من العنف الإمبريالي وحرب أفغانستان إلى عصر تايلور سويفت.. ماذا يقرأ العالم الآن؟
- العالم انتقل من التعامل مع مجرمين أفراد إلى وصف مجتمعات كاملة بـ«أعداء دوليين»
- «غباء بلير» قتل 450 جنديًا بريطانيًا وتسبب فى خسارة 37 مليار إسترلينى
- المسلمون صمموا «برج بيزا المائل» وكاتدرائيتى «دورهام» و«سانتياجو دى كومبوستيلا»
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحتى النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، ما دام يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.
وتأخذ «حرف»، من خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتعريفهم على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الأعمال الجديدة الصادرة مؤخرًا، فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.
وفى هذا العدد، نلقى الضوء على 4 كتب فى غاية الأهمية، هى: «إنهم يسمونه سلامًا»، و«الكبرياء والسقوط»، و«إسلاميسك»، و«جولة العصور»، فما أبرز ما جاء فى هذه الكتب؟
إنهم يسمونه سلامًا.. كيف أشعلت القوى العظمى النار فى العالم بأغصان الزيتون؟
صدر خلال العام الجارى كتاب «They Called It Peace: Worlds of Imperial Violence» أو «إنهم يسمونه سلامًا: عوالم العنف الإمبريالى»، عن دار نشر جامعة «برينستون»، ومن تأليف المؤرخة الأمريكية، لورين بينتون.
وكشفت المؤرخة الأمريكية، فى الكتاب، كيف ساقت القوى العظمى حججًا وأسبابًا مزيفة لإشعال الحروب فى جميع أنحاء العالم، وإعادة ترتيبه، وكيف أدت الصراعات المتسلسلة إلى حرب دائمة، وكيف يصور دعاة الحروب أنفسهم على أنهم صانعو سلام.
ويغطى الكتاب الذى وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة «كونديل للتاريخ»، فى سبتمبر الماضى، قرونًا من التاريخ، يتعمق عبرها فى أحداث العنف الإمبريالى أو الإمبراطورى من آسيا إلى أمريكا الجنوبية، الذى تخفى وراء ما عُرف بـ«السلام المسلح»، والذى تحول بدوره إلى حملات وحشية من السلب والإبادة، والانتقال من معاملة الأفراد كمجرمين إلى تعريف مجتمعات بأكملها على أنها «أعداء دوليين».
كما يلقى الضوء على ما يسمى «العنف على عتبة الحرب والسلام»، الذى لا يزال يطارد الحاضر، ومن أمثلته ما يفعله الإسرائيليون فى غزة، وغيرهم فى كل مكان. واستشهدت المؤلفة بمواقف كثيرة فى التاريخ الحديث، منها خطاب الرئيس الأمريكى الراحل، ليندون جونسون، عن حرب فيتنام، فى سبتمبر ١٩٦٧، الذى ذكر فيه الأسباب التى «تُلزم» الولايات المتحدة بالاستمرار فى هذه الحرب، ومن بينها الادعاء بأن «العنف المحدود من شأنه أن يمنع العنف الكارثى، وربما حتى الحرب النووية».
ورغم وعد الإدارة الأمريكية بـ«تصعيد مدروس» فى فيتنام، بحلول نهاية ذلك العام، كان نصف مليون من جنودها جنوب شرق آسيا، حيث محا نطاق الموت والدمار أى فكرة مفادها أن «الحرب يمكن أن تكون وسيلة للسلام».
وتذكرت المؤرخة الأمريكية هذه الفترة، قائلة: «بلغت سن الرشد فى الولايات المتحدة فى أثناء حرب فيتنام. مثل العديد من أبناء جيلى، اعتقدت أن الحرب كانت بغيضة، مأساة عميقة فى الواقع. ومع ذلك، كنت أدرك أيضًا مدى ضآلة ما أعرفه عن فيتنام وتاريخها، وعن الإمبريالية الأمريكية والأوروبية».
