Inside Out 2.. كيف أعاد «فيلم المشاعر» محبى الكارتون إلى دور العرض؟
- البطلة تصبح «مراهقة».. وتواجه مشاعر جديدة مثل «القلق والحسد والإحراج والملل»
- الجزء الثانى يحقق أفضل افتتاحية لفيلم رسوم متحركة بإيرادات 155 مليون دولار
بعد مرور نحو 9 سنوات على عرض فيلم «Inside Out» أو «قلبًا وقالبًا»، الفائز بجائزة «أوسكار»، وصل الجزء الثانى من الفيلم إلى دور العرض الأمريكية والعالمية، ليُحدث صدى واسعًا لدى الجماهير، تمامًا كما فعل الجزء الأول عندما قدمته «بيكسار» عام 2015.
وكتب الفيلم التاريخ من جديد، وأصبح ثانى أعلى افتتاحية لفيلم رسوم متحركة فى شباك التذاكر المحلى، وذلك بإيرادات تتراوح بين 150 و155 مليون دولار، فى عطلة نهاية الأسبوع الماضى، متفوقًا على فيلم «سوبر ماريو»، من إنتاج شركة يونيفرسال، الذى عرض عام 2023، وحقق حينها 146.3 مليون دولار، وفق تقرير نشره موقع «ديدلاين» الأمريكى.
وأثار الفيلم ضجة كبيرة فى الأيام الأولى لعرضه، سواء النسخة الأصلية أو «المدبلجة» باللهجة المصرية، ونجح فى إعادة الجمهور إلى دور العرض من جديد، بعد فشل عدة أفلام فى ذلك خلال العامين الماضيين، مثل: «Elemental» و«lightyear»، اللذين لم يلقيا الإقبال الواسع الذى لاقته أفلام «بيكسار» السابقة، مثل «قصة لعبة» و«شركة المرعبين المحدودة» و«قلبًا وقالبًا».. فما سر هذا النجاح الكبير؟
النوستالجيا
فى محاولة لاستعادة نجاحاتها وأمجادها، اضطرت «بيكسار» إلى إصلاح رؤيتها الإبداعية واستراتيجية عملها، من خلال العودة إلى أفلام الرسوم المتحركة التى حازت على إعجاب الجماهير، وعلى رأسها فيلم «Inside Out»، الذى راهنت عليه لإعادة العائلات إلى دور السينما من جديد، وفق تصريحات بيت دوكتر، المدير الإبداعى الرئيسى للشركة مخرج الفيلم الأصلى، والذى ابتكر فكرته فى الأساس بعد ملاحظته التغييرات النفسية التى تحدث لابنته كلما كبرت فى العمر.
وقد يتوقف مستقبل شركة «بيكسار»، وشباك تذاكر أفلام الرسوم المتحركة ودور العرض بشكل عام، جزئيًا، على نجاح هذا الفيلم، وهو ما عبر عنه «دوكتر»، فى حديثه مع مجلة «تايم» الأمريكية، بقوله: «إذا لم يقدم الفيلم أداءً جيدًا فى دور العرض، فأعتقد أن هذا يعنى أنه سيتعين علينا التفكير بشكل أكثر عمقًا فى كيفية إدارة أعمالنا داخل الشركة؟». لكن فيما يبدو أن «بيكسار» فازت بالرهان، حين أصدرت الجزء الثانى من «Inside Out»، بعد ٩ سنوات من عرض الجزء الأول، مستفيدة فى ذلك بالعديد من مقومات النجاح.
وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فإن أحد الأسباب التى استفاد منها فيلم « Inside Out ٢» هو الشعور بالشوق العاطفى أو «النوستالجيا»، بنفس الطريقة التى شعر بها الناقد «أنطون إيجو» عندما تذوق طبق «خلطبيطة بالصلصة»، الذى أعده «الفأر الطباخ» فى فيلم « Ratatouille». فحين تذوق «خلطبيطة بالصلصة»، عاد «أنطون إيجو» بالذاكرة إلى مرحلة الطفولة، عندما كانت والدته تعد له هذا الطبق بحنان وحب، فاستسلم للمتعة كما فعل حين كان صغيرًا، وهو تمامًا ما فعلته «بيكسار» بإصدار الجزء الثانى من «Inside Out»، والذى دفع الجمهور إلى الاستسلام للحنين إلى الماضى، فكان من السهل وقوعهم فى حبه.
