داليا أصلان تكتب: لست بحاجة إلى حقن الأنسولين
شريكتى داليا..
كنت تعشقين لعب كرة القدم بين صِبْية الشارع وأنت طفلة، ثم شابة. تشعرين بالفخر والسعادة حينما تساوينهم فى القوة والمهارة.. كنتُ أنا أيضًا أشعر بذلك.
أعلم أننا نتبادل اللغة طول الوقت، ما عدا تلك المرة التى فقدتِ فيها صبرك وصفعت فخذيك بكفيك وسألتِ بصوت مسموع: لماذا؟..
كم وددت أن أواسيكِ يومها، لكن كلمة «مزمن» هى قصة فى حد ذاتها، وعليكِ فهمها وسردها بمفردك.
إنه كوب الشاى الرابع الذى أدفعكِ إليه اليوم. توقف الإبريق الساخن فى منتصف المسافة بين الموقد والكوب، وسألتِ الفراغ: لماذا نفعل ذلك؟
أنا جسد مخلوق ببرمجة مربكة، أعطال بالوراثة وحساسيات تؤذى بعضها بعضًا. ناقصة بتطرف، زائدة بتطرف. ولا تكتشفين ذلك إلا عندما ألمزك بغرابة. ألم يخبرك الطبيب بالأمس أن بقع الوجه واليدين تعنى وفرة الهرمون وانسداد المصارف. أنا من أقلقتكِ لتسأليه. أحيانًا تكونين سريعة الملاحظة، وأحيانًا يدهشنى تبلدك. لكن؛ ما زلنا على قيد الحياة ولستِ بحاجة إلى حقن الأنسولين، فقط مزيد من أُصص الصبَّار والليمون والطماطم. مزيد من تمشية الشروق الطويلة، وكتاب مسموع موصول بسماعات الرأس، يتحدث عن صعوبة الحياة وتفاهتها فى آن، يدرب أفكارك وعضلاتى على تقبل الألم والمتعة.
مزيد من مسارات الرحلة. فلو لم أجرّك إلى سفح الجبل، لَمَا قابلتِ عرّافين يتجولون بين القدر والجرائم والشفاء، ما يجعلك تطفئين الضوء الآن، وتفرغين ليلتك المتخمة بالأشخاص والمواقيت لنتحدث سويًا.
انسحبى من مفاوضات العمل العقيمة. هل تعلمين أننى كنتُ أخطط للنوم؟ لأكل البطيخ بعد الشاى؟ وأن نقص الماغنيسيوم هو الذى يشعل هوسى بهما فى الطقس الحار كاليوم.
الرسالة الجديدة التى ستسرى بيننا تستحق السفر، وقرص المُسكّن. سأشكر لكِ رفقتك، كنتِ حقًا مُطيعة صبورة، تحملتِ عبثى وأمراضى على عكس رغبتك، لم تقفى ضدى عندما تعرضنا للحصار والمطاردة والكراهية. تعلمتِ؛ عندما علمتُك اللهو بأعواد الثقاب، والركض على نغمات الموسيقى، فى أروقة قسم الكيمياء وهو يغلق أبوابه فى وجه المُتأخرين.
استمتعنا بالحب والهوايات، وبالهروب إلى إنجاب طفلين ليُصبحا أصدقائنا، استمتعنا أن لى دائمًا رأيًا مختلفًا كى أستطيع التمهل.