فتنة معاوية
صاحب الشَعرة.. معاوية.. «هادم الدين» أم «صانع الدولة»؟

- أراد أن يكون «خليفة قيصر ومحمد» بحملة كبرى إلى بيزنطة سنويًا.. والسُنة يعتبرونه صحابى جليل وكاتب وحى
- المؤرخ الأمريكى ستيفن همفريز: جسر بين قبلية قريش والنظام الإسلامى
- اعتبرعليًا شريكًا فى جريمة مقتل عثمان لاعتماده على دوائر متورطة
- الباحث الدنماركى إيرلينج بيترسون: «داهية سياسية» ولم يطمع فى الخلافة
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات.
ومن خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، تأخذ «حرف» قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتعريفهم على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الأعمال الجديدة الصادرة مؤخرًا، فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.
وفى رمضان سيكون لزاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟» طابع خاص يتسم بروح الشهر الفضيل، ونحاول من خلاله التعرف عن قرب على كتب غربية تناولت الإسلام وشخصياته التى كانت لها عظيم الأثر على التاريخ.
ومع حالة الجدل الكبيرة التى صنعها مسلسل «معاوية»، المعروض خلال الموسم الدرامى الرمضانى الحالى، حتى من قبل عرضه، نُلقى فى هذا العدد الضوء على أبرز ما كتبه المؤرخون والباحثون العربيون عن الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان.. فماذا قالوا؟

Mu’awiya ibn abi Sufyan: From Arabia to Empire.. من الجزيرة العربية إلى الإمبراطورية
يعتبر المؤرخ الأمريكى المعروف ستيفن همفريز، أستاذ التاريخ والدراسات الإسلامية فى جامعة «كاليفورنيا»، مِن أبرز مَن كتبوا عن معاوية بن أبى سفيان، خاصة كتابه «Mu›awiya ibn abi Sufyan: From Arabia to Empire» أو «معاوية بن أبى سفيان: من الجزيرة العربية إلى تشكيل الإمبراطورية».

هذا الكتاب صدر أواخر ٢٠٠٦، عن دار نشر «وان وورلد بوبليكيشين نيويورك» ذائعة الصيت، وتُرجم إلى أكثر من لغة حول العالم منها العربية، ويعتبر من المؤلفات الأكثر شهرة حتى الآن عن شخصية الرجل الذى حيّر الكثيرين، عند الكتابة عنه أو محاولة تحليل حياته ومواقفه.
ويحاول «همفريز» فى كتابه، الاقتراب قدر الإمكان من عقل معاوية بن أبى سفيان، الذى وصفه بـ«العظيم»، رغم وجود العديد من الانقسامات حوله بين المسلمين، مع تسليط الضوء بشكل أكبر على شخصية هذا الرجل، الذى يُعرف عالميًا بأنه ذو فطنة سياسية كبيرة، وينسب له الفضل فى توحيد إمبراطورية كانت تعيش حالة من الفوضى، وتحويل الخلافة إلى شكل عملى من أشكال الحكم، بما أسهم فى إيقاف الحرب الأهلية بين المسلمين.
وآراء المؤرخ الأمريكى الموجودة فى كتابه، كونها خلال دراساته وعمله كأستاذ للتاريخ والدراسات الإسلامية فى إحدى أشهر الجامعات الأمريكية، بالإضافة إلى رحلاته وجولاته فى منطقة الشرق الأوسط.
ويشرح ستيفن همفريز، فى كتابه، كيف كان معاوية معروفًا بحذره الشديد فيما يتعلق بأفكاره ودوافعه وعواطفه، ورغم أن البعض اتهمه بأنه «أول خليفة يحيد عن نموذج النبى محمد صلى الله عليه وسلم للقيادة الإسلامية المثالية»، ينسب إليه آخرون الفضل فى إنشاء إمبراطورية قوية، بعد أن حكم الأمويون لمدة ١٠٠ عام، قبل وصول «العباسيين» إلى الحكم.
وفيما يلى أبرز ما جاء فى هذا الكتاب المهم:

