سببته هجمات الجيش الإسرائيلى على القطاع المحاصر، الذى تبلغ مساحته ٣٦٠ كم مربعة، يعيش فوقها ٢.٢ مليون نسمة.

واستعرض الكتاب الوضع الراهن الشاذ الذى ساد فى غزة والضفة الغربية حتى ٦ أكتوبر ٢٠٢٣، وتاريخ قطاع غزة بصفة عامة، منذ عام ١٩٤٨ وحتى الحصار الشامل الذى فرضته إسرائيل منذ عام وأكثر.

ووصف الكتاب غزة بأنها «مسرح لكارثة إنسانية»، مستعرضًا لحظات الحياة والموت فى القطاع خلال العام الماضى، ليكشف للعالم كيف أن الاستخفاف بالرعب اليومى جعله ينسى تلك الأحداث الصادمة والمجازر القاتلة التى تحدث فى تلك المنطقة المنكوبة.

والتزم الكتاب بتسلسل زمنى دقيق للأحداث، وسياقها فى التاريخ الطويل للسياسة الإسرائيلية فى غزة، ويعد بمثابة تقييم مؤقت لحرب لا يمكن أن تؤدى إلا إلى الفوضى، وهو ليس مجرد كتاب يضم تقارير، بل هو، حسب مؤلفيه، دليل على التجرد من الإنسانية والتطهير العرقى الذى يحدث فى غزة أمام أعين العالم أجمع. 

ونبه الكتاب إلى تفاقم حالة الحصار على غزة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، بالإضافة إلى تكثيف القصف، واستهداف النظام الصحى بأكمله فى القطاع، مشيرًا إلى أن منظمة «أطباء بلا حدود» تحدثت عن الاعتداءات العديدة التى تعرض لها الأطباء الموجودون فى القطاع، وأكدت أن معظم المستشفيات أصبحت غير صالحة للاستخدام.

كما أشار إلى بذل الحكومة الإسرائيلية كل ما فى وسعها لقطع الاتصال بين غزة وبقية العالم، ما جعل الصحفيين أول المتضررين والمستهدفين، لإخفاء الحقيقة عن العالم كله، مستحضرًا فى الوقت ذاته واقع آلاف القتلى والجرحى فى السنوات الأخيرة، وإهانة الحياة فى مخيم تحت الحصار والغضب من رؤية المرء نفسه محرومًا من المستقبل.

وشدد على أن «الآباء المؤسسين لإسرائيل، العازمين على طرد السكان الأصليين فى فلسطين، لم يكونوا غافلين عن الواقع الذى كانوا يخلقونه، متمثلًا فى مكان يتمتع فيه جزء من السكان بجميع الحقوق، فى حين لا يتمتع قسم آخر بأى حقوق».

وحذر الكتاب من أن الفصل العنصرى الذى يمارسه الإسرائيليون ليس خطرًا وحسب، بل هو واقع مستمر فى الأراضى المحتلة، بالإضافة إلى الوحشية المروعة التى يمارسها جيش الاحتلال، والتى يعمل المحامون الإسرائيليون جاهدين على إخفائها، تحت شعار: «إسرائيل هى الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط».

وتابع: لاحظ الجميع بفزع العنف الشديد الذى يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلى، الذى كرس نفسه لمهمة تتمثل فى التدمير المنهجى للبنية التحتية المدنية فى غزة، من مستشفيات وجامعات وكنائس ومدارس ومساجد وطرق ومزارع، مع استخدام تقنيات استهداف مزودة بالذكاء الاصطناعى، يمكنها تحديد حجم قتل الأبرياء بالمئات، للوصول إلى هدف واحد تابع لـ«حماس».

وأتم بأنه «لم يتعرض أى سكان لقصف بهذه القوة، ولم تتسبب أى حرب حديثة فى مقتل هذا العدد الكبير من الأطفال، ولم تحظ أى مذبحة بهذا الحجم بمثل هذا الدعم من الدول الغربية التى تدعى الديمقراطية، وتعلن بكل الطرق التزامها بالقانون الدولى وحقوق الإنسان».

