الدراما المصرية في محكمة النقاد

- أداء ياسمين عبدالعزيز وكريم فهمى يستحق الإشادة
- مسلسل «حسبة عمرى» عمل فنى واعد
- «ظلم المصطبة» قدم صورة حقيقية للمناطق الريفية
- تألق كثير من الممثلين الكبار والشباب عوّض غياب نجوم الصف الأول
- دخول عدد من الوجوه الجديدة يستحق الإشادة
- مسلسل «لام شمسية» واحد من أفضل الأعمال التى عُرضت فى موسم رمضان 2025
لا يمكن النظر إلى الدراما المصرية باعتبارها مجرد أعمال فنية للمتعة والتسلية والترفيه، بل هى واحدة من أهم القوى الناعمة المصرية، التى ترتبط بتاريخ هذا البلد العريق، الذى يحمل ألوية التميز فى كل مجالات الإبداع، وعلى رأسها الفن، فلا فن عربيًا- وقل حتى على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم ككل- دون مصر.
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بدورها الكبير فى ضبط صناعة الفن والإعلام أدركت هذه الحقيقة منذ سنوات طويلة، وبدأت فى تجسيدها على أرض الواقع، من خلال أعمال فنية تعبر عن هموم هذا الوطن، وتؤدى دورها المطلوب فى معركة التوعية، وهى الأعمال التى تتطور من موسم إلى آخر، وصولًا إلى ذروة التميز خلال موسم دراما رمضان 2025.
فمع قرب انتهاء الموسم الدرامى الرمضانى هناك إجماع كبير على أنه مختلف فى كل شىء، حتى إن كثيرين راحوا إلى مقارنته بمواسم ماضية شهدت تقديم العديد من الأعمال الخالدة فى ذاكرة المشاهدين، ليس فى مصر بل على مستوى الوطن العربى ككل.
لكن فى المقابل، برزت أعمال لم تقدم الواقع بصورة حقيقية، وقدمت صورة مغايرة عن حقيقة المجتمع المصرى، ولعل هذا ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حفل الإفطار السنوى الذى تقيمه القوات المسلحة، إلى الدعوة لتوفير فرصة فى القنوات التليفزيونية والدراما المصرية لتقديم دراما إيجابية، تتضمن جدية والتزامًا، وتبتعد عن الغث والهزل والكلام الذى لا يبنى الأمة.
كيف كان الموسم الدرامى فى رمضان 2025؟ ما أبرز عناصر القوة والضعف فى أعماله؟ وما المطلوب لتنفيذ توصيات الرئيس السيسى واستمرار ريادتنا الفنية خلال الفترة المقبلة؟.. هذه وغيرها أسئلة تحاول «حرف» الإجابة عنها فى السطور التالية.

ماجدة موريس: الكثير من مسلسلات الموسم «جيد»

الدراما الاجتماعية التى تُعرض حاليًا تتفاوت فى مستواها، فيبرز بعضها بطرح جاد ومصداقية، بينما تعانى أعمال أخرى من الافتعال وعدم الواقعية، ما يجعلها منفصلة عن واقع المجتمع، فى الوقت الذى يظل الفن مهمًا جدًا فى وعى الجمهور، ويجب الحذر الشديد فى تولى مواضيعه.
لدىّ استياء شديد من بعض الدراما التليفزيونية التى تُعرض حاليًا خلال موسم رمضان، وتندرج تحت مسمى «دراما البلطجة»، والتى لا تُمثلنا أبدًا، ولا تندرج تحت مسمى «المسلسلات الشعبية» كما يتداول البعض، ومعظمها يُعرض على قنوات غير مصرية.
كما لدى استياء من المسلسلات التى تُظهر المصريين بصورة غير واقعية أمام العالم العربى، وهى غير الأعمال الشعبية التى يجب أن تعكس حقيقة المجتمع بدلًا من تكريس صور نمطية غير صحيحة.
بعض المسلسلات، خاصة تلك التى تتناول حياة الراقصات، تفتقد إلى المصداقية، إذ تُقدم شخصيات تعانى من الفقر، بينما تظهر بأزياء ومكياج باهظ الثمن، ما يخلق تناقضًا يُفقد العمل واقعيته.
أما مسلسل «شهادة معاملة أطفال» فيجمع بين الكوميديا والمواقف غير المنطقية، ويلجأ البطل فيه إلى استخدام السلاح لحل المشكلات، ما قد يترك تأثيرًا سلبيًا على الأطفال والمراهقين الذين يتابعونه.
أنا أحب النجم محمد هنيدى، لكن تقديمه هذا المسلسل مُخيب للآمال بالنسبة لى، خاصة أنه يُعتبر قدوة للمراهقين، ولا يجوز ظهوره وهو يصيح بشكل مبالغ فيه ويستخدم السلاح بشكل متكرر فى كل موقف، بالإضافة إلى مشهد جلوسه أمام وكيل النيابة وكأنه هو وكيل النيابة وليس العكس.
محمد هنيدى ممثل موهوب، لكن فى مسلسل «شهادة معاملة أطفال» لم يهتم بالسيناريو أو بالشكل الذى يقدمه للجمهور، رغم أن الفنان، بعد سنوات من العمل، يصبح لديه وعى بكيفية اختيار أدواره. لكن هنا نجد أن اللجوء إلى الحلول السريعة مثل استخدام السلاح فى المشاهد ليس منطقيًا، خاصة فى عمل يشاهده الأطفال والمراهقون.
فى المقابل، هناك عدد من الأعمال التى تحمل رؤية فنية جيدة، وتناقش قضايا اجتماعية مهمة وشائكة، يأتى على رأسها مسلسل «لام شمسية»، الذى يسلط الضوء على قضية التحرش بالأطفال، وأداء كل الفنانين فيه يستحق الإشادة.
وأرى أن الانتقادات التى وجهت لفريق العمل بداعى أن الطفل الذى ظهر ضمن أحداث المسلسل قد تعرض للأذى بسبب الدور الذى يؤديه، وهو دور طفل يتعرض للتحرش الجنسى- اتهامات غير مبررة، فهذا الطفل ممثل موهوب، ومُدرك تمامًا لطبيعة الدور الذى يقدمه، وفى النهاية، هذا تمثيل وليس قصة حقيقية.
الطفل لم يتعرض لأى أذى، لأنه كان يعلم مسبقًا كل تفاصيل المشاهد التى سيؤديها، وتم التعامل معه بحرص واحترام. والتمثيل عملية خاضعة للتحضير والتوجيه، ويتم فيها إيضاح جميع التفاصيل للأطفال المشاركين، لضمان فهمهم الموقف وعدم تأثرهم نفسيًا. وفى كل الأحوال، أداء الطفل فى المسلسل يستحق الإشادة، وهو ممثل شاطر ولطيف وهادئ.
أما مسلسل «وتقابل حبيب»، فأداء النجمة ياسمين عبدالعزيز وكريم فهمى يستحق الإشادة. كما أن السيناريو مُحكَم ويطرح قضايا مهمة بطريقة ذكية وسلسة، إلى جانب الأداء الجيد لبعض الممثلين الآخرين مثل خالد سليم. فى المقابل، نيكول سابا، ورغم أنها ممثلة موهوبة لكن دورها فى هذا العمل كان مبالغًا فيه من حيث الأداء.
ومن الأعمال المميزة أيضًا خلال الموسم الجارى يأتى الجزء الثانى من مسلسل «جودر»، لكننى كنت أفضل عرضه كجزء واحد، بدلًا من تقسيمه على جزأين، لأن الجمهور يمكن أن ينسى أحداث الجزء الأول الذى عُرض فى رمضان الماضى، فيحتاج لمشاهدة العمل مرة أخرى من البداية، خاصة أن الجزء الجديد استكمال لأحداث الأول، وليس أحداثًا جديدة.
مسلسل «ظُلم المصطبة» من بين الأعمال الأخرى المبشرة، وأداء إياد نصار وريهام عبدالغفور يستحق الإشادة. كذلك أثار إعجابى مسلسل «قهوة المحطة»، وأداء بطله أحمد غازى، وهو ممثل موهوب وذو حضور قوى.
وفى كل الأحوال، ينبغى التروى قبل إصدار الأحكام المسبقة على الأعمال الدرامية، خاصة فى المراحل الأولى من عرضها، فالتقييم العادل يجب أن يكون بعد متابعة كاملة للمسلسل، وليس بناءً على افتراضات غير مؤكدة.
وبالنسبة لتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بشأن الصورة السلبية التى تقدمها بعض الأعمال الدرامية عن المجتمع المصرى، أرى أن هذا انتقاد فى محله، لذا فإن إعادة تشكيل «لجنة الدراما» التابعة للمجلس الأعلى للإعلام خطوة تأتى فى الوقت المناسب لإنقاذ الدراما التليفزيونية المصرية.
لدينا رصيد عظيم من الدراما التليفزيونية الزاخرة بالإبداع على يد كبار صُناع الفن، ما يستدعى زيادة التدقيق فى الأعمال المُقدمة خلال المواسم المقبلة لضمان جودة المحتوى، وإن كانت هناك العديد من الأعمال الجيدة التى قُدمت هذا العام، فإلى جانب ما ذكرته سابقًا من أعمال تستحق الإشادة، هناك أعمال أخرى فى نفس المنطقة مثل «ولاد الشمس» و«قلبى ومفتاحه» و«إخواتى» و«٨٠ باكو»، وكلها أعمال تليفزيونية جيدة بعيدة تمامًا عن البلطجة والمبالغة.
لذا، فإن مراجعة محتوى الدراما خطوة فى غاية الأهمية، لضبط جودة الأعمال المقدمة، ومراعاة تأثيرها المجتمعى، خاصة مع ازدياد الإنتاج الدرامى وتنوع موضوعاته. كمشاهدة قبل أن أكون ناقدة، أبحث دائمًا عن أعمال تحترم عقل الجمهور، وتقدم قصصًا مقنعة بعيدًا عن المبالغات أو الرسائل الخاطئة.
هناك أهمية كبيرة لتقديم دراما تحترم عقل المشاهد، وتعكس الواقع المصرى بشكل أكثر صدقًا، بعيدًا عن المبالغات والصور النمطية. هذا وسأتابع المزيد من الأعمال مع نهاية الموسم، وأقدم رؤيتى النقدية بشكل أوسع لاحقًا.
عصام زكريا: المستوى أفضل مقارنة بالسنوات السابقة