خليفة قيصر ومحمد
من بين جميع الخلفاء الأوائل، يعد معاوية بن أبى سفيان بالتأكيد «الأكثر مراوغة وغموضًا». إنه مراوغ لأننا لا نعرف سوى القليل جدًا عن الحقائق العامة عن حياته المهنية، بما فى ذلك ما يقرب من ٢٠ عامًا، كان فيها حاكمًا بلا منازع للمجتمع الإسلامى وإمبراطوريته الضخمة، ففى مقابل هذا، نعرف أقل عن معتقداته ودوافعه وأهدافه الداخلية.
إنه «غامض» لأن المسلمين لم يكونوا متأكدين أبدًا من حقيقته، وكان فى حياته رمزًا للصراعات والقلق الذى أصاب المسلمين، وظل كذلك حتى يومنا هذا. ومع ذلك، فإن «معاوية» شخصية حاسمة فى تاريخ الإسلام. وبدونه، يبدو التطور السياسى والدينى للإسلام المبكر غامضًا وغير مفهوم.
فضلًا عن ذلك، فمهما فكرنا فيه كحاكم ورجل، وهى النقطة التى تختلف الآراء حولها بشدة، على أقل تقدير، كان عبقريًا سياسيًا، فى لحظة لم يكن من الممكن أن ينقذ فيها أى شىء أقل من ذلك الإمبراطورية الإسلامية من التفكك.
تنقسم حياة معاوية ومسيرته المهنية إلى ٣ مراحل متساوية تقريبًا فى الطول: الـ٣٠ عامًا تقريبًا من الطفولة إلى أوائل مرحلة البلوغ، التى قضاها داخل الأسرة التقليدية والهياكل الدينية لقبيلة «قريش» العربية، وبعدها تأتى الـ٢٥ عامًا التى قضاها كعضو فى النخبة العسكرية والسياسية الإسلامية المهيمنة حديثًا، ثم ٢٥ عامًا ناضل فيها من أجل السلطة العليا قبل أن يحتفظ بها كحاكم للإمبراطورية الإسلامية.
ولا نستطيع أن نقول الكثير عن المرحلة الأولى، فقد كان هناك ببساطة. أما المرحلة الثانية، خاصة السنوات الـ٢٠ التى قضاها واليًا على بلاد الشام فى عهد الخليفتين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، تنقل المصادر عددًا من التأكيدات والحكايات عنه، بعضها صحيح بلا شك، على الأقل من حيث الجوهر.
وفى المرحلة الثالثة، لدينا جبل من المعلومات، لم يصل إلينا أى منها فى أى شكل يشبه شكلها الأصلى، عن الحرب الأهلية مع رابع الخلفاء الراشدين على بن أبى طالب، لكننا لا نملك سوى بضع لحظات بارزة من خلافته التى استمرت ٢٠ عامًا.
وفيما يتصل بالأحداث والسياسات الملموسة، فإننا نتلقى معلومات أكثر كثيرًا عن ولاة معاوية فى العراق مقارنة بما نتلقاه عنه!
نحن نعلم، على سبيل المثال، أنه أرسل على الأقل حملة عسكرية كبرى، واحدة كل عام، إلى الأناضول البيزنطية أو على طول ساحل بحر «إيجة». لقد مثل هذا التزامًا هائلًا، وكان بالتأكيد الشىء الذى يهتم به أكثر من أى شىء آخر، لأنه إذا نجح فى الاستيلاء على القسطنطينية وإنهاء الحكم البيزنطى، فسيكون «خليفة كل من قيصر ومحمد».
ومع ذلك، لا تخبرنا المصادر العربية بأى شىء تقريبًا عن هذه الحملات باستثناء أسماء قادتها، ولا نعرف إلى أين ذهبت، أو ماذا كانت أهدافها المباشرة أو طويلة الأجل. ولهذا السبب، يتعين علينا أن نلجأ إلى المصادر اليونانية، والسريانية أحيانًا، التى تحمل أهلها وطأة هذه الغزوات.
وحتى هذه الروايات موجزة ومربكة ومتناقضة فى كثير من الأحيان. ومثلها كمثل النصوص العربية، تم تأليفها بعد قرن على الأقل من حياة «معاوية»، ومصادر معلوماتها غامضة فى أفضل تقدير.
ولا نعلم الكثير عن الكيفية التى أدار بها معاوية شئونه فى قاعدته الأم، بلاد الشام، حيث أوصله الجيش الإسلامى إلى السلطة وأبقاه هناك، لكن كيف تعامل معهم؟ الكُتّاب المسلمون لا يخبروننا إلا أقل القليل عن كيفية تعامله مع الغالبية العظمى من رعاياه، الذين لم يكونوا مسلمين بل مسيحيين ويهود وزرادشتيين.
كل ما نعرفه عن هذا لا بد أن نستمده من مراجع متناثرة فى النصوص اليونانية والسريانية. وبين الكُتّاب السريان كان «معاوية» معروفًا بالاستقرار والعدالة والتسامح، لكنهم لا يذكرون إلا القليل من الحقائق، إن وجدت، لدعم هذا الحكم.
وأخيرًا، بذل «معاوية» نفسه كل ما فى وسعه، أو هكذا أخبرنا الكُتّاب المسلمون، لإخفاء أفكاره ودوافعه وعواطفه، وكان مشهورًا بفطنته السياسية، التى تجسدت فى صفة «الحلم»، وهى الكلمة التى يمكن فهمها على أفضل نحو على أنها «الصبر».

