الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

حكاية عمرها 30 عامًا

«أرابيسك».. قصة اللقاء الأول بين صلاح السعدنى والأسطى حسن الحقيقى فى الورشة

صلاح السعدنى فى أرابيسـك
صلاح السعدنى فى أرابيسـك

أثار مسلسل «أرابيسك» جدلًا كبيرًا حال عرضه ضمن الدراما الرمضانية عام 1994، تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج جمال عبدالحميد، ليس فقط لطرحه موضوعًا مهمًا غير مطروق كثيرًا فى الدراما المصرية، ألا وهو مناقشة الهوية المصرية من خلال الدراما حين وضع أسامة أنور عكاشة كل أفكاره وأحلامه حول هذه القضية فى خان الدويدار وشخصياته، وعلى رأسهم بطل المسلسل «حسن النعمانى» صاحب ورشة نجارة الأرابيسك، التى توارثها عن أجداده، وأدى دوره صلاح السعدنى، الذى كان قد انتهى لتوه من تقديم شخصية العمدة سليمان غانم فى مسلسل «ليالى الحلمية» فى أربعة أجزاء، وكان السواد الأعظم من الجمهور والنقاد على يقين أنه لا يمكن أن يتجاوز هذه الشخصية التى عاش معها الجمهور سنوات، وأصبحت جزءًا من الوجدان المصرى، لكن فاجأ صلاح السعدنى الجميع وتفوق على نفسه، من خلال شخصية حسن أرابيسك، الشخصية الثرية التى كتبها عكاشة، وتدور حولها الحبكة الأساسية مع شخصيات أخرى تجسد وتناقش ملامح الهوية المصرية. 

الواقع والدراما فى خان الخليلى 

فى تلك الأيام كنت أخطو أولى خطواتى فى العمل الصحفى فى مجلة الإذاعة والتليفزيون، حيث بدأت الانتظام فى العمل قبل شهرين من عرض المسلسل، الذى بهرنى، بدءًا من أغنية المقدمة والنهاية للراحل سيد حجاب وألحان عمار الشريعى «وينفلت من بين أيدينا الزمان، كأنه سحبة قوس فى أوتار كمان» وفى تلك الأيام أيضًا كنت طالبًا فى معهد النقد الفنى وبدأت فى دراسة المسلسل، ودارت بينى وبين مؤلفه أحاديث طويلة وأيضًا مع المخرج جمال عبدالحميد، الذى التقيته أكثر من مرة وهو يعد الحلقات الأخيرة فى المونتاج أثناء شهر رمضان، بل وحاورت مجموعة من أبطال العمل، منهم هدى سلطان ومحمد متولى، هالة صدقى، والشاعر سيد حجاب وغيرهم.. وانتظرت السعدنى حتى ينتهى من التصوير، وبدأت أهاتفه للاتفاق معه على الحوار، وأخبرته بأن نلتقى فى حى الحسين أو الغورية ومعى مصور نلتقط له بعض الصور فى هذا الحى العريق وبالقرب من ورش الأرابيسك بخان الخليلى؛ حتى يكون اللقاء غير تقليدى وفى مكان يناسب موضوع المسلسل، فأعجبته الفكرة، وجاء صوته عبر التليفون الأرضى صاخبًا، ضاحكًا مستعيرًا صوت سليمان غانم الأجش:

- وبالمرة نعدى على الأسطى على حمامة. 

- على حمامة مين يا أستاذ صلاح؟ 

- صاحب ورشة الأرابيسك اللى صورنا عنده فى الخان، أنا فاكر أسامة قال لك. 

