الخميس 19 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

رجاء النقاش يكتب: إدريس أقـرب إلى الله

يوسف إدريس
يوسف إدريس

- نقطة الالتقاء الوثيقة بين الفن والدين واضحة وقوية جدًا فى أدب يوسف إدريس

- كيف يكون هذا المدافع النبيل عن الفقراء والضعفاء صاحب قلب يخلو من الإيمان

- أحب أن أعود إلى أعمال يوسف إدريس وأقرأها مرات متعددة دون أن أحس بالملل

كان ذلك فيما أذكر سنة ١٩٨٤، وكنت قد ذهبت مع عدد من الكتاب والصحفيين المصريين لأداء العمرة بعد أن شاركنا فى مهرجان الجنادرية الثقافى الذى تقيمه السعودية كل عام، وقد بدأنا رحلتنا إلى العمرة بزيارة المسجد النبوى فى «المدينة المنورة»، استعدادا للذهاب إلى مكة والطواف بالكعبة، وفى المسجد النبوى، وفى الجزء المعروف باسم «الروضة الشريفة»، والذى يقع بين المنبر النبوى وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم رأيت الكاتب الكبير يوسف إدريس يقف وحده أمام قبر الرسول «صلى الله عليه وسلم» وهو يبكى، وكان يوسف أحد المشاركين فى رحلة العمرة هذه، وقد أدى يوسف معنا مناسك العمرة بعد ذلك فطاف بالكعبة، وقبل الحجر الأسود وسعى بين الصفا والمروة، وفى اللحظة التى كان فيها يوسف إدريس يبكى بدموع حقيقية غزيرة وجدت أحدهم يقترب منى ويهمس فى أذنى: «انظر إلى هذه الدموع الكاذبة فى عيون يوسف إدريس.. إن يوسف يسارى معروف، وأهل اليسار لا يؤمنون بالدين، ولاشك أن يوسف إدريس له هدف آخر من وراء هذه الدموع، فهو إنسان ذكى وقادر على التمثيل الجيد من أجل تحقيق أهدافه الخاصة».

وجاء ردى على من قال هذا الكلام عنيفًا، وإن حاولت أن التزم بكل ما يمكننى من ضبط النفس احترامًا للمكان المقدس الذى نحن فيه، وهو المسجد النبوى الشريف قلت لهذا الشخص: إننى على العكس أثق بدموع يوسف إدريس، وأثق أنه صادق كل الصدق، فانظر إليه، وهو يقف وحيدًا لا يكاد يشعر بالزحام الذى يحيط به، ولا يلتفت إلى غيره. ولا أظنه الآن يعبأ بشىء آخر فى الدنيا كلها سوى مشاعره الأمينة التى يعبر عنها بدموعه ثم يا أخى هل دخلت قلب يوسف إدريس لتعرف حقيقة إيمانه، وتحكم عليه بأنه إيمان مفقود وغير موجود؟ ثم ماذا يعنى قولك إن اليساريين لا يؤمنون؟.إن أدب يوسف إدريس هو دفاع عن الفقراء والمستضعفين فى الأرض، وأدبه عظيم وصادق.

فكيف يكون هذا المدافع النبيل عن الفقراء والضعفاء صاحب قلب يخلو من الإيمان؟ إن مثل هذا الموقف دليل على الإيمان الثابت القوى والذى يعرف يوسف إدريس، ويعرف أدبه لا يمكن أن يقول عنه إن دموعه كاذبة، فهو رجل صلب وعنيد، ولا يخاف من إعلان ما يؤمن به، وقد دفع ثمن ذلك بالمتاعب والمنغصات التى صاحبته طيلة حياته كلها. ولذلك فأنا أقول لك على عكس ما تقول تمامًا: هذه دموع صادقة صادرة عن قلب صادق، وعين لا تعرف الكذب أو المراوغة. وأدرك من يحدثنى أننى غاضب ومنفعل ضده بشدة، فانصرف عنى، وبقى طوال رحلة العمرة حريصًا على عدم الاقتراب منى أو تبادل الكلام معى بأى صورة من الصور، ولم أتحدث مطلقًا مع يوسف إدريس أو غيره عن هذه القصة التى أرويها اليوم لأول مرة.

