الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أبطال وأباطيل حياتنا على الشاشة

أبطال الدراما.. ما الذى يجعلنا نجلس منتبهين أمام مسلسل تليفزيونى؟ (ملف)

أبطال دراما رمضان
أبطال دراما رمضان

- إننا نميل إلى تتبع حياة أبطال الدراما التليفزيونية لأنهم يعوضوننا عما نفتقده فى حياتنا

ما الذى يجعلنا نتابعه ونحرص على ألا يفوتنا شىء منه، بل نصطحب أبطاله وحكاياتهم معنا فى الشوارع وأماكن عملنا وعلى مقاهينا، نبحث لهم عن حلول لمشاكلهم، نلومهم ونعاتبهم، نكرههم ونحبهم، نغضب منهم، نتمنى لهم الخير وندعو عليهم بالشر، وعندما تنتهى حلقات المسلسل، نشعر بحزن لا يمكننا تفسيره، فكأننا نودع قريبًا لن نراه بعد ذلك؟! 

ما الذى جعل المسلسلات التليفزيونية على اختلاف أشكالها ومدتها ووسائط عرضها التى تطورت كثيرًا تحتل كل هذه المساحة فى حياتنا؟ 

إننا لا نتسلى بالدراما ونروح بها عن أنفسنا ونتخلص بأحداثها من أوقات فراغنا، ولكنا أصبحنا أسرى لها، أدخلناها إلى حياتنا حتى أصبحت جزءًا مهمًا من مكوناتنا النفسية والروحية، بل أصبحت المسلسلات التى رأيناها تحتل مساحة كبيرة من ذكرياتنا. 

أعتقد أن الارتباط النفسى الكبير بيننا وبين المسلسلات الدرامية نابع من أننا لا نشاهد أنفسنا كما يعتقد البعض، ولكن لأننا نشاهد ما نود أن نكونه أحيانًا. 

هذه هى الحقيقة التى لا نحب أن نعترف بها. 

المثالى الذى يعيش الحياة بالمسطرة يحب أن يعيش كصلعوك متشرد منحرف يخالف القانون ويرتكب كل الجرائم دون أن يدفع الثمن، والمنحرف المتشرد يحب أن يعيش كإنسان مثالى ينظر إليه الجميع باحترام وتقدير. 

الضعيف يرى نفسه فى كل بطل قوى على الشاشة، والقوى يحتاج أحيانًا إلى لحظات يشعر فيها بضعفه وإنسانيته. 

الفقير يحلم بحياة الأغنياء، والغنى يتمنى الوصول إلى شاطئ راحة البال الذى يعيش عليه الفقراء. 

الطبيب يريد أن يكون فنانًا او شاعرًَا أو مطربًا.. والفنان يتمنى لو كان فى إمكانه أن يصبح طبيبًا، والصغير يحلم باليوم الذى يصبح فيه كبيرًا، والكبير يتمنى لو ظل صغيرًا. 

يمكنك أن تساعدنى بالطبع، وتحكى لنا ولنفسك عما تريده وتتمناه وأنت تتابع الأعمال الدرامية، وقد تسأل عن مبررى فيما أقول، سأقول لك ببساطة لأنى أعتقد أننا جميعًا غير راضين بحياتنا، كل واحد منا يعيش وكأن تحته ريح تؤرقه وتتعبه وتزعجه. 

منذ سنوات كان حسين الجسمى يغنى تيتر مسلسل «فيرتيجو» الذى كتبه أيمن بهجت قمر، ويقول فى مطلعه: «محدش مرتاح/ إزاى بندور ع الفرحة/ واحنا بندور فى جراح/ محدش مرتاح/ بنعيش نتمنى نروح سكة/ وسكك مختلفة بتتراح». لكن أعتقد أن السر هنا «بنعيش نتمنى نروح سكة/ وسكك مختلفة بتتراح». 

إننا نميل إلى تتبع حياة أبطال الدراما التليفزيونية لأنهم يعوضنا عما نفتقده فى حياتنا، نتوحد معهم لأنهم فى لحظة بعينها يفعلون ما لا نقدر عليه، نتسمر أمامهم ونراقب انفعالاتهم لأننا لا نستطيع أن نعبر عن انفعالاتنا بسهولة.. إننا نحبهم لأنهم بصورة أو بأخرى يمثلوننا ونحن فى لحظات ضعفنا وضياعنا وعدم قدرتنا على تحقيق أحلامنا، نميل إليهم لأنهم يختارون سككًا ويخوضون مشاوير نحلم بأن نختارها ونخوضها، لكن حيواتنا المعقدة والمتشابكة تحول بيننا وبين ذلك. 