وأضافت: «بينما أكتب هذه السطور، أجد نفسى محاطة بأكوام من الكتب الحديثة التى تحمل عنوان (الإمبراطورية)، تحلل الأصول المتعثرة للقوة العالمية الأوروبية والغربية، والعمل المضطرب للحكم الإمبراطورى، وتصف الولايات المتحدة باعتبارها دولة إمبراطورية، على غرار الإمبراطوريات الأوروبية وترسم خريطة لعالم من القمع. وفى نفس الوقت، توثق هذه الكتب أيضًا التمرد، واستمرار سيادة السكان الأصليين، والتعددية». وحسب المؤلفة، يوضح الكتاب كيف تبنت المجتمعات فى جميع أنحاء العالم الغارات وأسر الأسرى. فبدءًا من القرن الخامس عشر، حشدت الإمبراطوريات الأوروبية هذه الممارسات القديمة على نطاق جديد. وكانت الصراعات فى الإمبراطوريات وعلى أطرافها تشكل نظامًا عالميًا للنهب.
وأدت التفاوتات المتزايدة فى القوة إلى ظهور أطر جديدة للعنف فى القرنين الـ١٨ و١٩. ومع تأكيد الأوروبيين حقهم فى وضع قوانين الحرب والتدخل فى أى مكان لحماية الرعايا والمصالح الإمبراطورية، جمعوا نظامًا مترامى الأطراف من «السلام المسلح»، تُهيمن عليه حفنة من القوى العالمية، وفق «بينتون».
وأضافت: «عندما تتبعت هذه الأنماط، صدمت من تكرار الصراعات الصغيرة المتسلسلة التى فتحت مسارات للعنف الشديد. فالحروب التى كانت تُصوَّر على أنها صغيرة ويمكن إدارتها كانت تعرض السكان المدنيين لهجمات شرسة، الأمر الذى بدا وكأنه تحرر فجأة من أى التزام بالامتناع عن القسوة».
والاستراتيجيات التى بدت وكأنها تعزز الأمن أنتجت فى كثير من الأحيان كارثة. وكان المشاركون فى الحروب الصغيرة يدركون أن الدمار الشامل احتمال حقيقى. لكنهم لم يتمكنوا من منعه. وكانت الإمبراطوريات وعملاؤها يجمعون بمهارة بين التعهدات بكبح جماح ويلات الحرب، والتفويض بالعنف المهول. وواصلت مؤلفة الكتاب: «عملت هذه الإمبراطوريات على تطبيع العنف المتطرف»، مؤكدة أن «مذابح المدنيين واستعبادهم، وتجويع مدن بأكملها، وحملات التهجير، وغيرها من المشاريع الوحشية، كانت جزءًا لا يتجزأ من النظام الإمبراطورى العالمى».
وأكدت المؤرخة الأمريكية أن «عصر الإمبراطوريات لا يزال معنا فى كثير من النواحى. ففى القرن العشرين، سعت المعاهدات والمؤسسات الدولية إلى حظر الحرب، لكن هذا لم يحدث. والمثير أننا نصور انتشار الحروب الصغيرة كعلامة على إخفاقات القانون الدولى».
وأضافت: «دعاة الحرب اليوم يشبهون عملاء الإمبراطوريات، عندما يزعمون أن (العنف المحدود) ضرورى للحفاظ على النظام. هم يتخذون من مفاهيم إمبراطورية، مثل الحماية وحفظ السلام، وسائل لتبرير الحروب، مع الادعاء بأنه يمكن الحد من المعاناة التى تسببها الحرب».
ونبهت إلى ما يحدث الآن من القوى العظمى لإشعال الحروب، والتدخلات العسكرية فى دول مختلفة من العالم، مشيرة إلى أنه فى ديسمبر ٢٠٢١، كشفت مجموعة وثائق سرية للحكومة الأمريكية، حول تكتيكاتها فيما أسمته «الحرب على الإرهاب»، عن عمليات قتل روتينية صادمة للمدنيين، فى إطار ما يسمى «الضربات المستهدفة». وكان ما يدور فى أذهان الجميع عند قراءة تلك التقارير، تلك اللقطات المروعة، عندما أمطرت طائرة دون طيار القذائف على طريق فى كابل مكتظ بالأطفال.