مستوى الدراما الاجتماعية هذا العام «فوق المتوسط»، فى ظل وجود أعمال متميزة على مستوى الموضوعات والأداء، مقابل بعض المشاكل الظاهرة، أبرزها ضعف الكتابة والضغط الزمنى فى التنفيذ، رغم أن كاتب السيناريو يجب أن يحصل على وقته الكافى قبل حلول موسم رمضان.
هناك أعمال ذات طابع اجتماعى حققت نجاحًا جيدًا، مثل «قلبى ومفتاحه» و«80 باكو» و«لام شمسية» و«ظلم المصطبة» و«ولاد الشمس»، والتى تقدم محتوى جيدًا مع أداء متميز من الفنانين، لكن الكتابة كانت تحتاج إلى وقت أطول للمراجعة، لأن التسرع فى التنفيذ يجعل المسلسل يخسر بعض التفاصيل المهمة، ما يجعله فى مستوى أقل مما يمكن أن يكون عليه.
فى المقابل، هناك أعمال أخرى كنت أتوقع لها نجاحًا أكبر لكنها أصابتنى بخيبة أمل، مثل «شهادة معاملة أطفال» و«الكابتن»، وأرى أن المشكلة الأساسية بهما كانت فى السيناريو، وليس أداء الفنانين. المشكلة الأساسية فى الكوميديا هذا العام هى ضعف النصوص، ما يدفع الممثلين إلى الارتجال والاستخفاف بالأداء، وهذا يجعل النتيجة النهائية ضعيفة. لذا بعض الأعمال الكوميدية جاءت أقل إمتاعًا من المسلسلات ذات الطابع الاجتماعى، حتى إن بعض المسلسلات غير الكوميدية قدمت لحظات فكاهية أكثر إمتاعًا من الأعمال المصنفة كوميدية.
المسلسلات ذات الحلقات الطويلة، المكونة من ٣٠ حلقة تحديدًا، لا تحمل تجديدًا كافيًا لجذب الجمهور.
وفيما يخص النصف الثانى من رمضان، متحمس لمتابعة بعض الأعمال مثل «لام شمسية» و«نص الشعب اسمه محمد» و«ظلم المصطبة» و«قهوة المحطة». كما بدأت فى متابعة مسلسل «حسبة عمرى» من بطولة روجينا وعمرو عبدالجليل، وأراه عملًا واعدًا حتى الآن.
بصفة عامة، مستوى الدراما هذا العام لا يزال جيدًا مقارنة بالسنوات السابقة، لكن ما زالت هناك ضرورة لتحسين جودة النصوص، خاصة فى الأعمال الكوميدية، مع إتاحة وقت كافٍ لتنفيذ المسلسلات، ما يضمن تقديم أعمال أكثر إتقانًا للجمهور.
هناك كذلك حاجة إلى المصداقية فى العمل الفنى، حتى لو كان عملًا خياليًا، صحيح أن الأعمال الدرامية ليست مُطالبة بأن تكون تسجيلية، لكن يجب أن تكون مقنعة من حيث التفاصيل والشخصيات وتسلسل الأحداث.
على سبيل المثال، هناك مشكلة فى تصور الصعيد بالدراما المصرية، فكثير من الأعمال الصعيدية لا تعكس الواقع بشكل دقيق، بل تعتمد على ديكورات مصطنعة ولهجات غير دقيقة، دون تحديد واضح للمناطق الجغرافية التى تدور فيها الأحداث، رغم أن الصعيد ليس كوكبًا آخر، وهناك تنوع كبير بين لهجات وأساليب حياة محافظاته المختلفة، لكن ما يُقدم على الشاشة عادةً هو صورة نمطية غير حقيقية.
الدراما يجب أن تفتح النقاش حول القضايا الشائكة، مثل التحرش وانتشار المخدرات والعنف الأسرى، فتجاهل هذه المشكلات أو التستر عليها يؤدى إلى تفاقمها. الفن ليس مسئولًا عن إيجاد حلول مباشرة، لكنه يلفت الانتباه ويضغط من أجل التغيير.
النقد الفنى يجب أن يكون قائمًا على معايير درامية، وليس فقط على مقارنة المحتوى بالواقع. الاعتراض يجب أن يكون فنيًا، وليس فقط لأن الواقع مختلف، فحتى الأعمال الخيالية تحتاج إلى بناء مقنع ومصداقية داخل عالمها الدرامى.
الوعى ضرورى فى تناول الأعمال الفنية، سواء من قبل صناع الدراما أو الجمهور، ومقاطعة الأعمال غير المقنعة، أو التوقف عن الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، هو السبيل الأنجح لتحسين مستوى الدراما المصرية.
العمل الفنى ليس مُلزمًا بأن يكون واقعيًا تمامًا، لكنه يجب أن يكون مُقنِعًا، فالجمهور يمكنه تصديق أحداث خيالية، مثل الحديث مع الحيوانات أو العيش فى كواكب أخرى، كما فى بعض الأفلام العالمية، طالما أن العمل يقدمها بأسلوب متماسك ومقنع.
المشكلة الحقيقية ليست فى تقديم الخيال، بل فى ضعف الحبكة، وعدم وجود منطق داخلى للأحداث. العمل الفنى يجب أن يتناول قضايا جريئة، مثل تجارة الآثار وغسل الأموال والمخدرات، طالما أنه يعرضها بأسلوب درامى مُقنع، كما سبق أن ذكرت.
المبالغات التى تظهر فى بعض الأعمال الدرامية تستحق الانتقاد، وتتعارض مع المصداقية الفنية، التى تعنى رسم شخصيات واقعية وتقديم الأحداث بطريقة تتماشى مع سياقها، حتى لو كانت تدور فى عالم خيالى.
أى مجتمع طبيعى يحتوى على مساحة من التجاوزات، لكن الأهم هو أن يؤدى الجدل العام إلى تصحيح المسار بدلًا من الهجوم غير المدروس. ومقارنة الإنتاج المصرى بنظيره الأمريكى أو الهندى توضح أن كل صناعة فنية تمر بمراحل من النقد والاعتراض، وهو أمر صحى يساهم فى تطوير المحتوى الدرامى.
الجمهور نفسه يساهم أحيانًا فى الترويج للأعمال التى ينتقدها، إذ يؤدى الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعى إلى زيادة نسب المشاهدة، بدلًا من تقليلها، لذا فإن الحل الأمثل لمقاطعة عمل فنى غير مقنع هو التوقف عن مشاهدته، وعدم منحه دعاية مجانية من خلال الانتقادات المستمرة.
وأحذر كذلك من خطورة تدخل غير المتخصصين فى تقييم الأعمال الفنية، فالحكم على الدراما يتطلب فهمًا عميقًا لقواعد السرد والتصوير والإخراج. كما أن الرقابة المفرطة قد تؤدى إلى تقييد الإبداع، وإعادة الدراما المصرية إلى الوراء بدلًا من دفعها للأمام.
ونحتاج أيضًا إلى وجود وعى نقدى لدى الجمهور، بحيث يستطيع التمييز بين الأعمال الفنية الجيدة والضعيفة، دون الانجرار وراء حملات الهجوم غير المدروس. بصفة عامة، تطور الدراما المصرية يعتمد على تحقيق توازن بين الإبداع والالتزام بالمصداقية، وليس السعى وراء تقديم صورة مثالية غير واقعية للمجتمع.
عزة هيكل: الوجوه الشابة أضافت حيوية