وبعد العودة من العمرة كتب يوسف إدريس مقالًا جميلًا فى الأهرام، عن تجربته الروحية، وأعاد نشر هذا المقال فى كتاب له عنوانه «إسلام بلا ضفاف» طبعة الهيئة العامة الكتاب سنة ١٩٨٩، وعنوان هذا المقال هو عمرة كاتب، وفى آخر هذا المقال يكتب يوسف إدريس: «صليت ركعتين فى الروضة الشريفة، وارتكنت إلى عامود من أعمدة الحرم النبوى الشريف، أرقب الإيمان مجسدًا على الوجوه.. يا لحلاوة الإيمان حين يكسب الوجه البشرى جمالًا نابعًا من القلب، وموجهًا إلى المولى سبحانه وتعالى، وجاءتنى مصر وأنا مرتكن أمارس متعة الابتهال بلا صوت والتأمل بلا انقطاع، جاءتنى مصر بشعبها ومشاكلها بحاضرها ومستقبلها، ورحت أدعو للشعب المصرى بنى وطنى أن يزيد الله نعمه، إنه القادر القوى المعين، ما فائدة أن أكون قد دعوت لعائلتى ولنفسى أن يخلصنا من أزماتنا وقلقنا ونحن نحيا مع شعب واقع فى الأزمات والقلق، ما فائدة أن تكون سعيدًا صحيحًا فى مجتمع يعانى؟ ما فائدة أن يرزقك الله بالملايين فى شعب يعيش على حافة الفاقة؟.

إن المسلم الحقيقى لا يسعد إلا فى مجتمع مكتمل السعادة ترفرف فيه السكينة على الجميع، وظللت أدعو وأدعو حتى وجدتنى أبكى بكاء لم يحدث لى من قبل، فهو ليس بكاء حزن وليس بكاء إشفاق على النفس والشعب، وليس بكاء مذلة وإحساس بالضيم، ولكنه بكاء المحب لحبيب، البكاء المستلهم من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، بكاء المتأمل فى الآيات البينات التى أوحى له بها وغمرت الدنيا من أقصاها لأقصاها. يا رب لا تمنحنى الصحة وشعبى مريض ولا تمنحنى الرزق الوافر وشعبى يشكو الفاقة، ولا تمنحنى سلامة النفس وشعبى يطحنه القلق، وأنزل اللهم السكينة على قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، يا لها من آية كريمة معجزة المعنى، ظللت دون أن أعى أرددها، وكأنما بقدرة قادر وبإملاء قادر «هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم»، أنزل اللهم السكينة على قلوبنا، وألهمنا الصواب وأخرجنا بفضل قدرتك ورحمتك من مأزقنا وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، إنك أنت السميع المجيب الوهاب.

هذا ما كتبه يوسف إدريس بعد أدائه العمرة، فهل هذا الكلام الصادق يمكن أن يصدر عن إنسان دموعه كاذبة؟ إننى لا أكاد الآن أتذكر اسم الشخص الذى همس فى أذنى بهذا الاتهام ولا أكاد أتذكر وجهه ولا أظن أننى التقيت به مرة أخرى بعد أن سمعت منه هذا الهمس الذى يشبه وسوسة الشيطان. 