الكبرياء والسقوط.. ضابط مخابرات بريطانى سابق يعترف: حرب أفغانستان زادت «طالبان» قوة
وصل إلى أرفف المكتبات العالمية، أواخر أكتوبر الماضى، كتاب «Pride and Fall: The British Army in Afghanistan» أو «الكبرياء والسقوط: الجيش البريطانى فى أفغانستان»، من تأليف الضابط السابق فى هيئة الاستخبارات العسكرية البريطانية، سيرجيو ميلر.
واتهم «ميلر»، فى الكتاب الصادر عن دار نشر «أوسبرى»، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، تونى بلير، بأن غباءه تسبب فى وفاة أكثر من ٤٥٠ جنديًا وجندية بريطانية، وتكبد خسائر بلغت ٣٧ مليار إسترلينى، خلال تورط بريطانيا فى مستنقع «الحرب على الإرهاب» لمدة ١٣ عامًا، بعد هجمات ١١ سبتمبر.
ورأى ضابط المخابرات السابق أن دعم بريطانيا التحالف الذى قادته الولايات المتحدة فى أفغانستان «انتهى بالعار»، خاصة فى ظل ضعف استعداد الجيش البريطانى لأداء مثل هذه المهمة، وهو ما شهده بنفسه، باعتباره أحد المشاركين ضمن صفوف القوات الخاصة فى الجيش البريطانى.
وأكد «ميلر» أن حكومة تونى بلير أعلنت عن استعدادها للوقوف إلى جانب إدارة جورج بوش، دون أى اعتبار للعواقب المحتملة لنشر جيش احتلال فى بلد مزقته الصراعات.
وشرح: «فى أعقاب هجمات الـ١١ من سبتمبر مباشرة، استشهد الناتو بالمادة الخامسة من معاهدة واشنطن، التى تلزم بالمساعدة العسكرية، فدعمت الحكومة البريطانية الغزو الأمريكى الأولى لأفغانستان فى ٢٠٠١، ثم أرسلت قوات إلى كابل وشمال أفغانستان منذ ٢٠٠٢ وما بعدها».
وأضاف: «فى يناير ٢٠٠٦، عقب توسع الناتو جنوبًا، أرسلت بريطانيا مجموعة قتالية من فوج المظلات إلى ولاية هلمند، فيما أصبح يُعرف باسم عملية (هيريك)، الاسم الرمزى الذى أُطلِق على كل العمليات البريطانية خلال الحرب فى أفغانستان».
وواصل: «وزير الدفاع آنذاك، جون ريد، صرح بأنه سيكون سعيدًا تمامًا بالمغادرة فى غضون ٣ سنوات، ومن دون إطلاق رصاصة واحدة. لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، فمن ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٤، تناوبت مجموعة من القوات البريطانية على هلمند، وقاتلت ضد فصيل عنيد. وعندما انسحبت أخيرًا فى ٢٠١٤، تكبدت أكثر من ٤٥٠ قتيلًا و٢٠٠٠ جريح، ولم تهزم طالبان بل ازدادت قوة».
وقال «ميلر»، فى الكتاب المكون من ٥٩٢ صفحة، إن المشاركة العسكرية البريطانية بدأت فى خريف عام ٢٠٠١ بهدف محدد هو تدمير البنية التحتية للإرهاب، المسئولة عن تنفيذ هجمات سبتمبر. لكنها تحولت فى النهاية إلى عملية كبرى ضد (طالبان)، الحركة المتشددة التى وفرت حكومتها ملاذًا آمنًا لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن».
وأضاف: «على مدى عقد من الزمان، وجدت المؤسسة العسكرية البريطانية نفسها منخرطة فى حملة مكافحة التمرد الأكثر شراسة، منذ نهاية عمليات الإمبراطورية. ورغم الاستثمار الهائل الذى قدمته المملكة المتحدة فى دعم محاولات التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة لإخضاع طالبان، ينظر إلى المهمة على أنها انتهت بالعار».
