الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

حسام الزمبيلى: تنبأت بفيروس كورونا وسبقت كُتّاب العالم فى الحديث عن وعى الكائنات الدقيقة

حسام الزمبيلى
حسام الزمبيلى

- روايتى «الرحلة الأخيرة» قيد النشر متخمة بموجات فلسفية وثقافات غامضة وأجناس غريبة

يبذل حسام الزمبيلى؛ الطبيب المصرى أستاذ جراحة العيون، جهدًا إبداعيًا ونقديًا لافتًا فى مجال أدب الخيال العلمى، إذ يرأس الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمى منذ ما يربو على عشر سنوات، ويشرف على سلسلة إبداعات قصصية فى الخيال العلمى تصدر دوريًا عن الجمعية، علاوة على إبداعاته الأدبية والنقدية البارزة فى هذا المضمار. يتطرق هذا الحوار مع الزمبيلى إلى الوجوه الثلاثة من جهوده ومنجزاته بمجال أدب الخيال العلمى. 

■ تحدثت فى دراستك بكتاب «الخيال العلمى عند العرب والمسلمين» عن أربع موجات من أدب الخيال العلمى فى مصر.. ما أبرز الاختلافات بين هذه الموجات؟

- هذا الكتاب، الذى حررته بالمشاركة مع الدكتور عماد الدين عيشة، نشر فى الولايات المتحدة باللغة الإنجليزية ولاقى رواجًا كبيرًا، فقد أجرت الكثير من المواقع الأجنبية معنا حوارات حوله. فى هذه الدراسة المنشورة بالكتاب أرّخت لأدب الخيال العلمى المصرى وقلت إن الموجة الأولى هى الموجة الاستكشافية وقد قادها توفيق الحكيم ويوسف عزالدين عيسى وحاولوا فيها استكشاف مفهوم الخيال العلمى، ثم جاءت الموجة الثانية وهى الموجة التأسيسية وقادها عميد أدب الخيال العلمى نهاد شريف وتميزت بغزارة الكتابات والتخصص واختراق الحواجز، إذ شهدنا للمرة الأولى تحويل أعمال إبداعية فى الخيال العلمى إلى مسلسلات إذاعية وتليفزيونية وأفلام سينمائية. 

أما الموجة الثالثة من أدب الخيال العلمى فقد أطلقت عليها موجة الانتشار، وبدأها مصطفى محمود وبعده نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، وفيها انتشرت رواية الخيال العلمى بين الشباب وحظيت بشعبية كبيرة. وأخيرًا الموجة الرابعة التى أزعم أن الجمعية المصرية للخيال العلمى تقودها هى موجة الهوية، وفيها بدأنا نسأل هل الخيال العلمى هو مجرد نسخ أو تقليد للخيال الغربى أم أن لنا هوية معينة، فى هذه المرحلة بدأنا نثبت للعالم أن كتاباتنا لها طابع خاص لا يجافى ثقافتنا ودياناتنا وروحنا الشرقية. 

■ لماذا لم يصدر هذا الكتاب باللغة العربية؟ 

- أولًا لأن المجتمع المصرى والعربى لم يعد قارئًا وهو ما يعنى أن الجهد الكبير المبذول فى الكتاب سيواجه صعوبات وعراقيل مع الناشرين والقراء. وثانيًا لرغبتنا فى توصيل رسالة الكتاب إلى العالم أجمع، وثالثًا لأن كُتّاب العالم العربى والإسلامى المشاركين فى الكتاب لا يكتبون فقط باللغة العربية ومن ثم كانت اللغة الإنجليزية هى الجامع والوسط بين كل هذه اللغات.

■ كيف بدأ اهتمامك بأدب الخيال العلمى إبداعًا ونقدًا؟ وهل هناك كُتّاب للخيال العلمى أثّروا فى بلورة اهتمامك؟

- بدأ اهتمامى منذ الطفولة المبكرة فى مرحلة التعليم الابتدائى وقد شجعنى أبى فقرأت «سيرة الأميرة ذات الهمة» وسيرة «الإمام على بن أبى طالب» وقرأت «سيف بن زى يزن» و«ألف ليلة وليلة». وحديثًا تعتبر الفانتازيا التى تنتمى إليها ألف ليلة وليلة هى الخميرة التى بدأ منها الخيال العلمى. عندما أحببت هذه السير التراثية فى مجال الفانتازيا بدأت أتجه إلى الخيال العلمى وخاصة عندما سافرت مع أبى للمملكة المتحدة فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى عاصرت ثورة فى الخيال العلمى، كان هناك اهتمام كبير بسلسلة «حرب النجوم» التى ظهرت فى شكل أفلام سينمائية وكتب وقصص مصورة وحتى ألعاب فيديو. تعلّقت بالخيال العلمى فى لندن وعشقته.