ولكننى تذكرت الحكاية كلها منذ أيام عندما ردد البعض اتهامًا ليوسف إدريس بأنه ضد الدين، وذلك بعد أن قام المخرج السينمائى الشاب مروان حامد، ابن الفنان الكبير وحيد حامد، والسيدة زينب سويدان رئيسة القناة الأولى فى التليفزيون، بإخراج فيلم قصير عن قصة ليوسف إدريس عنوانها «أكان لابد يا لى لى أن تضيئى النور؟»، والقصة التى كتبها يوسف إدريس منذ أكثر من ثلاثين سنة متهمة بأنها خارجة على الدين، وقد كتب يوسف إدريس قصته ونشرها على الناس فى مجموعته «بيت من لحم»، الصادرة فى ستينيات القرن الماضى، وعند نشرها لأول مرة لم يقل عنها أحد إنها ضد الدين، فهل كان الناس فى الستينيات أقل تدينا مما هم عليه الآن؟.

وهل كان رجال الدين فى ذلك العصر، وهو عصر الباقورى والدكتور بيصار وخالد محمد خالد، ومحمد الغزالى والقرضاوى ومحمد عمارة، وغيرهم من أئمة الإسلام وعلمائه البارزين، غافلين عن دينهم، فسكتوا عن قصة يوسف إدريس، حتى جاء من ينبه الجميع اليوم وبعد أكثر من ثلاثين سنة إلى أن القصة ضد الدين؟.. طبعا هذا كلام غير معقول ولا مقبول، فلو كان فى القصة شىء من ذلك لأثارت الاعتراض والرفض عند نشرها لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين سنة. 

لا أحد اتهم القصة بمثل هذا الاتهام أو غيره خلال هذه الفترة الطويلة، حتى جاء إلينا هذه الأيام من يقول لنا إن الناس فى بلادنا كانوا بلهاء لا يفهمون ما قصد إليه يوسف إدريس جيدًا من وراء قصته والناس لم يكونوا بلهاء، وقراء الأدب الجميل الرفيع، مثل أدب يوسف إدريس، لا يمكن أن يكونوا بلهاء، فالبلهاء لا يقرأون مثل هذا الأدب ولا يهتمون به، وإنما يقرأون - إن قرأوا - أشياء فيها بلاهة أيضًا، وعندما يكون قارئ الأدب متنبهًا واعيًا حسن الذوق، فإنه يستطيع أن يدرك أهداف الكاتب الفنان بسهولة، ويستطيع أن يرى النور الذى يصدر من العمل الفنى الجميل فيضىء أفكار الإنسان ومشاعره، ويستطيع أن يدرك أن الجمال الحقيقى فى الأدب والفن لا يمكن أن يتناقض مع أى مشاعر دينية صحيحة.

والكلام الشائع الذى يقول إن اليسار بطبيعته ضد الدين وإن الهدف من أى فكر يسارى هو هدم الدين، إنما هو كلام غير دقيق، ومصدر مثل هذا الكلام هو أننا فى بعض الأحيان نستخدم المصطلحات الغربية، كما هى، ودون مراجعة ذلك لأن الأفكار اليسارية ذات القيمة قد دخلت عالمنا العربى من باب واحد كبير هو باب المقاومة للاستعمار، والمقاومة للظلم الاقتصادى وانعدام العدالة والمساواة بين الناس فى ظروف الحياة، والفرص المتكافئة بين الجميع.

أما موضوع الدين فلم يقترب منه أحد من أهل اليسار ذوى الذهن المتفتح والعقل الراجح، إذ أن هؤلاء المخلصين كانوا يدركون فى نفوسهم، وفيما حولهم، أن الدين ثابت وقوى فى الضمير العربى، وأن من العبث وعدم الأمانة الاقتراب من الدين بطريقة سلبية، ولاشك أن يوسف ادريس كان يساريًا، ولكنه كان يمثل ذلك «اليسار الحر» الذى يقرأ كتاب الواقع قبل أن يقرأ كتب اليسار المدرسية التى تمس الدين من قريب أو بعيد، وأى قراءة صحيحة لأدب يوسف ادريس سوف تصل بسهولة إلى نقطة الالتقاء بين هذا الأدب العظيم وبين المشاعر الدينية الأصيلة، فقصص يوسف برواياته ومسرحياته ومقالاته فى دفاع حار عن الإنسان المظلوم والدعوة إلى تحريره من كل القيود التى تؤذيه فى لقمة عيشه أو فى كرامته أو تسلب منه ثمار جهده إن كان من الذين يبذلون ويتعبون من أجل حياة شريفة لا عبث فيها، ولا استهتار وليس فيها كسل أو خمول أو رغبة غير سليمة فى الاعتماد على الآخرين.