يجب التوازن بين الجودة والمحتوى المُقدَم للمشاهد فى الدراما الرمضانية، وأن تركز الأعمال الدرامية على قضايا الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مع تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية والعلاقات الأسرية المعقدة التى يعانى منها المجتمع.
لذا، من بين الأعمال الدرامية التى أعتز بها فى الموسم الرمضانى ٢٠٢٥ مسلسل «ظلم المصطبة»، الذى قدم صورة حقيقية للمناطق الريفية، واستطاع أن يعالج قضايا اجتماعية بأسلوب واقعى يلامس مشاعر الناس.
مثل هذه الأعمال يتيح للمشاهد التفاعل مع العمل الدرامى على مستوى أعمق، لأنه يجد نفسه أو أحد أفراد عائلته فى هذه القصص التى تجسد قضاياه اليومية، وبهذا يصبح العمل الفنى مرآة للمجتمع، يعكس مشاكله وطموحاته وتحدياته.
فى المقابل، لدينا بعض المسلسلات التى تعتمد على الحشو والإطالة فى الأحداث، ما يؤدى إلى إضعاف قوة العمل الدرامى، لأن إطالة الأحداث دون مبرر درامى قوى تجعل المشاهد يشعر بالملل، وتقلل من جذب الجمهور، والحشو لا يساهم فى تعزيز السرد الدرامى، بل على العكس، يؤدى إلى فقدان التركيز على القصة الأصلية.
يجب أن يكون بناء العمل متماسكًا ومتسلسلًا بشكل مدروس، بحيث تتطور الأحداث بشكل منطقى يدفع القصة إلى الأمام. أما المسلسل الذى يفتقر إلى تسلسل منطقى فى الأحداث، فيفقد تأثيره على المشاهد، ويضيع ارتباط هذا المشاهد بالعمل.
كما يجب أن تكون الحوارات أكثر واقعية وطبيعية، بعيدًا عن المبالغة أو استخدام العبارات الرنانة التى قد تؤثر سلبًا على مصداقية العمل، بحيث تعكس الحوارات لغة الناس، وتناسب السياق الدرامى والشخصيات التى يتم تجسيدها.
لكن بعض الأعمال تميل إلى استخدام عبارات سطحية أو مبالغ فيها قد لا تكون متوافقة مع المواقف التى يتم تصويرها أو مع طبيعة الشخصيات. الحوارات الصادقة التى تعكس الواقع الذى يعيشه الجمهور هى العامل المهم الذى يساعد فى تعزيز التفاعل بين المشاهدين والشخصيات.
وأشيد هنا بالعديد من الوجوه الشابة التى ظهرت فى دراما رمضان ٢٠٢٥، بعدما أضافت حيوية جديدة للدراما المصرية، وساهمت فى تجديد المشهد الدرامى. ومع ذلك، لدى تحفظات حول تقديم بعض هؤلاء الممثلين فى أدوار لم تكن متوافقة تمامًا مع قدراتهم التمثيلية.
الوجوه الجديدة يجب أن تكون فى أدوار تتناسب مع إمكاناتهم الفنية لكى تتمكن من إظهار مواهبهم بشكل أفضل، وإذا تم الدفع بهم فى أدوار تتجاوز قدراتهم التمثيلية قد يؤدى ذلك إلى تقليل قيمة العمل الدرامى.
أدعم أيضًا فكرة المسلسلات القصيرة ذات الـ١٥ حلقة، فهى أكثر تركيزًا، وتتمتع بإيقاع سريع يجعلها أكثر جذبًا للمشاهد. عدد كبير من هذه المسلسلات ذو حبكة جيدة، مثل «ولاد الشمس» و«لام شمسية» و«ظلم المصطبة» و«قلبى ومفتاحه».
المسلسلات القصيرة تمنح الجمهور فرصة للتركيز على الأحداث الرئيسية، دون التعرض للإطالة المملة أو الحشو غير الضرورى. هذه الأعمال تتيح للمشاهدين استمتاعًا أكبر لأنها تختصر الوقت وتقدم المحتوى بطريقة مباشرة ومركزة.
هناك أعمال تبتعد عن الواقع المصرى، والدراما الرمضانية بحاجة إلى تسليط الضوء أكثر على هذا الواقع، بما فى ذلك قضايا الطبقات الشعبية التى تمثل شريحة كبيرة من المجتمع.
والمسلسلات التى تبتعد عن هذه القضايا هى مجرد محاولات لكسب المشاهدات دون التأثير الفعلى على المجتمع. الأعمال التى تقدم واقعًا بعيدًا عن حياة الناس قد لا تحقق الأثر المطلوب، بل قد تصبح مجرد مادة ترفيهية لا تلامس احتياجات المشاهدين الحقيقية.
أؤكد أهمية أن تظل الدراما على اتصال وثيق مع الواقع الاجتماعى، وأن تبتعد عن تقديم الأعمال السطحية أو المبالغة التى قد تضعف من تأثير العمل على المشاهد.
زين العابدين خيرى: الأعمال الـ15 حلقة الأكثر نجاحًا فى الموسم

مسلسل «ولاد الشمس» من أبرز الأعمال التى تميزت بالجودة العالية من الناحية الفنية والسردية فى موسم رمضان 2025، فمستواه الفنى رفيع، وتميز بدراما متماسكة، واستطاع طاقمه من ممثلين ومخرجين التعاون بشكل مميز لإيصال رسالتهم بطريقة مؤثرة، ليتفوق العمل فى تقديم علاقة الشخصيات ببعضها البعض، مُحققًا تطورًا دراميًا معقولًا، وهو ما جعله من أقوى الأعمال فى الموسم الرمضانى.
وأرى أن مسلسل «جودر ٢» من الأعمال التى أضافت لمسة من البهجة للموسم الرمضانى هذا العام، فى ظل الأجواء المشرقة والإيجابية والأسطورية التى تبثها أحداثه، وجعلته إضافة مهمة للدراما الرمضانية هذا العام.
مسلسل «إخواتى» أعجبنى نجاحه الكبير فى جذب عدد ضخم من المشاهدين، من خلال قصته التى تتناول العلاقات الأسرية والصراعات الشخصية بين الإخوة، ما جعلها قريبة من واقع الكثير من المشاهدين. قدم هذا العمل تطورًا جيدًا لشخصياته وأحداثه، ما جعله أحد أكثر المسلسلات التى حققت نسب مشاهدة عالية فى رمضان ٢٠٢٥.
أتوقع أيضًا نجاحًا كبيرًا لمسلسل «الغاوى»، الذى أعتبره من أبرز الأعمال التى تستحق المتابعة، فى ظل بطولة الفنان أحمد مكى له، وتقديمه شخصية مختلفة عن الأدوار التى تعوّد عليها الجمهور. ورغم أن المسلسل لم يُعرض بالكامل حتى الآن، أتوقع أن يكون إضافة مهمة، خاصة مع تميز «مكى» فى أداء الأدوار المتنوعة التى تلامس قلب المشاهد.
مسلسلات الـ١٥ حلقة تعتبر الخيار الأنسب هذا العام، وكانت أكثر قدرة على الحفاظ على التماسك الدرامى والتفاعل الجماهيرى، فى ظل تميزها بعدم الحشو الزائد، الذى غالبًا ما يتسلل إلى المسلسلات الطويلة ذات الـ٣٠ حلقة، لتحافظ بذلك على زخم الأحداث وتطور الشخصيات بشكل سريع ومؤثر.
الأعمال الـ١٥ حلقة هى الأكثر نجاحًا فى موسم رمضان ٢٠٢٥، ومنها: «قهوة المحطة» و«جودر» و«الغاوى» و«الكابتن» و«عايشة الدور» و«إخواتى» و«ولاد الشمس» و«النُص» و«ظلم المصطبة».
«ظلم المصطبة» تحديدًا مسلسل ذو طابع اجتماعى قوى، يتناول قضايا تتعلق بتقاليد الريف وتأثيراتها على حياة الأفراد، وهذا النوع من المسلسلات التى تلامس الواقع الاجتماعى مهم للغاية، ويحقق صلة قوية بين العمل الفنى والجمهور.
فى المقابل، تراجعت بعض المسلسلات عن التركيز على القضايا الاجتماعية الحقيقية التى تمس الشارع، رغم أن الدراما المصرية على مدار تاريخها كانت أكثر ارتباطًا بالواقع والمشاكل اليومية للمواطنين، وهو ما بدأ يقل بشكل ملحوظ فى الأعمال الحالية، التى تركز على التوجهات الكوميدية والخيالية.
ورغم وجود أعمال متميزة، إلا أن بعض الحوارات داخل الأعمال بدت مصطنعة أو غير واقعية، والعديد من الكتاب يعتمدون على العبارات الرنانة التى لا تعكس الحياة اليومية، ما يجعل المسلسل بعيدًا عن التفاعل مع الجمهور بشكل حقيقى.
والعديد من الأعمال اعتمدت على الشكل السينمائى المُبالَغ فيه، بما فى ذلك الإضاءة والتصوير، على حساب القصة والحبكة الدرامية. رغم الإشادة بالتجديد البصرى فى بعض المسلسلات، أؤكد أن القصة يجب أن تكون فى المقام الأول، وأن الشكل يجب أن يخدم المحتوى ولا يطغى عليه.
ومما يستحق الإشادة دخول عدد من الوجوه الجديدة إلى ساحة الدراما الرمضانية هذا العام، والتى أضافت نكهة جديدة للعمل الفنى، ومنحت الدراما حيوية جديدة، وساعدت على تقديم أدوار مميزة من شباب الممثلين الذين يضيفون طاقات جديدة للأعمال الرمضانية.
مصطفى الكيلانى: من أقوى المواسم خلال السنوات الأخيرة