غابة الضجيج.. شاعر فلسطينى يقاوم الاحتلال بقصائد من تحت الأنقاض

صدرت المجموعة الشعرية «Forest of Noise» أو «غابة الضجيج»، عن دار النشر الأمريكية الرائدة «كنوبف»، فى ١٥ أكتوبر الجارى، من تأليف الشاعر الفلسطينى مصعب أبوتوهة.

ويوثق «أبوتوهة» فى مجموعته الشعرية الجديدة رحلته هو وزوجته وأطفاله، بعد تعرض منزلهم إلى القصف، وتحوله إلى أنقاض، فى أعقاب هجوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، ومن ثم لجوئه إلى مصر ثم نيويورك.

وفى حوار مع الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة «NPR»، كشف الشاعر الفلسطينى عن ملامح المجموعة الشعرية، وكيف تمكن من مغادرة غزة، فى ديسمبر من العام الماضى، ثم بقائه فى مصر لمدة ٦ أشهر تقريبًا، قبل سفره إلى الولايات المتحدة، ومعاناته كأب استطاع بالكاد حماية أطفاله من المجازر الإسرائيلية فى غزة.

المجموعة التى سرعان ما تصدرت قائمة «الأفضل مبيعًا» على موقع «أمازون»، فى فئة «الشعر الشرق أوسطى»، تعد صرخة صلاة عاجلة فى أشد الليالى كآبة ورعبًا لما يحدث فى غزة من مآسٍ.

ويتوسل «أبوتوهة» للقارئ أن ينتبه عن كثب لكل سطر شعرى فى قصائده، لأنه يعطى لمحة عن الحياة فى غزة المحاصرة، وكيف يكون البقاء على قيد الحياة وإيجاد الأمل، فى ظل أشد ظروف الحرب سوءًا على الإطلاق.

كان مصعب أبوتوهة، الذى لم يتجاوز الـ٣٠ من عمره، شاعرًا معروفًا بالفعل، عندما بدأ الحصار الحالى لغزة، فهو الفائز بعدة جوائز سابقة، منها جائزة فلسطين للكتاب، وجائزة الكتاب الأمريكى.

وبعد أن قصف الجيش الإسرائيلى منزله ودمره، ودمر مكتبة بناها بشق الأنفس للاستخدام المجتمعى، فر هو وعائلته من أجل سلامتهم. وبطريقة ما، وسط الفوضى، استمر «أبوتوهة» فى كتابة القصائد، والتى تشكل واحدة من أكثر الأعمال الفنية المذهلة المنتزعة فى زمن الحرب.

ويطرح «أبوتوهة»، فى قصائده المكتوبة باللغة الإنجليزية، بعض التوجيهات حول ما يجب فعله فى حالة الغارات الجوية التى يشنها الإسرائيليون على المدنيين فى غزة، وأخرى عن زوجته وهى تغنى لأطفاله لتشتيت انتباههم. وربما تكون تلك القصائد أقوى من أى تقرير إخبارى، إذ تجعل هذه المجموعة المفجعة المعاناة فى غزة حقيقة ملموسة، وتكشف كيف يواجه المرء خسارة فادحة مستمرة.

«غابة الضجيج» مجموعة مليئة بشعر مفجع ومثير للعواطف يشهد على رعب الحرب، ويحدث ذلك فى الوقت الفعلى، الذى يقلب فيه القارئ الصفحات، حيث يجسد «أبوتوهة» فى قصائده إنسانية غزة، والآمال والأحلام الثمينة لجميع البشر، والصرخات الجماعية المؤلمة للأطفال، والضمير الصادق الذى لا يمحى، والإبادة الجماعية المروعة لشعبه ووطنه الحبيب.

ويشرح «أبوتوهة» فى قصائده كيف قُتل أصدقاؤه وعائلته على يد الاحتلال الإسرائيلى، وتصوير وسائل الإعلام الأمريكية للصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وتعلم اللغة الإنجليزية، وتأسيس مكتبة «إدوارد سعيد» فى غزة، واستخدام كتاباته لنقل الواقع الفلسطينى إلى بقية العالم.