عندما كنت أبحث فى سيرة الشيخ ياسين التهامى، وجدته ينشد أبياتًا يقول فيها: «صغير يطلب الكبرا/ وشيخ ود لو صغرا/ وخال يشتهى عملًا/ وذو عمل به ضجرا/ ورب المال فى تعب/ وفى تعب من افتقر/ ويشقى المرء منهزمًا/ ولا يرتاح منتصرًا/ ولا يرضى بلا عقب/ فإن يعقب فلا وزرا/ ويبغى المجد فى لهف/ فإن يظفر به فترا/ ويخمد إن سلا فإذا/ توله قلبه زفرا/ فهل حاروا مع الأقدار/ أو هم حيروا القدرا؟/ شكاة ما لهم حكم/ سوى الخصمين إن حضرا». 

اكتشفت أن الأبيات من قصيدة «القدر يشكو» للعقاد، الرجل الذى نعتبره اكتملت له الحياة؛ لأنه حقق فيها ما يريده، لكنه بينما كان يعبر عن الناس عبر عن نفسه، فهو مثل الجميع لا يرضى ولا يرتاح وليس سعيدًا بما هو فيه أو عليه. 

يبدو إنها طينة الإنسان وفطرته، أن يظل مشدودًا دائمًا إلى ما ليس فى يده، يتطلع إلى ما وصل إليه الناس، يزهد فيما يملك، ويعتقد أن السعادة فيما ليس لديه، وهو ما يدفعه إلى أن يظل فى حالة سعى دائمة لا تنتهى إلا بالموت. 

فى مذكرات كبار الكتاب والمبدعين والسياسيين والمفكرين والعلماء، أرى دائمًا ملمحًا من الندم، كلهم يلمحون إلى أنه فاتهم شىء، وأنهم كانوا يمكن أن يعيشوا حياة أفضل مما عاشوه، وأنهم لم يقدموا شيئًا، بل إن حياتهم ضاعت هباء، وأتعجب كثيرًا لأن الذين من المفروض أنهم فهموا الحياة يكشفون لنا أنهم فى النهاية من ضحاياها. 

أعتقد أن هذه قضية مهمة. 

وهو ما يجعلنى أتساءل: لماذا لا نجد دراسات عن المداخل النفسية والاجتماعية للتعلق بالمسلسلات الدرامية إلى درجة التوحد مع أبطالها؟

أعتقد أن هذه الدراسات يمكن أن تفتح لنا بابًا مهمًا ليس لفهم الدراما التليفزيونية ولكن لفهم الإنسان الذى يبدو أنه سيظل عصيًا على الفهم حتى نهاية هذه الحياة.. التى لا يبدو أن لها نهاية.. ولكنها سرمدية وديمومة يعيشها البشر. 

وكم كان ذكيًا عندما اختار الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال كمدخل ملكى لفهم مسلسله «الحشاشين» عبارة دالة وموحية وملخصة وهى «أبطال وأباطيل من وحى التاريخ»، الأمر كذلك بالفعل، وإن كنت سأضيف إلى ما وضعه عبدالرحيم أمامنا بأنها «أبطال وأباطيل حياتنا». 

فالذين يتحركون على الشاشة والذين نكتب عنهم هنا من مداخل مختلفة وزوايا متباينة، هم بالفعل أبطالنا أو أننا نعتقد ذلك، لكنهم فى واقع الأمر «أباطيل حياتنا»، لأننا نجلس أمامهم لنعوض ما نعتقد أنه فاتنا، وعندما نغادر هؤلاء الأبطال نكتشف أن ما فاتنا فات بالفعل، لأن الدراما لا يمكن أن تعوضنا عن شىء.

الأمر الغريب أننا ورغم معرفتنا بذلك إلا أننا لن نكف عن المشاهدة؛ لأننا ببساطة لن نكف عن خداع أنفسنا. 

أمير المصرى.. فتى القاهرة يواجه إسرائيل بلا خوف

الكبير أوى.. مكى يكسب ولو كرهت اللجان!

إسلام خيرى.. صاحب مفتاح الخيال

ياسر جلال.. شهريار الفن المصرى بلا مناز ع

أكرم حسنى.. صانع البهجة.. و«هو بيمثل عادى»

أحمد العوضى.. فن تصنيع بطل شعبى

مروان.. حين يندفع الإنسان «بدون سابق إنذار» فى حوادث عدة

آسر ياسين.. التوهج مع سبق الإنذار

أحمد عبدالوهاب.. سر يحيى ابن المؤذن

أحمد بدير.. «الجنتل» يكسب بخبرة السنين

أحمد عيد.. المبدع الذى أحرج الجميع

ميرنا نورالدين.. ليست نكتة.. جميلة وموهوبة أيضًا!

فتحى عبدالوهاب.. شيطان تمثيل على الشاشة