الموسم الدرامى الرمضانى الحالى من أقوى المواسم فى السنوات الأخيرة، خاصة أنه لم يواجه مشكلات إنتاجية كبيرة، سواء فى التصوير أو الإخراج، فضلًا عن حل الأزمات التى كانت موجودة فى الكتابة إلى حد كبير.
الموسم الحالى يفتقد لوجود نجوم الصف الأول، مثل كريم عبدالعزيز وأحمد عز، لكنه يعوض ذلك بتألق نجوم آخرين مثل فتحى عبدالوهاب ونشوى مصطفى، وريهام عبدالغفور التى عادت بقوة بعد غيابها بسبب وفاة والدها.
كما شهد الموسم عودة قوية للفنان بيومى فؤاد، فى دور بعيد عن الكوميديا، من خلال مسلسل «قهوة المحطة»، بالإضافة إلى ظهور عدد من النجوم الشباب مثل طه دسوقى وأحمد مالك وعصام عمر ودنيا سامى ومصطفى غريب وغيرهم.
ومن أبرز الأعمال التى لفتت انتباهى فى هذا الموسم: «ظلم المصطبة» و«لام شمسية»، فهما الأكثر تكاملًا من حيث الكتابة والإخراج والتصوير. كما أن النصف الأول من رمضان تميز بأعمال جيدة مثل «قلبى ومفتاحه» و«ولاد الشمس»، فرغم بعض التحفظات على السيناريو والحوار، لكن الأداء التمثيلى أنقذ العمل.

وبالنسبة للانتقادات التى طالت مسلسل «لام شمسية» بسبب مشاركة طفل فى مشاهد قد تكون صادمة نفسيًا، فإن العمل لا يزال يُعرض، والأحداث لم تُبن بالكامل بعد، بينما الجمهور يتسرع فى الحكم أحيانًا دون انتظار تطور الحبكة. التعاطف مع الطفل طبيعى، لكن لا يمكن استباق أو حرق الأحداث مبكرًا، لأن الدراما قائمة على التدرج والتشويق.
«لام شمسية» يتمتع بجرأة كبيرة فى الطرح، لكن مثل هذه النوعية من الأعمال قد تكون أنسب للعرض خارج الموسم الرمضانى، حتى يمكن للجمهور متابعتها بتركيز بعيدًا عن ازدحام الدراما الرمضانية. العمل مؤلم على المستويين النفسى والدرامى، وهو ما يجعل البعض يتجنب مشاهدته خوفًا من التأثر العاطفى الشديد.
وبصفة عامة، هناك تطور واضح فى جودة الإنتاج، لكن أبدى تحفظى على بعض الأعمال، خاصة تلك التى تعتمد على الضجيج والمبالغة فى الأداء. هناك خلط بين مفهوم «الدراما الشعبية» وما يسمى بـ«مسلسلات العشوائيات». لذا، بعض الأعمال لا تندرج تحت مسمى «الدراما الشعبية»، بل تمثل نوعًا آخر يعتمد على الصراخ والمبالغة، وليس على نقل واقع الأحياء الشعبية بأسلوب درامى حقيقى. فى المقابل، مسلسلات مثل «ولاد الشمس» قدمت دراما شعبية، لكنها لم تعتمد على الابتذال أو الألفاظ السوقية. الصراخ المتواصل لا يعنى بالضرورة أن العمل مؤثر أو ناجح.
محمد هنيدى يبالغ بشكل كبير فى أدائه بمسلسل «شهادة معاملة أطفال»، ما يجعله غير مقنع للجمهور. «هنيدى» بحاجة للعودة إلى كاتب سيناريو يفهم أدواته بشكل جيد، مثل أحمد عبدالله، لأن الكاتب الحالى محمد سليمان عبدالمالك، رغم موهبته، لا يستطيع السيطرة على أداء «هنيدى».

يحتاج «هنيدى» إلى تطوير أدواته التمثيلية، بدلًا من الاعتماد على الأسلوب الذى اشتهر به منذ سنوات دون تغيير. العديد من الممثلين، مثل منى زكى وأحمد عز، يحرصون على تطوير أدائهم باستمرار، ويسعون لتطوير أنفسهم من خلال الورش التدريبية والعمل المسرحى الجاد، وليس المسرح التجارى الذى يعتمد على العروض السريعة.
لاحظت بعض المشكلات فى سيناريوهات بعض أعمال الدراما الاجتماعية، خاصة مسلسل «قهوة المحطة»، فشخصية الراوى لم تكن مكتوبة بشكل جيد، رغم قوة الإخراج وأداء الممثلين والتصميم المتميز لديكور المقهى.
وبالنسبة لمسلسل «فهد البطل»، فأرى أن أحمد العوضى وقع فى فخ التكرار والتنميط، فهو يعتمد على تقديم شخصية واحدة بنفس الأداء ونفس طريقة الكلام فى كل عمل. بينما الممثل الجيد يجب أن يكون لديه تنوع فى أدواره. «العوضى» كان يجب أن يستفيد ببدايته الفنية مع النجم الراحل نور الشريف، الذى قدم شخصيات متنوعة طوال مسيرته الفنية.
أما عن «حكيم باشا»، فأرى أن مصطفى شعبان يتحرك فى منطقة آمنة بالنسبة له، من خلال تجربة جديدة فى الدراما الصعيدية، لكن هذه النوعية من الدراما التى تعتمد على الصراعات حول السلاح والتجارة، تقدم الصعيد بصورة نمطية تبتعد كثيرًا عن الواقع، من خلال تصوير الصعايدة وكأنهم يعيشون فى بيئة مليئة بالصراعات الدموية، بينما توجد تفاصيل أكثر عمقًا وتنوعًا فى المجتمع الصعيدى الحقيقى.
وجود مصحح لهجة فى الأعمال الصعيدية ليس كافيًا لضمان تقديم لهجات سليمة. هناك بعض المسلسلات نجحت فى هذا الجانب، مثل «قهوة المحطة»، بفضل الاستعانة بمصحح لهجة متمكن له خبرة طويلة فى الأعمال الصعيدية. ومع ذلك، لا تزال هناك أعمال أخرى تعانى من مشكلات واضحة فى نقل اللهجات بشكل دقيق، رغم تأكيد أبطالها خضوعهم لتدريبات مكثفة.
مسلسل «وتقابل حبيب» عمل لطيف، ورغم تسارع الأحداث وكثرة التفاصيل، نجح فى الحفاظ على تماسكه حتى الآن. أداء ياسمين عبدالعزيز مميز، وهى تتألق عندما تبتعد عن الأداء الصاخب والمبالغ فيه. الأدوار الرومانسية الاجتماعية تناسبها بشدة، كما ظهر فى مسلسلها السابق «ونحب تانى ليه»، الذى كان من أفضل أعمالها الدرامية.