وانتهت المكالمة وشعرت بأننى أمام اكتشاف مهم وحدث كبير، وهاتفت الأستاذ أسامة وسألته عن على حمامة، فتساءل بدهشة أيضًا، أنا فاكر صلاح حكى لك عنه. وبالطبع كانت عندى أسئلة عديدة حول ما كتبه عكاشة وهذه الشخصية، وهل كان يعرفها قبل كتابة المسلسل أم تعرّف عليها فى رحلة البحث عن ورشة أرابيسك.. منعت نفسى من الأسئلة وفقط اتفقت معه أن يكون اللقاء بيننا «السعدنى وهو وأنا» هناك فى هذه الورشة، وعلى الفور توجهت إلى خان الخليلى للبحث عن على حمامة بعد أن وصف لى عكاشة العنوان بدقة وأخبرته باللقاء والفكرة، ودار بينى وبينه حديث طويل قبل أن أغادر الورشة، وجاء الأخ الأصغر له، وحين تعرف على شخصيتى والغرض من الزيارة، راح يحتج على المسلسل ويقارن بينه وبين خان الخليلى.. وأحاول أن أخبره بأنه ثمة فرقًا كبيرًا بين الواقع والدراما، وأيضًا سنناقش هذا مع أسامة أنور عكاشة أثناء اللقاء، وبالفعل رتبنا اللقاء، وأنا فى حالة ذهول، لقد اختلط الواقع بالدراما والدراما بالواقع، على فاجأنى قبل غضب أخيه بغضبه هو واحتجاجه؛ لأن حسن أرابيسك يشرب المخدرات فى المسلسل ويحكى أسراره فى قعدة هوا! أما الأخ الذى يشبه بالفعل «حسنى» هشام سليم فصرخ بلغ صلاح السعدنى يا أستاذ إنى هتخانق معاه لما أشوفه، فسألته لماذا؟ فقال غاضبًا أنا عمرى ما هتخانق مع أخويا.. أرفع عليه قضية ازاى..؟ وفى هذه اللحظة تخيلت المشهد ورأيت صلاح السعدنى فى هذا المكان، فى الورشة يتعلم من على حمامة كيف يقف على المخرطة.. وماذا سيحدث فى اللقاء حين يأتى بعد عرض المسلسل وماذا سيقول، وكيف سيبرر أسامة أنور عكاشة ما حدث.. تذكرت الكاتب الإيطالى بيراندللو ومسرحيته الشهيرة «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» كيف خرجت الشخصيات من بين الأوراق واحتجت على المؤلف ورفضت مصائرها، التى كتبها وطالبت بنهايات أخرى. 

السعدنى 

حسن النعمانى وعلى حمامة

لم أخبر السعدنى وعكاشة بهذه المعركة والنقاش الذى احتدم مع على حمامة والأخ الأصغر حول ملامح الشخصيات.. فقط اتفقنا على اللقاء والموعد، وكنا فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان، والمسلسل أوشك على الانتهاء، وفى صباح اليوم التالى كنت فى انتظارهما فى ورشة على حمامة فى خان الخليلى، وتقريبًا كان الخان بكامله يعرف بهذا اللقاء، وأنا أفكر ماذا سيقول النعمانى لحمامة والعكس؟ 

نعم جمعت بين حسن أرابيسك وعلى أرابيسك، كما كنت أسميه وقتذاك، وكانت مواجهة بين الواقع والدراما. وحين جلسنا وبعد الترحيب لم ينتظر على حمامة أن نتكلم أو أدير أنا الحديث، كما اتفقنا، ووجه أول قذيفة ناحية المؤلف، قائلًا: «يا أستاذ أسامة، المفروض حسن عاشق، حبيب، وحبيبته يغازلها ليرضيها ويفعل أى شىء من أجلها.. لماذا لم تتركه يفعل ما يريد؟ وفشل حسن النعمانى فى حياته الزوجية كان له دور كبير فى مأساة هذه الشخصية كما جسدها عكاشة». 

فرد عكاشة بهدوء: يا عم على ما تراه هو المفروض.. لكن لو فعلت ذلك ما كانت هناك دراما، أى ما كان هناك مسلسل.. حسن النعمانى فى هذا المسلسل مدان بأشياء كثيرة، وصدمته فى زوجته جعلته فى حالة غضب عام، استياء من كل حاجة.. فهو يعاقب نفسه ويلومها بشدة قبل أن يلوم الآخرين، أنا كتبت شخصية من لحم ودم، تحمل كل المشاعر. 