وعنوان المجموعة الشعرية «غابة الضجيج» مأخوذ من عنوان إحدى القصائد، يتحدث فيها «أبوتوهة» عن الرصاص والقنابل، والثقوب التى تتركها فى جدران المنازل والمستشفيات والمدارس.

وهى غابة من الضجيج، لأنها مليئة بصراخ الناس الذين لم ينجوا، فتلك الثقوب والحفر التى أحدثتها القنابل وطلقات الرصاص تمتلئ الآن بصراخ الأطفال الذين لم يجدوا وسيلة للنجاة من هذا النزيف المستمر، الذى يعود إلى ٧٠ عامًا أو أكثر، ولم يبدأ الآن فقط.

نصف قصائد المجموعة كتبها «أبوتوهة» قبل السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، والنصف الثانى بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية والمجازر التى تحدث فى غزة، ليكمل النصفان بعضهما البعض، لأن الحياة فى غزة بعد هذا التاريخ ليست مختلفة كثيرًا عن الحياة قبله. لكن الاختلاف هو شدة الغارات الجوية، وبرودة العالم الخارجى الذى يرى الفلسطينيين يحترقون فى النار ويُدفنون تحت الأنقاض، من دون أى رد فعل. وأشار «أبوتوهة» إلى أن ما يحدث هو أن سيارات الإسعاف التى كان من الممكن أن تصل سالمة إلى مكان الغارة الإسرائيلية، تتعرض للقصف الآن. كما تتعرض سيارات الإطفاء للقصف، ويتم اختطاف الممرضات والأطباء من داخل المستشفيات والعيادات، مع قطع العديد من الخدمات الضرورية، مثل الوقود والمياه والكهرباء والتليفون.

وكما تقول الشاعرة أودرى لورد إن «الشعر ليس ترفًا»، فإن قصائد «أبوتوهة» لا تأتى من مكان جميل، بل تصف الألم والرعب والفزع الذى يشهده سكان غزة. فى قصيدته «تحت الأنقاض» مثلًا، يصف الأهوال التى يعانيها المدنيون بسبب الهجمات الإسرائيلية والغارات الجوية، وما تسببه من تدمير لآلاف المنازل، وكيف يُدفن مَن فيها أحياءً، راسمًا خلالها مشهدًا لطفلة أصبح سريرها هو قبرها، بعد أن قتلت ودُفنت تحت أنقاض منزلها. هناك قصيدة أخرى توثق لحظة إلقاء القبض عليه، عند هروبه من غزة بعد ٧ أكتوبر، وكيف هدده جنود الاحتلال الإسرائيلى بالأسلحة، هو وزوجته وأطفاله، وأجبروهم على الجلوس على ركبتيهم على الأرض. لذا عنونها «أبوتوهة» بـ«على ركبتيك»، واصفًا فيها تعرضه للضرب والاعتقال.

يعيش «أبوتوهة»، هو وزوجته وأطفاله، حاليًا فى «سيراكيوز» بولاية نيويورك، حيث يعمل باحثًا فى جامعة «سيراكيوز». ويرى أن قرار ترك عائلته الممتدة فى غزة كان أحد أصعب الخيارات التى اتخذها على الإطلاق، فيقول: «إذا كان هناك سبب واحد لترك غزة، فهو فقط إنقاذ أطفالى، لأننى لم أستطع توفير الطعام للجميع فى غزة». ويضيف: «لو كنت داخل غزة، قد أكون قريبًا من والدىّ وإخوتى وأقاربى وطلابى أيضًا. ولكننى لا أستطيع أن أفعل شيئًا عندما أكون هناك سوى البقاء بالقرب منهم، والموت معهم، والمعاناة معهم». وتمكن «أبوتوهة» من مغادرة غزة، فى ديسمبر من العام الماضى، بعد الإفراج عنه من قبل الإسرائيليين. وعاش هو وعائلته فى مصر لمدة ٦ أشهر تقريبًا، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة لأن ابنه البالغ ٣ سنوات يحمل الجنسية الأمريكية.