صحابى جليل vs مدمر الإسلام
اسم «معاوية» فى نظر المسلمين اللاحقين لا شك أنه أسهم فى غموض مكانته فى مخيلة المسلمين، لكن هذا ليس سوى البداية. المشكلة الحقيقية هى أنه لم يكن يتناسب بشكل أنيق مع المعايير الأخلاقية التى ابتكرها المسلمون اللاحقون لتقييم المكانة الدينية للشخص، بل أنه قَلبَ هذه المعايير رأسًا على عقب. لهذا لم يكن بوسعهم قط أن يقرروا ما الذى ينبغى لهم أن يفعلوه به.
لا بد أن نعترف بأن مجموعتين دينيتين سياسيتين عريضتين: «الخوارج» و«الشيعة»، لم تكن بينهما أى ازدواجية على الإطلاق. لقد كان بالنسبة لهم شخصية شريرة لا تهدأ، رجل عمل- عن علم وبسخرية- على تدمير العالم الجديد الذى أسسه النبى محمد، وإعادة العالم إلى الوحشية الجاهلية التى كانت سائدة فى الجاهلية قبل الإسلام.
لقد أدانه الخلفاء العباسيون، الذين أطاحوا بالدولة الأموية التى وضعها فى السلطة، وفعلوا كل ما فى وسعهم لتشويه ذكراه علنًا، هو وذريته، حتى رفع أبوالعباس السفاح، أول الخلفاء العباسيين، نبرة الإساءة إليه فى خطاب اعتلائه العرش فى الكوفة.
تكرر هذا النوع من السب أكثر من مرة فى عهد خلفاء «أبى العباس السفاح» المباشرين، وخطط «المأمون» و«المعتضد بالله» لحملات عامة منظمة لتشويه سمعة «معاوية» وعائلة «بنى أمية» بأكملها، واتهامهم ووصفهم ليس فقط بـ«ـالمنافقين» و«الفاسدين» و«الطغاة الدمويين»، بل وحتى «المرتدين»، وذلك بعد فترة طويلة من احتمال أن يشكل «معاوية» والأمويون تهديدًا للسلطة العباسية.
لكن أيًا من الخليفتين لم يمض قدمًا فى تلك الخطوة، لأن العواقب السياسية كانت غير متوقعة. ولا شك أن المراسيم غير المنشورة التى أصدرها «المأمون» و«المعتضد بالله» لم تكن تستهدف الأمويين بقدر ما كانت تستهدف إعادة تنشيط الدعم لسلالتهم المضطربة. ولكن من الواضح أن الخليفتين كانا يعتقدان أن الأمويين سيكونون رموزًا موثوقة وفعالة لـ«البديل الفاسد الملحد» للحكم العباسى، مهما كانت عيوبه.
بالنسبة لـ«السُنة»، الذين لم يكونوا جزءًا من المؤسسة العباسية، وشكلوا فى نهاية المطاف أغلبية المسلمين، كان لزامًا على الأحكام أن تكون أكثر دقة. حتى الخليفة العباسى «المنصور» احترم الفطنة السياسية لـ«معاوية»، ومواهبه كمؤسس للإمبراطورية، رغم أنه «المنصور» كان معروفًا بقسوته وافتقاده العاطفة.
فى نهاية المطاف، بالنسبة لـ«السُنة»، لم يكن «معاوية» مجرد صحابى للنبى فحسب، بل كان أيضًا كاتبًا للقرآن، وأحد المجموعة الصغيرة التى وثق بها النبى محمد لكتابة الوحى الذى تلقاه.
بصرف النظر عن هذا، كان «معاوية» قريبًا بعيدًا لمحمد، ومثله كمثل جميع أسلافه الأربعة على عرش الخلافة، كان قريبًا له عن طريق الزواج «من خلال أخته أم حبيبة، التى تزوجها النبى بعد فتح مكة عام ٦٣٠».
وعُين «معاوية» حاكمًا على سوريا (واليًا على بلاد الشام) حوالى عام ٦٣٩، من قِبَل الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، وأبقاه الخليفة الثالث عثمان بن عفان فى المنصب، حيث أظهر مواهبه العسكرية والسياسية والإدارية الهائلة، لمدة ٢٠ عامًا، حتى حلول الوقت الذى أصبح فيه خليفة، وأعاد السلام والاستقرار إلى مجتمع مسلم عانى ٥ سنوات من الحرب الأهلية.