عندما عدت إلى مصر، أخذنى والدى فى زيارتين حددتا اتجاهى فى الخيال العلمى. كانت الزيارة الأولى للدكتور مصطفى محمود، وهو صاحب روايتين مشهورتين فى الخيال العلمى هما «العنكبوت» و«رجل تحت الصفر». جلست معه وأعطيته مسودة لإحدى رواياتى التى كنت أكتبها، إذ بدأت فى الكتابة وأنا فى السنة الخامسة من المرحلة الابتدائية، ثم ذهبنا لزيارة الأستاذ نهاد شريف وهو عميد أدب الخيال العلمى فى مصر وقائد الموجة الثانية منه، وتبادلت معه أطراف الحديث وأهدانى العديد من كتبه، ومن هنا انطلقت بداخلى تلك الثورة وذلك الشغف بأدب الخيال العلمى. 

■ أسست الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمى.. حدثنا عنها وعن أبرز الأنشطة والإنجازات التى حققتها من خلالها؟ 

- بدأت فكرة تأسيس الجمعية المصرية للخيال العلمى منذ عام ٢٠١٢، إذ شاركت مع قدرية السعيد ومحمد نجيب مطر وخالد جودة فى تأسيسها. وبدأت الجمعية بمحورين فى الأنشطة؛ المحور الأول هو الصالون الثقافى، الذى سنحتفل باليوبيل الماسى له قريبًا بعد أن قدمنا ٧٥ صالونًا ثقافيًا فى الخيال العلمى وهو ما يعد إنجازًا مهمًا. أما المحور الثانى فهو سلسلة «شمس الغد» التى تقدم مجموعات قصصية قصيرة، كل عدد له ثيمة، وقد أصدرنا حتى الآن ثمانية أعداد والعدد التاسع قيد الطباعة، كما نعد حاليًا العدد العاشر، ونحلم بأن نصل إلى ١٠٠ عدد من السلسلة. 

أشرف على إصدار سلسلة «شمس الغد»، وأعتبرها علامة من علامات مسيرتى فى أدب الخيال العلمى، ففى كل عدد من السلسلة يشارك ما يقرب من عشرين إلى ثلاثين كاتبًا، وفى نهاية كل عدد هناك قصة مترجمة إلى اللغة الإنجليزية. يحمل كل عدد من هذه الأعداد ثيمة محددة، فهناك مثلًا عدد عنوانه «المقاومة» وثيمته الأساسية المقاومة فى الخيال العلمى، وهناك عدد عنوانه «الاقتصاديون» وثيمته الأساسية الاقتصاد والنظريات الاقتصادية فى أدب الخيال العلمى، وعدد «المنتصرون» وثيمته الأساسية مفهوم النصر فى أدب الخيال العلمى، وهكذا. 

تخطى عدد فرسان الجمعية ٥٠ كاتبًا وناقدًا من مصر والعالم العربى، ونحلم أن يكون بالمجلس الأعلى للثقافة شعبة للخيال العلمى، وأن تُدرّس روايات الخيال العلمى العربية والمصرية فى المدارس، وأن يصل كتابنا العرب إلى العالمية ويقتنصوا أكبر جوائز الخيال العلمى فى العالم.

■ فضلًا عن متابعاتك النقدية وجهودك بالجمعية، صدرت لك أعمال إبداعية فى الخيال العلمى.. ما الهاجس المهيمن عليك بهذه الأعمال؟

- أصدرت ثلاث روايات لليافعة فى عام ٢٠٠٠ و٢٠٠١ وهى «رواية ملحمة الفضاء الكبرى: قصة أنصاف البشر»، ورواية «الكوكب العجيب: أول حوار مع فيروس عاقل»، ورواية «أمريكا ٢٠٣٠: قصة نهاية العالم".  

في رواية "الكوكب العجيب" كنت من أوائل كتاب الخيال العلمي في العالم الذين تناولوا مفهوم الوعي الدقيق لدى الكائنات الدقيقة وبالتالي نوع من أنواع الذكاء ما يعني إمكانية إيجاد فرصة للحوار مع فيروس يصغرنا مليارات المرات، وتنبأت بإمكانية وجود فيروس يصيب العالم كله، وهو ما تحقق بالفعل مع فيروس كورونا. أما رواية "قصة أنصاف البشر" فتحدثت عن التعامل مع الأجناس الأخرى والتحالف أو الحرب معها، ومفهوم الذكاء الاصطناعي وكيف يقترب من الإنسان حتى تنشأ عاطفة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، فيما تعرضت في رواية "أمريكا 2030" إلى قصة استيلاء حاكم مدمر ومتعطش للسيطرة على أقوى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار خيال علمي بوليسي يتنبأ بالتغيرات العلمية والسياسية التي قد تحدث بحلول عام 2030، وأعتقد أننا نرى إرهاصاتها الآن. 

وأخيرا، كتبت رواية "الرحلة الأخيرة" وهي الرواية الفائزة بجائزة أكاديمية البحث العلمي لعام 2022، وهي الآن قيد الطباعة والنشر بدار المعارف المصرية، الرواية متخمة بصراعات وموجات فلسفية وثقافات غامضة وأجناس غريبة، وتناقش كيف أصبح كوكب الأرض طاردًا للحياة ما يجعل أبطال الرواية يتجهون للحياة على كوكب المريخ، وهناك يلتقون بأجناس أخرى ويعيشون صراعات متعددة.