الهاوى.. عميل فى «CIA»: المخابرات الأمريكية تُمول الإرهابيين

واجه فيلم «The Amateur» أو «الهاوى»، للنجم ذى الأصول المصرية الحائز على «الأوسكار»، رامى مالك، والمقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الأمريكى روبرت ليتيل، أزمة خلال عرضه، فبعد أن كان مقررًا طرحه بدور السينما، فى ٨ نوفمبر ٢٠٢٤، تأجل ذلك إلى أبريل ٢٠٢٥.

وقبل عرضه، اقترحت عدة وسائل إعلام أمريكية قراءة الرواية المأخوذ عنها الفيلم، والتى تدور حول «تشارلز هيلر»، خبير تشفير فى وكالة المخابرات المركزية «سى آى أيه»، تُقتل حبيبته فى هجوم إرهابى فى لندن، ما يدفعه لتقديم طلب للتدريب كعميل مخابرات ميدانى بدلًا من منصبه كخبير تشفير للانتقام ممن قتلوا حبيبته، إلا أنه يدرك أن رؤساءه لن يوافقوا على طلبه بسبب الأولويات الداخلية المتضاربة فى الوكالة، ولذلك يبدأ فى ابتزاز الوكالة لتدريبه والسماح له بملاحقة المجرمين بنفسه.

الرواية التى صدرت عام ١٩٨١، عن دار النشر الشهيرة «سيمون آند شوستر»، هى أول رواية للمؤلف البارز روبرت ليتل، مؤلف روايات الإثارة والتجسس، والذى اشتهر بروايته «الشركة: رواية وكالة المخابرات المركزية» التى صدرت عام ٢٠٠٢، «الهواة» تدور فى حوالى ٢٥٢ صفحة حول موظف هادئ فى وكالة المخابرات المركزية، يسعى للانتقام لمقتل حبيبته على يد إرهابى، وتقرر الوكالة عدم ملاحقة قاتليها، ويتولى «هيلر» الأمور بنفسه، وتجعله حقيقة أنه هاوٍ أكثر عرضة للخطر، حيث يتورط فى مطاردة مميتة ويصبح فريسة لكل من وكالة المخابرات المركزية والإرهابى الذى يبحث عنه.

«الهواة» تعد رواية تجسس كلاسيكية، تم تحويلها إلى فيلم فى نفس العام الذى صدرت فيه وكان من بطولة جون سافاج وكريستوفر بلامر وإخراج تشارلز جاروت، أما الاقتباس السينمائى فى شكله الجديد، فأدى دور البطولة فيه رامى مالك وراشيل بروسنان وكاترينا بالف ولورانس فيشبورن، وهو إخراج جيمس هووس.

وتصور أحداث الرواية كيف أن وكالة المخابرات المركزية رفضت تعقب الإرهابيين الذين قتلوا حبيبة خبير التشفير، ورغبة فى الانتقام، استغل المهارات التى جمعها فى معسكر تدريبى تابع للوكالة وحبه للأنماط والرموز لمطاردة القتلة.

بطل الرواية هو «تشارلى هيلر»، أحد أفضل خبراء التشفير فى وكالة المخابرات المركزية، ويقضى أيامه فى كسر شفرات المخابرات السوفيتية والمزاح مع زملائه فى العمل، وهو خبير فى فك الشفرات الروسية تحديدًا، وهو هادئ ومثقف وغير مؤهل للعمل الميدانى، وسعيد فى منصبه فى الأروقة الخلفية لوكالة المخابرات.

أما خارج العمل، فلدى «تشارلى» شغفان، الأول: حبيبته «سارة دايموند»، مصورة فوتوغرافية تجوب العالم، والثانى: قناعته المهووسة بأنه فى مكان ما داخل أعمال ويليام شكسبير توجد شفرة ستكشف عن اسم مؤلفها الحقيقى.