جسر إلى الإسلام
من ناحية أخرى، تذكر الذاكرة التاريخية السنية أن عشيرة معاوية بن أبى سفيان «قريش» عارضت النبى محمد بشدة، فى بداية الدعوة للإسلام، وضايقت أتباعه لسنوات فى مكة، وقادت الحرب لطرده من المدينة. وكان «زعيم المعارضة» لمحمد، فى السنوات بين غزوة بدر «٦٢٤» وفتح مكة «٦٣٠»، هو والد «معاوية»، أبوسفيان.
وعلى الرغم من انضمام «معاوية» فى النهاية إلى النبى، يعتقد معظم الناس أنه لم يفعل ذلك إلا بعد دخول النبى إلى مكة، عام ٦٣٠، وهو تحول ملائم- إن وجد-. ولحسن حظ الأمويين، كان النبى محمد رجلًا يسعى إلى المصالحة مع أعدائه بمجرد اعترافهم بمكانته كنبى. علاوة على ذلك، استخدم موهبته أينما وجدها، ومن هنا جاء قراره باستخدام «معاوية» كـ«كاتب للقرآن الذى تلقاه وأملاه».
وتقول السيرة إن معاوية كان واحدًا من ١٨ فردًا فقط «١٧ رجلًا وامرأة واحدة» من قبيلة «قريش»، كانوا يعرفون القراءة والكتابة. ولم يكن زواج النبى محمد من أخت معاوية بن أبى سفيان «أم حبيبة» إلا تحالفًا سياسيًا مع العشيرة الأموية، التى كانت لا تزال كبيرة وذات نفوذ.
وبعد وفاة النبى محمد، ربما يشير تعيين عمر بن الخطاب لـ«معاوية» واليًا على سوريا إلى أن الخليفة المُهيب وجده جديرًا بالثقة، وإن كان المنصب لم يصل إليه إلا بعد وفاة ٣ من المُرشحين للمنصب فى تتابع سريع بسبب وباء «الطاعون»، الأمر الذى جعله القائد العسكرى الأقدم فى بلاد الشام. باختصار، تعيينه كان يمثل حلًا مؤقتًا لأزمة قيادية فورية.
وظل «معاوية» فى منصبه خلال عهد عثمان بن عفان جزئيًا، لأن «عثمان»، ابن عمه الثانى، حاول تعزيز سلطته على الولايات، عبر تعيين أفراد من عشيرته كحكام.
وأخيرًا، يعتقد الاجماع السنى أن «معاوية»، بإعادته السلام إلى المسلمين، يكون بطلًا رئيسيًا فى الحرب الأهلية التى مزقت الدولة. لكن الواقع يقول إن «معاوية» هو من أشعل- عمدًا- المرحلة الثانية من هذا الصراع، عندما رفض الاعتراف بعلى بن أبى طالب خليفة شرعيًا للنبى ما لم يسلم قتلة «عثمان» إليه للانتقام.
وقد نُسجت كل هذه الخيوط معًا بشكل جيد، فى قصتين قصيرتين مميزتين بكتاب «أنساب الأشراف»، وهو كتاب تاريخى وسيرة ذاتية ضخمة من تأليف أحمد بن يحيى البلاذرى، الأولى تذكّرنا بكلمات أحد النقاد المتدينين، وتؤكد «دنيوية معاوية» وعدم اكتراثه بالدين، والثانية منسوبة إلى «معاوية» نفسه، وتشرح فى بضعة سطور موجزة كيف كان رجلًا صالحًا، وسبب انتصاره على «على».
فى القصة الأولى، قال معاوية لـ«ابن الكواء اليشكرى»: «أطالبك أن تخبرنى تحت القسم بما تعتقد فىّ». رد «ابن الكواء»: «بما أنك أرغمتنى على الحلف باسم الله، فسأخبرك أننى أعتقد أنك تبدو لى غنيًا بأشياء الدنيا، لكنك فقير فى الحياة الآخرة، وأنك من الذين يعتبرون الظلام نورًا والنور ظلامًا».
وقال معاوية، فى القصة الثانية: «لقد انتصرت على علىّ لأننى كتمت أسرارى، بينما كان هو يبوح بأسراره، ولأن أهل الشام أطاعونى بينما عصاه أتباعه، ولأننى أنفقت مالى بسخاء بينما كان هو بخيلًا فى ماله».
تجاوز «التناقض السنى» فى موقفه من «معاوية» دوره السياسى المشكوك فيه فى بعض الأحيان، وتعلق الأمر أيضًا بالثقافة، فبحلول القرن الـ٩، كان المجتمع الإسلامى يقدر التقوى والمعرفة الدينية فوق كل شىء آخر، على الرغم من وجود مساحة كبيرة للشعر والأدب والخطاب العلمى والفلسفى.
وفى هذا السياق، كان «معاوية» يمثل مشكلة، ففيما يتعلق بالتقوى والسلوك الشخصى، كان مقبولًا بدرجة كافية، على الأقل لم يثر فضيحة عامة، لكن لم يُنظر إليه قط على أنه عالم دينى أو حتى مفكر، فقد كان يؤمن بالله ويمارس طقوس عبادته علنًا، ومع ذلك اعتبره كثيرون غير مبالٍ بالإسلام، وأشار البعض إلى «تعاطفه المريب مع المسيحيين».
كان شغف «معاوية» الأكبر بالفولكلور والشعر فى شبه الجزيرة العربية القديمة، الثقافة التى عرفها صبيًا، قبل مجىء الإسلام. وباعتباره آخر خليفة، غير مروان بن الحكم، وصل إلى سن المراهقة قبل أن تضع تعاليم النبى محمد كل شىء موضع تساؤل، أصبح يمثل الجسر البشرى بين النظام القديم للفضيلة الرجولية «المروءة» والتضامن القبلى «العصبية»، والنظام الجديد للإسلام.