وواصل: «المشاهد الفوضوية داخل مطار كابل، فى صيف ٢٠٢١، عندما انسحبت القوات الغربية المتبقية، وسلمت السيطرة على البلاد إلى طالبان، هى الصورة الحقيقية لحملة بدأت بوعود كثيرة، لكنها فى النهاية فشلت بسبب السياسيين المترددين، وفشلهم فى تحديد أهداف واقعية وقابلة للتحقق».
وأكمل: «حكومة تونى بلير فشلت فى إدراك أن تنفيذ برنامج إعادة إعمار مدنى، بالتزامن مع محاولة إسقاط طالبان، قد يكون أمرًا صعبًا»، منتقدًا تصريحات وزير دفاع «بلير»، جون ريد، أثناء زيارة قاعدة «قندهار» الجوية، بداية الانتشار، فى مارس ٢٠٠٦، والتى قال فيها: «البريطانيون إذا تمكنوا من إنجاز مهمتهم بعد ٣ سنوات، ولم يطلقوا رصاصة واحدة بحلول نهاية المهمة، سنكون سعداء للغاية».
وتابع: «فى غضون أسابيع، انكشفت غطرسة هذا التصريح الذى كان بمثابة تقييم من وزارة دفاع دولة عظمى. فبدلًا من تنفيذ مهام إعادة الإعمار السلمية، وجدت القوات البريطانية نفسها منخرطة فى معارك يائسة بين الحياة والموت مع طالبان، التى لم تكن لديها أى نية للتنازل عن السيطرة على بلادها لمجموعة متنوعة من الجيوش الغربية».
وأتم «بحلول نهاية ذلك العام، وجدت قوة المساعدة الأمنية الدولية بقيادة الولايات المتحدة (إيساف)، التى أرسلت لإعادة بناء أفغانستان، نفسها تخوض حربًا كبرى ضد عدو حاذق ومصمم. وبحلول صيف ٢٠٠٩، عام الأزمة، كانت القوات البريطانية تعانى من معدلات إصابات تضاهى ما حدث فى الحرب العالمية الثانية، لدرجة أنه فى مرحلة ما تم تحويل نصف إمدادات أكياس الدم البريطانية إلى أفغانستان».
ونبه «ميلر» إلى أن تدخل القوات البريطانية فى أفغانستان هو ثانى أطول حرب تخوضها بريطانيا، فى الـ١٠٠ عام الماضية، بعد الحرب فى أيرلندا الشمالية. كما أنها أول حرب حقيقية يخوضها «الناتو».
إسلاميسك.. مؤرخة بريطانية: مهندسو وبُناة أشهر كاتدرائيات أوروبا مسلمون
أصدرت دار نشر «هيرست»، قبل أيام، كتاب «Islamesque: The Forgotten Craftsmen Who Built Europe›s Medieval Monuments» أو «إسلاميسك: الحرفيون المنسيون الذين بنوا المعالم الأثرية فى أوروبا فى العصور الوسطى»، من تأليف المؤرخة البريطانية ديانا دارك.
يتناول الكتاب الدور البارز الذى لعبه الحرفيون المسلمون فى تشكيل العمارة الأوروبية، من خلال إسهاماتهم فى تصميم وتنفيذ أجمل المبانى المسيحية، مثل الأديرة والكنائس والقلاع، مُقدمًا نماذج لتلك الأعمال، مثل «مونت سان ميشيل»، وبرج «بيزا» المائل، وكاتدرائيتى «دورهام» و«سانتياجو دى كومبوستيلا»، والتى أرجع الفضل فى بنائها لهؤلاء الحرفيين، معترفًا بدورهم فى تشكيل ملامح التراث المعمارى الأوروبى.
وقالت المؤرخة ديانا دارك فى كتابها: «فى وقت كانت المسيحية تفتقر فيه إلى مثل هذه الخبرة، كان الحرفيون المسلمون يتمتعون بفهم عالٍ للهندسة والزخارف المعقدة، وصنعوا البناء الراقى فى إسبانيا الإسلامية وصقلية وشمال إفريقيا، ونشروا المعرفة والتقنيات فى مختلف أنحاء أوروبا الغربية».