على حمامة: أنا استغربت.. فمثلًا حين يكون حسن قاعد مع نفسه يتكلم كويس، كلام موزون، وفجأة ينسى نفسه ويضيع نفسه.. وبعدين ده مش واد أى كلام واقع.. حسن ابن بلد شبعان من أبوه ومتربى.

 الشخصية الحقيقية كانت غاضبة لأن حسن أرابيسك يشرب المخدرات فى المسلسل ويحكى أسراره فى قعدة هوا!

كان أسامة صامتًا يتأمل على، والدهشة تسيطر على كل ملامحه، وهنا تأكدت أن على حمامة يتعامل مع حسن أرابيسك ليس كشخصية درامية فى مسلسل تليفزيونى، بل إنه هو نفسه وإن صلاح السعدنى يؤدى دوره هو، وليست الشخصية التى كتبها المؤلف.. وتذكرت ما قاله لى فى اليوم السابق حين سألته عن الأسطى عمارة «أبوبكر عزت»، وأخبرنى بأنه أدى دوره ببراعة شديدة، وهو بالفعل كوماندا، لدرجة أنى شعرت بأنه هو «عم محمد»، الذى يعمل معى منذ سنوات طويلة! 

ولم يجد السعدنى مفرًا من الكلام، وحاول تهدئة حمامة، وقال له: فى الدراما عادة ما يقدمون البطل على أنه شخصية بلا خطيئة، يعنى ابن حلال وطيب وهذا لا يملكه إلا الأنبياء.. ورسولنا الكريم حين سألوه فى حكاية تطريح النخل، قال أنتم أعلم بأمور دنياكم «وأنا لا أتخيل بطلا خاليًا من العيوب يا على، وهذا ما قدمه الأستاذ أسامة. وكأنه يحاول إقناعه بأن ما شاهده فى المسلسل شخصية درامية، وليس شخصيته! 

حاولت هنا فض الاشتباك ليس فقط بين المؤلف وبطل المسلسل مع على حمامة، بل فض الاشتباك بين حسن أرابيسك وعلى حمامة، فسألت عكاشة.. شخصية حسن النعمانى فى المسلسل تبدو محدودة وإمكاناتها متواضعة، وتبدو أنها لا تفجّر أى طاقات، مع أنها شخصية محورية ومهمة فى مسألة البحث عن الهوية المصرية.. فهل كنت تقصد هذا؟ 

عكاشة: دعنا من دراما الواقعية الاشتراكية.. فأنا بطبيعتى وتكوينى الثقافى ضد البطل النمطى الجاهز الذى يقدم كل الحلول بسرعة وسهولة، وطرحت شخصية حسن بكل ما تحمله الشخصية من تناقضات يمكن أن تجدها فى أى شخص مصرى فى نهايات القرن العشرين.. ولأن صلاح السعدنى كان تقريبًا يجيب عن كل الأسئلة الموجهة إليه أو للآخرين قال لى: لو تأملت أغنية المقدمة التى كتبها سيد حجاب «دنياك سكك حافظ على مسلكك وامسك فى نفسك لا العلل تهلكك»، وصمت قليلًا وراح يقدم قراءة نقدية تحليلية لشخصية حسن النعمانى وأضاف: حين تتأمل هذه الكلمات وشخصية حسن ستعرف أن حسن ليس قيمة ممثلة فى نفسه، ولن تحبه من أول وهلة.. التناقض شىء إنسانى.. وما طرأ على هذا المصرى الشهم الجدع طبيعى جدًا أمام المتغيرات التى تحدث حولنا.. ونظر لى وكأنه اكتشف شيئًا وقال سأحكى لك قصة، وأنا طفل صغير كنت ألعب كورة على كوبرى عباس، وفجأة امرأة رمت نفسها من فوق الكوبرى فى الميه، وفى ثوان ثلاثة رجال ألقوا بأنفسهم خلفها لإنقاذها!! تعالى النهارده نعيد نفس المشهد وخليها تعمل كده تانى، ولا واحد هيسأل فيها!!. 