Ali and Mu’awiya in Early Arabic Tradition.. على ومعاوية فى التراث العربى
من أوائل الكتب الغربية التى تناولت قصة معاوية بن أبى سفيان، الكتاب الدنماركى «Ali and Mu›awiya in Early Arabic Tradition» أو «على ومعاوية فى التراث العربى المبكر»، الذى صدر عام ١٩٦٤ عن دار نشر «مونكسجارد».

ألَّف الكتاب الباحث الدنماركى إيرلينج بيترسون، وتُرجم لاحقًا إلى اللغة الإنجليزية بواسطة المركز الثقافى البريطانى فى لندن، ويُعد العمل من الدراسات المبكرة التى تناولت العلاقة بين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان من خلال تحليل التراث العربى والإسلامى.
يؤكد المؤلف فى كتابه أن التفسيرات اللاحقة للصراع بين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان أدت إلى تحريفات خطيرة للمسار الفعلى للأحداث، ما تسبب فى انقسامات واضحة بين المسلمين.
يبدأ الكتاب بتحليل مفصّل لحدث مقتل عثمان بن عفان بالمدينة المنورة، فى يونيو عام ٦٥٦ ميلاديًا، ويتعمق فى تحليل العديد من الوقائع التاريخية بدقة شديدة، نتعرف عليها خلال مقتطفات من الكتاب فى السطور التالية:

الفتنة
كانت الحرب الأهلية الأولى فى الدولة الإسلامية وما نتج عنها من خصومات حزبية ذات أهمية حاسمة فى تشكيل مسار تطور الإسلام، ومن الطبيعى أن تؤدى التفسيرات اللاحقة للصراع بين «على» و«معاوية» إلى تحريفات جسيمة للمسار الحقيقى للأحداث.
فى دراسة سابقة، حاولت إعادة بناء بعض اتجاهات هذا الصراع وإبراز مشاكله اعتمادًا على المصادر الأولية. أما فى هذا الكتاب، فأحاول تتبع تشكيل التراث التاريخى المرتبط بـ«الحرب الأهلية الأولى»، من خلال تطبيق المعايير الحديثة للمنهج التاريخى.
كما سعيت فى النهاية إلى وضع إطار عام لنشأة الكتابة التاريخية «الدنيوية» فى الإسلام، باعتبار صراع «على» و«معاوية» نموذجًا بارزًا، من خلال هذا الكتاب، الذى يهدف إلى الجمع بين دراسة تاريخية ومنهجية للصراعات المبكرة فى الإسلام.

ويُعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالمدينة المنورة، فى يونيو ٦٥٦ ميلادية، حدثًا ذا أهمية تاريخية كبرى فى تاريخ الإسلام، فقد شكّل، بحسب تعبير المؤرخين العرب، بداية الانقسام الدينى السياسى «الفتنة»، وهو الانقسام الذى لم يقتصر على إشعال سلسلة من الصراعات المريرة فى السنوات التالية فحسب، بل أدى أيضًا إلى انقسام دائم فى المجتمع الإسلامى، نتجت عنه فصائل متعارضة لا يمكن التوفيق بينها.
وكانت جريمة قتل عثمان مدفوعة بعوامل توتر كامنة داخل المجتمع العربى، تمثلت فى الخلافات بين «الثيوقراطية» الإسلامية الناشئة، وصحابة النبى محمد فى مكة والمدينة، من جهة، والقوى التقليدية فى مكة، خاصة الأمويين، والمجتمعات البدوية العربية، من جهة أخرى. وفى مرحلة لاحقة، تفاقمت هذه التوترات بظهور مجموعة جديدة دعت إلى مبدأ الشرعية الناشئ، وكانت شخصية على بن أبى طالب، ابن عم النبى وصهره، المحور الرئيس لهذه المجموعة.
قبل ذلك، كان «أبوبكر» و«عمر» قد نجحا فى الحفاظ على تسوية مؤقتة، من خلال ربط البرنامج الدينى للإسلام بغريزة الحرب لدى القبائل العربية، وهى السياسة التى أدت مباشرة إلى أول موجة توسع كبيرة فى ثلاثينيات القرن السابع. ومع ذلك، كان على الخلفاء الأوائل أن يراعوا مصالح الأمويين، الذين كانت مصالحهم التجارية فى سوريا سببًا فى وضع قيادة وتنظيم فتح هذا البلد تحت سيطرتهم.
وفى عهد «عمر» وكذلك فى عهد خليفته «عثمان»، بدأت تظهر بوادر عدم الرضا بين القبائل العربية التى شاركت فى التوسع الإسلامى، بسبب التنظيم العسكرى الصارم، والمزايا الاقتصادية التى حصدتها النخبة الإسلامية الجديدة فى الحجاز، وكذلك الأمويون من الفتوحات.
ووفرت هذه الظروف أرضية خصبة للثورة ضد «عثمان»، وفى هذا السياق، كان انتخاب على بن أبى طالب تعبيرًا عن المعنى الحقيقى لـ«الفتنة»، إذ مثل نقطة تحول فى مسار التاريخ الإسلامى.

