الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

زهرة علام تكتب: أجْلِى وَجْهِيَ من التجاعيدِ وأغسلُ قرصَ الشمسِ

حرف

الحياةُ قاسيةٌ بما يكفى لأنْ تتركَ لِيَ 

بضْعَ خطواتٍ أتجوَّلُ بها فى محيطِ 

ظِلِّكَ النحيفِ، أنْ تشدَّ على يَدِ الليلِ التائهِ 

أنْ تصاحبَ الحزنَ الذى عبَّأَ قلبيَ

وتقاتِلَ جيوشًا من الدَّمعِ تتربَّصُ بجفنَيَّ 

لا تترُكْنى كشجرةٍ فقدتْ ظِلَّها 

أتركُ الطريقَ وأُجهِضُ كلَّ محاولاتِ الصمتِ

أعبِّئُ صندوقَ البريدِ بفضفضةٍ مع لا أحدٍ فيجيبُ: لا شيءْ.. 

وأُفتِّشُ فى دفاتريَ القديمةِ عن أرقامِ هواتفَ ليستْ مهِمةً، 

ممزَّقةٌ أنصافُها لا تَمَلّْ، لا تتغيَّرْ لا تبتعدْ، ولا ترحلْ.

لا تتركْ أبوابَ العتمةِ مفتوحةً 

أرجوكَ أن تبنيَ بينى وبينَها سَدًّا

لا أريدُ أنْ أتحدَّثَ كثيرًا إلى هؤلاءِ

أوْ أسمعَ نقاشاتِهمُ الحادةَ داخليْ

يُطلِقونَ صراخَهم دائمًا وأنا أقفُ 

على حَوْضِ المطبخِ أُجْلِى وجْهِيَ من الشحوبِ والتجاعيدِ، 

وأبحثُ فى ثلاجةٍ

مكتَظَّةٍ بالمتاعبِ عن قطعةِ ثلجٍ تبرِّدُ شفَتِى الملتهِبةَ، 

وتحيكُ تشققاتِها الجافةَ 

وأنا أراقبُ الحليبَ جيدًا

ودون فائدةٍ يفورُ! 

الحياةُ قوسٌ دائمًا مفتوحٌ، والقلبُ خزانةٌ

سِرِّيَّةٌ تحمِلُ ما نشتهي، ومَا نَكْرَهُ.

راقبتُ أمى بعنايةٍ وهى تتخلَّى عن ملابسِ أبى القديمةِ 

فتَّشتْ جيدًا فى جيوبِهِ عن كلماتٍ لم تسمعْها من قَبْلُ، 

تخلَّصتْ من شرائطِ الكاسيتْ التى تحملُ صوتَه 

من بلادٍ بعيدةٍ، ألقتْ بنظراتِه العاشقةِ 

بعيدًا كى لا تُذكِّرَها نجمةٌ فقدتْ طريقَها

مزَّقتْ كلَّ معايداتِهِ لَها، وتأبينَهُ للحُبِّ الذى كانَ، 

وأهدَتِ الْبحرَ شَعريَ الذى قصَّتْه يدُها الرقيقةُ.

غضبتْ لاسمى الذى اخترتُه لصالحِ اسمٍ اختارتْه هى ولم أُحِبُّه 

قايضتُها على حُبِّ اسميَ الجديدِ

فى مقابلِ قطعةِ حريرٍ سوداءَ، وبعضٍ 

من حبَّاتِ السُّكَّرِ الذى حُرِّمَ عليها

فانتصرتْ هِىَ، وخسرَ اسمى الذى أُحبُّه 

جلستْ فوقَ حافَّةِ اللومِ ترمى «كراكيبَ»

تُزاحِمُ سقفَ الأسِرَّةِ وأرضِها 

مَنَحَت الْحُريةَ لكلِّ أسرَى الذِّكرَى 

ظلَّتْ تحتفظُ فقطْ بفستانٍ أبيضَ 

وتحبسُ فراشاتِهِ الصغيرةَ الملوَّنةَ

فى بروازٍ ذهبىٍّ.