وهذه كلها فى جوهرها فى معان يدعو إليها الدين فى وضوح وقوة، فالدين الحق لا يقبل ظلم إنسان لإنسان، ولا يقبل الإساءة بالقول أو بالعمل إلى كرامة أى إنسان مهما يكن هذا الإنسان متواضعًا لا يملك ما يرفع شأنه من ثروة أو منصب أو عائلة.

نقطة الالتقاء الوثيقة بين الفن والدين واضحة وقوية جدًا فى أدب يوسف إدريس وهذه النقطة التى التقى فيها جمال الفن بالمشاعر الدينية كان جوهرها فى أدب يوسف قائمًا على فكرة بسيطة، ولكنها عميقة جدًا، وهى الفكرة التى تؤكد أنه لا انفصال بين الدين والحياة، وأن الدين قد جاء إلى الناس عن طريق الرسل والأنبياء والكتب المقدسة لكى يجعل الحياة أفضل ويجعل الإنسان أكثر سعادة وكرامة، ولكى يخلق بين الناس علاقات قائمة على الرحمة والتعاطف وليس على الصراع والتنافس وإهلاك بعضنا لبعض.

وقد عدت إلى القصة التى كتبها يوسف إدريس منذ أكثر من ثلاثين سنة لأقراها من جديد، وأنا أحب أن أعود إلى أعمال يوسف إدريس وأقرأها مرات متعددة دون أن أحس بالملل، بل لعلى اكتشف فى كل قراءة شيئًا جديدًا، فيوسف إدريس ينطبق عليه قول تولستوى: «إن الكاتب الذى لا تستطيع قراءته مرتين لا يستحق أن تقرأه مرة واحدة». وهكذا، فإننى لا أتردد فى إعادة قراءة يوسف إدريس حتى بدون مناسبة محددة، فهو من الأدباء الذين يستحقون أن نقرأهم مرتين بل ومرات عديدة، وقد عدت إلى القصة التى أثيرت حولها الاتهامات أخيرًا لعلى أجد سببًا لمثل هذه الاتهامات فلم أجد شيئًا من ذلك، والقصة كما أشرت فى البداية هى إحدى قصص مجموعة «بيت من لحم»، واسمها «أكان لابد يا لى لى أن تضيئى النور؟»، والموضوع الجوهرى الحساس فى هذه القصة هو الموضوع المفضل عند يوسف إدريس، كلما اقترب من القضية الدينية، وأقصد به موضوع العلاقة الوثيقة بين الدين والحياة، وقد عالج يوسف إدريس هذا الموضوع فى قصته البديعة من زاوية معروفة فى الأدب العالمى كله، وهى زاوية «إغراء الشيطان للإنسان»، وتلك قصة معروفة حتى فى الكتب المقدسة، فما ترويه الكتب المقدسة، وعلى رأسها القرآن الكريم، عن خروج سيدنا آدم عليه السلام من الجنة، هو قصة قائمة على إغراء الشيطان لآدم بارتكاب المعصية، ووقوع آدم فى المعصية بالفعل، وخروجه من الجنة بسبب ذلك، وهذا كله قد وقع لآدم وهو نبى من أنبياء الله، فالصراع مع الشيطان، وما يقدمه للإنسان من إغراء، وما يحرضه عليه ويدفعه إليه من الخطايا هو أمر يحدث فى حياة الناس، وكل إنسان معرض له، وغير معصوم منه، والحكمة من تصوير مثل هذا الصراع فى الفن هو الكشف عن الظروف التى تؤدى إلى ضعف الإنسان وسهولة استجابته للإغراء.