الانتقام من قتلة عثمان
تولى على بن أبى طالب الخلافة لم يكن نتيجة للاعتراف بمبدأ الشرعية، بقدر ما كان ثمرة لمساعى البدو، خاصة القبائل العراقية، وأنصار المدينة لاستغلال الظروف الراهنة، وإعادة توجيه التطور نحو مسارات أكثر دينية وتماشيًا مع التقاليد القديمة.
ومع ذلك، لم يكن بمقدور «على» الحفاظ على سلطته كخليفة إلا بالتعاون الوثيق مع الدوائر التى كانت وراء مقتل «عثمان»، ما جعله يواجه مقاومة من جانب الصحابة المكيّين «المهاجرين» الذين استفادوا من التوسع الإسلامى.
كما واجه تمردًا من قبل «طلحة» و«الزبير»، فى خريف عام ٦٥٦م، ومن المرجح أن مطالبهما بالإصلاح كانت تعبيرًا عن رفضهما التكيف مع البرنامج الذى مثله انتخاب «على». لكن فى ظل الظروف السائدة، لم يتمكنا من تحقيق مطالبهما، وقُمع تمردهما، فى ديسمبر من العام نفسه، فيما عرف باسم «معركة الجمل»، بالقرب من البصرة.
أما رد الفعل الأموى، بقيادة معاوية بن أبى سفيان، فكان أكثر قوة وأهمية، فبصفته قريبًا للخليفة المقتول، طالب «معاوية»، فى يناير ٦٥٧، بالانتقام من قتلة «عثمان»، مستندًا إلى مبدأ القصاص القرآنى، رافضًا الاعتراف بأى مبرر دينى لقتل الخليفة.
ووفقًا لمعظم الروايات، اعتبر معاوية بن أبى سفيان «عليًا» شريكًا فى الجريمة، نظرًا لاعتماده على الدوائر التى شاركت فى قتل «عثمان»، وبالتالى رأى أنه متورط دينيًا فى الفعلة. من جهة أخرى، أنكر «على» وأتباعه إمكانية تطبيق القصاص القرآنى فى هذه الحالة، بحجة أن «تعسف» عثمان بن عفان فى حكمه أعطى مبررًا لقتله، وبالتالى اعتبروا «معاوية» متمردًا على السلطة الشرعية التى أقر القرآن بوجوب قتالها.
ولا شك أن هذه الفتنة هزت أسس المجتمع الإسلامى نفسه، وقد تجلت هذه الانقسامات بوضوح عندما التقى جيشا «معاوية» و«على»، فى «صفين» على نهر الفرات، فى صيف عام ٦٥٧.
اضطر «على» إلى الموافقة على تحكيم القرآن لتبرير موقفه من قتل «عثمان»، وعيّن كلا الطرفين حكمًا خاصًا به، ما يعكس عمق الخلافات التى لم تُحل، بل تفاقمت بمرور الوقت. كان عمرو بن العاص يمثل «معاوية» فى عملية التحكيم، بينما مثل جيش «على»، أبوموسى الأشعرى، الذى كان من بين الصحابة الذين فضلوا الحياد فى «الفتنة» لأسباب دينية.
ومع ذلك، لم يكن معسكر «على» موحدًا حول هذا القرار، فانفصلت مجموعة، تتألف فى الغالب من البدو، عُرفت لاحقًا باسم «الخوارج»، لأنهم رأوا أن الاتفاقية تتعارض مع الموقف الدينى للخليفة، فقد قدموا تضحيات كبيرة فى القتال ضد تمرد «معاوية»، الذى اعتبروه غير شرعى، ولم يكونوا ليقبلوا إلا بحكم عسكرى يُقرر فيه الله مصير الصراع.
ولا شك أن إصرار «الخوارج» على إضفاء طابع ديمقراطى شامل على الإسلام، كان يعكس جانبًا من معارضتهم لسياسات «عثمان»، والأفكار التى دعمت خلافة «على». ويبدو أن معارضتهم كانت سببًا فى تأجيل التحكيم حتى يناير ٦٥٩، عندما التقى عمرو بن العاص وأبوموسى الأشعرى فى واحة قرب «البتراء».
ووفقًا للرواية، خلص الحكم إلى أن قتل الخليفة «عثمان» كان عملًا غير قانونى، وأن «على» قد أخطأ دينيًا بتعاونه مع القتلة، وبموافقته على اتفاقية «صفين»، وإن كان مترددًا، كان «على» قد عرض نفسه لإدانة «الخوارج» له بـ«الكفر».
واندلعت المواجهة بين «على» و«الخوارج» فى معركة «النهروان» قرب الكوفة، فى يوليو ٦٥٨، حيث هُزم «الخوارج». ومع ذلك، أدت عملية التحكيم إلى انشقاق كبير فى صفوف أنصار «على»، وتحولت السنتان المتبقيتان من خلافته إلى تفكك تدريجى، حتى سقط ضحية لاغتيال «الخوارج»، فى يناير ٦٦١. وفى الصيف السابق، كان «معاوية» قد حصل بالفعل على بيعة الولاء فى القدس.

