فى مواجهة أعداء الحياة.. نجيب محفوظ: لهذا كرهت جماعة الإخوان
-التيارات الدينية السياسية، وأهمها تيار الإخوان المسلمين، يرون الأدب رجسًا
كرهت منذ بداية الوعى السياسى المبكر جماعتى مصرالفتاة والإخوان المسلمين، فالأولون أفصحوا عن انتهازيتهم وفاشيتهم فى وقت واحد أيديولوجيًا وعلميًا، والآخرون بدأوا كجمعية دينية؛ حتى إن بعض الوفديين انضموا إليها، وتحولوا إلى مجموعة سياسية لها أهداف غير معلنة، لكنها فى النهاية الوصول إلى الحكم وإقامة الخلافة.
ثم أفصحت هذه الجمعية عن نشاطها السياسى المعادى للوفد فوقفنا ضدها، وسأروى لكم حقيقة، وهى أن الوفد كان يرشح الأقباط من أنصاره فى الانتخابات، فكانوا يهزمون الإخوان فى دوائر غالبية سكانها من المسلمين.
كان الزميل والصديق الراحل عبدالحميد جودة السحار ممن يميلون إلى تاريخية الإخوان المسلمين وقعداتهم وسمرهم، فدعانى أكثر من مرة لمقابلة مرشدهم الشيخ حسن البنا، لكننى رفضت الدعوة بكل إصرار، الآن الدنيا تغيرت وأصبحت هذه التيارات على درجة كبيرة من الخطر، وأصبح الفساد هو الأب الشرعى لقوتها، إنهم يستولون على الجامعات والنقابات.
وعندما أعدت قراءة التاريخ الإسلامى اكتشفت وجود هذه التيارات الإسلامية، مع فوارق الأزمنة والمصطلحات، وأنها تزدهر مع ازدهار الفساد، وقد بلغ الأمر بهذا الفساد حدًا لم تعد معه الكتابة الأدبية ممكنة، قالواقع يسبق الفن، حين تقول لى إنك ستكتب رواية تثير الدهشة بعد وصول الإنسان إلى القمر لن أصدقك، وكذلك حين تكتب الآن وأجد الإعلام وقد سبقك بالأرقام والصور، فماذا تستطيع أن تفعل؟
ولكن هناك رأيًا لهذه التيارات الدينية السياسية، وأهمها تيار الإخوان المسلمين، وهو رأى مدمر، فهم يرون الأدب رجسًا، إننى أقرأ صحافتهم وهم يشتموننى أنا وغيرى ويقولون إننا من حثالة الغرب، وإننا ننشر الانحلال، ويتكلمون أحيانًا عن أدب إسلامى، ولست أعرف أدبًا إسلاميًا خارج الأب المكتوب فى ظل التاريخ الإسلامى، وهو أدب يشتمل على أكثر مما يحتويه الأدب الغربى من صراحة فى القول والتصوير، فمثلًا أبونواس وبشار أليس شعرهما من الأدب الإسلامى؟، لقد علمت أن الجماعات الإسلامية فى الإسكندرية اقتحمت معرض الكتاب وصادرت مؤلفاتنا، ومنذ ثلاث سنوات صادروا كتبى وكتب الدكتور طه حسين وكتب غيرنا، ولا أعلم ما إذا كان الأمر قد تكرر أم لا؟ إلى هذا الحد وصلت الأمور؟