و«إسلاميسك» الكتاب الثانى الذى تتابع فيه الكاتبة ما بدأته فى كتابها السابق «السرقة من المسلمين: كيف شكلت العمارة الإسلامية أوروبا؟»، الذى رصدت فيه تاريخ التأثير المعمارى الإسلامى على كاتدرائيات أوروبا وقصورها وآثارها، قبل أن تخلص فى الكتاب الجديد إلى أن العمارة الرومانية، التى تعتبر محور خيال مؤرخى الفن فى القرن التاسع عشر، هى إسلامية فى الأساس.
وتقدم «دارك» مراجعة جذرية للتاريخ الدينى الأوروبى. وتقترح نهجًا جديدًا لفهم تصميم المبانى الدينية، والتأمل فى دور الإسلام داخل أوروبا. وتبرز التأثير الإسلامى الذى طالما تم تجاهله فى التراث المعمارى الأوروبى، مفندةً آراء من يركزون على الفجوات بين الحضارات، بعد أن قضت ٤ عقود فى الشرق الأوسط، وحصلت على درجات علمية متقدمة فى اللغة العربية وفنون العمارة الإسلامية.
وبينت المؤرخة، فى كتابها الذى يضم بين دفتيه ٤٨٠ صفحة، وتصفه بأنه أهم شىء كتبته فى حياتها على الإطلاق، لأنه يقلب عالم تاريخ الفن الأوروبى رأسًا على عقب- أن ما دفعها لكتابته هو رغبتها فى اكتشاف تأثير العمارة الإسلامية فى أوروبا والكتابة عنها.
وأفادت بأن هذا الشعور تولد لديها عندما اشترت منزلًا فى دمشق عام ٢٠١٦، حيث ساعدها نمط الزخارف فى فناء منزلها على إقامة صلة بين العالم الإسلامى، والمعالم الرومانية التى رأتها منذ طفولتها فى إنجلترا، مثل كاتدرائية «لينكولن» فى المملكة المتحدة، مشيرة إلى أنه عند شروعها فى البحث اكتشفت أن التأثيرات لم تقتصر على الأساليب المعمارية الإسلامية فحسب، بل إن البناة الرئيسيين كانوا فى الواقع مسلمين.
وأضافت أنه خلال الفترة المحورية بين عامى ١١٠٠ و١٢٠٠، كان العالم الإسلامى يتقدم على أوروبا بقرنين من الزمن. فى تلك الحقبة، كانت أوروبا تعانى من تخلف كبير، بينما كان الحرفيون المسلمون يتمتعون بفهم عميق للهندسة والرياضيات، ما منحهم إلمامًا كبيرًا بالأشكال الهندسية والتصاميم والخطوط الفنية الدقيقة.
ورأت أن تفكك العصر الذهبى للدولة الإسلامية فى الأندلس وصقلية وبغداد أدى إلى انتقال أساتذة البناء والنجارين المسلمين للعمل لدى أساتذة وأساقفة مسيحيين، الذين استعانوا بهم ببساطة لأنهم كانوا الأفضل فى هذا المجال، مستندة إلى اعتراف كريستوفر رين، أحد أعظم معماريى إنجلترا فى عصره، بأنه استخدم الأصول الإسلامية فى تصميمه كاتدرائية «القديس بولس»، بما فى ذلك التقنيات الهيكلية والأنماط المعمارية، لأنها كانت الأكثر تطورًا وتفوقًا.
وأكدت أنه خلال تلك الفترة كان بناء الأقبية الحجرية حكرًا على المسلمين، الذين امتازوا بفهم عميق للهندسة والقدرة على القراءة والكتابة وإتقان الحساب، فى وقت كان فيه معظم الحرفيين المسيحيين يفتقرون إلى هذه المهارات.
وأوضحت أن الأمر استغرق قرنين أو ثلاثة لتتمكن أوروبا من اللحاق بنظرائها المسلمين فى هذا المجال. ورغم ذلك، غالبًا ما يتم إغفال ذكر هؤلاء الحرفيين المسلمين فى الأدبيات التاريخية، حيث يُشار إليهم بـ«البنائين المجهولين»، حتى يحين الوقت لإسناد العمل إلى شخصية مسيحية معروفة.