ورطة التحكيم
فى هذه الحرب الأهلية، اصطدمت العناصر الأساسية للإسلام فى صراع لا يمكن التوفيق بينه، ومن المهم أن نلاحظ أن حرب «على» الدفاعية كانت تهدف للحفاظ على الإيمان، والتزامه بتحقيق الهداية الصحيحة والنصر، وقد كان هذا الهدف بمثابة تذكير لـ«على» بأنه كان ينوى الدفاع عن نفسه، حتى ضد «الخوارج»، الذين اعتبرهم منحرفين عن الحق. بالنسبة لـ«الخوارج»، فقد رأوا أن «على» فقد شرعيته فى الحكم بقبول التحكيم. وبالمثل اعتبر المحكمون موقفه من فتنة عثمان «مساومة دينية»، تجعله غير مؤهل للخلافة، ومع ذلك، فإن هاتين الأزمتين ليستا سوى جانب واحد فى تفسير انتصار الأمويين، والجانب الآخر يكمن فى الصفات الشخصية لـ«معاوية»، الذى لا يوجد سبب للشك فى صدق دوافعه، ولا أى أساس للاعتقاد بأنه كان يطمح علنًا إلى الخلافة إلا فى وقت لاحق.
ويمكن إرجاع النجاح الذى حققه «معاوية» فى نضاله إلى دهائه السياسى، وهدوء تفكيره، وصفاته القيادية بشكل عام. ومن المحتمل أن الأرستقراطية المكية القديمة، التى كان «معاوية» على رأسها، هى التى وصلت إياه إلى الخلافة، فى عامى ٦٦٠ و٦٦١. لكن السؤال المهم هو: إلى أى مدى غيرت الحرب الأهلية وتولى الأمويين السلطة البنية السياسية والاجتماعية للإسلام؟
من الواضح أن «معاوية» وخلفاءه المباشرين سعوا إلى اتباع نهج الخلفاء الأوائل، أى التوفيق بين مصالح الإسلام والبدو فى التوسع الذى كان يكتسب زخمًا جديدًا، وفى الوقت نفسه، مكنته مكانته الشخصية من الحفاظ على التوازن بين المؤسسات القبلية التقليدية، وتنظيم المجتمع العربى الأرستقراطى فى البيئات الجديدة. ومع ذلك، فإن الثورات المؤيدة لـ«على»- «الشيعة وحركات الخوارج»- التى اندلعت فى العراق بعد فترة وجيزة، تؤكد أن هذا التوازن كان هشًا، خاصة مع استيعاب العرب فى المقاطعات الشرقية، وتحول السكان الأصليين تدريجيًا إلى الإسلام، ما عمق الخصومات الدينية، وأضاف صعوبات اجتماعية إلى الصعوبات السياسية القائمة.
لقد اندلع السخط بين العرب والموالى «غير العرب الذين اعتنقوا الإسلام» بسبب المعارضة الشيعية، ما يعنى أن حالة الصراع لم تتراجع بقتل «على»، بل احتفظت بواقعيتها، وإن اتخذت أشكالًا مختلفة.
وكانت الفتنة التى أثارها مقتل «عثمان»، نظرًا للبنية الفريدة للمجتمع الإسلامى، والترابط الوثيق بين الدين والسياسة، ذات أهمية جوهرية، لدرجة أنها استمرت ليس فقط فى التأثير على التفسيرات اللاحقة، بل فى تشكيل الولاءات المستقبلية أيضًا. وبالتالى، فإن تاريخ الحرب الأهلية وتأريخها أمران مختلفان تمامًا، وكلاهما يستحق المناقشة، وهو ما يشكل الهدف الرئيسى لهذا الكتاب.
ويُعد التراث المتعلق بخلافة على بن أبى طالب، خاصة علاقته بمعاوية بن أبى سفيان، مجالًًا خصبًا للدراسات التى تتناول السمات الرئيسية لنشأة وتطور التدوين التاريخى العربى. ويحظى هذا الموضوع بأهمية حيوية، خاصة فيما يتعلق بالتطور السياسى والدينى الداخلى للإسلام، لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمراحل الأولى للفتنة، ولأنه يثير مناقشات نظرية حول أحقية الأسر الحاكمة، سواء الأمويون أو العباسيون أو العلويون، فى الخلافة.
على عكس الموضوعات الأخرى، مثل وصف دور عمر بن الخطاب فى التنظيم السياسى للإمبراطورية خلال سنوات الفتوحات، فإن قضية خلافة «على» وصراعه مع «معاوية» لا تتأثر بالمناقشات المتعلقة بأصل الجهاز الإدارى والمالى، ولا بجوانب السياسة الخارجية. بل إنها تركز بشكل أساسى على الجوانب الدينية والسياسية الداخلية التى شكلت هوية الإسلام المبكر. يشير كل الظروف إلى أن تطور «التراث والسيرة الشاملة» يمكن أن يقدم توضيحًا كافيًا وتمثيليًا لجانب مهم من تطور الكتابة التاريخية العربية. ومن خلال دراسة هذا التراث، يمكن فهم كيفية تشكل الروايات التاريخية وتأثيرها على تصورات الأجيال اللاحقة حول الأحداث والصراعات التى شكلت مسار الإسلام فى مراحله الأولى.
Between Civil Wars: The Caliphate of Mua'wiyah.. بين الحروب الأهلية
من بين الكُتب الغربية التى تناولت شخصية معاوية بن أبى سفيان، يأتى كتاب «Between Civil Wars: The Caliphate of Muāwiyah» أو «بين الحروب الأهلية: خلافة معاوية بن أبى سفيان»، للمؤرخ الأمريكى مايكل مورونى، أستاذ التاريخ فى جامعة «كاليفورنيا»، الصادر فى أغسطس ١٩٨٧.