ووسط هدوء عالم «هيلر»، يتم أخذ «سارة» حبيبته رهينة أثناء هجوم إرهابى على السفارة الأمريكية فى ألمانيا، ويقرر الإرهابيون إعدام الرهينة وتنقلب حياة تشارلى هيلر رأسًا على عقب بالحزن والحداد.

ويطالب «هيلر» وكالة المخابرات المركزية بشن عملية للعثور على الإرهابيين الثلاثة المسئولين عن مقتل حبيبته والقبض عليهم، ولأنهم عبروا إلى تشيكوسلوفاكيا، وبالتالى لا يمكن للولايات المتحدة الوصول إليهم من الناحية القانونية، لذا فالشىء الوحيد الذى يجب فعله هو انتظار ظهورهم.

ووسط حالة من الإحباط والغضب، وضع «تشارلى» خطة مختلفة، حيث سيكون هو، وليس عملاء ميدانيين مدربين، هو من يلاحق الإرهابيين. وبسبب تصريحه الأمنى، يتمتع «تشارلى» بالقدرة على الوصول إلى الكثير من المواد التى تدين عمليات وكالة المخابرات المركزية على مر السنين، ويختار حوالى ٢٥ من أسوأها، ويخزنها كملفات مشفرة على جهاز الكمبيوتر الخاص به ويستخدمها لابتزاز الوكالة، فإذا دربوه على العثور على الإرهابيين والتغلب عليهم بنفسه، فسيحاول القيام بذلك وسينكر تورط الوكالة إذا تم القبض عليه، وإذا لم يوافقوا على تدريبه، سيكشف عن المعلومات الخطيرة التى أخفاها للعامة.

وتوافق وكالة المخابرات المركزية، ويخضع «تشارلى» لدورة تدريبية صارمة ولكن سريعة داخل مزرعة ما، وهى مدرسة تجسس خاصة، وهناك يحصل على فرصة لتحسين مهاراته مع مدرب تجسس محترف، وأخيرًا، يشرع فى مهمته، ولكن ما لا يعرفه هو أن وكالة الاستخبارات المركزية هى التى زرعت الإرهابيين الأصليين بقيادة عميل مزدوج يتمتع بسمعة سرية عالية، فرغب الوكالة فى قتل تشارلى قبل أن يتمكن من كشف العملية برمتها، لذا، بينما يشق طريقه عبر تشيكوسلوفاكيا، يلاحقه قاتل محترف أرسلته الوكالة لقتله.

وبمساعدة قدر هائل من الحظ والمصادفة، يهرب «تشارلى» من القاتل بحكم كونه هاويًا فى لعبة التجسس: فهو ببساطة لا يعرف ما يكفى لاتباع إجراءات الوكالة، وبالتالى يحبط مؤامرات القاتل ومخططاته.

وعندما يحصل «تشارلى» على دليل مفاده أن إحدى الإرهابيات المتورطات، «جريتشن»، هى عشيقة عميل فى الاستخبارات الروسية، يعرض نفسه لخطر أعظم، والآن، لم يعد قاتل الاستخبارات المركزية يلاحقه فحسب، بل الاستخبارات الروسية التى تلقت معلومات من نظيرتها المركزية والسلطات التشيكية أيضًا.

أما الشخص الوحيد الذى يقف إلى جانب «تشارلى» فهى عميلة وكالة المخابرات المركزية السابقة إليزابيث، التى قُتل زوجها الشاعر التشيكى على يد رجال المخابرات السوفيتية، وبينما يعملان معًا، تتطور مشاعر رومانسية بينهما.

وبمساعدة «إليزابيث»، يجد «تشارلى» اثنين من الإرهابيين ويقتلهما: «جريتشن وجوان أنطونيو»، وتبلغ الرواية ذروتها عندما يواجه «تشارلى» العقل المدبر لهجوم السفارة الأمريكية فى ألمانيا، «هورست» وهو القاتل الذى تتسم ولاءاته بالتعقيد الشديد، فهو عميل فى وكالة المخابرات المركزية، وعميل مزدوج للمخابرات السوفيتية، ما يجعل من غير الواضح إلى أى جانب ينتمى.