بصفة عامة، طريقة كتابة الدراما حاليًا بها خلل، وهناك فارق واضح بين الأساتذة الكبار مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد، الذين كانوا ينزلون إلى الشارع ويعيشون مع الناس ليستمدوا أفكارهم، وبين الجيل الحالى من الكُتاب الذين يعتمدون على تصورات سطحية دون بحث ميدانى حقيقى.
الكتابة الجيدة تتطلب الاستماع إلى الناس وفهم تطور لغتهم وأسلوب حياتهم، وهو ما كان يفعله الكُتّاب الكبار فى الماضى، الذين كانوا يجلسون فى المقاهى ويستمعون للأحاديث العامة لاستقاء حوارات واقعية تعكس الحياة اليومية للجمهور.
وهناك مشكلة أخرى واضحة فى الدراما التليفزيونية الحالية ترتبط بهذه النقطة أيضًا، وهى أن الكُتّاب أصبحوا يعتمدون على اقتباس الأفكار من المسلسلات الأخرى، بدلًا من استلهامها من الشارع الحقيقى.
وفيما يتعلق ببعض أساليب الترويج للمسلسلات، مثل المسابقات، لا أمانع هذه الفكرة طالما أن المسلسل نفسه يتمتع بجودة درامية جيدة، فالترويج لا يجب أن يكون بديلًا عن تقديم محتوى قوى.
الموسم الرمضانى هذا العام يحتوى على أعمال قوية متميزة، لكن لا تزال هناك مشاكل فى الكتابة، والتكرار فى أداء بعض الممثلين، وضعف تقديم اللهجات المحلية فى بعض المسلسلات. لذا نحتاج إلى تحسينات فى الكتابة وأسلوب الأداء.
هناك حاجة لمعرفة أن نجاح الدراما لا يعتمد فقط على الصراخ أو نجومية الممثل، بل على تقديم قصة متماسكة بكتابة جيدة وأداء متوازن. كما أن الترويج القوى للأعمال لا يجب أن يكون على حساب الجودة الدرامية، لأن المشاهد أصبح أكثر وعيًا وقادرًا على التمييز بين العمل الجيد والمُكرر.
أندرو محسن: عودة الطبقة الوسطى بعد هيمنة «الكومبوند»

مسلسل «لام شمسية» واحد من أفضل الأعمال التى عُرضت فى موسم رمضان 2025، والحلقة الأولى منه كانت متماسكة وناجحة فى تقديم الشخصيات والعلاقات بشكل تدريجى وجذاب، مع بناء علاقة طبيعية بين الشخصيات، وتقديم كل شخصية فى سياق منطقى، ما جعلها أكثر مصداقية وواقعية.
وأسلوب الكتابة فى «لام شمسية» يستحق الإشادة، ما انعكس فى عرض العلاقات بين الشخصيات بشكل مدروس، وأضاف عمقًا للعمل وجعل متابعته ممتعة، خاصة مع نجاحه فى تقديم محتوى درامى قوى، وتعامله مع قضايا اجتماعية بطريقة هادئة ومدروسة، ما ساعد فى جذب انتباه الجمهور إليه منذ الحلقة الأولى.
ومن المسلسلات الأخرى التى حازت إعجابى مسلسل «ظلم المصطبة»، وهو عمل مشغول بوعى درامى واضح، ويتميز بتقديم صراع قوى ومؤثر منذ الحلقة الأولى، ويعكس أجواء المحافظات الإقليمية بشكل مميز، ما أضفى عليه نكهة محلية تميزه عن الأعمال الأخرى.

المسلسل يقدم قصته بأسلوب واقعى وجذاب، مع تقديم شخصيات معقدة يعكس أداءها التمثيلى المشاهدون أنفسهم، خاصة الشخصيتين اللتين قدمهما كل من فتحى عبدالوهاب وإياد نصار.
«ظلم المصطبة» نجح فى تقديم حوار منضبط خالٍ من المبالغات الدرامية التى قد تؤثر على مصداقية العمل، وقدم نموذجًا جيدًا للدراما الاجتماعية التى تركز على العلاقات الإنسانية والتفاعلات بين الشخصيات فى سياق اجتماعى واقعى.
ومن أبرز مفاجآت موسم رمضان ٢٠٢٥ مسلسل «إخواتى»، الذى تمكّن من دمج الدراما الاجتماعية مع التشويق بشكل مميز، واستخدم تقنيات مميزة فى بناء القصة، مع تقديم قصص حياتية معقدة فى سياق من الإثارة والتشويق.
«إخواتى» تمتع بأداء استثنائى لعدد من النجوم المشاركين فى بطولته، مثل روبى التى قدمت أداءً رائعًا لشخصية معقدة، ومحمد ممدوح الذى نجح فى تجسيد شخصية مليئة بالتحديات النفسية.
كما أن المخرج محمد شاكر خضير نجح فى تقديم رؤية بصرية جذابة، مع تصوير العمل فى بيئة شعبية واقعية تعكس جوانب الحياة اليومية بتفاصيل دقيقة، لينجح المسلسل فى تقديم نوع من التوازن بين الجريمة والدراما الاجتماعية، ما جعله واحدًا من أكثر الأعمال جذبًا للمشاهدين فى هذا الموسم.
العودة إلى تصوير حياة الطبقات المتوسطة والأقل من متوسطة فى الدراما خطوة إيجابية، مقارنة بالفترات السابقة التى هيمنت فيها «دراما الكومبوند» التى تركز على حياة الطبقات الأعلى فى المدن الجديدة.

وهناك العديد من الأعمال التى صورت حياة هذه الطبقات المتوسطة فى وسط القاهرة، مثل «٨٠ باكو» و«قلبى ومفتاحه»، وهى أعمال قدمت تصويرًا أكثر واقعية، بعيدًا عن المبالغة والاستعراض البصرى.
الديكورات الداخلية فى هذه الأعمال كانت مناسبة مع الشوارع والأماكن الخارجية، ما ساعد فى خلق جو من الواقعية والصدق الفنى، لتنجح فى الاقتراب من نبض الشارع المصرى بشكل أكبر، ما جعلها أكثر جذبًا للمشاهدين، الذين وجدوا أنفسهم على الشاشة.
لكن بعض المسلسلات هذا العام ما زالت تعتمد على «تيمات» مُكررة ومحبطة مثل الثأر والانتقام، دون تقديم معالجة جديدة أو ابتكار فى تقديم الشخصيات، وهى أعمال تفتقر إلى التجديد فى الحبكة والسيناريو، ما يجعل المشاهد يشعر بأنه أمام نفس القصة التى تم تقديمها فى العديد من الأعمال السابقة.
كذلك بعض الأعمال تعتمد على «النجم الواحد» دون اهتمام بالجودة الفنية للمحتوى، لذا أصبحت عاجزة عن تقديم محتوى مميز يليق بتوقعات الجمهور، خاصة مع افتقارها إلى جودة الكتابة والإخراج، ما ينعكس سلبًا على مستوى العمل ككل.
هناك بعض الأعمال التى نجحت فى جذب الجمهور من خلال تقديم دراما اجتماعية عميقة وأداء تمثيلى متميز، بينما ظهرت بعض المسلسلات الأخرى تفتقر إلى التجديد، وتعتمد على التكرار فى «التيمات» والشخصيات.
وإجمالًا هناك تطور ملحوظ فى بعض الأعمال التى استطاعت أن تقترب من واقع الشارع، وتعكس همومه بطريقة حقيقية، لكن الدراما المصرية ما زالت فى حاجة إلى المزيد من الابتكار والتطوير لتلبية تطلعات الجمهور.
محمود قاسم: تجربة الأعمال المستوحاة من روايات تستحق الإشادة

هناك اتجاه ملحوظ نحو إنتاج المسلسلات القصيرة المكونة من 15 حلقة، مع تراجع تدريجى للمسلسلات التقليدية ذات الـ30 حلقة، وهو اتجاه جديد يعكس تحول فى طريقة عرض الدراما، يتلاءم مع تفضيل المشاهد القصص المكثفة التى يمكن إنهاؤها فى وقت أقصر، ما يحافظ على الانتباه والتشويق بشكل أكبر، ويعكس حاجات العصر المتسارعة، وتزايد الطلب على المحتوى الذى يمكن استهلاكه بسرعة ودون حاجة للمتابعة الطويلة.
ومما يستحق الإشادة أيضًا الاتجاه السائد نحو تحويل الروايات والأعمال الأدبية إلى مسلسلات درامية، مثل مسلسل «النُص»، وهو اتجاه أصبح شائعًا فى السنوات الأخيرة، ويضمن نجاحًا نسبيًا لهذه الأعمال الدرامية، فى ظل وجود قاعدة جماهيرية واسعة للمادة الأدبية الأصلية، ما يسهل جذب المتابعين الذين يحبون رؤية أعمالهم المفضلة تتحول إلى محتوى بصرى.