«مشاعر» جديدة
يرى النقاد أن من العوامل الأخرى التى تكتب نجاح فيلم «Inside Out٢» هو توافق هذا الجزء الجديد مع روح الجزء الأول، بالإضافة إلى القالب المبتكر والتصميم المرئى الرائع الذى يتميز به الفيلم بصفة عامة.
والمتعة فى الجزء الجديد مألوفة بشكل مقبول، رغم الدخول فى بعض الزوايا الغامضة، وإضافة «مشاعر» جديدة فى عقل بطلة الفيلم المراهقة، التى تبلغ من العمر ١٣ عامًا فى الجزء الجديد.
ويمتاز الجزء الجديد بمشاهده المبهرة، ويظهر فيه شعور «القلق»، فى صورة دوامة برتقالية سريعة الدوران، وكتعبير ساحر بالرسوم أوضح الاضطراب العاطفى الشديد داخل بطلة الفيلم «رايلى»، بشكل يعكس مهارة «بيكسار» فى تحويل الأفكار إلى صور.
وحسب البيانات، فإن الجمهور الذى حرص على مشاهدة الجزء الثانى من الفيلم فى دور العرض الأمريكية، كانت غالبيته من النساء بنسبة ٦٣٪. وكان ٢١٪ من المشاهدين أقل من ١٢ عامًا، و٣٢٪ بين ١٣-١٧ عامًا، و٥١٪ بين ١٨-٣٤ عامًا. ورأى ٤٦٪ من جمهور السينما أن الجزء الثانى يبدو ممتعًا، وأعزى ٣٤٪ ذهابهم للسينما إلى إعجابهم بالفيلم الأصلى فى المقام الأول.
القصة
يركز الفيلم الأصلى على حياة «رايلى أندرسون»، وهى فتاة لطيفة وشجاعة وعادية للغاية، تبلغ من العمر ١١ عامًا، وتتحكم فيها ٥ مشاعر رئيسية، هى «الفرح» و«الحزن» و«الغضب» و«الاشمئزاز» و«الخوف»، وهى المشاعر التى جرى تمثيلها كعالم متقن بشخصيات من لحم ودم.
وطوال معظم حياة الطفلة «رايلى»، كانت «جوى» أو «شعور الفرح» هى المتحكمة فى باقى المشاعر. لكن بمجرد أن ينتقل والدا «رايلى» إلى مدينة جديدة، تتفاقم مشاعر «الحزن» لديها، قبل أن تنجح هذه «المشاعر» فى إيجاد توازن متناغم من جديد، وتعود «رايلى» طفلة سعيدة مرة أخرى.
وفى «Inside Out ٢» الذى يدور فى نحو ساعة و٤٠ دقيقة، لا تزال «جوى» أو «شعور الفرح» تدير حالة «رايلى»، التى وصلت إلى مرحلة البلوغ الآن «١٣ عامًا»، إلى جانب باقى المشاعر وهى «الحزن» و«الغضب» و«الخوف» و«الاشمئزاز»، وذلك داخل برج اعتبارى يسمى «المقر الرئيسى»، فى مركز عقل «رايلى».
وتراقب هذه المشاعر «رايل»» على شاشة بيضاوية ضخمة، كما لو كانت متمركزة خلف عينيها، وتتبع تفكيرها وأفعالها، وتدير حياتها وتعطلها فى بعض الأحيان، عن طريق وحدة تحكم خاصة، تزداد تعقيدًا مع تقدم الطفلة فى السن.
ويظهر زر جديد غامض يسمى «البلوغ» على «وحدة التحكم»، بعد وقت قصير يتحول هذا الزر إلى إنذار أحمر صارخ، إذ يثير البلوغ المتاعب لـ«رايل»، التى وصلت إلى عيد ميلادها الثالث عشر مع تقويم معدنى على أسنانها، وبثرة عنيدة على ذقنها.
وسرعان ما تدخل مشاعر جديدة، على رأسها «شعور القلق»، والذى صورته «بيكسار» ككائن ذى لون برتقالى وحواجب ثائرة وشعر مثير، إلى جانب مشاعر أخرى مثل: «الحسد» و«الإحراج» و«الملل».