وتنتهى الرواية بانتصار «تشارلى» على عدة أصعدة، فيحصل على انتقامه ويقتل «هورست»، ويعثر على الحب مع «إليزابيث»، وفى وقت فراغه يتمكن من حل لغز «شكسبير».

أسطورة المثالية الأمريكية.. نعوم تشومسكى: أمريكا أفسدت العالم وتهدد مستقبل الكوكب

أصدرت دار النشر «بنجوين راندوم هاوس»، كتاب «أسطورة المثالية الأمريكية: كيف تعرض سياسة أمريكا الخارجية العالم للخطر» أو «The Myth of American Idealism: How U.S. Foreign Policy Endangers the World»، فى ١٥ أكتوبر الجارى، من تأليف المفكر والكاتب والأكاديمى والسياسى الأمريكى نعوم تشومسكى، بمشاركة الكاتب ناثان روبنسون.

الكتاب يمثل تحذيرًا من أحد أبرز المفكرين فى العالم من التهديد الذى تشكله القوة الأمريكية لمستقبل البشرية، ويتضمن اتهامًا حادًا للسياسة الخارجية الأمريكية والأذرع التى تدعمها.

ويكشف «تشومسكى» بوضوح عن المساعى الأمريكية إلى الهيمنة على العالم وكيف أدى ذلك لدمار بلد تلو الآخر من دون أن يجعل الأمريكيين أكثر أمانًا، ودور السياسة الأمريكية فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والحروب فى العراق وأفغانستان، والتى اندلعت تحت مزاعم وقصص وهمية عن الإنسانية والنوايا الخيرية.

يتنقل «تشومسكى وروبنسون» عبر العالم، ويقدمان روايات عميقة عن علاقة واشنطن بالدول المختلفة، ويؤكدان أن مزاعم أمريكا أدت إلى حروب كارثية متواصلة، وهى تدفع الجميع الآن إلى حرب أخرى مع روسيا والصين وتعرض مستقبل البشرية للخطر خاصة مع التلويح باستخدام الأسلحة النووية.

وكرس «تشومسكى» نفسه على مدار نحو نصف قرن من الزمان لكشف الإيديولوجيات الأمريكية الحاكمة وانتقاد الاستخدام غير المقيد للقوة العسكرية من جانب بلاده، وهو يقدم هنا فى كتابه الحديث «أسطورة المثالية الأمريكية» كل ما توصل إليه خلال بحثه طيلة عمره، مبينًا حجم الدمار الذى جاء من وراء التدخلات الخارجية الأمريكية ومحاولة بلاده ترسيخ مكانتها كقوة عالمية، وشرح كيف أن السعى المتغطرس والمزعوم للأمريكان لـ«نشر الديمقراطية» يهدد ليس فقط التوازن الدقيق للسلام العالمى، بل وأيضًا صحة الكوكب المتدهورة بالفعل.

الكتاب المكون من ٤١٦ صفحة، يكشف أن الولايات المتحدة خلفت وراءها بحرًا من الدماء، فى وقت يواجه العالم تهديدات بتغير المناخ والحرب النووية، ولعبت واشنطن دورًا كبيرًا فى إعاقة الجهود الدولية لحل هذه الأزمات، رغم أنها تبرر أخطاءها بأنها جاءت نتيجة دوافع نبيلة ومثالية.

وضرب مثالًا بسياسة الرئيس الأمريكى جو بايدن تجاه إسرائيل وفلسطين، وكيف يبرر وقوفه مع الجرائم الإسرائيلية، فيقول «أردنا تجنب حربًا إقليمية. أردنا إعادة الرهائن إلى ديارهم. أردنا إنشاء عملية سياسية للفلسطينيين. أردنا أن نجعلهم قادرين على تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، أردنا أن نجعلهم قادرين على تحقيق السلام فى الشرق الأوسط. ولكننا فشلنا فى كل هذا».