وقالت المؤرخة البريطانية إن الأدلة الجديدة تشير إلى أن العرب ساهموا فى بناء الكنائس، حيث عُثر على أرقام عربية مميزة منحوتة بشكل مائل فى أماكن غير متوقعة. وفى كاتدرائية «سالزبورى»، اكتشف الباحثون هذه الأرقام بالصدفة عام ١٢٢٠م، محفورة على عوارض السقف الخشبية، خلال دراسة تاريخية. كما ظهرت اكتشافات مماثلة فى كاتدرائية «ويلز» الشهيرة، حيث وُجدت أرقام عربية منحوتة على الحجارة الخارجية للواجهة الغربية عام ١١٧٥م.
وأضافت أن الحرفيين الذين عملوا على بناء هذه الكاتدرائيات، فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر، كانوا يتمتعون بمهارات فنية عالية، واستطاعوا نحت الأرقام العربية المعقدة، وهو ما لم يكن شائعًا بين الحرفيين المحليين فى ذلك الوقت، ما يدل على أن هؤلاء الحرفيين كانوا على الأرجح من أصول أجنبية، وربما أحضروا إلى بريطانيا من قبل رجال الدين الأثرياء الذين كانوا يسعون للحصول على أفضل جودة فى أعمال البناء.
ورأت أن العلامات العربية المنحوتة على جدار مسجد «قرطبة»، والتى تحمل أسماء الحرفيين، تشير إلى تفوق واضح فى مستوى التعليم بين العالم الإسلامى وأوروبا المسيحية فى ذلك العصر، مضيفة: «فى حين كان التعليم فى الأندلس منتشرًا بين مختلف طبقات المجتمع، وكانت المساجد تلعب دورًا محوريًا فى نشره، كان محو الأمية فى أوروبا مقصورًا على النخبة الدينية والطبقات العليا، وهذا الفارق فى المستوى التعليمى يعكس مدى تقدم الحضارة الإسلامية فى ذلك الوقت».
ونبهت إلى دور الحرفيين المسلمين فى تشكيل العمارة الأوروبية، عبر صناعة زخارف إسلامية مميزة فى كاتدرائية «نوتردام» وغيرها من الكنائس الأوروبية، مثل الأوراق الملتوية، والأشكال النباتية المعقدة التى تزين النوافذ والأقواس، وأبعاد الأعمدة التى تحاكى المساجد الفاطمية، وكلها تدل على هذا التأثير الإسلامى الواضح.
جولة العصور.. كتاب تايلور سويفت 250 صفحة بـ80 مليون دولار!
صدر كتاب «The Eras Tour» أو «جولة العصور»، للمغنية الأمريكية الشهيرة تايلور سويفت، فى ٢٩ نوفمبر الماضى، ليحقق أكبر إطلاق فى عالم النشر خلال العام الجارى، بعد بيع حوالى مليون نسخة منه فى يومين، رغم أنه مطروح فى سلسلة متاجر واحدة فقط هى «تارجت»، وغيابه عن المتاجر الكبرى مثل «أمازون».
وتأتى هذه الأرقام رغم الانتقادات التى واجهها الكتاب بسبب الأخطاء المطبعية والنحوية، ومشاكل التصميم الجرافيكى، والصور الضبابية أو منخفضة الجودة، حتى أطلق عليه البعض اسم «The Errors Tour» أو «جولة الأخطاء».
لكن ذلك لم يؤثر على تحقيق الكتاب مبيعات ضخمة، لدرجة أنه أصبح الكتاب غير الخيالى الوحيد الذى تفوق على كتاب الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، الذى نشره فى ٢٠٢٠ باسم «الأرض الموعودة»، رغم توافره فى جميع المتاجر الكبرى.
الكتاب وصفته وسائل الإعلام العالمية الكبرى بأنه «يدخلنا عصر تايلور سويفت الذى لا يمكن إيقافه»، وصدر فى «الجمعة السوداء»، ٢٩ نوفمبر الماضى، حصريًا فى متجر «تارجت»، بسعر يقترب من ٤٠ دولارًا.