ويركز الجزء الثانى السلس والمبسط، من إخراج كيلسى مان، إلى حد كبير على الفترة التى تقضيها «رايلى» فى معسكر الهوكى للفتيات، والذى يفصلها عن والديها، ويجلب لها أصدقاء ومشاعر وخيارات جديدة.
وتنتقل الأحداث بين ما يحدث داخل رأس «رايلى»، وما يحدث أثناء تنقلها حول العالم الحقيقى، حيث تجد مشاعرها الجديدة مقلقة ومتذمرة وتحمر خجلًا وتتظاهر باللا مبالاة.
وبينما «الفرح» وبقية المشاعر القديمة تكون فى حالة من الفوضى فى بعض الأحيان، تنجح فى قيادة «رايلى» نحو السلام العاطفى، بالإضافة إلى عناق والديها، الذى طالما حظت به فى الجزء الأول.
9 سنوات
شرح كيلسى مان، مخرج Inside Out ٢، سبب اضطرارهم فى شركة «بيكسار» إلى الانتظار قرابة عقد من الزمن قبل إصدار جزء جديد من الفيلم. وقال لموقع «Unilad» البريطانى: «كان علينا أن ننتظر ٩ سنوات طويلة ومرهقة لإنتاج جزء ثانٍ من الفيلم، والسبب الرئيسى فى ذلك هو الفكرة».
وأضاف «مان»: «جاء إلىّ بيت دوكتر، المدير الإبداعى الرئيسى لشركة (بيكسار)، مخرج الفيلم الأصلى، وقال لى: أعتقد أنه قد يكون هناك فرصة لتكملة الفيلم، لكن ليست لدىّ أى فكرة، وأعتقد أنك قد تكون شخصًا جيدًا لتنطلق وتفكر فيما إذا كانت هناك فكرة جيدة أم لا».
وواصل: «إذا لم تكن هناك فكرة، فلن نفعل ذلك، وهذا ما أحبه فى (بيكسار). إنها تبدأ دائمًا بفكرة جيدة، كما تعلمون، ومن هنا بدأت فى محاولة سرد قصة ممتعة ومسلية حقًا لها هدف ما وراءها».
وأتم بقوله: «لا أعرف ما الذى دفع دوكتر إلى الاعتقاد بأنه قد يكون هناك شىء ما فى إنتاج جزء ثانٍ من Inside Out لكنه قد يكون المحرك الرئيسى لحماسه هو التأثير الكبير الذى أحدثه الفيلم الأصلى على المشاهدين».
جزء ثالث
كشف المخرج كيلسى مان أيضًا عن وجود خطط لتقديم جزء ثالث من الفيلم، فى ظل أن «الإمكانيات الإبداعية واسعة جدًا، وتتيح إنتاج فيلم آخر بسهولة».
وقال «مان»، فى تصريحات لمجلة «Variety»: «هناك مساحة كبيرة لأفكار كثيرة. كنت أتمنى حقًا أن يكون لدىّ فيلم مثل هذا لأشاهده عندما كنت صغيرًا، لأننى أعلم أن الشخص يمر بالكثير فى سنوات عمره المختلفة، فى الطفولة والمراهقة والشباب، مثل ما تمر به بطلة الفيلم رايلى، والتى تتعلم كيفية التعامل مع سن البلوغ والعواطف التى تأتى معه».
وربط الدكتور داشر كيلتنر، الأستاذ فى جامعة «بيركلى»، أحد علماء النفس المشاركين ضمن الفريق الاستشارى للفيلم، جنبًا إلى جنب مع زميليه بول إيكمان وليزا دامور، بين قصة الفيلم الإبداعية والمبتكرة حول الأصوات الموجودة داخل دماغ الطفل وعلم الأعصاب الفعلى والواقعى، ما يمكن معه إنتاج أجزاء أخرى.
وأضاف «كيلتنر»، فى تصريحات لمجلة «تايم»: «فى حال إنتاج جزء ثالث من الفيلم، سيكون عمر رايلى ١٥ أو ١٦ عامًا، وهذا عمر خطير، إذ ستنتقل من مجموعة أقرانها إلى المجتمع، لذلك ستظهر مشاعر مثل السخط والرهبة والرغبة والرحمة».