الأربعاء 12 مارس 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

جامعة الفيوم

حازم مصطفى يكتب: غنيتُ لكى أتأكد من صوتى

حرف

مِسكينٌ فى عَينِ اللهِ

مَغْرورٌ فى عَينِ الأَشْياءْ

وأقَلُّ كثيرًا مِنْ أَنْ تَسْرِى فِيَّ دِماءْ

قد أمشى مرتديًا أغلَى ثَوْبٍ فى الأسواقِ

لكنِّى أرخَصُ مِنْ زِرِّ قميصى ثَمَنًا

بَلْ أَرخَصُ مِنْ أن يُورِثَنِى جَدِّى عِلْمَ الأسماءْ

إذْ ينسانِى اسْمى

ثُمَّ يُغَيِّبُ عَنِّى المعنَى

والمعنَى قد كانَ ملاكًا يَسجُدُ لِى بالأمسِ

الآنَ أَبَى

وأرادَ مماتى دُونَ صَلاةِ رِثاءْ

لَمْ أُدرِكْ ذَلِكَ إلا حِينَ رأيتُ أخى الإنسانَ يَموتُ

ولَمْ تَمتَدّ يَداىَ لهُ!

لَمْ يَدفَعنِى قلبى

لَمْ تَحمِلْنِى ساقِى

فدَفَعتُ الدَّمْعَ ضريبةَ عُمرٍ فاتَ

وبِعتُ أَخِى كضريبةِ عُمرِى الْباقِى

غَنَّيتُ لِكَى أَتَأَكَّدَ مِنْ صَوْتِى

فرَمانِى اللَّحنُ بأحلامِ الأطفالِ وأحزانِ الفُقراءِ

فعِشْتُ أُخَبِّئُ صَوْتِى فى الأَبواقِ

وأُطفِئُ نارَ القَلْبِ بماءِ الصَّبرِ

وأَشْرَبُ أقوالَ الحُكَماءِ بفَنْجانِى كَى لا أَغْفُوْ

حاوَلْتُ كَثِيرًا أَنْ أَتَزَحزَحَ عَنْ صَمتِى

لَكِنَّ شُرودِىَ لَمْ يَسْمَحْ لِى أَنْ أَهْفُوْ

اقتُلْنِى يا زَمَنِى المُتَخاذِلَ

قد مَلَّت فَمِى الأبواقُ

احفُرْ لى فى قلبى قبرًا

فَدناءةُ قبرى لَنْ تَتَحَمَّلَها أرضٌ

الآنَ سأَرحَلُ دُونَ بُكاءٍ كَى لا يَهجُوَنِى دَمعِى

سأكونُ سَرابًا

لا يَتَخَيَّلُنِى الشُّعراءُ، ولا تَتَتَبَّعُنِى الأَنْباءُ

وسوفَ أكونُ سِلاحًا كُفْئًا فى يَدِ خَوْفِى

سأكونُ سماءً تَملَؤُها سُحُبٌ

لَكِنْ لا تَملَأُ جَوْفِى.