المسلسلات المُقتبَسة من أعمال أدبية مشهورة تحقق تفاعلًا أكبر مع الجمهور، وتساعد فى جذب مشاهدين جُدد قد لا يكونون مُتابعين للأعمال الأدبية، لكنهم يجدون فى المسلسل المُقتبَس مادة فنية مثيرة.
رغم هذه النقاط الإيجابية، لدىّ قلق من تكرار الموضوعات التى يتم تناولها فى المسلسلات، فالعديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية التى تُعالج فى المسلسلات تم تناولها من قبل فى أعمال سابقة، ما قد يؤدى إلى شعور المشاهد بالملل أو عدم التجديد.
وهناك ضرورة لوجود مساحات أكبر من الإبداع والابتكار فى اختيار الموضوعات المطروحة، لكى يتمكن صُناع الدراما من تقديم أعمال تلامس هموم المجتمع بشكل جديد ومختلف، وتواكب تطلعات الجمهور الباحث عن التجديد.
بصفة عامة، دراما رمضان ٢٠٢٥ تشهد تحولات مهمة يجب مراقبتها عن كثب، مع ضرورة الاهتمام بالتجديد والابتكار فى الموضوعات المطروحة خلال المواسم المقبلة.
هويدا مصطفى: أعمال «المتحدة» توعية بالمسكوت عنه

الدراما واحدة من أكثر الوسائل الإعلامية تأثيرًا على الجمهور، نظرًا لقدرتها على خلق التفاعل والاندماج مع المشاهد، ما يسهم فى تشكيل وعيه وإدراكه للواقع المحيط به، وهى ليست مجرد أداة ترفيهية فحسب، بل تلعب دورًا أساسيًا فى نقل القيم الاجتماعية والثقافية، وتسليط الضوء على قضايا مهمة تلامس وجدان المشاهد.
من خلال معالجتها الفنية، تسهم الدراما فى تقديم نماذج وعلاقات إنسانية تعكس الواقع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يساعد المشاهد على فهم قضاياه المجتمعية بشكل أعمق، وكلما كانت الأعمال الدرامية تحمل أهدافًا ورسائل واضحة، زاد تأثيرها الإيجابى على المجتمع، ومساهمتها فى تصحيح المفاهيم الخاطئة، ودعم القيم الإيجابية، ورفع وعى الجمهور بالقضايا التى تحتاج إلى اهتمام مجتمعى.
المسئولية الاجتماعية للدراما تُعد أحد أهم الأدوار التى يجب أن يلتزم بها صُناع الأعمال الفنية. الإعلام المرئى، خاصة الدراما، له تأثير كبير فى تشكيل الرأى العام وتوجيه المجتمع نحو قضايا معينة.
هناك العديد من الأعمال الدرامية التى لعبت دورًا إيجابيًا فى مواجهة بعض الظواهر السلبية، وعلاج مشكلات اجتماعية معقدة، ما ساعد على إحداث تغيير حقيقى فى سلوكيات الأفراد والمجتمع.

أشيد هنا بدور الدراما فى توعية المجتمع بالقضايا المسكوت عنها، من خلال الأعمال الفنية التى تقدمها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عبر شاشاتها ومنصاتها، وهذه القضايا قد لا تحظى بالاهتمام الكافى فى وسائل الإعلام التقليدية. الدراما الناجحة هى التى تستطيع تقديم قضايا حيوية بشكل جذاب وقريب من وجدان الجمهور.
ولطالما كانت الدراما انعكاسًا للمجتمع، ومن خلال الأعمال الفنية يمكن إبراز التحديات التى تواجه الأفراد، وتسليط الضوء على الحلول الممكنة، وذلك بطريقة تحترم ذكاء المشاهد، وتعزز من وعيه بدوره فى المجتمع.
لذا دعوة القيادة السياسية إلى الاهتمام بمحتوى الأعمال الدرامية تستحق الإشادة، وتعكس إدراك الدولة لأهمية القوى الناعمة فى بناء الوعى المجتمعى وتعزيز القيم الثقافية. الرئيس عبدالفتاح السيسى تحدث فى أكثر من مناسبة عن أهمية الدراما فى تشكيل وجدان المصريين، ودورها فى نقل الرسائل التوعوية بشكل مؤثر.
دعم الدولة للأعمال الدرامية الجادة يعكس رغبة حقيقية فى تقديم محتوى هادف يخدم المجتمع، ويعمل على تصحيح الصور النمطية السلبية التى قد تعكس واقعًا غير دقيق عن المجتمع. هناك حاجة ملحّة إلى توجيه الإنتاج الدرامى نحو قضايا تعبر عن الواقع بصورة صادقة، بعيدًا عن المبالغات أو التركيز المفرط على الظواهر السلبية فقط.
ورغم الإشادة بالأعمال الدرامية التى قدمت محتوى هادفًا، هناك إشكاليات فى بعض الأعمال التى لا تعبر عن الواقع المصرى بشكل دقيق، أو تقدم سلوكيات وظواهر غير مألوفة للمجتمع. هذه الأعمال قد تؤدى إلى نشر مفاهيم وسلوكيات لا تعكس الهوية الحقيقية للمجتمع.
ماجدة خير الله: لم نشهد موسمًا بهذه القوة والتنوع منذ سنوات

موسم دراما رمضان ٢٠٢٥ جاء حافلًا بالأعمال المتميزة، التى نجحت فى جذب المشاهدين بفضل تنوعها وجودتها الفنية عبر شاشات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ومنصة «واتش إت» الرقمية.
النصف الأول من الشهر المعظم شهد إنتاجات قوية، لتبرز مسلسلات استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة، سواء من حيث الحبكة الدرامية، أو الأداء التمثيلى أو المستوى الإخراجى، إلى جانب الإنتاج بطبيعة الحال، الذى وفر مساحة كبيرة لخروج إبداع الفنانين عبر شاشات التليفزيون.
من الطبيعى أن تتفاوت مستويات الأعمال، فهناك دائمًا مسلسلات تحقق نجاحًا أكبر من غيرها، لكن ما يميز هذا الموسم هو أن المنافسة لم تقتصر على عدد محدود من المسلسلات، بل وجدنا أنفسنا أمام قائمة واسعة من الأعمال القوية، ما جعل المشاهد أمام خيارات متعددة.

توقعت أن يشهد النصف الثانى من رمضان تراجعًا ملحوظًا فى مستوى الأعمال المقدمة، مقارنة بالبداية القوية التى انطلق بها الموسم، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، إذ جاء النصف الثانى مليئًا بالمفاجآت، وشهد عروضًا درامية تفوقت فى مستواها على كثير من الأعمال التى بدأت فى النصف الأول، مثل مسلسلى «لام شمسية» و«حسبة عمرى».
موسم دراما ٢٠٢٥ يعد محطة بارزة فى صناعة الدراما المصرية، فقد أسهم فى تقديم وجوه جديدة، سواء فى مجال التمثيل أو الإخراج. كما برزت خلاله أعمال تحمل طابعًا مختلفًا، بعيدًا عن الأنماط التقليدية المعتادة، مثل مناقشة قضايا التحرش بالأطفال فى مسلسل «لام شمسية».
لم نشهد منذ سنوات موسمًا بهذه القوة والتنوع، وهو ما يعكس تطور صناعة الدراما المصرية، وقدرتها على تقديم محتوى متجدد ينافس بقوة.
طارق الشناوى: ليست كل الأعمال مُطالبة بأن تكون بمستوى «الأطلال»

الحديث عن واقع الدراما المصرية يجب أن يتم بموضوعية بعيدًا عن التهويل أو التعميم، فالإنتاج الدرامى بطبيعته متنوع ومتعدد الاتجاهات، ما بين أعمال جيدة وأخرى دون المستوى وثالثة رديئة، وهذا أمر طبيعى فى أى صناعة فنية.
وتقييم جودة الأعمال لا يُشترط أن يكون مرتبطًا بمدى تقديمها رسالة وطنية مباشرة أو مضمونًا دينيًا صريحًا، بل يمكن للعمل أن يكون جيدًا لمجرد أنه يحقق هدف الترفيه والمتعة للجمهور.
ليست كل الأعمال الدرامية مطالبة بأن تكون على مستوى قصيدة «الأطلال»، فالفن بطبيعته متنوع، وهناك أعمال خفيفة، مثل تلك التى قدمها محمود شكوكو وإسماعيل ياسين عبر «المونولوجات» الساخرة، لها جمهورها وقيمتها أيضًا، كما أن هناك أعمالًا جادة تسلط الضوء على قضايا مجتمعية، وهذا ما كان يقصده وتحدث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تصريحاته الأخيرة.
الفن المصرى يمتلك رصيدًا ضخمًا يمتد لآلاف السنين، منذ الحضارة الفرعونية ومرورًا بكل العصور، وهو ما يجعله قادرًا على التطور باستمرار. الدراما المصرية ليست فى خطر، والفن المصرى لن ينهار بسبب عمل أو اثنين.