وهنا سألته السؤال الذى كان يدور فى ذهن الجميع وقتذاك.. كيف استطعت التخلص من سليمان غانم بعد أربع سنوات من المعايشة المستمرة؟ 

السعدنى «تمامًا لم أكن خائفًا لأننى أعرف جيدًا أن الممثل عنده مخزون يلجأ إليه دائمًا، المهم من يفجر هذه الطاقة، وهذا مافعله هذا الرجل، وأشار إلى أسامة أنور عكاشة «يقصد السيناريو والحوار»، وظنى أن هذه إجابة طبيعية ومتوقعة من ممثل آمن بأهمية أن يكون الممثل مثقفًا ومارس العمل السياسى وتشكل وعيه مبكرًا بضرورة التكوين الثقافى للفنان بشكل عام. 

صلاح السعدنى فى دور أرابيسك 

أرابيسك والمشربية.. سؤال الهوية 

ما كان يشغلنى فى هذا المسلسل فكرة الهوية قبل أن أجمع بين الواقع بالدراما فى ورشة الأرابيسك، فسألت الكاتب الذى كنت ومازلت أعتبره أحد أهم من كتبوا الدراما التليفزيونية فى العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.. طرحت مسألة الهوية المصرية وقضية الصراع بين الأصالة والمعاصرة من قبل فى مسلسل المشربية قبل أن تناقشه فى هذا المسلسل «أرابيسك ما الفرق؟». 

عكاشة: فى مسلسل «المشربية» كان التركيز على الأحلام غير الواقعية، الناس كانوا يحلمون بالكنز ولا يعملون.. وفى أرابيسك الأمر مختلف، حيث تم طرح قضية الأصالة والهوية، من خلال التركيز على التقاليد والعادات، علاقات الناس والصفات التى هى جزء أصيل من الشخصية المصرية ممثلة فى المروءة والشهامة وغيرها.. وأظن أننى فكرت فى هذا المسلسل فى الدعوة إلى العودة إلى جذورنا. 

فسألته: وهل كان فن الأرابيسك الطريق إلى طرح هذه القضية من خلال عائلة النعمانى التى توارثت هذا الفن من الأجداد؟ طرحت هذا السؤال على المؤلف، لكن أجاب فنان الأرابيسك حمامة: إذا كان المسلسل يقدم عائلة النعمانى، فنحن عائلة فى الغورية توارثت هذا الفن.. والأرابيسك روح، وأشعر أن قطعة الخشب تتكلم وأنا أعمل فيها وأخلق روحها، وأشعر بالفعل أن روحًا تدب فى قطعة الخشب، فأمنحها كل ما فى داخلى وحين أبيعها أشعر أن قطعة من جسمى تم انتزاعها، وهنا كنت أنظر إلى ملامح صلاح السعدنى، الذى كان يستمع فى إنصات شديد.. ولم ينتظر أن أسأله أو حتى ينهى على حمامة إجابته.

وقال السعدنى: على فكرة الغريب فى الأمر أن صناعة الأرابيسك جاءت بالصدفة، وذلك حين حدث عجز فى الأخشاب أيام الفاطميين فبدأ الناس باستخدام قطع الخشب الصغيرة ونوى البلح، الذى صنعوا منه المشربيات، وضحك يعنى الشاطرة غزلت برجل حمار فصاغت فنًا. 

أسامة أنور عكاشة: منذ أن حملوا خيرة الفنانين والحرفيين المصريين إلى الأستانة والحنين يشدنا إلى الأرابيسك

وكنت أعلم أن السعدنى قرأ جيدًا عن فن الأرابيسك؛ من أجل إتقان هذا الدور. وحتى تكتمل الرؤية سألت عما إذا كان حسن أرابيسك بملامحه التى وضعها أسامة أنور عكاشة وجسدها صلاح السعدنى بمثابة رغبة فى اكتشاف هويتنا أم أنه أيضًا الحنين إلى زمن مضى؟ 

عكاشة: ليس حنينًا لعصر بل إلى تاريخ فن.. الفن الذى حافظنا عليه منذ الغزو العثمانى حتى الآن.. فمنذ أن حملوا خيرة الفنانين والحرفيين المصريين إلى الأستانة والحنين يشدنا إلى هذا الفن لا إلى التاريخ. 

