الناقد حمادة هزاع: الخيال العلمى المصرى فى ازدهار مستمر
عند النظرة العامة لأدب الخيال العلمى المصرى اليوم نجد أنه فى ازدهار مستمر؛ ذلك لأنه أولًا جذب كثيرًا من الكتَّاب الشباب للكتابة فيه، وثانيًا جذب نظر النقاد والباحثين والدارسين الأكاديميين إليه.
وعلى الرغم من ذلك فإنه للأسف ليس كل الكتابات الراهنة ترقى إلى مستوى أعمال الرواد فى هذا المضمار؛ ذلك لأن معظم هذه الكتابات لم تهتم بنضج الفكرة العلمية التى يقوم عليها العمل الأدبى، بمعنى انتمائها إلى مجال الخيال العلمى من عدمه، وإذا اهتمت بالفكرة العلمية وسعت وراءها فى مصادرها فإنها تقدمها فى إطار أدبى سطحى اللغة، مهزوز البناء.
ومن الأسماء المؤسسة لأدب الخيال العلمى ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى كله: يوسف عزالدين عيسى، وتوفيق الحكيم، ومصطفى محمود، وعميد أدب الخيال العلمى نهاد شريف، ورءوف وصفى الذى قدّم مؤلفات وترجمات فى هذا المجال، ومحمود قاسم، ورائد الاتجاه الاجتماعى فى أدب الخيال العلمى صلاح معاطى، وأميمة خفاجى، وعطيات أبوالعينين. وفى مجال النقد برز محمود قاسم، ويوسف الشارونى.
ويضاف إلى الأسماء السابقة أسماء أخرى أسست لونًا من ألوان أدب الخيال العلمى المصرى وهو «الكتابة للطفل»؛ حيث برز كل من السيد نجم، وفتحى أمين، وعمر حلمى، وصلاح طنطاوى، ومجدى صابر، وحسام العقاد، وهشام الصياد، وأشرف الشيوى.
أما سبب قلة التعاطى النقدى مع إبداع الخيال العلمى فيرجع إلى عدم فهم طبيعة هذا النوع من الأدب من ناحية، ومن ناحية أخرى أن التناول النقدى لعمل من أعمال الخيال العلمى يحتاج من ناقده إلى جهد ومشقة كبيرين يوازيان ما بذله كاتب الخيال العلمى فى عمله، الأمر الذى يجعل النقاد ينصرفون عنه إما استسهالًا والبعد عن المشقة، وإما إيثارًا للسلامة من عدم فهمه وإعطائه حقه النقدى، وإبراز ما له وما عليه.
أرى مع ذلك أن حجم الفجوة بين الإبداع العربى ونظيره الغربى بدأ ينكمش فى السنوات الأخيرة كمًا وكيفًا، وربما يرجع ذلك إلى التطور الهائل الذى شهده التقدم العلمى فى شتى المجالات، والذى تأثرت به بلدان العالم كافة، ما أوقع كاتب الخيال العلمى الغربى قبل العربى فى مأزق حتّم عليه ضرورة سَبْق هذا التقدم العلمى الهائل، فقديمًا كان الخيال العلمى سابقًا للعلم، أما الآن فإن العلم قد سبق مخيلة الأدباء والكتاب بسرعات ضوئية مهولة.
ومع ذلك، فكاتب الخيال العلمى العربى غالبًا ما يعالج أثر العلم والتقدم العلمى على البشرية والمجتمع، من خلال ما يطرحه من تساؤلات حول مدى إفادة الإنسان من العلم فى جعل الحياة على الأرض أفضل، مُطَعِّمًا إياها ببعض النظرات الفلسفية العميقة، من غير إهمال للجانب الدينى والعقدى. أما كاتب الخيال العلمى الغربى فإنه يكتب بنظرة علمية بحتة ليس لها اهتمام بالجانب الإنسانى، يكتب وكأنه عالم فى مختبر يركز على تجاربه ويهتم بنجاحها بأى وسيلة، ولا يلتفت مطلقًا إلى قيود أو حدود. وبالطبع فإن هناك استثناءات فى كلا الطبيعتين العربية والغربية.