فى كل موسم درامى هناك ٥ أو ٦ أو حتى ١٠ أعمال ذات مستوى جيد، وبعضها يناقش قضايا جادة مثل «ولاد الشمس» و«لام شمسية» و«قلبى ومفتاحه» و«إخواتى»، وهى أعمال متنوعة بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والرسائل الهادفة.
مراجعة المحتوى الدرامى من حين إلى آخر أمر طبيعى ومشروع. لكن على مستوى «السوشيال ميديا» هناك هجوم ضارٍ واستغلال للموقف من قبل البعض ممن لديهم حسابات شخصية مع صُناع الدراما. وهناك من لم يُشارك فى موسم رمضان، أو تم رفض مشروعه، أو لم يجد فرصة فى الإنتاج الحالى،فيستغل هذه الأجواء للهجوم على الدراما عمومًا.
لذا، أدعو إلى أن يكون النقد مبنيًا على معايير فنية موضوعية وليس على دوافع شخصية، حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد هجوم عام يفقد قيمته الحقيقية. أقدّر تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن أهمية الدراما ودورها فى تشكيل الوعى المجتمعى، وهى تصريحات تعكس حرص الدولة على دعم الفنون.
النقاش الدائر حول أهمية تقديم صورة متوازنة للمجتمع فى الأعمال الدرامية مهم، لأن الفن يحمل مسئولية كبيرة فى تشكيل الوعى العام. لكن فى الوقت ذاته، يجب أن يظل الفن معبرًا عن الواقع بكل أبعاده.
من الطبيعى أن تكون هناك مراجعة وتوجيه عام، لكن يجب أن يتم ذلك دون أن يتحول الأمر إلى فرض رقابة مشددة أو تدخل فى المحتوى الفنى الذى يُدار بالحرية والتنوع، هذه القاعدة التى صنعت مجد الدراما المصرية على مدار عقود طويلة.

ناهد صلاح: نضج واضح فى المحتوى والموضوعات المطروحة

الموسم الدرامى الرمضانى لعام 2025 شهد تنوعًا ملحوظًا فى الأعمال المقدمة، فقد تناولت العديد من المسلسلات قضايا مجتمعية مهمة بشكل عميق وجذاب، ما عكس نضجًا واضحًا فى المحتوى الدرامى والموضوعات المطروحة.
والمستوى الإخراجى للعديد من الأعمال هذا العام كان متميزًا، خاصةً فيما يتعلق بالتصوير الخارجى الذى أضفى روحًا واقعية على المشاهد، فبعض المسلسلات خرجت إلى شوارع القاهرة الحقيقية، مثل «المعز» و«طلعت حرب» و«قصر النيل»، ما جعل الجمهور يشعر وكأنه جزء من الأحداث. هذا التوجه أعطى للمشاهدين فرصة لرؤية معالم القاهرة بشكل حقيقى بعيدًا عن الديكورات المصطنعة، وهو ما أضفى مصداقية على الأعمال الدرامية.
مسلسل «ولاد الشمس» على سبيل المثال قدم طرحًا جادًا ومؤثرًا، وسلط الضوء على قضايا اجتماعية بجرأة، معتمدًا على سيناريو قوى وإخراج متقن، إلى جانب الأداء المتميز للفنانين محمود حميدة وطه دسوقى وأحمد مالك، مع تقديم العمل تشويقًا وإبداعًا فى معالجته الدرامية، ومناقشته قضايا واقعية دون مبالغة أو افتعال، ما جعله من أبرز الأعمال التى لاقت استحسان الجمهور.

مسلسل «إخواتى» تفرد بتقديم بطولة جماعية من ٤ نجمات كبيرات، إلى جانب مشاركة عدد من النجوم الشباب الذين تألقوا فى أدوارهم، مثل حاتم صلاح وعلى صبحى، مع الأداء المتميز لكندة علوش، الذى كان مغايرًا ومفاجئًا لجمهورها، بعد أن جسدت شخصية ذات أبعاد نفسية معقدة، ما أضفى على العمل مزيدًا من العمق.
أما «لام شمسية» فتناول قضية التحرش الجنسى بالأطفال بجرأة ومعالجة درامية إنسانية عميقة دون الوقوع فى فخ الابتذال. أداء فريق العمل كان متميزًا، وقدم شخصياته ببراعة. كما أن الموسيقى التصويرية لعبت دورًا رئيسيًا فى إيصال المشاعر، وتعزيز التفاعل مع الأحداث، والاهتمام بالتفاصيل البصرية والسمعية ساهم فى خلق أجواء درامية متكاملة أثرت فى المشاهدين.
الموسيقى التصويرية لمسلسل «شباب امرأة»، أيضًا، والتى وضعها الموسيقار شادى مؤنس، كانت بارزة فى تعزيز الحالة الدرامية للعمل، ونجحت فى التعبير عن المشاعر المعقدة للشخصيات، وساهمت فى نقل أجواء التوتر والاشتياق والانكسار التى ميزت العديد من مشاهد المسلسل. شادى مؤنس استطاع بمهارة أن يخلق تفاعلًا عاطفيًا بين المشاهد والأحداث، ما جعل الموسيقى عنصرًا أساسيًا فى تعزيز الأثر النفسى للعمل.
أنا متفائل بمستقبل الدراما المصرية فى ظل التنوع الذى شهده الموسم الرمضانى، والاهتمام بالقضايا المجتمعية، والتطور فى أساليب الإخراج والتصوير، والذى يعكس رغبة صُناع الدراما فى تقديم محتوى هادف ومميز للجمهور.
عماد يسرى: المصريون وجدوا واقعهم فى أعمال «المتحدة»

موسم دراما رمضان 2025 شهد حالة من التنوع والثراء فى الأفكار المطروحة، وقدمت الأعمال الدرامية فيه قضايا مجتمعية مهمة، لم تقتصر على الجانب الترفيهى فقط، بل ناقشت موضوعات اجتماعية واقعية جعلت المشاهدين يتفاعلون معها بشكل كبير.
الأعمال الرمضانية هذا العام اهتمت بمناقشة قضايا الأسرة والشباب والمرأة، مع إلقاء الضوء على مشكلات مجتمعية معاصرة، مثل تأثير التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية، والصراعات العائلية، وطموحات الشباب فى ظل التحديات الاقتصادية.
التعاون بين صناع الدراما والمجلس القومى للطفولة والأمومة كان له دور إيجابى، بعد أن قدم المجلس استشارات متخصصة ساهمت فى تقديم صورة واقعية ودقيقة حول القضايا المطروحة.
مسلسل «أثينا» تجربة جديدة وجريئة فى الدراما المصرية، تناول عالم ريادة الأعمال والابتكار فى أوساط الشباب وطلاب الجامعات، وعكس التحديات التى يواجهها الشباب فى ظل التطور التكنولوجى السريع.
تناول المسلسل أيضًا موضوعات مثل «الذكاء الاصطناعى» و«الدارك ويب» بأسلوب واقعى ومؤثر، ما جعله عملًا توعويًا بقدر ما هو درامى، خاصة فى ظل اهتمام الدولة بتشجيع الشباب على الابتكار وريادة الأعمال.
أداء النجمة ريهام حجاج كان متميزًا، فقد قادت العمل ببراعة، لكن البطولة الشبابية كانت العنصر الأبرز فى المسلسل، وأضافت طاقة وحيوية إلى العمل، ما ساهم فى نجاحه وجذب فئة كبيرة من المشاهدين، خاصة من الشباب.