وهنا سألت على أرابيسك الذى أطلق على نفسه على حمامة ليبدو مختلفًا عن والده، ليبدو مستقلًا قال عن الفرق بين خان الدويدار وخان الخليلى، أى الفرق بين الدراما والواقع؟ حمامة: فرق كبير جدًا، فلن تجد العداء المتوارث فى خان الخليلى كما فى خان الدويدار، ولن تجد رجلًا ينتظر موت رجل آخر ليحصل على زوجته.. الخان عندنا كله أسرة واحدة. 

وبالطبع منذ أن عرفت على حمامة وخان الخليلى تغيرت الأسئلة، وأصبحت أحمل الكثير من التساؤلات لصلاح السعدنى، أولها لماذا جاء إلى هذه الورشة قبل التصوير، هل ليتعلم أو يعرف شيئًا عن فن الأرابيسك، هل ليعرف كيف يعيش أهل الخان، أم ليراقب سلوك وأداء على حمامة ورجاله فى الورشة، أم ليقارن بين ما كتبه أسامة أنور عكاشة وحياة هؤلاء.. سألته فقال السعدنى: من أجل كل ما قلت.. جئت لكى أرى الناس وأعرف كيف يعيشون، جئت لكى أرى كل شىء، أنا عشت فى حوارى الجيزة وتربيت وسط أهلها، والتمثيل حين تمارسه لابد أن تحبه وتهواه وتذوب فيه، لابد أن تتوحد بالشخصية وتصبح أنت هى، يعنى أنا أصبحت على حمامة فى مسلسل أرابيسك، هل تذكر المشهد وأنا أرقص فى فرح أنوار «لوسى»، كان لابد أن أرقص مذبوحًا.. لكنى لم أفعل رقصت سعيدًا، رقصت وفاء للعلاقة بينى وبين الأستاذ وفائى. «حسن حسنى».

مشهد من الورشة

كان على حمامة ينظر إلى صلاح السعدنى ولسان حاله يقول نعم أنا هو وهو أنا، ومن حقى أن أحتج على أسامة أنور عكاشة.. وظنى أن عكاشة كان يتأمل الواقع والدراما فى الشخصيتين ويسأل هل كتب شخصية فوجدها أمامه من دم ولحم، تحتج وتناقشه.. انتهى الكلام فى الورشة بعد أن تنقل صلاح بين أرجاء المكان يقف على المخرطة، يمسك بالمنشار يعمل وكأنه أسطى أرابيسك كما كان يؤدى أثناء التصوير والعمال حوله يتساءلون من الأسطى ومن الممثل؟ وهنا سألته ما رأيك تترك التمثيل وتشتغل أرابيسك؟ فضحك وضحكنا، وفى طريقنا للخروج من ممرات خان الخليلى سبقنا صلاح السعدنى بخفة يلقى التحية على صنايعية الخان وأهله، والجميع يردون بعفوية شديدة، اتفضل يا أسطى حسن.. اتفضل يا أسطى حسن.. وأنا أسير مع مؤلف حسن أرابيسك نتبادل النظرات فى دهشة، الدراما تسير على قدمين فى الشارع/ الواقع. 

مر ما يقرب من ثلاثين عامًا على هذا اللقاء النادر، والذى ظل مثيرًا، رغم مرور السنوات، حين اختلط الواقع بالدراما وتحولت الدراما إلى واقع، كتب أسامة أنور عكاشة الحكاية واتخذ من فن الأرابيسك ذريعة لطرح سؤال الهوية المصرية، ربما بحث المؤلف والمخرج عن مكان للتصوير فى القاهرة الفاطمية، فقادتهما الأقدار إلى ورشة على حمامة، وقادنى أنا البحث عن الهوية المصرية فى هذا المسلسل إلى حوارى وأزقة خان الخليلى؛ كى يكون هذا اللقاء بين الواقع والدراما مع صلاح السعدنى.. وداعًا أيها الفنان الموهوب.