أزمـة مجلة فنون.. استقالة افتراضية وأكاذيب غير مرتبة
فى يوم الجمعة الماضى 16 من أغسطس، نشر الدكتور حاتم حافظ، رئيس تحرير مجلة «فنون» التى تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، استقالة من رئاسة تحرير المجلة عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تحت عنوان «وداعًا مجلة فنون». ذكر حاتم فى بيانه مجموعة من الأسباب التى أدت لاستقالته، منها أنه عقب تولى رئيس الهيئة الحالى منصبه انعطفت المجلة فى مسار جديد، حيث تم تخفيض عدد نسخ المجلة بحجة أنها لا تحقق ربحًا، وخلال عام ونصف العام تعطلت المجلة عن الظهور فى مواعيدها بداية من عدد صلاح جاهين الذى تم إعداده خصيصًا ليتزامن صدوره مع فعالية معرض الكتاب، وتعطيل صرف مستحقات فريق العمل ومكافآت كتاب المجلة، وضلوع موظف لديه فى تعطيل مجلة «فنون» سواء على مستوى النشر أو على مستوى صرف المستحقات المالية.
زعم حاتم أن الموظف المذكور سبق أن طلب رشوة فى صيغة مكافأة قبل شهور طويلة ورفضت ومن وقتها تعمد هذا التعطيل، وعلى مدار الشهور الأخيرة استمر تدخل الموظف المذكور سواء فى تعطيل صدور المجلة أو فى تأخير صرف مستحقات هيئة التحرير، أو فى تقليصها.
«حرف» التى تعتز بكل الإصدارات الثقافية الجادة، تقصت أزمة مجلة «فنون»، وهل تقدم رئيس تحريرها باستقالة فعلية.. أم أنها مجرد استقالة افتراضية لجس النبض وقياس رد الفعل؟
وعلمت «حرف» أن الدكتور حاتم حافظ، رئيس تحرير المجلة، لم يتقدم باستقالة رسمية حتى وقتنا هذا، وأن ما نشره على مواقع التواصل الإجتماعى ما هو إلا نوع من أنواع الاستقالات الافتراضية، التى يشوبها ابتزاز وأسلوب للضغط على المسئولين وتهديد لتنفيذ ما يريده.
«حرف» علمت أن تخفيض أعداد مجلة «فنون» جاء بعد تراكمها فى المخازن، ولم تحقق أى مبيعات حقيقية، وأثناء عمليات الجرد التى تمت للمخازن، عقب تولى الرئيس الحالى للهيئة، وجد أن المجلة مكدسة بالمخازن منذ إصدارها فى ٢٠١٦ حتى الآن، ما أكد عدم قدرتها على تلبية احتياجات القارئ، لذا كان على الهيئة أن تتخذ قرارًا قى هذا الأمر للحفاظ على المال العام، وهو ما تم تطبيقه على جميع المجلات التى تصدر عن هيئة الكتاب، وتم اتخاذ قرار بموافقة مجلس الإدارة، بتخفيض أعداد النسخ الخاصة بالمجلة من ٢٠٠٠ نسخة إلى ٥٠٠ نسخة.
وأثبتت الأرقام التى حصلت عليها «حرف» أن القرار لم يؤثر على المجلة، لأنها بالفعل لم تحقق مبيعات جيدة وأنها لم توزع ربع عدد النسخ التى كانت تصدر كل عدد، وقت أن كان العدد تصدر منه ٢٠٠٠ نسخة.
فعلى سبيل المثال عدد مجلة «فنون» الأول الذى صدر فى ١ سبتمبر ٢٠١٦ تبقت منه فى المخازن ١٢٥٣ نسخة، والعدد الثانى الصادر بتاريخ ٢ أكتوبر ٢٠١٦ تبقت منه ١٣٣٤ نسخة، والعدد الرابع تبقت منه ١٥٥٨ نسخة، وهذا فى عامها الأول. وفى عامها الثانى ٢٠١٧، يوجد مخزون كبير من أعداد المجلة فى المخازن، فمثلًا العدد رقم ٩ متبقية منه ٩٠٦ نسخ، والعدد الثانى متبقية منه ٩٣١.