ويضم الكتاب ٢٥٦ صفحة، ويحتوى على أكثر من ٥٠٠ صورة وحكاية من الجولة الاستثنائية للمطربة الفائزة بجوائز «جرامى» ١٤ مرة، والتى استمرت ٢٠ شهرًا، عبر ٥ قارات.
وعلى الغلاف الأمامى للكتاب كتبت المطربة، البالغة ٣٤ عامًا، ملاحظة خاصة لمعجبيها، قدمت فيها الشكر لهم على منحها «موجات رائعة من اللحظات السحرية»، خلال «أروع جولة فى حياتها.
وقسمت نجمة «البوب» كتابها المصور حسب الدول التى زارتها فى الجولة الأخيرة، وكشفت فيه عن أبرز أداء لها على المسرح، ولماذا تعلمت ١٥ لغة طوال الجولة، إلى جانب تفاصيل اللحظات المفضلة لدى المعجبين، ورسومات ملونة لأزيائها المختلفة، ومشاهد خلف الكواليس.
المطربة التى تحتل المرتبة الثانية بين أعظم نجوم «البوب» بعد بيونسيه، حسب «بيلبورد»، ويعتبرها كثيرون كاتبة أغانى بارعة وسيدة أعمال ذكية، كشفت فى كتابها عن رقمين مذهلين، أولهما أنها قدمت عروضًا لـ٥١٧ ساعة، بحضور ١٠.١ مليون مشاهد، مع زيارة ٥١ مدينة مختلفة فى ٥ قارات، فى الفترة من مارس ٢٠٢٣ إلى ٨ ديسمبر ٢٠٢٤، حيث تعلمت كيف ترحب بالمتفرجين بـ١٥ لغة مختلفة.
وقالت «سويفت»: «هناك شىء ما فى الغناء والاستعراض على المسرح، وارتداء بدلة الجسم اللامعة يمكن أن يخرجنى من أى حالة اكتئاب، ويعالج أى صداع، ويشفى العضلات الملتهبة»، مضيفة: «أحب رؤية مجموعة من الناس يرفعون أيديهم على شكل قلب، ومشاهدة الحشود وهى تتفاعل مع الأداء».
وفى فقرة أخرى من الكتاب قالت إن اللحظة المفضلة لديها كانت أثناء تصميم رقصة «الصفصاف» الساحرة، التى تمثل «اجتماع سحرة الغابة»، وتظهر فيها وكل الراقصين فى أزيائهم المخملية، مع أضواء متوهجة تشبه أجرامًا سماوية أسطورية تدور عبر الضباب، مثل مجموعة من المخلوقات الأسطورية.
وتضمن الكتاب تأملات شخصية كتبتها تايلور سويفت، ومعلومات تفصيلية عن الجولة، مثل المدة التى يستغرقها إعداد المسرح فى كل بلد تزوره، وكيف تدخل إلى مكان الحفل دون اكتشافها، وكيف واصلت العديد من الحفلات وسط مطر غزير، أو فى حرارة شديدة، وفى أشد درجات الرطوبة، ووسط الرياح وفى البرد القارس.
كما كتبت: «كنت أغنى، حتى عندما أكون مريضة أو مرهقة أو مصابة أو حزينة أو بقلب مكسور».
وبعد المبيعات الكبرى التى حققها الكتاب، حتى إنه أصبح أسرع إصدار مبيعًا فى العام الحالى، طلبت منصة «تارجت»، الوكيل الوحيد لبيعه، مليونى نسخة أخرى منه. ويرى أن أرباح بيع الطبعة الأولى قد تصل إلى قرابة ٨٠ مليون دولار.
وتقدر مجلة «فوربس»، الأمريكية، صافى ثروة تايلور سويفت بنحو ١.٦ مليار دولار، بما فى ذلك ٦٠٠ مليون دولار من حقوق الملكية الموسيقية والجولات، إلى جانب «كتالوج» موسيقى تقدر قيمته بنحو ٦٠٠ مليون دولار، علاوة على ١٢٥ مليون دولار فى العقارات.