ويرى «تشومسكى» فى أن تقديم المساعدات الأمريكية غير المحدودة لإسرائيل أمر مشترك بين جميع الرؤساء، فرغم أن بيل كلينتون على سبيل المثال أراد حقًا أن يكون للفلسطينيين دولة، لكنه لم يكن على استعداد للضغط على إسرائيل لمنح الفلسطينيين أى شىء، موضحًا أنه لا فرق بين رئيس ديمقراطى وآخر جمهورى فهناك تشابه أكثر من الاختلاف فى أن كلاهما يدعم بشكل أساسى حرمان إسرائيل للفلسطينيين من حقوقهم، أو على الأقل غير راغب فى الضغط على إسرائيل لتغيير مسارها، لذا المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس، لن تفعل شيئًا مختلفًا عما سيفعله دونالد ترامب المرشح الجمهورى.

ويكشف الكتاب أن خطاب الساسة الأمريكيين فى كلا الحزبين، والديمقراطيين بشكل خاص، يوهم الناس بأسطورة المثالية الأمريكية حيث يقولون: «إننا نهتم كثيرًا بالحقوق الإنسانية ونحن نهتم بالفلسطينيين، ونحن نهتم بالديمقراطية، وعندما يقول سياسيون مثل كامالا هاريس أو تيم والز أو جو بايدن أشياء من هذا القبيل، هل تعتقد أنهم يصدقونها بأنفسهم؟ هل يعتقدون أن هذا ما يفعلونه، أم أنهم يعرفون أنهم يقولون ذلك كذريعة لأهدافهم الحقيقية؟».

وقال إن «بايدن» وغيره من السياسيين الأمريكيين يبررون فشلهم فى ملف الصراع الإسرائيلى الفلسطينى بأنه نابع من نوايا حسنة، مضيفًا أن هذه هى إحدى الطرق التى يسرد بها أسوأ المجرمين فى التاريخ القصص حول كيفية محاولتهم القيام بأعمال الخير، مثل ما حدث مع اليابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، حيث قال الساسة إنهم يريدون فقط إحلال السلام وطرد القوى الاستعمارية من آسيا.

وأكمل: «كانت لديهم قصة رائعة، وكانت لديهم أسطورة، وكانت الأسطورة مثالية، ولكن فى الحقيقة، كانوا يسعون إلى السلطة، والكثير من سلوكيات الدولة الأمريكية يتمثل فى السعى إلى السلطة عبر التنكر فى هيئة مثالية».

ويرجع «تشومسكى» إلى الوراء فى الزمن ليضرب مجموعة من الأمثلة على سلوكيات الولايات المتحدة الخطرة من عصر الحرب الباردة، من الخمسينيات والستينيات، خاصة عندما واجه البيت الأبيض «التهديد الشيوعى»، وكيف أنهم دعموا بعض الحركات فى بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، لتبرير التدخل الأمريكى فى تلك الأماكن وخاصة أفغانستان.

وفى الفصل الخاص بالعراق، يتحدث الكتاب عن حرب الخليج والطريقة التى تجاهل بها جورج بوش الأب أيضًا احتمالات التوصل إلى حل دبلوماسى لغزو صدام حسين للكويت، لأنها كانت فرصة لتعزيز الهيمنة الأمريكية، ويقدم «تشومسكى» صورة جديدة حول كيفية مساندة الولايات المتحدة لصدام حسين عندما هاجم إيران عام ١٩٨٠، وكيف لفقت فى النهاية أكذوبة امتلاكه لأسلحة دمار شامل وإعدامه وتخريب العراق والمنطقة.

وكشف كيف تم استخدام التعبيرات الدعائية التلطيفية لتبرير الفظائع التى تم ارتكابها، مضيفًا أن السجل الأمريكى قاتم للغاية، من فيتنام إلى أفغانستان إلى فلسطين، وهذه السياسات تمثل تهديدات لمستقبل البشرية.