وفى العام الثالث للمجلة ٢٠١٨ تكرر الأمر، حيث تبقت من العدد رقم ١٣ على سبيل المثال ٩٤٠ نسخة، وفى العام الرابع ٢٠١٩ أيضًا، والعام الخامس ٢٠٢٠، والعام السادس ٢٠٢١، والسابع ٢٠٢٢، حيث وصل الأمر إلى أن تتواجد فى المخازن من العدد الواحد ١٨٦٣ نسخة، أى أن المجلة لم توزع سوى ١٣٧ نسخة من العدد. مصادر بهيئة الكتاب رأت أن قرار تقليل عدد نسخ المجلة من ٢٠٠٠ نسخة إلى ٥٠٠ بداية ٢٠٢٣ كان سليمًا، لأن الأرقام أثبتت أن المجلة رغم تقليل عدد النسخ لم تنجح فى أن تبيع الـ٥٠٠ نسخة التى اتخذ بها قرار بطباعتها، وتتبقى من بعض الأعداد التى صدرت بعد هذا القرار ٢٠٣ نسخ من أصل ٥٠٠، وهو ما يؤكد أن المجلة لا يوجد عليها إقبال، نظرًا لأن المحتوى المقدم فيها غير مقبول وغير ناجح.
وتوصلت «حرف» إلى أن عملية دمج بعض الأعداد الصادرة من المجلة فى عدد واحد لم تكن وليد الشهور الأخيرة، وإنما المجلة تعثرت فى انتظام الصدور منذ نهاية ٢٠١٩، فلم يصدر العدد رقم ١٩ للمجلة فى تاريخه الذى كان مقررًا له فى يوليو ٢٠١٩، وصدر فى أغسطس من ذات العام، وكذلك العدد رقم ٢٥ الذى كان مقررًا له فى مارس ٢٠٢٠ وصدر فى أبريل ٢٠٢٠، والعدد رقم ٢٦ أبريل ٢٠٢٠ وصدر فى سبتمبر ٢٠٢٠، أى بعد مرور ما يقرب من ٥ شهور، والعدد رقم ٢٩ الذى كان مقررًا له الصدور فى يوليو ٢٠٢٠ صدر فى أغسطس من ذات العام، والعدد رقم ٣١ الذى كان مقررًا صدوره فى سبتمبر ٢٠٢٠ صدر فى يناير٢٠٢١، والعدد رقم ٣٢ والذى كان مقررًا صدوره فى أكتوبر ٢٠٢٠ صدر فى فبراير ٢٠٢١، والعدد رقم ٣٣ الذى كان مقررًا صدوره فى نوفمبر ٢٠٢٠ صدر فى مارس ٢٠٢١، والعدد رقم ٣٤ الذى كان مقررًا صدوره فى ديسمبر ٢٠٢٠ صدر فى أبريل ٢٠٢١، والعدد رقم ٣٥ الذى كان مقررًا صدوره فى يناير ٢٠٢١ صدر فى مايو، والعدد رقم ٤٠ الذى كان مقررًا صدوره فى يونيو ٢٠٢١ صدر فى سبتمبر٢٠٢١، والعدد رقم ٤١ الذى كان مقررًا صدوره فى يوليو ٢٠٢١ صدر فى أكتوبر٢٠٢١، وهذا كله على سبيل المثال لا الحصر.
كما قامت هيئة التحرير أكثر من مرة وخلال سنواتها بضم عددين فى عدد واحد، وذلك بدءًا من عهد الإدارة السابقة، وهى الأعداد التى حصلت «حرف» على نسخ منها، كما أن المجلة لا تلتزم بعدد ملازم محدد للأعداد، وتغيرت أعداد الصفحات مرات عديدة.
عدم التزام المجلة بمواعيد الصدور، كما يرصد المتابعون لها، يعنى اعترافًا من هيئة تحريرها بعدم القدرة على الوفاء بأولويات العمل الصحفى وهو الانتظام فى الصدور واحترام القارئ.
أما بالنسبة لادعاء الدكتور حاتم حافظ بأن هناك موظفًا طلب مكافاة فى صورة رشوة، علمت «حرف» أن تلك الواقعة كانت منذ سنوات، ودون أى إثباتات، الأمر الذى يثير التساؤلات حول سبب ذكر هذا الأمر الآن؟ ولماذا لم يتقدم بها إلى رئيس الهيئة السابق آنذاك، وذكرها مع الرئيس الحالى، ولماذا حدث هذا معه بالتحديد دون غيره من رؤساء تحرير مجلات الهيئة التى لم تتعطل أو يحدث فيها أى أزمة من هذا النوع.