وعندما يكشف لنا الفن الجميل عن هذه الظروف التى تؤدى إلى الضعف، فإنه بذلك يدعونا - حتى دون أى إشارة مباشرة - إلى تغيير هذه الظروف وتعديلها حتى يتخلص الإنسان من ضعفه ويتغلب على وسوسة كل الشياطين فى نفسه أو خارجها. وقد عالج يوسف إدريس هذا الموضوع فى دقة وعمق وسحر فنى فاتن، والمعنى الكبير الذى نخرج به من هذه القصة هو أن ظروف الحرمان والفقر وضيق الحياة تؤثر على صلابة الإنسان وتؤدى به إلى الضعف، بل وتؤدى إلى السقوط فى بعض الأحيان، والمعنى الإيجابى هنا هو نقد الظروف السيئة التى تحيط بالناس والدعوة إلى تغييرها، وهو معنى محسوس فى قصة يوسف إدريس الجميلة، وباستطاعتنا أن نصل إليه دون أى صعوبة أو تعقيد. 

فى الأدب العالمى، وعلى القمة منه، عملان شهيران شهرة خالدة يعالجان الموضوع نفسه الذى عالجه يوسف إدريس فى قصته البديعة، العمل الأول هو مسرحية «فاوست» للأديب الألمانى الكبير جيته ١٧٤٩ - ١٨٣٢، وهى مترجمة إلى العربية ترجمة كاملة بقلم الدكتور عبدالرحمن بدوى مع مقدمة دقيقة وعميقة لها، أما العمل الثانى، فهو رواية تاييس لأديب فرنسى كبير أيضا هو أنا تول فرانس ١٨٤٤ - ١٩٢٤. وهى مترجمة إلى العربية بقلم الأستاذ أحمد الصاوى محمد.

وهذان العملان الأدبيان الخالدان لم تنشأ حولهما اتهامات دينية من أى نوع، بل نظر الناس إليهما، جيلا بعد جيل، على أنهما تصوير للصراع بين الإنسان والشيطان، حيث ينتصر الإنسان أحيانا وينتصر الشيطان فى أحيان أخرى. ولكن الصراع قائم ودائم بين القوة الإنسانية والقوة الشيطانية، وتصوير هذا الصراع هو مادة خصبة للأدب الإنسانى كله، ففى هذا التصوير تطهير للقلوب وتنبيه للضمائر، وكشف للظروف السيئة التى تحيط بالإنسان، وينبغى أن تزول.

وهذا ما فعله يوسف إدريس فى قصته الجميلة المظلومة، والمتهمة بالانحراف الدينى. ولا أصل لمثل الاتهام إلا عند الذين ينظرون إلى الأدب والأدباء بنية سيئة وتعمد للبحث عن سبب لاتهامهم، فإن لم يجدوا هذا السبب افتعلوه واستخرجوه من عقولهم لا من نصوص الأدب التى بين أيديهم ولو تحلى هؤلاء بالنية الحسنة والذوق الفنى السليم والتفكير المنطقى المستقيم، لما وجدوا فى هذه القصة أو غيرها من أعمال يوسف إدريس ما يمس العقيدة أو يجرح الدين، بل على العكس من ذلك فإنهم سوف يجدون فى قصة يوسف إدريس، وفى أعماله الأدبية الأخرى كثيرًا من المعانى الرائعة، ومنها الدعوة إلى معالجة ضعف الإنسان حتى ينتصر على الشر، والدعوة إلى ربط الدين بالحياة حتى لا يكون الدين معزولًا عن الدنيا، وما فيها من أحداث وتجارب.

والقراءة الصحيحة لقصة يوسف إدريس وغيرها من أعماله الأدبية لابد أن تكشف بوضوح أنه كان أقرب إلى الله من الذين يتهمونه ويشككون فى دينه، ويلتفتون إليه بعد رحيله بعشر سنوات، لا لتكريمه والاعتزاز به بل للإساءة إليه وإلى أدبه الجميل العميق وهذا من عجائب الأيام.