ويُعد هذا الكتاب، الصادر عن مطبعة جامعة ولاية «نيويورك»، أول ترجمة باللغة الإنجليزية لرواية الإمام الطبرى الكاملة عن حكم الخليفة الخامس معاوية بن أبى سفيان، الذى استمر ٢٠ عامًا، مع عرض وجهات النظر المختلفة حول الأحداث التى شهدتها هذه الفترة.
وتبرز أهمية هذا الكتاب فى كونه مصدرًا مهمًا للمهتمين بتاريخ الإسلام المبكر، خاصة لغير الناطقين بالعربية، ويقدم ترجمة وتحليلًا لموضوعات جوهرية أثّرت فى التفسيرات الحديثة لحكم وشخصية معاوية بن أبى سفيان، ما يجعله مرجعًا أساسيًا لفهم تلك المرحلة الدقيقة من التاريخ الإسلامى.

Mu’awiya: Restorer of the Muslim Faith.. مُجدد الإيمان الإسلامى
لم تقتصر الدراسات الغربية حول معاوية بن أبى سفيان على المؤرخين الرجال فحسب، بل كانت للمؤلفات أيضًا إسهاماتهن فى هذا المجال، ومن بينهن الكاتبة الأمريكية عائشة بيولى، التى اعتنقت الإسلام عام ١٩٦٨.

وفى عام ٢٠٠٢، أصدرت «بيولى» كتابًا بعنوان «Mu›awiya: Restorer of the Muslim Faith» أو «معاوية: مُجدد الإيمان الإسلامى»، عن دار النشر البريطانية «دار التقوى»، المتخصصة فى الكتب الدينية.
ووصفت المؤلفة معاوية بن أبى سفيان بأنه شخصية محورية فى التاريخ الإسلامى، وترى أنه تم تجاهله لأحد ٣ أسباب: إما لنقص المعلومات حول تلك الفترة، أو لتشويه سمعته لأسباب سياسية من قبل الشيعة، أو لتصويره كحاكم علمانى تمامًا من قِبَل بعض المستشرقين الغربيين.

وأضافت «بيولى»، فى كتابها، أن «معاوية»، عندما تولى الخلافة بين عامى ٤١ هـ-٦٦١م نجح فى إنهاء فترة الحرب الأهلية المدمرة، ما مهّد الطريق لقيام الدولة الأموية، التى استمرت قرابة ٩٠ عامًا، حتى سقوطها على يد العباسيين.
وواصلت: «من الصعب تصور حلٍ للأزمة آنذاك دون نجاح «معاوية» فى إعادة توحيد المجتمع الإسلامى»، مُسلطة الضوء على شخصية «معاوية» كسياسى بارع ودبلوماسى ماهر، متابعة: «سعى إلى تطوير نموذج للحكم يمكّن الإسلام من التعبير عن نفسه ضمن الأطر الاجتماعية والاقتصادية الجديدة التى فرضها نجاح الفتوحات الإسلامية المبكرة».