بالنسبة للأداء التمثيلى، أرى أن أفضل اكتشاف فى رمضان ٢٠٢٥ هو الفنان مينا أبوالدهب فى مسلسل «ولاد الشمس»، فقدم أداءً متميزًا واستطاع أن يجسد شخصيته ببراعة، ما جعله يخطف الأنظار ويثبت نفسه كواحد من أبرز المواهب الصاعدة فى الساحة الفنية، خاصة مع قدرته على التعبير عن المشاعر المعقدة، والتفاعل مع زملائه فى المشاهد المختلفة، والتى أظهرت نضجًا فنيًا لافتًا.
أُشيد أيضًا بمسلسلى «ولاد الشمس» و«لام شمسية»، اللذين تميزا بتكامل العناصر الفنية من حيث السيناريو والحوار والإخراج. كما أن السيناريوهات كانت محكمة وساهمت فى خلق حبكة درامية قوية، فى حين أبدع المخرجون فى تقديم مشاهد بصرية مبهرة، مع الاعتماد على التصوير الجيد والديكورات المتقنة.
والموسيقى التصويرية لعبت دورًا محوريًا فى تعزيز الأجواء الدرامية. وأوجه تحية خاصة لكل من عادل حقى وشادى مؤنس على إبداعاتهما الموسيقية التى أضفت عمقًا وثراءً على المشاهد.
أرى أن نجاح أى عمل درامى يعتمد بالأساس على قوة السيناريو والحوار، وهذا العنصر كان حاضرًا بقوة فى معظم الأعمال التى قدمتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية هذا الموسم. الجمهور المصرى وجد فى هذه الأعمال انعكاسًا لواقعه، ما جعلها تحظى بتفاعل واسع على وسائل التواصل الاجتماعى، وإشادة من النقاد والمشاهدين على حد سواء.

رنا حداد: مستوى الإخراج وتقنيات التصوير مُبهرة

الدراما المصرية فى رمضان ٢٠٢٥ نجحت فى تقديم موسم استثنائى. كان التنوع الكبير فى الموضوعات والأفكار من أبرز سمات هذا الموسم. هذا التنوع لم يكن مجرد زيادة فى عدد الأعمال، بل كان انعكاسًا لتطور الصناعة الدرامية فى مصر.
الأعمال الدرامية هذا العام شكلت ما يمكن وصفه بـ«مفرزة للنجاح والتميز»، واستطاع الفنانون الذين أحسنوا اختيار أدوارهم تحقيق نجاحات كبيرة، بينما لفت آخرون الأنظار بأدائهم القوى وحضورهم المميز.
الفنان أحمد العوضى كان من أبرز الأسماء التى تصدرت المشهد الرمضانى، بفضل تجسيده شخصية البطل الشعبى التى ارتبط بها الجمهور العربى، فهذا النوع من الشخصيات يحظى بجاذبية خاصة، لأنه يعكس هموم المواطن البسيط ويجسد انتصاره على التحديات.
«العوضى» نجح فى خلق حالة من التفاعل الجماهيرى، فشخصية البطل الشعبى مرغوبة فى مجتمعاتنا العربية، والجمهور يحب من يجسد همومه ويقف فى وجه التحديات.
والنجاح لم يكن حكرًا على «العوضى» وحده، بل شاركه فى التألق كل من مصطفى شعبان ونيللى كريم وياسمين عبدالعزيز وأحمد مكى، الذين تميزوا بأدوارهم واختياراتهم الفنية التى لاقت استحسانًا واسعًا.
من الناحية الفنية، كان مستوى الإخراج والإنتاج هذا العام مبهرًا، والتقنيات المستخدمة فى التصوير وتنفيذ المشاهد رائعة. كما أن الموسيقى التصويرية لعبت دورًا أساسيًا فى تعزيز الأجواء الدرامية وإيصال المشاعر بصدق، وكانت عنصرًا كبيرًا فى إبراز الحالة الشعورية للمشاهد. بينما أظهرت الأعمال رؤية إخراجية متقنة عكست التطور الكبير فى صناعة الدراما المصرية.
أشيد بأداء الفنانة ريهام عبدالغفور فى مسلسل «ظلم المصطبة»، فقد قدمت دورًا استثنائيًا كشف عن موهبتها الحقيقية، واستطاعت تجسيد الشخصية بإقناع تام، ما جعلها تترك بصمة واضحة فى الموسم الرمضانى، وهذا النوع من الأدوار يتطلب قدرة تمثيلية عالية وإحساسًا صادقًا، وهو ما نجحت فى تحقيقه، لتثبت أنها من النجمات اللاتى يستحققن النجومية عن جدارة.
والجُرأة فى الطرح كانت سمة أخرى تميز بها موسم رمضان ٢٠٢٥، إذ تناولت بعض الأعمال موضوعات اجتماعية حساسة بزوايا جديدة ومعالجات درامية مبتكرة، وهو ما ساهم فى تحقيق تفاعل واسع بين الجمهور. الدراما المصرية نجحت فى تجاوز تحديات المنافسة الرمضانية بفضل التنوع الفنى والجودة الإنتاجية.

رامى المتولى: أكثر من نصف الأعمال يستحق المشاهدة

الموسم الحالى شهد تفوقًا واضحًا فى عدة عناصر فنية، مثل جودة السيناريوهات والإخراج وأداء الممثلين، لتتجاوز نسبة الأعمال الجيدة النصف من بين أكثر من ٣٥ مسلسلًا عُرضت خلال الشهر الكريم، فى مؤشر إيجابى يعكس اهتمام صُنّاع الدراما بتقديم محتوى هادف ومتنوع.
من أبرز الأعمال التى قدمت رسالة إنسانية ومجتمعية قوية كان مسلسل «لام شمسية»، الذى نجح فى معالجة قضية التحرش الجنسى بالأطفال بأسلوب مشوق، وأثار نقاشًا مجتمعيًا واسعًا حول أهمية حماية الأطفال وتوعية الأسر، وأداء أبطاله كان متميزًا، مع تميز إخراجه بحساسية وعمق فى تناول القضية.
عند الحديث عن المنافسة بين الأعمال الدرامية، أرى أن مسلسل «الشرنقة» تفوق على مسلسل «ولاد الشمس» من حيث جودة السيناريو وبناء الشخصيات، فقد قدم تجربة درامية متكاملة، اعتمدت على حبكة مشوقة وحوار قوى. فى حين واجه «ولاد الشمس» بعض المشكلات فى السيناريو، رغم تميز عناصره الفنية الأخرى. لكن الأداء التمثيلى فى العملين كان لافتًا، خاصة من النجوم طه دسوقى وأحمد مالك ومينا أبوالدهب، إلى جانب الحضور القوى للفنان القدير محمود حميدة.

وفيما يتعلق بالأعمال الكوميدية، مسلسل «عايشة الدور» من بطولة دنيا سمير غانم جيد، لكنه لم يكن الأفضل فى فئة الكوميديا هذا الموسم. هناك أعمال أخرى تفوقت فى تقديم الكوميديا بشكل أكثر تميزًا، مثل «كامل العدد» و«أشغال شاقة جدًا» و«النص»، والتى تمكنت من إضفاء أجواء من البهجة والضحك بفضل الأداء الكوميدى المتميز لنجومها، إلى جانب السيناريوهات الذكية التى تميزت بها.
أداء عدد من النجوم الشباب كان لافتًا هذا الموسم، واستطاعت أسماء مثل طه دسوقى وأحمد مالك ومينا أبوالدهب ومعتز هشام لفت الأنظار، وتقديم أدوار مميزة عكست تطورهم الفنى. كما أُشيد بالفنانة دنيا ماهر.

أنا متفائل بمستقبل الدراما المصرية، والمستوى الفنى الذى شهده موسم رمضان ٢٠٢٥ يعكس تقدمًا واضحًا فى الصناعة، واستمرار هذا الزخم الإبداعى، إلى جانب التنوع فى الموضوعات المطروحة، يساهم فى تعزيز مكانة الدراما المصرية على المستوى العربى.
موسم دراما رمضان 2025 من أفضل المواسم الدرامية خلال السنوات الأخيرة، والتنوع الكبير فى الأعمال المقدمة كان من أبرز العوامل التى ساهمت فى نجاح هذا الموسم، بعدما طرحت هذه الأعمال الكثير من القضايا الاجتماعية المهمة بأسلوب فنى راقٍ، بشكل عكس تطورًا ملحوظًا فى صناعة الدراما المصرية.
